يقول أيمن نور لـ إيلاف إنّ quot;مصر كبيرة على جمال مبارك وعلى أي شخص يحكم من دون صناديق الإقتراعquot; مؤكدًا أن quot;النظام يرفض المراقبة الدولية لأنه لا ينوي إجراء إنتخابات نزيهةquot;، ومهددًا بالعصيان المدني quot;إذا أصر النظام على التغيير غير العاقلquot;. ويرجح نور quot;تواطؤ قيادة (الوفد) و(الوطني) في أزمة الدستورquot;، ويصف البرادعي بأنّه quot; قيمة وقامة سياسية وإضافة مهمة لحركة التغييرquot;.

يعتزم أيمن نور، مؤسس حزب الغد وأحد أبرز الوجوه المعارضة في مصر، التصدي لسيناريو توريث الحكم إلى جمال مبارك نجل الرئيس المصري بكافة الطرق السلمية quot;حتى ولو وصل الأمر للدعوة إلى العصيان المدنيquot;. ويقول نور في حوار مع quot;إيلافquot;: quot;سنواجه الاستبداد والتوريث بأرواحنا ودمائناquot;، معرباً عن تشاؤمه بشأن حدوث تغيير للأفضل في مصر خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن إغلاق المنافذ الإعلامية والتضييق على النشطاء معطيات تغذي الهواجس بأن التغيير سيكون للأسوأ.

وعلى الرغم من أنّ القانون يحرمه من ممارسة حقوقه السياسيّة، إلا أنّ نور يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة في العام 2011، موضحًا أنّ لديه حلولاً دستورية للاشكاليّة القانونيّة التي تعيق ترشحه.

ولم يستبعد المعارض المصري وجود تواطؤ سياسي بين قيادة حزب الغد المعارض والحزب الوطني الحاكم في أزمة إقالة إبراهيم عيسي من رئاسة تحرير جريدة الدستور، نظراً لمواقفه المعارضة بشدة للنظام الحاكم.

في ما يلي نصّ الحوار:

نظرة متشائمة

ـ كيف تقرأ المشهد السياسي في مصر حالياً في ظل إقتراب الإنتخابات البرلمانية؟

الحقيقة أن مصر تعيش حالياً في حالة أزمة على كافة الأصعدة، لدينا أزمة سياسية وإقتصادية واجتماعيّة. والوضع السياسي الراهن ينبئ بأن مصر حبلي بالتغيير في الشهر الثامن واليوم التاسع والعشرين والساعة الثالثة والعشرين. وأنها مقبلة على مرحلة جديدة في تاريخها، لكن ما شكل التغيير القادم بعد ساعة؟ ما لونه أو جنسه أو توجهه أو طبيعته؟ الله أعلم به. المهم أن كافة معطيات التغيير متوافرة. ونحن بانتظار حدوثه.

ـ لكن كيف تتوقع التغيير في ظل إغلاق المنافذ الإعلامية والتضييق على النشطاء السياسيين، ما يدل على أن أمراً ما يدبر؟

لا شك أن إغلاق العديد من المنافذ الإعلامية، وإقدام النظام الحاكم على اتخاذ العديد من الإجراءات الإستبدادية، تجعل الهواجس التي تتملكنا حول أن التغيير القادم سوف يكون للأسوأ، وليس للأحسن، أقرب إلى الواقع. أو على الأقل سيكون تغييراً لا نتمناه على الإطلاق. هناك نوعان من التغيير، الأول هو التغيير العاقل، والآخر هو التغيير غير العاقل. ونحن نسعى إلى التغيير العاقل من خلال صناديق الإنتخابات، بما يتيح تداول السلطة بشكل سلمي. إلا أن أبواب هذا النوع من التغيير توصد أمامنا quot;بالضبة والمفتاحquot;، لذلك نحن أمام خطر نتوقعه، وإن كنا لا نتمناه. ألا هو خطر التغيير غير العاقل. وما زلنا نحن الليبراليين ندعو إلى التغيير باللاعنف حتى ولو وصل بنا الأمر إلى حد الدعوة للعصيان المدني. وهذا جزء من مشروعنا السياسي في المرحلة المقبلة، في مواجهة إغلاق أبواب التغيير الديمقراطي.

ـ هل تعني أن التغيير المقبل يتجه نحو التوريث؟ وهل أتت حملاتك المتوالية لمواجهته ثمارها مثل quot;الحملة المصرية ضد التوريثquot;، quot;مايحكمشquot;، quot;مصر كبيرة عليكquot; وغيرها؟

دعني أولاً أوضح أمراً ضرورياً، ألا وهو أن الحملة المصرية ضد التوريث التي أعلنتها 14 تشرين الاول (أكتوبر) 2009 من مقر حزب الغد. ثم قررنا معا كأطراف مشاركة فيها تعديل اسمها ليكون quot;الحملة الوطنية للتغييرquot; ثم quot;الجمعية الوطنية للتغييرquot; بعد لقائنا الدكتور محمد البرادعي في يوم 23 شباط (فبراير) 2010. وهذا التغيير في اسم الحملة لم يكن تغييرا في هيئتها، فالأمانة العامة للحملة هي نفسها الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير. وقد حققت الحملة الكثير من أهدافها، ولعل أهمها أنها جمعت القوى الوطنية المعارضة في مصر ورموزها على هدف واحد. وليست هذه الحملة وغيرها من الحملات التي أطلقناها ضد التوريث حملات إفتراضية على شبكة الإنترنت والفيس بوك فقط، بل حملات سياسية حقيقية موجودة على أرض الواقع. وأنا شخصياً فخور بها. أما حملة quot;مصر كبيرة عليكquot; فهي لم تنطلق عني شخصياً أو عن حزب الغد بصفة رسمية، وإنما أطلقها شباب ينتمون إليه، كرد فعل طبيعي للحملة التي خرجت لتأييد جمال مبارك، وتسعى إلى جمع خمسة ملايين توقيع، لكي يقبل هو بحكمنا، حيث جاء رد فعل هؤلاء الشباب مؤكداً أن مصر أكبر من كل ذلك، وأنها أكبر من جمال مبارك وكبيرة عليه، وهي كبيرة على أي شخص لا يأتي من خلال صناديق الإنتخاب، ولا يخرج من رحم هذه الأمة. وهذه الحملة صنعها الشباب وأطلقوها من خلال الإنترنت، وأقدم لهم الدعم بصفتي زعيماً لحزب الغد، وليس بصفتي دعياً لها أو مسؤولاً عنها. أما في ما يخص إتجاه التغيير المقبل نحو التوريث، فأنا أؤكد أننا لن نسمح بذلك على الإطلاق.

اللقاءات مع البرادعي حميمة جدًا

ـ قلت إنه يرجع الفضل إليك وإلى حزب الغد في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير رغم أن هذا الأمر ينسب للمدير السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي، كيف ذلك؟

نحن ليست لدينا حساسية من ذلك الأمر، وليس مهماً أن تنسب إلى البرادعي أو أيمن نور. والجميع يعلم جيداً من الذي أسس هذه الحملة. وأؤكد أن الدكتور محمد البرادعي جزء مهم جداً من الجمعية الوطنية للتغيير، وهو واجهة محترمة لها. ونحن على صلة طيبة معه، وهناك تنسيق دائم بيننا، إنه إضافة لحركة التغيير، وليس منافساً لأحد في الحياة السياسية في مصر.

ـ قيل إنه كانت هناك خلافات بينكما وأنك رفضت مقابلته عند عودته لمصر في بداية العام الجاري؟

لم أرفض مقابلته، بل ذهبت إليه في منزله في يوم 23 شباط (فبراير) الماضي. والتقيت به أكثر من مرة، واتسمت لقاءاتنا الأخيرة بالحميمية جداً، وتنم وتشف عن وجود نوايا واضحة لإمكانية تعاون كبير في المستقبل.

ـ هناك من يعتبر أن مجيء البرادعي إلى مصر حرك المياه الراكدة في الحياة السياسية في مصر، هل تتفق مع ذلك القول؟

ليس هناك من شك في أن اختزال الحراك الوطني والديمقراطي في اسم معين أمر مفيد ومضر في الوقت نفسه، فهو مفيد من حيث إنه يلخص القضية في شخص يلتف الناس حوله، لكنه مضر، لأنه يهدر كل التجارب النضالية من أجل التغيير والحرية عبر سنوات طويلة جداً، تمتد إلى ما قبل البرادعي وأيمن نور.

إلا أن هذا لا يمنع القول إن الدكتور البرادعي هو قيمة وقامة في حياتنا السياسية، وإضافة مهمة لحركة التغيير في مصر، نحن متمسكون بها، وحريصون على أن تستمر في أداء دورها، رغم أنه قد لا يكون مرشحاً لانتخابات الرئاسة أو أنه ليست لديه الرغبة في ذلك، أو أنه ليست لديه فرصة لخوض الإنتخابات هذه المرة.

المصريون متحمسون للتغيير

ـ البعض يرى أن أيمن نور فقد شعبيته بعد الإفراج عنه، ما تعليقك؟

لا أعتقد ذلك والدليل أني عندما بدأت حملة quot;طرق الأبوابquot; التي زرت خلالها 340 قرية ونجع ومدينة على مستوى القطر المصري في أقل من سنة ونصف السنة، وجدت إستقبالاً حاراً وحماساً شديداً من المواطنين الذين يتطلعون إلى التغيير ويتحمسون إليه. والحقيقة أن الناس يتحمسون للتغيير أكثر من حماسهم لأيمن نور أو لمحمد البرادعي، إنهم متحمسون لتغيير أوضاع مرفوضة سواء على المستوى الإجتماعي أو السياسي أو الإقتصادي. وهذا هو المهم وما أسعى إليه، فأنا لايعنيني أن يكون الحماس لشخصي بقدر أن يكون للتغيير، تلك السلعة التي يهمني أن تصل إلى كل الأذهان والقلوب.

ـ تقول إنك زرت 340 قرية ومدينة، هل نفهم من ذلك أن النظام يسمح لك بحرية الحركة؟ أم ما زلت تتعرض لمضايقات؟

بالطبع ما زلت أتعرض لمضايقات كثيرة، أعاني التضييق الأمني، فضلاً عن ممارسة ضغوط شديدة على المواطنين والمؤيدين لي ومحاولة إرهابهم وحملهم على عدم إستقبالي أو الوقوف بجواري. وكل هذا جزء من ممارسات النظام المستبد الذي نريد تغييره.

ـ quot;لسه في أمل.. أيمن نور رئيساً لمصر 2011quot;، حملة جديدة أطلقتها رغم أنك ممنوع من ممارسة حقوقك السياسية وفقاً للقانون، ما تهدف إليه من تلك الحملة إذن؟

quot;الأمل في التغييرquot; كان شعاري في الإنتخابات الرئاسية الماضية في العام 2005. ونحن نرفع شعارquot; لسه فيه أمل في التغييرquot; في إنتخابات 2011. نحن نراهن على التغيير. وسوف أترشح للإنتخابات الرئاسية المقبلة، ولدينا حلول قانونية ودستورية للتغلب على مسألة الحرمان من ممارسة حقوقي السياسية، ولدينا أوراق أخرى سوف نطرحها في الوقت المناسب. وسيعلم الجميع أن ما يتحدث عنه النظام وإعلامه هو أوهام في أذهانه فقط.

ـ إغلاق قنوات أوربت وإيقاف برنامج quot;القاهرة اليومquot;، وإقالة إبراهيم عيسي من رئاسة تحرير جريدة الدستور، كيف تقرأ هذه الممارسات في ظل الإقبال على إنتخابات برلمانية ورئاسية؟ وهل هي تصب في اتجاه التمهيد للتوريث؟

الإستبداد يكره الإعلام، والعلاقة بين الذين يحكمون والذين يكتبون علاقة الأظافر باللحم، وما زال حكام مصر quot;يتوحمونquot; على لحم أي إعلام حتى ولو كان نصف حر ونصف مستقل، باستثناء جريدة الدستور التي كانت أكثر التجارب الإعلامية حرية في مصر، ولهذا كنت أكتب فيها مقالاً يومياً. وكنت مستعداً للكتابة فيها حتى آخر يوم في حياتي، لولا أنها تحولت إلى شيء آخر ليس له علاقة بالصحافة الحرة. وما حدث من إغلاق أوربت وإيقاف برنامج القاهرة اليوم، مروراً بإغلاق قنوات أخرى والتضييق على الأصوات الحرة هي مظهر من مظاهر تغريب الديمقراطية في مصر والتي بدأت في العام 2007، ويمكن وصفها أيضاً بالردة الديمقراطية التي نعيشها في نهاية زمن حسني مبارك. وكل هذا يصب في خانة الإستبداد والتوريث الذي سنقف دونه بأرواحنا ودمائنا.

ـ في اعتقادك، هل هناك صفقة سياسية ما أبرمت ما بين حزب الوفد ممثلاً في رئيسه السيد البدوي، والحزب الوطني الحاكم، أدت إلى إقالة إبراهيم عيسى من الدستور في مقابل مكاسب إنتخابية مثلاً؟

أشم رائحة تواطؤ سياسي. ولا أستبعد أن تكون هناك صفقة، لكني لا أجزم بذلك، لأني ليس لدي ما ألمسه بيدي في هذا الشأن. الظاهر أن هناك تواطؤا في المصالح بين قيادة حزب الوفد والحزب الوطني.

ـ أعلنت جماعة الإخوان خوضها إنتخابات مجلس الشعب ومنافستها على 30% من المقاعد، رغم أن قوى المعارضة كانت تعول كثيراً على مقاطعتها في إفشال هذه الإنتخابات، هل أنت مع المقاطعة أم تؤيد ما ذهبت إليه الجماعة؟

يعتبر الأخوان كتلة إنتخابية ضخمة ومؤثرة، وهم جزء من الجمعية الوطنية للتغيير التي أعلن جميع أعضائها مقاطعة الإنتخابات، وهم الطرف الوحيد الذي يشارك فيها، وهذا قرارهم، ولا يمكن المصادرة عليه، رغم أننا كنا نتمنى أن يقاطعوا الإنتخابات.

ـ ينظر النظام للمراقبة الدولية للإنتخابات على أنها تدخل في شؤون البلاد، واعتداء على سيادة الدولة، هل تعتقد أن هناك نوايا سيئة بشأن الإنتخابات المقبلة؟

الحديث عن أن المراقبة الدولية للإنتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية اعتداء على سيادة الدولة، مخالف للواقع والمنطق والعقل، لأن مصر نفسها تشارك في مراقبة الإنتخابات في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية والأوروبية. وأود التوضيح أن فكرة المراقبة ليس مباشرة أو إدارة للإنتخابات، بل هي رصد ومشاهدة وإطلالة على ما يجري، وبالتالي فهي بعيدة تماماً عن التدخل في الشؤون الخاصة بالبلاد. والحديث عن المراقبة الداخلية لمنظمات المجتمع المدني المحلية ليس كافياً لإجراء إنتخابات تتسم بالشفافية، في ظل القيود التي يفرضها النظام عليها في الترخيص لها، والسماح لها بممارسة عملها، وتسهيل إصدار تقاريرها. هناك مثل شعبي يقول quot; اللي على راسه بطحة بيحسس عليهاquot;، ووفقاً لهذا المثل فإن النظام المصري على quot;رأسه بطحات كثيرةquot;، وليست لديه إرادة سياسية حقيقية في إجراء إنتخابات نزيهة، ولو كانت لديه النية لذلك، لبادر بدعوة المنظمات الدولية لمراقبتها.