لا تكاد تفتح صحيفة سعودية أو عربية وتقرأ لكاتب سعودي دون أن تراه يتناول الشأن اللبناني منظراً ومبشراً، في وقت يعج فيه وطنه بالأحداث التي لا يمكن تجاهلها، إضافة إلى الأحداث التي تمرّ بها الدول المجاورة له من اليمن والبحرين والكويت والعراق، كل ذلك كان مبرراً وحافزاً للسؤال المهم: لماذا؟


هل هوى السعوديون لبنان ليتحدثوا عنه في العديد من مقالاتهم وآرائهم متجاوزين الكثير من القضايا ذات الصلة أمنيا واستراتيجيا ببلادهم؟ الانتخابات البرلمانية في مملكة البحرين، والأحداث الجارية في اليمن، وصراع البرلمان المتتالي في الكويت وغيرها الكثير من الأحداث التي كانت بعيدة عن الأقلام السعودية التي تمتاز بالحضور الأكبر والطاغي في الصحافة الخليجية.

وتحفل العديد من أعمدة الرأي السعودية بالعديد من المقالات التي تناقش وتحلل الشأن اللبناني، وأصبح لبنان الورقة المتداولة للعديد منهم والسمة المعروفة حتى لكتاب الشأن المحلي، مستبدلين الحديث عن القضايا المحلية بالقضية اللبنانية حتى أن البعض منهم دونوا آراءهم في الانتخابات البلدية المحلية للبنان.

ثلاثة من أبرز الكتاب السعوديين البارزين في الشأن السياسي أبدوا التجاوب مع تساؤلنا: لماذا يتجه غالبية الكتاب السعوديين للحديث عن الشأن اللبناني؟ في محاولة لفهم الأسباب التي تدفع كتاباً إلى فرد صفحات من النقاش عن لبنان على حساب المواضيع الأخرى.

وقد أجمع عدد من الكتاب على أن الكتابة في الشأن اللبناني لها أبعادها المختلفة، ويرون أنها ساحة الصراع الإقليمي حيث تتجاوز قضاياها الحدود الجغرافية إلى العالم العربي، لذا يأتي ذلك الزخم في المقالات لكتاب الرأي في الصحف السعودية عن لبنان.

الكويليت: القضايا الخليجية محسومة

يقول يوسف الكويليت الكاتب والمحلل السياسي السعودي ونائب رئيس تحرير صحيفة الرياض في حديثه quot;لإيلافquot; إن quot;أهمية الأحداث الجارية في الخليج لا تفقد قيمتها لمجرد ألا يتم تناولهاquot;، مشيرا إلى أن quot;لبنان منذ الخمسينات منطقة تصفية الحسابات في الصراع العربي ndash; العربي، الأمر الذي أكسبه الاهتمام الكبير من قبل غالبية الكتابquot;.

ورأى الكويليت وهو صاحب القلم الكاتب لرأي quot;الرياضquot; اليومي، أنه quot;ربما أن كتاب الصحافة السعودية يرون أن لبنان تضطرب به حوادث كثيرة منها تدخل الأجنبيquot;، مضيفا أن من quot;طبيعة اللبنانيين في أحزابهم أنهم يسيرون ولاءهم مع طوائف وحكومات أخرىquot;.

وأكد الكاتب أن quot;الشأن الخليجي واليمني لدي هو الأهم من الصراعات في لبنانquot;. مشيراً إلى أن quot;القبلية وبعض الأسباب الأخرى تجعل بعض الكتاب السعوديين يتجاوز الأحداث الخليجية المتماسة مع الحياة السعوديةquot;. وعن اتهامات المجتمعات المحلية الخليجية للكتاب بعدم الدراية أو نقدهم بأسلوب تجريحي، قال الكويليت هذا الأمر quot;غير صحيحquot;، واستدل بالشأن الرياضي في دورات الخليج، معتبرا أن هنالك عددا من الأحداث الكروية الرياضية حصلت دون أن يتم تصعيدها لا سياسيا ولا شعبيا، رغم ارتباطها اجتماعيا مع جماهير الكرة حسب وصفه.

وأضاف الكويليت أنه من الأسباب التي تجعل الكتابات وحتى التقارير الإعلامية معدودة في الصحف السعودية، هو أن القضايا الخليجية محسومة من خلال التعاون المستمر عبر اجتماعات أمانة المجلس الخليجي quot;فلا حاجة للحديث عنهاquot;، مضيفا أن ذلك ليس دليلاً على عدم الاهتمام.

الشريان: الصحافة quot;الخليجيةquot; تفتقد الحرية

الإعلامي السعودي داوود الشريان أحد أبرز الكتاب السياسيين في الصحافة السعودية، وأبرز من كان يكتب في الشأن الخليجي، وتحول إلى الكتابة بشكل مكثف عن الشأنين اللبناني واليمني، كان لزاما quot;لإيلافquot; أن تتعرف إلى أسباب quot;سباتquot; القلم quot;الشريانيquot; في الحديث عن الشأن الخليجي والسعودي.

يقول الشريان في رد حول أسباب توجهه للحديث عن الشأن اللبناني واليمني بصفة خاصة بـquot;أن الخليجيين لديهم حساسية حينما تكتب عنهمquot;، واستدل الشريان خلال حديثه مع quot;إيلافquot; بما حدث حين كتب في إحدى مقالاته عن الشأن الكويتي فتوقف العديد من القراء الكويتيين كثيرا عند مقاله معتبرين أنها quot;نقدquot; خارجي لشخص لا يمتلك الصلاحية للحديث عنهم، وأوضح الشريان أنه حينما يكتب عن شيء ما أو ينتقد موضوعا ما في أي دولة فهو جزء من اهتمامه بها.

ومن الأسباب التي فندها الشريان حول البعد عن الكتابة في الشأن الخليجي أو المتصل استراتيجيا وأمنيا مع السعودية، قال إن الدول الخليجية quot;ليس بها عشر الحرية الموجود بلبنان واليمنquot;، مؤكدا ندمه حينما كتب عن الديمقراطية الكويتية وقال في حديثه عن المجتمعات الخليجية التي تكره الكتابة عنها أو نقدها بقوله quot;رؤيتها أنك إن لم تمتدحها، فأنت تتدخل في شؤونهاquot;.

وأوضح الشريان أن العديد من الكتاب يتجهون نحو الكتابه عن الشأن اللبناني، لأن quot;من يكتب عن لبنان فهو يكتب لكل العربquot;، معتبرا أن لبنان ساحة سياسية للجدال الإقليمي، وأن قضاياه متماسة وتتجاوز حدوده. وفي سؤال حول عودته للكتابة عن الشأن الخليجي، قال انه لم يعلن قطيعته، لكنه ابتعد وسيعود حتما للكتابة من جديد عن قضايا الخليج.

خاشقجي: الخوف أن يختفي لبنان

من جهته استهل الكاتب السعودي ورئيس تحرير صحيفة الوطن سابقا جمال خاشقجي حديثه quot;لإيلافquot; بأبيات quot;شعبيةquot; دارجة عند العديد من السعوديين وانتشرت خلال حرب تموز 2006 فيقول quot;الخوف لا تختفي لبنان .. ويروح من قال quot;تئبرنيquot;.

واعتبر خاشقجي أن الاهتمام السعودي بلبنان كون quot;هواه لبنانquot;، مشبهاً البقعة اللبنانية بأنها رئة يتنفس بها العرب من مثقفين وسياح وكتاب. وأضاف خاشقجي أنه ككاتب سعودي يهمه كثيرا استقرار لبنان أكثر من مناقشة أية قضايا وصراعات داخل مجلس الأمة الكويتي على سبيل المثال. وعن الحرية التي يفتقدها الكاتب حين الحديث عن الشأن المحلي أو الخليجي عنها في الشأن اللبناني، قال quot;السعودي حينما يكتب فهو يكتب بحريته وليست بالحرية اللبنانيةquot;.

ولفت خاشقجي إلى أن الأعداد الكبيرة من السياح الخليجيين خلال الموسم السياحي الماضي الذين تجاوزوا المئتي ألف سائح خلال ثلاثة أشهر، دليل على أن السعوديين يكتبون عما يشاهدونه ويعشقونه، وقارن بين زيارات السعوديين للدول الخليجية مقارنة مع لبنان، مؤكداً أن ذلك جزء مهم يصب في الاهتمام السعودي العام بلبنان.

وتحدث خاشقجي بصفته مدير القناة الإخبارية quot;المنتظرةquot; العائدة ملكيتها للأمير الوليد بن طلال، لافتاً إلى إمكانية اختيار لبنان كمقر للقناة، معرباً عن أمله في ذلك quot;أتمنى أن تكون العاصمة اللبنانية بيروت مقراً للمحطة نظراً للبنية الثقافية والسياسية التي يعيشها لبنان إضافة إلى قربها من الوسط العربيquot;، إلا أنه أكد في ختام حديثه quot;لإيلافquot; أن الوضع الأمني المهزوز شتت فكرة أن تحط المحطة رحالها في أرض لبنان.