إعداد عبدالاله مجيد: تناولت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; في افتتاحيّتها اليوم الخميس تطوّرات الأزمة المستمرّة في إيران والتحدّيات التي تواجه الإدارة الأميركيّة في التّعامل مع نظام تتراخى قبضته على السلطة. وجاء في الافتتاحية:

استُئصل المحتجّون من شوارع طهران لكنّ الصراع السياسي في إيران يتواصل بلا هوادة وراء الكواليس. فإنّ نخبًا دينيّة وعلمانيّة تتحدّى علنًا سلطة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد. وإزاء الغليان والغموض الداخليين يبدو من المشكوك فيه بصورة متزايدة أن يستجيب النّظام استجابةً ذات معنى للموعد النّهائي الذي حدّدته إدارة أوباما في نهاية أيلول/سبتمبر لبحث الحدّ من برنامجه النووي أو المجازفة بمواجهة ما سمّته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون quot;عقوبات قاصمةquot;.

مضى النّظام خلال الأسابيع الماضية قدمًا بمحاكماته الصوريّة الجماعيّة على الطريقة الستالينيّة بمشهد سقيم تتعرّض فيه شخصيّات مرموقة احتجّت على نتيجة الانتخابات الرئاسيّة المطعون بها في 12 حزيران/يونيو إلى إهانات طقوسيّة زادت المعارضة سخطًا. وبقراءة ما يبدو للعالم أجمع اعترافات منتزَعة بالإكراه، يواجه بعض الذين تتمّ محاكمتهم بتهمة التآمر مع قوى غربيّة للتّحريض على إشعال quot;ثورة ناعمةquot;، عقوبة الإعدام. وإذ استبدّ الغضب بمتشدّدين متحالفين مع السيد أحمدي نجاد على الاتّهامات القائلة إنّ المحتجّين لم يتعرّضوا إلى الضرب فحسب، إنّما تعرّضوا أيضًَا إلى الاغتصاب في السّجن بعد الانتخابات، فإنّهم أخذوا يدعون إلى اعتقال مرشح المعارضة الرئاسي الأوّل مير حسين موسوي. وتحرّك الادّعاء العام هذا الأسبوع لغلق الحزبين الإصلاحيين الرئيسين في البلد. هذا كلّه ينسفادّعاءات إيران باعتماد التعدّديّة والديمقراطيّة.

في الوقت نفسه، تواجه قيادة الثورة الإسلاميّة معارضة عنيدة. وكما أوردت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; فإنّ مجموعة من رجال الدين تحدّوا سلطة السيد خامنئي ـ في واقعةلم يكنفي الإمكانتخيّلها قبل بضعة أشهر ـ بإصدار رسالة من دونتوقيع تسميّه دكتاتورًا وتصرّ على عزله. وعمد رئيس السلطة القضائية في إيران إلى تعيين خصم لدود من خصوم السيّد أحمدي نجاد بمنصب المدّعي العام الذي يحمل معه سطوة كبيرة. وبادر السيّد أحمدي نجاد من جانبه إلى تعيين رهط من الموالين بمناصب وزارية في حكومته متحدّيًا قادة برلمانيّين كبارًا أصرّوا على تأليف الحكومة من مهنيّين أكفاء.

إذا كان هذا كلّه يثير السؤال عمّن سيكون جديرًا بالتّفاوض معه في الحكومة الإيرانيّة، فإنّ هذه الشكوك تعزّزت منذ أيّام بالتّصريحات المراوغة التي أطلقها سفير إيران لدى الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة علي أشقر سلطانية. فعندما بثّ التلفزيون الحكومي نبأً قال فيه إنّ سلطانية أكّد استعداد إيران quot;للمشاركة في أيّ مفاوضات مع الغرب على أساس الاحترام المتبادلquot; أعلن السفير بعد ساعات أنّه لم يدلِ بأيّ تصريح كهذا للتلفزيون الحكومي. ربّما كان هذا التناقض مجرّد بلبلة أو مؤشّرًا إلى أنّ مسؤولاً كبيرًا يعمل بإمرة أكثر من سيّد في طهران. وأيًّا يكن السّبب فإنّه يؤكّد التحدّي الذي يواجه واشنطن في سعيها إلى التّواصل مع نظام ذي شرعيّة مشكوك فيها وتراتبيّةبها لبسٌفي ممارسة الحكم وقبضة غير محكمة على السلطة.