البرلمان الاردني

يسود الوسط الإعلامي الأردني حالة من التشاؤم ومخاوف من منظومة تشريعات جديدة تحد وتقتل هامش الحرية الصحافية، خصوصاً في ظل quot;سياسة قنصquot; للإعلام من خلال البوابة التشريعية الذي يتكئ عليها رئيس الحكومة لتمرير التشريعات الاعلامية، وتلويح نيابي للاعلام بعدم الاقتراب او التعليق على الاداء معتبرين اي نقد بمثابة تطاول على هيبة المجلس. وبدأت حالة التشنج والتوتر ترسم ملامح شكل العلاقة بين الاعلام والبرلمان وكذلك الحكومة.


قال محللون في حديثهم لـ quot;إيلافquot; إن التنسيق واضحاً بين الحكومة وبعض النواب في مسألة خنق الحرية الصحافية والدليل على ذلك شحن النواب وجعلهم يقصفون الاعلام واعتبار النقد الذي وجه لهم بمنح الحكومة ثقة غير مسبوقة تطاول على هيبة المجلس، ونقل الإعلام لوقائع المشاجرات والخلافات الداخلية تشويه لصورة المجلس أمام الشارع الأردني.

وما عزًز قناعة الوسط الصحافي بوجود ترتيب وطبخة تعد للاعلام بتعديل التشريعات هو تأييد رئيس الحكومة لحديث النواب بقوله quot;بان الحكومة ستعمل مع مجلس النواب دراسة كافة التشريعات من اجل تقوية الاعلام الوطني وتعزيز دوره المهني وحماية حقه في الوصول الى المعلومة وفي الوقت ذاته حماية الوطن ومؤسساته من الاساءة والاغتيالquot;.

لكن بعض المحللين قالوا لابد من تطوير وتعديل التشريعات الاعلامية التي من شأنها رفع سقف الحرية، وفي ذات الوقت ليس من الخطأ تنظيم عمل المواقع الإلكترونية التي انتشرت بشكل كثيف.

اللافت أن بوادر أزمة بدأت ترسم ملامح شكل العلاقة بين النواب والإعلام من جهة، وبين الإعلام والحكومة من جهة أخرى في عامها الثاني. والقناعة المترسخة عند الاعلام كما يقول مدير تحرير موقع عمون باسل العكور quot;ان حكومة الرفاعي نهجها تحجيم الاعلام وفرض قيود عليه والدليل على ذلك هو وضع قانون مؤقت للقضاء على الاعلام الالكتروني هو قانون جرائم انظمة المعلومات، ومدونة السلوك بايقاف اعلانات واشتراكات الصحف وهذه الخطوة لم تساهم في استقلالية الإعلام بل خلق حالة من الرعب والضعفquot;.

فيما يعتبر رئيس لجنة التوجيه الوطني النائب والصحفي جميل النمري انه لابد من تطوير منظومة التشريعات الاعلامية وتعديلها من اجل رفع سقف الحريات وخفض القيود وتعزيز الحصول على المعلومة من اجل الاحترافية والمهنية للوصول الى اعلام وطني حر. لكنه في ذات الوقت يؤيد فكرة تنظيم عمل المواقع الالكترونية بما يخدم عملها عبر ترتيبات خاصة لضمان عدم اغتيال الشخصيات ومؤسسات الوطن.

ولكن نائب نقيب الصحافيين حكمت المومني يقول لـ quot;إيلافquot; إن النقابة مع أي تعديل قانوني لتطوير المهنة لذا طالبنا الحكومة بضرورة تعديل تشريعات أساسية منها قانون المطبوعات والنشر، وحق الحصول على المعلومة، ووثائق وأسرار الدولة وتعديل بعض مواد في قانون العقوبات. وأشار إلى أن النقابة أرسلت قانون معدل لنقابة الصحافيين منذ شهور لديوان التشريع في رئاسة الوزراء.

quot;قانون جرائم أنظمة المعلومات هو قانون مؤقت للقضاء على الإعلام الالكترونيquot;

ولعل أبرز التعديلات كما يذكر هو السماح للعاملين في الصحف الالكترونية الاخبارية أن يكون أعضاء في النقابة من أجل تنظيم المهنة واصطلاح صحافي على عضو النقابة كخطوة لتصويب الاوضاع وملاحقة كل ما يدُعي انه صحافي سيندرج ضمن احتيال المهنة.

ورغم تأييد فكرة تعديل بعض التشريعات لرفع سوية واحتراف المهنة هذا يتطلب من الاعلام ادارة معركته للخروج منها بأقل خسائر وأن يرتبط بعلاقة جيدة ودافئة مع البرلمان، ويعلق النائب النمري ان على الاعلام كسب ثقة النواب لضمان وقوفهم ضد اي تشريع سيحد من الحرية الصحفية، وفي ذات الوقت يأمل من النواب أن يكون لديهم سعة صدر في تقبل النقد الصحفي المهني وعدم التوتر والتنشج كثيرا.

لكنه في ذات الوقت يؤكد النمري أن بعض وسائل الإعلام عليها الإبتعاد عن أسلوب السخرية في الحديث عن المجلس وأعضائه. أما المومني ينظر إلى شكل العلاقة بين الاعلام والحكومة أنها صحية وأن هناك بعض المواقع الالكترونية تسعى نحو افتعال أزمات مع النواب، ونهجها قائم على اغتيال الشخصية والابتزاز، ونشر تعليقات مسيئة وهذا يتعارض مع الاعلام المهني والحرية الصحفية.

غير أن الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور يعتقد أن هناك حالة من الاشتباك والتجاذب فيما البرلمان والإعلام وذلك لان المجلس غير قادر على فهم مسألة دور الاعلام كسلطة تراقب أداء المجلس الرقابي والتشريعي وتنتقد القصور بحرية معتبراً أن المجلس الحالي يستعرض قوته البرلمانية للتلويح بها من أجل تهديد الوسط الاعلامي.

ويقول إن أي تشريعات ستضعها الحكومة أو أي تعديلات يجب أن تكون منسجمة مع الدستور والاتفاقيات الدولية الموقعة التي تضمن حرية التعبير والرأي وتصون الحريات الصحفية وان تستند في اي تشريع إعلامي على ورؤية الملك عبدالله الثاني في حرية واستقلالية الاعلام.

ويعتقد منصور انه مطلوب من البيت الصحفي الداخلي إعادة ترتيب ذاته وتفعيل مبدأ المسألة والحساب، وعلى الحكومة تعديل التشريعات التي تعد معيقات أمام تطور الاحتراف المهني الإعلامي الأردني، وكذلك عليها إنشاء مجلس شكاوى مكون من قضاة وصحافين وشخصيات سياسية ليقبل شكاوى وتظلمات كل الاشخاص اذ صدر عن أي صحافي أي شيئ تجاوز حدوده المهنية.

أما العكور يرى ان العلاقة بين الاعلام والبرلمان مواجهة وكذلك مع الحكومة في ظل تراكم استثنائي وخطير حيث تقول التسربيات من الأروقة الحكومية أن هناك تعديلات على قانون المطبوعات والنشر لإخضاع المواقع تحت قبضة تشريع يقتل هامش الحرية الصحافية.

ويقول العكور لـquot;ايلافquot; نوجه السؤال الى الحكومة لماذا التعديلات على التشريعات الاعلامية وأسباب ومبررات وسر التوقيت لإجراء التعديلات على قانون المطبوعات والنشر مستدركا quot;لا يكفي الحكومة قانون جرائم انظمة المعلومات الذي وضعتهquot;.

وأضاف نحن نعرف موقف الحكومة من الاعلام تماما فلا داعي الى افتعال ازمة جديدة وهذه المرة الغطاء والادأة التي تستعملها الحكومة لتمرير ما تريد لان عدد قليل من النواب لايؤمنون بالنقد وحرية الصحافة ومع فرض قيود على الاعلام.

ويؤكد العكور ان ممارسات المهنة غير الاخلاقية قليلة وهذا بشاهدة نقابة الصحفيين، مطالباً النقابة أن تكون شريكاً في إقرار اي تعديلات على التشريعات خصوصا في ظل توقعات مفادها ان الحكومة ستجري تعديلات على قانون النقابة والمطبوعات والنشر بما يزيد من قبضة الحكومة على الاعلام.

وبحسب النمري أكد لـ quot;إيلافquot; أن لجنة التوجيه الوطني تعقد إجتماعاً تشاورياً لبحث العلاقة بين الإعلام والبرلمان يوم الاربعاء فيما بين اعضاء الكتلة والصحافيين وذلك دفاعا عن الحريات الصحفية ورفض اي قيود تشريعية على الاعلام بل دعم اي ترتبيات تنظيمية للسوية المهنية الصحفية.

لكن التوقعات تنذر بأن أي نقد للمجلس سيدفع الاعلام ثمنه باهظاً بتشريعات من شانها تحجيم أي وسيلة إعلامية تنتقد مما يجعل الترقب الممزوج بالتشاؤم سيد الموقف عند النخب الإعلامية وتتوقع مفأجات إزاء الإعلام وتحضيرات مسبقة تعمل الحكومة على إعداده بتكتم وسرية.