بنت شاشة السينما صورة ذهنيةخاطئة فيعقل الناس حول طبيعة عمل جهاز الشرطة الجنائية الدولية quot;الانتربولquot; حين صورت الافلامأفراد هذا الجهاز بأنهم أشخاصاقوياء يطاردون الأشرار في كل مكان للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة.

براغ: حول كتاب السيناريو والمخرجين المنظمة الدولية للشرطة الجنائية الدولية المعروفة اختصارا بالانتربول الى منظمة تضم افضل المحققين والخبراء في القضايا الجنائية الذين يقومون بتجاوز الحدود وملاحقة المجرمين واعتقالهم من دون اي مراعاة للأنظمة القانونية السائدة في الدول التي تجري فيها الاحداث ولذلك يندهش حتى العاملون في هذه المنظمة انفسهم من قدراتهم التي لا يعرفونها ومن نشاطاتهم التي لايقومون بها بهذا الشكل ومن احتواء منظمتهم على رجال ونساء من نوع جيمس بوند ورامبو وكولومبو مع انهم لم يصادفوهم في حياتهم.

وبناء على هذه المعلومات المنتشرة في أذهان الكثير من الناس في العالم تحت تأثير المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية تصل إلى مقر الانتربول في مدينة ليون الفرنسية آلاف الرسائل من الشباب في مختلف دول العالم تطلب الانضمام إلى هذه المنظمة كمحققين جدد، مع أن منظمة الانتربول لا تضم في صفوفها محققين أبدا لا متخصصين ولا عامين، إنما يوجد فقط موظفون لديها يعملون في أقسام مختلفة وهم عمليا لا يعرفون شيئا عن المطاردات والمداهمات وتقفي آثار المجرمين. ففي السكرتارية يعمل فنيون في الاتصالات والأرشفة والبصمات والمخابر ومترجمون ومصورون ومتخصصون في الكومبيوتر...

والممتع في الأمر أن معظم الموظفين في السكرتارية العامة لم يغادروا فرنسا إلا نادرا في قضايا تتعلق بعمل الانتربول، فعملهم الرئيس واليومي هو في مقر المنظمة الكائن عند رصيف شارل ديغول في ليون، وبعد إنجاز أعمالهم الإدارية والفنية الطابع يعودون إلى بيوتهم وهناك يتابعون على شاشات التلفزة الأفلام والمسلسلات والقصص التي تصور حياة عملاء ومحققي الانتربول بإعجاب كبير كغيرهم من الناس ، رغم علمهم أن هذه الأمور ليست لها علاقة إطلاقا بمنظمتهم إلا اسميا.

إذن ما هي منظمة الانتربول إذا لم تكن على هذا الشكل ؟ إن أكثر التعاريف دقة وموضوعية لطبيعة هذه المنظمة تقول ان الانتربول منظمة دولية تؤمن تعاون فروع الأمن الجنائي في دول العالم المختلفة من خلال تنظيم التنسيق والتعاون الدولي في مكافحة الجريمة بأشكالها المختلفة، ولذلك تستخدم معظم الأحيان الأدوات التي تناسب طبيعة المنظمة الدولية.

وتعتبر المنظمة من أعرق المنظمات الدولية كون عمرها يعود إلى عام 1923 عندما تأسست في فيينا اللجنة الدولية للأمن الجنائي.وقد شهدت تغييرات كبيرة في عملها الذي يتم فيه تقديم خدمات إلى دوائر الشرطة في 188 دولة إلا أن بناء هذه المنظمة ظل بالنسبة إلى الكثير من الناس سرا تنسج حول ما يجري فيه العديد من القصص والحكايات التي تجافي الحقيقة في الكثير من الأحيان.

لقد نشأت الحاجة إلى قيام هذه المنظمة من جراء انتشار توسع مدى العمليات الإجرامية إلى عدد من الدول، كما ظهرت الحاجة إليها عندما بدت جهود قوى الأمن المحلية في العديد من الدول عاجزة عن التصدي للإجرام الدولي كتهريب المخدرات وسرقة الآثار الفنية وتهريبها وتزوير العملات.

ولا يلعب تعقيد جريمة كبيرة أو ردود الفعل الكبرى عليها دورا أساسيا في عمل هذه المنظمة. فما يقرر تدخل الانتربول هو طبيعة الجريمة ومشاركة عناصر دولية، كأن يقترف مجرم جريمة ما على ارض دولة ثم يهرب إلى دولة أخرى، أو أن تكون مرحلة من مراحل الجريمة حصلت في أراضي عدة دول. أما الشكل العملي الذي يتم فيه عمل المنظمة فيأخذ على الأغلب الشكل التالي:

يتصل فرع الأمن الجنائي في إحدى الدول بفرع الأمن الجنائي في دولة أخرى إما مباشرة أو عبر الانتربول ويطلب منه أن يجمع له معلومات عن جريمة أو مجرم ما أو أن يؤمن له التحقيق والإمساك بالمجرم أو بمراقبة متهم ما. في هذا المعنى فقط يمكن القول إن الانتربول تدخل في العملية، لأنه بهذا الشكل يبدأ تعاون أجهزة الأمن في العديد من الدول بتنسيق وتنظيم تقوم به منظمة الانتربول. وعندما تتسلم الإدارة الوطنية لفرع الانتربول في دولة ما طلبا من دولة أخرى تلبي الطلب أو ترفضه حسب القوانين المعمول بها في الدولة المتلقية للطلب. أما السكرتير العام للانتربول الذي يتلقى الطلبات بواسطة آلات حديثة تعمل ليلا ونهارا فيقوم بالاتصال الدائم مع كل الدول المشاركة في المنظمة.

إن الانتربول في الواقع لا يستطيع القيام أكثر من تزويد الجهة الطالبة بالمعلومات من الأرشيف الواسع الذي لديه عن الجرائم والمجرمين، وبتنظيم عملية الاتصال وتبادل المعلومات بين فروع الأمن الجنائي في الدول المختلفة المنتمية إلى الانتربول. أما الذين يصورون في الأفلام والمسلسلات على أنهم رجال الانتربول فهم في الحقيقة رجال الأمن في الدولة التي تلقت طلب المساعدة أي أن نشاطهم الذي يقومون به يخدم جهة أجنبية في دولة لها صلات بها، وبالتالي الانتربول ليس سوبر شرطة إنما هو في الواقع بنك للمعلومات عن الجرائم العالمية والمجرمين، وفي استطاعة الانتربول تنظيم نشاط أجهزة الأمن في دول عدة دفعة واحدة، ويمكنه أن يساعد في القضاء على العصابات وذلك بان يبلغ الدول المعنية بوجودها أو بتحركاتها وينسق عملية البدء بملاحقتها.

ويأخذ الشكل الإداري للانتربول الشكل نفسه تقريبا الذي تأخذه المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة فأعلى هيئة في المنظمة الدولية للأمن الجنائي هي الجمعية العامة التي يتألف أعضاؤها من ممثلي الدول المنضمة إلى المنظمة، أما الجهة التي تدير أنشطة الانتربول فهي اللجنة التنفيذية التي يقف على رأسها رئيس ينتخب لمدة أربعة أعوام ويتلخص عمل هذه اللجنة بالقيام بمختلف النشاطات في الفترة الممتدة بين جلستي الجمعية العامة.

وتشكل السكرتارية العامة الجهاز الدائم العامل في الانتربول، ويتلخص عملها في القيام بتحقيق وتنفيذ قرارات الجمعية العامة واللجنة التنفيذية، وفي القيام بدور مركز معلوماتي متخصص، ومركز دولي للكفاح ضد الجريمة، إضافة إلى التنسيق الدائم مع فروع الانتربول في دول العالم والعمل مباشرة في فروع الأمن للدول الأعضاء في المنظمة التي تعتبر وحدات هيكلية للانتربول.

وهناك كذلك الكثير من الخبراء والمستشارين يمدون الانتربول بالنصح في مختلف المجالات التي تتعلق بطبيعة نشاطاته التي توسعت وغدت أكثر حساسية وأهمية نظراً إلى طبيعة التهديدات والأخطار التي بات يشكلها الإرهابيون ومجموعات الجريمة المنظمة التي تسعى إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل.