تاريخ النشر 28-10-2010 الساعة 7:53 غ.ت.
طيلة عقود مضت، لم يستكن الجدل الدائر بين العرب وإيران حول تسمية الخليج، فتاريخيّا يُفترض أنّه فارسي بينما تشير إليه أميركا حاضرًا بالخليج العربي.
لندن: يتجدد الجدل حول تسمية الخليج، وآخر فصوله استخدام الخارجية الأميركيّة مصطلح quot;الخليج العربيquot; مرتين خلال الشهر الجاري، الأمر الذي حثّ اللوبي الإيراني في أميركا على تنظيم حملة لكتابة رسائل احتجاج إلى هيلاري كلينتون. وفيما يرى مراقبون إنّ الخلاف حول المصطلح يعبّر عن هوة بين دول الخليج العربية وايران في طريقة عرض الخليج لنفسه.
يقول براين ويتايكر في تعليق نشرته صحيفة الغارديان البريطانيّة إنّ تسمية quot;الخليج الفارسيquot; تعود الى زمن المؤرخان اليونانيان سترابو (Strabo) وبطليموس (Ptolemy). وظل الاسم متداولا حتى الأزمنة الحديثة. ومنذ مطلع الستينات، ارتبطت التسمية بصعود الحركة القوميّة. وبدأت الدول الواقعة على ضفاف الخليج بتسميته quot;الخليج العربيquot;.
على المستوى الرسمي، تعترف الأمم المتحدة وهيئات دولية مختلفة بتسمية quot;الخليج الفارسيquot;، بوصفها التسمية المستندة - افتراضًا- إلى الاستخدام التاريخي للاسم.
ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة الأميركيّة تسمية الخليج الفارسي رسميا، إلا أنّ ذلك تغيّر الأسبوع الماضي، حيث نطق اندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية الاميركية خلال إيجاز صحافيّ في 20 تشرين الأول (اكتوبر) الجاري، بالعبارة الأبغض على قلب الإيرانيين، حيث أشار تعليقًا على صفقة الأسلحة مع السعوديّة إلى quot;الخليج العربي والشرق الأوسط الأوسعquot;.
ويقول ويتايكر إنه يمكن النظر الى هذه العبارة منفردة على انها زلة لسان رغم ان شابيرو بدا وكأنه يقرأ من نص مُعد سلفا. ويضيف متسائلا quot;بما ان مصطلح (الشرق الأوسط الأوسع) يشمل بداهة الكتلة المائية المتنازع على اسمها فأين الضرورة في ذكر الخليج (الفارسي أو سواه) أصلا؟
ما ان استخدم شابيرو تسمية quot;الخليج العربيquot; حتى تحرك المجلس الاميركي الايراني الوطني، ونظم حملة لكتابة رسائل الاحتجاج الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. كما كتب مدير المجلس لشؤون السياسة جمال عبدي مقالا عن الموضوع نشرته صحيفة quot;هفنغتون بوستquot; يوم الاثنين.
مأزق للصحافيين
يضيف ويتايكر إنّ الاختلاف على التسمية أشبه بمأزق للصحافيين الذين يكتبون عن المنطقة، حيث يتجنّب بعضهم الظهور وكأنّهم منحازين، فيفضلون الاكتفاء بتسميته quot;الخليجquot; على افتراض أنّ القارئ سيستنتج من السياق أنّ التقرير يتحدّث لا يقصد خليج المكسيك.
ويشبه ويتايكر التجاذب بين العرب والإيرانيين حول تسمية الخليج بالجدل نفسه حول الممر المائي بين انكلترا وفرنسا، والمعروف رسميا بتسميتين: القنال الانكليزي على إحدى ضفتيه والمانش على الضفة الأخرى. ويبدو الاصرار على صفة الانكليزي استفزازا غير ضروري. ومن أجل الحفاظ على علاقات المودة والوئام مع فرنسا يُفضل الاكتفاء بتسميته quot;القنالquot; فحسب.
الحياد لا يرضي الإيرانيين
ولكن اتخاذ موقف الحياد لا يرضي الايرانيين حين يتعلق الأمر بالخليج الفارسي/العربي. فهم يتحسسون من المسألة حتى ان نسخا من مجلة الايكونومست مُنعت عام 2006 من التوزيع في ايران عندما اسقطت المجلة صفة quot;الفارسيquot; من الخليج. كما قُدمت احتجاجات دبلوماسية عندما شطب متحف اللوفر في باريس صفة quot;الفارسيةquot; لدى ذكر الخليج في دليل المتحف.
التكرار ينفي المصادفة
وبالعودة إلى الولايات المتحدة الأميركيّة، تكرّرت تسمية quot;الخليج العربيquot; على لسان كورت كامبيل، المساعد الآخر لوزيرة الخارجية، والذي يبدو أنّه كانغافلا عن الاحتجاج على تسمية quot;الخليج العربيquot; عندما تحدث في إيجاز صحافي آخر يوم الثلاثاء، واستخدم هو ايضا التسيمة نفسها عندما أشار الى quot;قضايا قرصنة في الخليج العربيquot;. \
التكرار ينفي الصدفة، بالتالي لا يمكن ان يكون مجرّد مصادفة أن تنطق الخارجيّة الأميركيّة بالعبارة الأبغض على قلوب الإيرانيين مرتين، إنما الأرجح أنّ هذا التكرار يوحي بحدوث تغير في السياسة الأميركيّة التي تعتمد تسمية quot;الخليج الفارسيquot; منذ عام 1971.
ويختم ويتايكر تعليقه بالقول إنّه في غياب أي ايضاح من وزارة الخارجية، لا يمكن إلا التكهن بالسبب الذي اصبح معه فجأة quot;الخليج العربيquot;. ولعل المنطق يفسّر ذلك بأنّه التفاتة أميركيّة محسوبة لإزعاج إيران!
التعليقات