الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس التركي أحمد نجدت سيزار في العام 2006 |
شهدت العلاقات السعودية التركيةقفزة نوعيةعلى كافة المستويات خلال الخمسة أعوام الماضية، فلم يكن في مخيلة أشد المتفائلين والمتحمسين للعلاقات بين البلدين قبل أعوام حدوث مثل هذه النقلة السريعة التي تحمل في جنباتها الكثير من الأبعاد والمعاني.
قبل العام 2000، كان نقل أي دبلوماسي سعودي إلى أنقرة بمثابة عقوبة، لأنه وكما سيعاني من البرد القارس في ثلاجة الأناضول (انقره) التي يستمر شتاؤها سبعة أشهر حسومًا، فإنه سيعاني أيضًا من سبات وبرودة العلاقات، فضلاً عن جفاء معظم المسؤولين الأتراك وصرامتهم... وفي العام 2010، تناقلت الأنباء ترشيح أحد الوزراء السابقين لتولي منصب السفير هناك... هذا القياس يكفى لمعرفة حجم النقلة القياسية التي شهدتها العلاقات بين البلدين خلال عقد من الزمان والتي لم تصل إليها أحلام اكبر المتفائلين أبدًا...
بهذه العبارات... بدأ محاضر سعودي كلمته في حلقه نقاش أمام أول وفد دبلوماسي وأكاديمي تركي يزور معهد الدراسات الدبلوماسية السعودية بالرياض في شهر يناير/كانون الثانيعام 2010.
2010... هجمه عثمانية
شهد العام 2010 موجة زيارات تركية للرياض، فصباح اليوم الأول شهد كتابة أول مقال لوزير خارجية تركي في صحيفتين سعوديتين والذي تزامن مع وصول مهندس السياسة التركية الجديدة احمد داود أوغلو إلى جده زائرًا منظمة المؤتمر الاسلامي، طار بعدها في صباح اليوم التالي للرياض، وكان برنامج الوزير حافلاً جدًّاأهمه لقاء العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيزوولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأتبعهما مساءً بلقاء مع رجال الأعمال والجالية التركية في سفارة بلاده بالرياض.
ثم التقى صباح اليوم الثالث لزيارته مع مندوبي الصحف السعودية قبل أن يختتمزيارته بمباحثات مع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أعقبه مؤتمر صحافي قال فيه الأمير سعود الفيصل quot;ولا يفوتني أن أنوه في هذا الصدد بالدور الكبير لتركيا ومشاركتها الإيجابية في جهود حل المشكلات التي تزخر بها منطقتنا وعلى رأسها المشكلة الفلسطينية، وكذلك مكافحة الإرهاب، ومكافحة الفكر الضال والمنحرف الذي يعصف بمنطقتنا، ويهدف إلى إشاعة الفتنة، وإثارة النزعات العرقية والطائفية بهاquot;.
وأضاف الفيصل quot;أهمية دور تركيا ينبع من كونها دولة إسلامية كبيرة، ترتبط بعلاقات جيدة مع دول منطقة الشرق الأوسط، تتسم بالاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل وفق أطر الشرعية الاقليمية والدولية. وهو الأمر الذي جعل من تركيا طرفًا فاعلاً بناءً في منطقة الشرق الأوسطquot;.
وختم الدبلوماسي السعودي الكبير كلمته قائلاً quot;لذلك من الطبيعي أن تتطور علاقاتنا، لترتقي إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية، الذي من شأنه تأطير هذه العلاقة وتكريسها والدفع بها إلى آفاق أرحب في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها من مجالات التعاون، وذلك في خدمة المصالح المشتركة، والعمل نحو تحقيق أمن واستقرار المنطقة، ورخاء شعوبهاquot;.
ومباشرة شهد ثاني أسبوع من زيارة أوغلو،زيارة أول وفد من معهد الدراسات الدبلوماسية التركية للمملكة، إذ عقد مركز الدراسات الاستراتيجية بمعهد الدراسات الدبلوماسية بالتعاون مع إدارة التعاون الدولي حلقة نقاش بعنوان: quot;السياسة الخارجية التركية الحالية تجاه الشرق الأوسط: المصالح والدوافعquot;. كما شهد وصول السفير التركي الجديد للرياض صباح يوم الأحد 24 من محرم 1431هـ.
الفيصل يكافئ (فاتح دافوس)
وسط ترحيب رسمي واحتفاء شعبي أعلن الأمير خالد الفيصل ورئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية مساء يوم الاثنين 11 يناير/كانون الثاني2010، فوز رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام ليستعيد السعوديون والعرب مشهد مساء 29 يناير/كانون الثاني2009، عندما قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كلمته الشهيرة quot;السيد بيريز انتم في (إسرائيل) تعرفون جيدا كيف تقتلون الناس... ورفعك لصوتك (بالنسبة لي) يظهر لي سيكولوجية شعورك بالذنب، أنتم قتلتم الأطفال الأبرياء الفلسطينيين على الشاطئ دون ذنب، على الرغم من أن الوصية السادسة في التوراة تقول (لا تقتل)quot;.
ووسط تصفيق حاد غادر منصة الحديث في منتدى دافوس غاضبًا ليس بسبب إهانة شخصية أو بسبب إهانة لدولته تركيا، وإنما بسبب انه لم يعط بحسب رأيه الفرصة والوقت الكافي للدفاع عن أطفال غزه الضعفاء والأبرياء أمام الدقائق التي منحت للرئيس الإسرائيلي والذي تفنن في الدفاع عن المذبحة الإسرائيلية وتبريرها أمام نظر العديد من قادة العالم ومنهم مسلمون وعرب، وأثناء مغادرته غاضبا قام الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ndash;وهو المشهور عنه حدته في الدفاع عن القضايا العربية - بمصافحته على مضض ثم عاد ليجلس ،رغم انه يعلم إن اردوغان خرج غاضبا من اجل حق عربي ومن اجل فلسطين وغزة.
ومن الرياض نعم لفيصل لا لنوبل
في خطوة لها معانيها الخاصة والهامة في عالم الدبلوماسية والسياسية وبعد ساعات من وصول سفير جمهورية تركيا المعين لدى المملكة (احمد مختار غون) للرياض استقبله وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل يوم الأحد 17 يناير وقدم له نسخة من أوراق اعتماده تمهيدًا لتقديمها للملك عبدالله.
وتوالت الزيارات التركية للسعودية، ووصل رئيس الوزراء التركي ( فاتح دافوس) برفقة عقيلته ووزير الخارجية للرياض يوم الاثنين 18 يناير 2010م ليبدأ برنامج مكثف صباح يوم الثلاثاء 19 يناير بلقاء مع رجال الإعمال السعوديين والأتراك يعلن خلاله (إن تباعد المسافات واختلاف اللغات لن يحول دون تعاون استراتيجي بين البلدين ).
وفي المساء التقى بالملك السعودي وولي العهد في جلسة مباحثات تنتهي بعشاء ملكي طار بعده لجده ليلتقي صباح اليوم التالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ومن ثم يتوجه لأداء العمرة ثم إلي المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف.
وفي المعرض الدولي الأول للتعليم العالي والذي نظمته وزارة التعليم العالي السعودية في فبراير 2010م شاركت 8 جامعات تركية ولأول مره في معرض يتعلق بالتعليم العالي بالمملكة وأولها أقدم جامعه في المنطقة وهي جامعه اسطنبول التي أسست عام 1453م ويبلغ حاليًا عدد طلبتها وموظفيها أكثر من 75 الف ..إنها دعوه من أقدم جامعة للطلبة السعوديين لشد الرحال إلى اسطنبول .كطلبه وكباحثين.
ابرز التطورات تاريخيًّا خلال العقد الأول من القرن العشرين في استعراض مختصر لأهم محطات العلاقات السعودية التركية خلال العشرة أعوام الماضية..
هدم قلعة كاد أن يهدم العلاقات
في العام 2000، صدر قرار الحكومة السعودية بهدم ونقل قلعه أجياد الأثرية في مكة (بنيت عام 1782م) من موقعها وتحويل موقع القلعة إلى وقف للحرمين الشريفين تحت مسمى (وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين) في قرار سبقه وتلاه احتجاج وهجوم سياسي من المسؤولين الأتراك وحملة إعلامية ممنهجة من الصحف التركية خصوصًا (جمهوريت) و(صباح) و(ملليت)و(حريت) وصلت لحد اتهام الحكومة السعودية بأنها صنو لحكومة طالبان والتي هدمت تماثيل (بوذا في باميان) وقامت المظاهرات أمام السفارة السعودية بأنقرة، وصاح المتظاهرون (اطردوا الدبلوماسيين السعوديين من الأناضول وليرجعوا إلى الصحراء ثانية) ..
واستمرت العلاقات على هذه الوتيرة من التوتر والجفاء حتى وقعت إحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فإنشغل كلا البلدان باحتواء نتائج أحداث الحادي عشر من سبتمبر المفاجئة ومنها الغزو الاميركي لأفغانستان والخطط التي تحاك على خريطة المنطقة.
ومن جانب السعودية، فإن هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من رفع واشنطن شعار الحرب على ما سمي بالإرهاب الإسلامي وتعرضها لهجوم شرس واتهامات عديدة من قبل الولايات المتحدة الاميركية ثم الحرب على أفغانستان وإظهارها إعلاميًّا من بعض المحسوبين أنها - حرب صليبية- ضد الإسلام والمسلمين، والهجمات الإرهابية في المملكة، وغزو العراق، وتزايد النفوذ الإيراني في العراق، كل هذه أمور جعلت المملكة تبحث عن أصدقاء جدد - تركن إليهم شيئًا قليلاً- وكانت تركيا هي المرشح الأفضل وربما الأوحد...
فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات الثالث من نوفمبر 2002م قوبل بترحيب خاص من الرياض، لأن هذا الفوز كان له خصوصيته وإشاراته ورسائله المتعددة، حيث استطاع وللمرة الأولى حزب إسلاميمعتدل وذو زعامات شابه وبراغماتية ومنفتحة أن يفرض نفسه على رأس الهرم السياسي والتشريعي في دولة ذات نظام علماني عريق، كانت سياستها مجافاة الدين طوال ما يقرب من ثمانية عقود مما اثبت خفوت النخب العلمانية وتراجعها أمام quot;العثمانيون الجددquot;.
وهناك من يطرح نقطة يقول إنها مهمة وذات بعد ديني وحضاري، وهي أن التوجه التركي نحو تعزيز علاقاتها مع المملكة والدول العربية والعودة للجذور الإسلامية لم يأت فقط نتيجة مصالح سياسية أو اقتصادية بل هو نتيجة قناعات النخبة السياسية المعتدلة والمتدينة وشعورها بأن مشروع اندماجها بالغرب والاتحاد الأوربي غير ممكن، لأنه ثبت لديها أن العوامل الحضارية والخلفيات الدينية هي الحاسمة في علاقاتها مع أوروبا المسيحية وليس العوامل السياسية أو الاقتصادية.
ولأن فكرة الاتحاد الأوربي هي محاولة لإحياء تقليد قديم متأصل في الحضارة الغربية يستهدف استرداد مركز الحضارة المسيحية على يد أوروبا مرة أخرى، بل إنه حتى جزء من النخبة العلمانية البراغماتية في تركيا رأت أن تعزيز علاقات تركيا مع محيطها الإسلامي ومع جيرانها العرب سياسيًا وثقافيًّا واقتصاديًّا و- خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة - هو السبيل الأوحد الضامن لتعزيز الموقف التفاوضي التركي مع الاتحاد الأوربي، بل وهناك من يرى انه إذا استغلت تركيا جيدًا علاقاتها وإمكانات الشرق الأوسط واسيا الوسطى فإنها ستدخل الاتحاد الأوربي بشروطها هي لا شروط الجماعة الأوروبية.
كما تزامن هذا التقارب التركي مع المملكة مع نمو جيل نخبوي تركي يرى إن إعادة إحياء الهوية الإسلامية وفق أسلوب تدرجي وواقعي ومعتدل هو صيغة أخرى من صيغ التحولات الحضارية، ويمكن أن يقدم بديلاً حضاريًّا متكاملاً بدلاً من أن يكون مصدر تهديد للعلمانية.
احتلال العراق... تهديد مشترك
تزامن الاحتلال الاميركي للعراق في ابريل 2003، مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة ودخول إستراتيجية الحزب الجديدة اختبارًا صعبًا وعمليًا خرج منه إلى حد كبير بنجاح،تركيا نأت بنفسها عن المشاركة في الاحتلال وهو ما فتح طريقين أمامها، العالم العربي والاتحاد الأوروبي،وقد قدر الشارع العربي والسعودي عالياً عدم انخراط تركيا في احتلال بلد عربي، على الرغم من الخسائر السياسية التي تكبدتها تركيا جراء خروجها من المعادلة العراقية وجريان الأحداث دون تأثير مهم من جانبها تزايد النفوذ الإيراني في العراق وزيادة الخطر على أهل السنة العرب في العراق وخطورة البرنامج النووي الإيراني على البلدين.
وما اقلق السعودية وتركيا أن السياسة الإيرانية المتمثلة في تقويه سيطرتها في لبنان وفلسطين واليمن وخطط إيران لاستخدام quot;المذهبquot; في منطقة الخليج والمخاطر التي تتعرض لها تركيا بسبب احتمال استغلال إيران للعلويين فيها مما استلزم من قادة البلدين الانتباه لهذه الخطط ومحاوله إيجاد خطط مضادة لها للتقليل من خطرها، وهذا ما ستوجب أهمية زيادة وتيرة التنسيق السعودي التركي خدمة لأمن البلدين وصولا للتعاون الاستراتيجي..
عبدالله غول والزيارات المكوكية ..
كان من أهم نتائج فوز حزب العدالة والتنمية توثيق العلاقات السعودية التركية على كافة المستويات وجاء تعزيز العلاقات نتيجة قناعات القيادة السعودية وقادة حزب العدالة والتنمية في ضرورة تسريع تنامي وتيرة العلاقات بين البلدين على أمل أن تتطور في المستقبل بشكل اكبر لتصبح علاقات إستراتيجية، خصوصًا وأن تركيا تتطلع إلى تجاوز الكثير من العقبات غير الضرورية التي حدت من تطوير العلاقات،على الرغم من أنها في المقام الأول لصالح شعبي البلدين، ولتعزيز زعامتهما العالم الإسلامي باعتبار أن المملكة وتركيا أهم وأقوى دولتين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، في ظل الإدراك والاحتياج الإستراتيجي المشترك لكلا الطرفين تبرز الحاجة إلى ضرورة تفعيل علاقات الدولتين وتطويرها.
في 11 يناير 2004، قام رئيس الوزراء التركي عبدالله غول بأول زيارة لرئيس وزراء تركي للسعودية وفي 5 ديسمبر 2005، قام (عبدالله غول) بصفته الجديدة كنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية بالمشاركة في القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثة والتي عقدت في مكة المكرمة وفي 10 فبراير 2006، قام أيضًا بزيارة للسعودية للمشاركة اليوم السبت فعاليات منتدى جدة الاقتصادي في دورته السادسة..
ومع استمرار هذه الزيارات شرح (عبدالله غول ) للمسؤولين السعوديين كيف ان هناك أسبابًا عديدة تدعو لضرورة تسريع تنسيق المواقف بين المملكة وتركيا والبدء ببناء علاقات إستراتيجية لمواجهة المستجدات والمخاطر الجديدة التى تواجه البلدين.
الملك الحكيم يزور الاناضول..
الرد السعودي لم يتأخر كثيرًا حيث جاءت زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتركيا في 6 أغسطس/آب 2006، نتيجة فهم ذكي من الملك ونتيجة لجهود مكثفة بذلها شخصيًّا مع قادة حزب العدالة والتنمية للتسريع في تنامي وتيرة العلاقات بين البلدين والذين يأملون أن تتطور في المستقبل اكثر، خاصة أن الرياض وأنقرة بدأتا التطلع بجدية وقناعة إلى تجاوز الكثير من العقبات غير الضرورية والتي حدت من تطوير العلاقات في الماضي.
وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ذكر صراحة في حديثه لصحيفة (ملييت) التركية في 7 أغسطس 2006، إن (علمانية الدولة في تركيا لا يمكن أن تشكل عائقًا إمـام تحقيق شراكة إستراتيجية بين البلدين) وأن السعودية (تود إن ترى تركيا شريكا استراتيجيا).
وقال الفيصل أيضًا في حديث لقناة (سى ان ان تورك) في السابع من أغسطس 2006 (نطمح للتعاون في مجالات متعددة بما يحقق مصالح الشعبين، خاصة في المجالات السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والعسكرية وغيرها، نحن نرى تركيا شريكا استراتيجيا) .
وعلى هامش الزيارة وفي مقابلة لقناة العربية مع عبد الله غول نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركي ndash;آنذاك- في 8 اغسطس2006،قال عن مدى تأثير زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تركيا (المملكة العربية السعودية وتركيا أهم دولتين في العالم الإسلامي، فالسعودية فيها مكة والمدينة فهي قبلة المسلمين ولهذا نولي السعودية اهتمامًا مضاعفًا.
العلاقات الاقتصادية تنامت بين البلدين في العقد الاخير |
أما تركيا فهي دولة مسلمة وديمقراطية تربط الشرق بالغرب إضافة إلى علاقتنا التاريخية العميقة والمتعذرة دينيًا وثقافيًا. وأن اهتمامنا كان واضحًا من خلال التحضير المسبق للزيارة الذي دام عامين كاملين وأنا واثق من أن السعودية أيضًا تولي الزيارة نفس القدر من الاهتمام. وخصوصية الزيارة تثبت أن العلاقات بين البلدين تتجاوز كونها مجرد علاقات تجارية إستراتيجية إلى روابط وعلاقات قائمة على الإخوة والأواصر التاريخية والثقافية المشتركة النابعة من العقيدة الإسلامية.
الصدر الاعظم يعود للخرطوم ..
انعكست حرارة العلاقات بين البلدين على العلاقات العربية التركية فتمت دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لأول مره في تاريخ العلاقات العربية التركية لحضور القمة العربية في الخرطوم 2006، ثم القمة العربية في الرياض 2007.
ثم جاءت زيارة العاهل السعودي الثانية لأنقره في 9 نوفمبر/تشرين الثاني2007، وذلك لتهنئة الرئيس التركي عبدالله غول بانتخابه رئيسا للجمهورية التركية وكذلك بحث العلاقات الثنائية معه ومع رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان، وكانت هذه الزيارة الثانية إحدى دلائل القفزة التي شهدتها العلاقات على كافة المستويات بين البلدين خلال الخمسة أعوام الماضية فلم يكن في مخيلة اشد المتفائلين والمتحمسين للعلاقات السعودية التركية قبل أعوام حدوث مثل هذه النقلة السريعة في العلاقات كما عدت من أهم بوادر التطور في العلاقات الثقافية بين البلدين حيث ورد في الإعلان المشترك للزيارة أن (يعمل الطرفان على تنظيم فعاليات وأنشطة ثقافية في البلدين بهدف إبراز الثراء الثقافي لديهما).
تركيا اولاً
الجنادرية تركيا ضيفة الشرف الاولى
مؤخرًا أصبحت الجمهورية التركية الدولة الأولى التي يتم اختيارها كضيفة شرف في تاريخالمهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية للعام 1429هـ / مارس 2008، ما يعطي دليلاً جديدًا على مرحلة متطورة من العلاقات الخاصة بين البلدين .
واستمرت الزيارات الثنائية بين البلدين ومنها زيارة رئيس (مجلس الأمة) التركي كوكسال توبتان إلى الرياض في 29 مارس/آذار 2008، ثم زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان للرياض في 3 يناير/كانون الثاني2009، وزيارة الرئيس التركي عبدالله غول للرياض في فبراير/شباط 2009.
منظمة المؤتمر الاسلامي تتحدث اللغة التركية
وفي تطور له دلالته وإشاراته وتاريخيته تم انتخاب د أكمل الدين احسان اوغلو أمينًا عامًا لمنظمة المؤتمر الاسلاميفي يناير 2005، مما اعتبر حدثًا تاريخيًّا ان ينتخب مواطن تركي من دولة ذات نظام علماني لإدارة اكبر منظمة ذات صبغة دينية..
** باحث وخبير بالشؤون التركية
التعليقات