رأى المشرف على كرسي الأمير نايف للأمن الفكري أن شبكات تنظيم القاعدة مُزقت وخلاياه قُوضت، يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه الداخلية السعودية الثلاثاء أن المطلوب الأمني بدر الشهري سلم نفسه للجهات المختصة، بعد أيام من إعلانها تسليم المطلوب جابر الفيفي نفسه أيضا.


الرياض: لا زال تنظيم القاعدة يتلقى الصفعات واحدة تلو أخرى، ولعل انسحاب وتراجع كوادره القتالية إحدى القاصمات التي بدأت بزعزعة صفوفه، رغم ان الكثير من المحللين يرون أن التنظيم لازالت تشكيلاته السرية المنتشرة تعزز قوته.


التنظيم الذي لازال صفه الأول متخفيا وبعيدا عن الأنظار ويظهر كالوميض بين الفينة والأخرى عبر أشرطة صوتية تبثها بعض القنوات الإخبارية، اتجهت بعض عناصر صفوفه الأخيرة القتالية في الاستسلام والعودة إلى بلدها خصوصا من السعوديين.

خلال خمسة أيام فقط أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن استسلام اثنين من المطلوبين على قائمة الـ(85) حيث سلم المطلوب الأمني quot;السابقquot; جابر الفيفي نفسه للسلطات الأمنية مبديا ندمه على ما بدر منه وفداحة ما أقدم عليه، إضافة إلى إعلانها اليوم تسليم المطلوب بدر الشهري نفسه حيث مهدت له الأجهزة المختصة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بباكستان عودته ولقاء أسرته.


كوادر القاعدة السعودية شعرت بأن التنظيم يعبث!

وفي تصريح خاص quot;لإيلافquot; قال المشرف العام على كرسي الأمير نايف للأمن الفكري بجامعة الملك سعود الدكتور خالد الدريس أن القاعدة لم يعد لها قوة في الداخل فقد مزقت شبكاتها وقوضت خلاياها، وأضاف أنها في اليمن وأما في اليمن صار أكبر همها أن تبحث عن ملاذ آمن.


وعن الكوادر السعودية في التنظيم وعدولها وتسليمها لنفسها قال الدكتور الدريس quot;الكوادر السعودية صاروا يشعرون بأن ما يحدث الآن هو عبث لم يدر في خلدهم حين انخرطوا في التنظيم ، وقد أدركوا أن الخيوط التي تحركهم خفية ومريبة وهذا يثير قلقهم وتساؤلاتهم أهذا جهاد أم ماذا ؟quot;.

وأضاف أن الزمن ساعد البعض منهم على انكشاف الحقائق، كون أن التجربة اليوم مضت عليها سنوات والنتيجة كانت كارثية بالنظر للغايات والأهداف التي آمنوا بها، معتبرا أن كل ذلك يضعف معنوياتهم ويحرضهم على مراجعة مواقفهم، quot;فالقاعدة أيدلوجية عبثية عدمية لا تملك مشروعاً حقيقياً إلا الانتحار والخسارquot; .

استسلام جنود التنظيم يثير جنون القاعدة.

وفي سؤال لإيلاف عن تخلخل صفوف التنظيم بعد استسلام بعض من عناصره قال الدريس أنه يجب التوكيد على أن استسلام هذه العناصر يثير جنون quot;قاعدة الشرquot; ويهوي بحالتهم المعنوية ويسهم في تدهورها.
وعن خيار المستسلمين للعودة نقصا للدعم المالي في التنظيم قال الدريس quot;القاعدة لن تعجز عن تدبير طرق لتمويل عملياتهاquot;، وأضاف أن quot;التنظيم يتلقى أموالاً من استخبارات دول كما صرح quot;العوفيquot; (أحد المستسلمين من قائمة 85 ) في اعترافاتهquot;.

وأضاف الدريس أن التنظيم يمارس أنواعاً من الجرائم في سبيل الحصول على المال، كتهريب المخدرات، ولم يبدي الدريس استغرابه وأشار إلى أن سلفهم من كوادر جماعة الجهاد في مصر لديهم فتوى من شيخهم عمر عبدالرحمن بجواز سرقة محلات الذهب التي تعود ملكيتها للأقباط ليمولوا عملياتهم وينفقوا على أنفسهم، معتبرا أن التنظيم لا أخلاقي، واصفا أنهم quot;مكيافيليونquot; أكثر من quot;مكيافيليquot;!


حالات النكوص بعد المناصحة لا تتجاوز الـ(10%)..

وعن أسس العلاج الفكري والإيديولوجي ودوره في دعم النصح والمعالجة الفكرية وأسباب التحاق البعض منهم والعودة للتنظيم قال الدكتور الدريس quot;حالات النكوص قليلة وهي لا تتجاوز 10 في المائة خاصة من العائدين من بؤر الصراع وليست هذه نسبة لكل الخاضعين للمناصحة والرعايةquot;.


وأضاف الدريس أن النكوص يعود لأسباب كثيرة منها الغفلة عن تفاوت عمق التجربة في نفس الخاضع للتأهيل، مشيرا إلى أن البعض تعتبر تجربته مع هذه الجماعات قصيرة، فبالتالي يسهل تراجعه وتأهيله، والبعض تجربته القتالية طويلة وذكرياته التي تسكنه عميقة وأشواقه لمفاهيم الشهادة والجهاد تضرب بجذورها في كيانه، فيكون تأهيله أصعب ويحتاج هذا الصنف لمراس طويل لنحسن التعامل معه. وأضاف الدريس أن ما حدث سيكون خبرة للقائمين على التأهيل والمناصحة بعد تجربة النكوص، بالإضافة إلى اكتشافهم بعض الثغرات التي لا يخلو منها عمل بشري.

ويأتي هذا التراجع للفيفي والشهري بعد تراجع المطلوب الأمني quot;سابقاquot; محمد العوفي في شباط/فبراير من العام 2009، الذي يعد أحد قادة التنظيم في اليمن والقائد الحركي لـ quot;قاعدة الجهاد في جزيرة العربquot; التي اتخذت من اليمن مقرا استراتيجيا لها، بعد هروبها الإجباري من الأراضي السعودية نتيجة لردم السلطات الأمنية في المملكة مستنقعات التنظيم وحملاتها الاستباقية المتعددة بإحباط خططها.