انتقد علماء بريطانيين قوانين الهجرة في بلادهم، معتبرين أن هذه القوانين تفتح الباب واسعا أمام نجوم الكرة من لاعبي الدوري الممتاز والدرجة الأولى، بينما تسده على العلماء والعقول الموهوبة التي يمكن ان تساهم ليس في رفاه بريطانيا وحسب وإنما في رفاه البشرية جمعاء.
لندن: لطالما واجهت قوانين الهجرة البريطانية النقد لسبب أو آخر، على الأقل من جانب طالبي اللجوء الذين يعتبرونها laquo;تعجيزيةraquo; ولكن ايضا من جانب البريطانيين الذي يرونها فيها laquo;تسليم مفتاح الباب للمهاجرينraquo;.
على ان النقد يأتي هذه المرة من جهة ذات وزن هائل ولا يمكن تجاهل ما تفتي به بأي حال من الأحوال. وهذه الجهة هي مجموعة من 11 عالما بريطانيا، بينهم 8 من اولئك الذين حازوا جائزة نوبل في ضرب أو آخر من العلوم.
وخلاصة ما يقوله هؤلاء، في خطاب جماعي الى صحيفة laquo;تايمزraquo;، هي أن قوانين الهجرة تفتح الباب واسعا أمام نجوم الكرة من لاعبي الدوري الممتاز والدرجة الأولى، بينما تسده على العلماء والعقول الموهوبة التي يمكن ان تساهم ليس في رفاه بريطانيا وحسب وإنما في رفاه البشرية جمعاء.
وبين هؤلاء العلماء كونستاتين نوفيزلوف واندرو غيم اللذان حصلا يوم الثلاثاء الماضي على نوبل 2010 لأبحاثهما في مادة الغرافين التي تعد بثورة تكنولوجية جديدة، وكلاهما مهاجر من اصل روسي. وبينهم أيضا السير هاري كروتو، حائز نوبل للكيمياء في العام 1996 - وهو ايضا سليل أسرة ألمانية هاجرت الى بريطانيا في العام 1937.
وحذرت المجموعة الحكومة البريطانية من أن امتناعها عن إعادة النظر في قانون الهجرة وسقفها الجديدين laquo;يضعان سمعة بريطانيا باعتبارها منارة للبحث العلمي على المحكraquo;. وطالبت المجموعة الحكومة بأن تستثني المواهب العلمية والتكنولوجية والهندسية وغيرها من الراغبة في الهجرة الى بريطانيا من قيود القوانين بشكل مماثل لذلك الممنوح للرياضيين الذين يجدون الباب مفتوحا بلا حواجز متى ما شاءوا اللعب لمختلف أندية البلاد.
وحذرت كوكبة العلماء الساطعة تلك من أن قيود تأشيرة الدخول الصارمة تبعا لسقف الهجرة الجديد ستمنع العقول العلمية وزبدة الطلاب المبرّزين من تقاسم خبراتهم الحيوية مع الجامعات ومؤسسات البحث والصناعات في بريطانيا.
ومن جهته قال السير هاري كروتو، حائز نوبل للكيمياء في 1996 لقناة laquo;بي بي سيraquo; الإذاعية الرابعة إن القانون الجديد laquo;يتسم بالغرابة لأنه يفضل نجوم الملاعب على العلماء. وعليه فإن الخاسر الحقيقي في المستقبل هو بريطانيا نفسها. فسيتعين عليها البقاء اعتمادا على حقوق ملكياتها الفكرية فقط بينما تزدهر دول مثل الصين والهند بفضل صناعاتها الرخيصة. على الحكومة التفكير مليا في عواقب سياساتها الراهنةraquo;.
وأضاف قوله: laquo;إذا نظرنا الى تاريخ جوائز نوبل العلمية في بريطانيا وجدنا أن ربع الفائزين بها مهاجرون أو من سلالات مهاجرة. ومن الحكمة والنظرة بعيدة المدى أن نشجع العلماء والتكنولوجيين والمهندسين مثلا على العمل في بريطانيا من أجل توفير الدعم الحيوي اللازم لها إذا أرادت وضع الأساس لمستقبل مشرق لأهلهاraquo;.بول نيرس
ومن جهته قال السير بول نيرس، رئيس laquo;جمعية لندن الملكية لتطوير المعرفة الطبيعيةraquo; وحائر نوبل في الطب ووظائف الأعضاء في 2001، إن سقف الهجرة الجديد laquo;الذي لا يميز بين الصالح والطالح يضر بآفاق البحث العلمي في بريطانيا بشكل مخيفraquo;. وأضاف قوله: laquo;أي سياسة هذه التي تسمح بدخول لاعبي كرة القدم كما شاءوا ولكن ليس بدخول العلماء القادرين على إدارة عجلة النمو؟ هذا محض جنونraquo;.
وعلى صعيد آخر ذي علاقة قال السير بول، في حوار منفصل مع laquo;تايمزraquo;، إن اتجاه حكومة المحافظين - الليبراليين الديمقراطيين الائتلافية لخفض ميزانية البحوث العلمية البالغة 6 مليارات جنيه (حوالي 10 مليارات دولار) laquo;سيتسبب في ضرر هائل للنمو الاقتصاديraquo;.
وشدد على أن ثمة روابط تؤكدها الأدلة الدامغة على أن laquo;الاستثمار في مجال العلوم يصب مباشرة في مصلحة النمو الاقتصادي البريطاني. لكن يبدو أن جورج اوزبورن (وزير الخزانة) يتجاهل هذه الحقيقة وسيمضي قدما في خفض ميزانية البحوث العلمية بنسبة لا تقل عن 15 في المائة مع نشر التقرير الاقتصادي الخاص بالحد من الإنفاق في 20 من الشهر الحالي. هذا الرجل سيحدث ضررا هائلا في بنية البلاد الاقتصادية في المستقبلين القريب والبعيدraquo;.
التعليقات