مشجعون للفريق الجزائري يحتفلون رغم هزيمتهم في كأس الأمم الافريقية |
ينقسم الرأي العام في الجزائر بين صوتين متضادين على خلفية ما أعقب تتويج مصر باللقب الافريقي الأخير، وما تخلّل اللقاء الكروي بين منتخبي البلدين في أنغولا، ومن خلال اقتراب quot;إيلافquot; من فعاليات جزائرية، برز الجدل بين فريقين، ففي حين ينفي الأول بشدة وجود أي حساسية مع العرب بسبب تأييدهم لمصر، قرأ الآخر ما حصل بأنغولا وتفاعلاته، على أنّه يعكس quot;بغض وغيرةquot; يصل إلى مستوى quot;كره غير متبادلquot;.
الجزائر: يشدّد فريق يضمّ شخصيات جزائرية رسمية ومعارضة تحدثت لـquot;إيلافquot; على أنّ فوز مصر باللقب الافريقي للمرة الثالثة على التوالي، هو انتصار كبير يشرّف العرب جميعًا، ويرفض صحة ما يُراج عن quot;كره الجزائريين للعربquot; على خلفية تأييدهم التام للمصريين، حيث يعتبرون الطرح المذكور quot;محض مغالطةquot;.
ويلفت السعيد بوحجة، المتحدث باسم جبهة التحرير الجزائرية (الحزب الحاكم)، إلى أنّ الجزائر ومصر كلاهما منتخبان عربيان، وفوز أي منهما يُثلج صدر كل عربي، وإذ جدّد بوحجة تهانيه للمصريين بتتويجهم القاري الأخير، فإنّه ركّز على أنّ quot;جبهة التحريرquot;، وهي حزب الغالبية في الجزائر، ترى أنّ المسألة لا تتجاوز الرياضة، ولا ينبغي لها أن تخرج عن أطر التنافس الشريف والروح الرياضية.
السعيد بوحجة |
وأضاف بوحجة لـquot;إيلافquot; أنّه ينبغي الفصل بين الذي حدث في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وتأثر مواطنيه بالذي تعرض له المنتخب الجزائري في مصر وتلك الهجمة الاعلامية الاستفزازية ضدّ رموز الجزائر ومقدّساته، وبين فوز مصر ببطولة إفريقيا، كما يسجّل بوحجة أنّ غضب الشارع الجزائري ليس ضدّ منتخب مصر بل ضدّ الحكم كوفي كودجيا وإدارته الفضائحية لمواجهة دور الأربعة.
وينتقد الناطق باسم القوة السياسية الأولى في الجزائر من يسميهم quot;زرّاع الفتنةquot;، ويبدي قناعته بأنّ رابطة الجزائر مع العرب قوية ومترسخة ولا يمكن للجلد المنفوخ أن ينال منها. ويهاجم بوحجة من يسعون - بحسبه - لإشعال نار الفتنة بين شعبه ومصر وباقي أقطار العروبة، من خلال التطاول على الجزائريين ونعتهم بأوصاف لا تمت إليهم بصلة، ويسترجع بوحجة شوطًا تاريخيًّا بارزًا طبع بلاده قبل عشريات، حينما أقدمت الجزائر غداة استقلالها على خوض معركة التعريب بمساعدة المصريين والسوريين واللبنانيين وغيرهم.
بدوره، يلاحظ موسى تواتي، رئيس الحزب المعارض quot;الجبهة الوطنية الجزائريةquot;، أنّ الأمر كله ينطوي على مغالطة، متصوّرًا أنّ العرب وقفوا مع مصر لأنّ الأمر يتعلق بمنتخب عربي فاز وفقط، والقضية بمنظوره quot;مبدئيةquot; في مقام رئيس، لذا يحكم تواتي بعدم صحة من يقول بأنّ quot;العرب وقفوا مع مصر ضدّ الجزائرquot;، وبالنسبة إلى تواتي، فإنّ مصر فازت وحلّقت بغض النظر عن الطريقة التي فازت بها على الجزائر أو نالت بها الكأس.
كما يذهب الإعلامي الجزائري البارز عبد الرزاق طاهير إلى أنّه بصرف النظر عن مرارة الظلم المكشوف لمنتخب بلاده أمام مصر، اذ تمنى فقط لو أنّ تلك المباراة جرت في ظروف أخرى
غير التي أرادها الحكم البنيني بتحيزه المفضوح، وهو أمر لا يمكن أن ينفيه حتى المصريين أنفسهم، فإنّ طاهير يحيل الأمر إلى حقيقة أخرى يدعو إلى حتمية فهمها من لدن الكل، مؤداها أنّ الإخوة العرب تعاملوا مع الوضع كما هو، أي أنهم تعاملوا مع فوز الفراعنة على الجزائر وبعدها إحرازهم للكأس الافريقية بعفوية، لأنّ ذاك الانجاز كاف لإثارة التعاطف والإعجاب بالمنتخب المصري، ويرى طاهير في ذلك أمرًا منطقيًّا،ولا سيما مع تميّز بطل إفريقيا وثراء تشكيلته، وهو ما يشاطره حكيم مدان، النجم الكروي الجزائري السابق، الذي أعرب عن إعجابه بالمنتخب المصري تبعًا لاحتواء صفوفه على فرديات لامعة.
موسى تواتي
ويرى طاهير أنّه من الخطأ معاتبة الآخرين على توجهاتهم، مثلما من غير المعقول أن يجنح هذا أو ذاك إلى فرض رأيه لصالحه، فالعرب الذين اعترفوا بأحقية الجزائر في التأهل إلى المونديال، يعترفون اليوم بأنّ مصر استحقت كأس أمم افريقيا، ولا يخفي طاهير وجود نوع من التعصب في الجزائر تماما مثل هو ملحوظ في دول أخرى، ويعتقد طاهير أنّ سلوكا كهذا لا يعني إطلاقا quot;كرهquot; الجزائريين للعرب، وكل ما في الأمر أنّ الشارع المحلي لم يتقبّل الهزيمة بالشكل الذي حصل، وهي نظرة يشاطرها الأستاذ أنيس نواري والباحث الاجتماعي محمد دحمان.
على النقيض، صرّح مصطفى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية الجزائرية لحماية وترقية حقوق الإنسان (حكومية)، أنّ quot;عرب الشرق الأوسط لا يحبون الجزائر منذ قديم الزمانquot;، ويضيف quot;كانوا يرون في الجزائريين شيوعيين تارة وأوروبيين تارة أخرىquot;، ويعزو قسنطيني ذلك إلى quot;غيرة وبغضquot; ثابتان لدى بعض العرب.
مصطفى فاروق قسنطيني |
وإذ يؤكد قسنطيني وهو محامٍ مخضرم على أنّ مصر لم تفز على الجزائر بلاعبيها بل بوساطة الحكم، فإنّه يصرّ على أنّ الجزائريين لا يكرهون العرب لأنّ قلوبهم واسعة وتحمل الود للجميع، إلاّ أنّ ما حدث مؤخرًا، جعله يعلّق جازمًا quot;إنّ بعض العرب هم الذين يكرهون الجزائريين بصفة قاطعةquot;.
من جانبهما، يبدي الأستاذ موسى بكيس والنجم الدولي الجزائري السابق ناصر بويش، استغرابًا مشوبًا بحزن لكون الفضائيات العربية بما فيها القنوات الرياضية المتخصصة، تحاشت جميعها القول إنّ الحكم البنيني هو من أقصى الجزائر ورجح كفة ميزان المباراة لمصر، كما فضلت - بحسبهما - غض الطرف عن الأخطاء التحكيمية الفادحة التي حوّلت مجرى المقابلة نصف النهائية.
كما يستنكر الجزائريون توفيق، علي، صبري ومراد الصمت العربي حول إحراق العلم الجزائري مجدّدًا من طرف مصريين بعد دورة أنغولا، ويتساءل مسعود وفوزي:quot;هل من المعقول ألا يعلن عربي واحد استهجانه لانحراف كهذا؟quot;.
التعليقات