أجرت مجلّة شبيغل أونلاين حديثاً مع المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هانز بليكس أوضح فيه أنه إذا لم تزود إيران باليورانيوم المخصّب ستقوم طهران بانتاجه بنفسها، مشيراً إلى أنه ضد العقوبات العسكرية عليها لأن الشيء الوحيد الذي يمكن ان يُقصف في الوقت الحاضر هو النيات.
إعداد عبد الاله مجيد: قال المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وكبير المفتشين الدوليين في العراق سابقاً هانز بليكس ان القوى الغربية اقترحت تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج كحل لمأزقها المتمثل في انها إذا لم تزود إيران بهذا اليورانيوم ستقوم طهران بانتاجه بنفسها.
واوضح بليكس في مقابلة مع مجلة شبيغل اونلاين ان الحكومة الإيرانية اعلنت في البداية انها لا تعتزم تخصيب اليورانيوم إلا بنسبة 3.5 في المئة لانتاج الوقود الذي يحتاجه مفاعلها النووي. ولكنها تحتاج الآن الى يورانيوم مخصب بنحو 20 في المئة لمفاعلها البحثي من اجل انتاج نظائر للاستعمال الطبي. واعاد بليكس التذكير بأن طهران واجهت مشكلة مماثلة في اوائل الثمانينات عندما اوصت طهران على كمية من الوقود النووي لمفاعل ابحاث بنته الولايات المتحدة، ودفعت إيران حينها ثمن ذلك الوقود.
ولكن quot;ثورة الملالي جاءت فرفضت اميركا تسليم الوقودquot;. وقد واجه الغرب مأزقا منذ ذلك الوقت. quot;فهو إذا لم يزود إيران بالوقود سيكون لديها سبب لانتاجه بنفسها وهذا ما أدى الى المقترح التوافقي الوسط الذي يدعو الى تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارجquot;.
وحول المفاوضات الجارية مع إيران منذ سنوات بلا نتائج قال بليكس quot;ان الموضوع الأمثل لمثل هذه المفاوضات هو على الأرجح مكان تبادل اليورانيوم المنخفض التخصيب بيورانيوم له نسبة تخصيب أعلى، والخيار البديهي لعملية التبادل هو تركيا لأن الجانبين يثقان بهاquot;.
واكد بليكس انه ليس معروفا على وجه التحديد كم من الوقت تحتاج إيران لتجميع ما يكفي من الوقود لمفاعل ابحاثها العلمية وان كثيرين يشككون حتى في ان تكون لدى إيران القدرات التقنية لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. واشار الى ان تصريحات الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في هذا الشأن هي من باب الاستعراض اللفظي ورد فعل على ما يُعد اهانة بنظر طهران.
واضاف ان لا احد في العالم لديه المنشآت العشر التي تحدث عنها احمدي نجاد وان لدى كل من الولايات المتحدة وفرنسا منشأة أو منشأتين والارجنتين وهولندا منشأة في كل منهما quot;وليس من المعقول الحديث عن 10 منشآتquot;.
وحول ما إذا كان نجاح إيران في جهود التخصيب سيحولها الى قوة نووية من الناحية العملية قال الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الدولية انه لا يتفق مع اولئك الذين يتحدثون عن quot;قوة نووية افتراضيةquot; وانه نقل ذلك الى خلفه على رأس الوكالة محمد البرادعي الذي بادر الى نحت هذه العبارة.
ولفت بليكس الى ان اليابان مثلا قادرة على تفعيل كميات من البلوتونيوم على الفور وكذلك البرازيل وإن بدرجة أقل. ولكن حتى مَنْ سار في هذا الطريق يستطيع التراجع في اي وقت. وعلى سبيل المثال ان المانيا لم تستكمل بناء منشأتها لمعالجة البلوتونيوم في فاكردورسف في بافاريا.
واكد بليكس في حديثه انه لا يستبعد quot;إرادة إيران في امتلاك اسلحة نووية ولكني أجد احتمالات الانقسام في صفوف القيادة السياسية حول هذه القضية احتمالات أعلى. فان مجرد القدرة على تخصيب اليورانيوم تقوم بدور الرادع وقد يكون ذلك كافيا عند البعض من اركان النظام. وإذا كانت هناك رغبة في امتلاك القنبلة فانها تعود بالتأكيد الى عقد الثمانينات والتهديد القادم من برنامج العراق النووي وقتذاك. ولكن العراق انهار عام 1991 ومرة اخرى في العام 2003 وإذا كان هناك ما يجعلني متفائلا اليوم فهو الفكرة القائلة ان إيران بعد نزع اسلحة العراق لم يعد لديها سبب أمني لامتلاك اسلحة نوويةquot;.
وحول ما إذا كانت إيران تشعر انها محاطة بالاعداء قال بليكس quot;أنا لا اعتقد ان الإيرانيين ينظرون الى اسرائيل على انها تشكل تهديدا. وان النزاع بين الدولتين حول التخصيب نزاع جديد نسبيا. افغانستان؟ كلا. باكستان؟ كلا. ولا تركيا أو روسياquot;.
الولايات المتحدة؟ quot;نعم لأن حاملات الطائرات في الخليج قصة مختلفة. ولكن هنا على وجه التحديد نرى افضل الخيارات للتوصل الى حل. ففي حالة كوريا الشمالية اقترحت الولايات المتحدة اتفاقية عدم اعتداء واقامة علاقات دبلوماسية. وفي حالة إيران لم يُناقش أي من الخيارين علنا حتى الآن. بكلمات اخرى ، لا أحد يستطيع الادعاء بأن جميع الخيارات الدبلوماسية قد استُنفدتquot;.
وتناول المدير الأسبق لوكالة الطاقة الذرية هانز بليكس في حديثه احتمالات لجوء الولايات المتحدة الى العمليات السرية ضد إيران فقال انه لا يملك أدلة تسند الرأي القائل ان الولايات المتحدة تخطط لمثل هذه العمليات quot;ولكني لن أُفاجأ. فالكونغرس الاميركي وافق على رصد ملايين لهذه الأغراض، وهو قرار ليس حكيما لأنه يخدم اهداف المتشددين ويضر بالمعارضةquot;.
واعرب بليكس عن اقتناعه بجدوى العقوبات مشيرا الى quot;ان العقوبات نجحت من قبل quot;كما في حالة ليبياquot; ولكنها احتاجت الى وقت طويل. كما انها سلاح أعمى، فهي كانت مدمرة في العراق حيث أضرت بالمواطنين لكنها بالكاد أثرت في صدام.
وما إذا كانت العقوبات ستكون فاعلة ضد الحرس الثوري الإيراني فعلينا ان نتريث ونرى. العقوبات الاقتصادية يمكن ان تكون مناسِبة بكل تأكيد لكني ضد العقوبات العسكرية لأن الشيء الوحيد الذي يمكن ان يُقصف في الوقت الحاضر هو النياتquot;.
وتطرق بليكس الى التهديدات الاسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية فقال quot;ان المتشددين الذين يحللون مثالب الحل الدبلوماسي اليوم ينبغي ان يحللوا بالقدر نفسه من التمحيص مثالب الحل العسكري. إذ من السهل القاء القنبلة ومن الجائز ان يتأخر البرنامج النووي بضع سنوات بضربة عسكرية ولكن ماذا ستكون التداعيات على المدى البعيد؟ ان إيران لن تسكت وتقبل بهجوم عليهاquot;. واضاف بليكس ان إيران بلد مترامي الأطراف quot;ولا يمكن تدمير أو احتلال كل شيءquot;.
في ختام الحديث اعرب المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هانز بليكس عن اقتناعه بأن quot;إيران رغم خطابات احمدي نجاد النارية ، لم تكن بلدا عدوانيا توسعيا منذ زمن طويل. يضاف الى ذلك ان الوهج الذي احدثته ثورة الملالي عام 1979 في عموم المنطقة قد خبا. وبعد الطعن بالانتخابات والفساد الذي سمحوا به فان الملالي لم يعودوا قادرين على اشعال جذوة الحماسة في أحد ، لا في الإيرانيين أنفسهم ولا سواهم في المنطقةquot;.
التعليقات