دراسة أميركية تتوقع فشل سياسة إحتواء إيران

واشنطن: بعد هدوء المعارضة والمظاهرات الداخلية ـ قليلاً ـ بالشارع الإيراني، استضافت مؤسسة هيريتج الأميركية وهي مركز بحثي يميني، حلقة نقاشية عن التهديد النووي الإيراني بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها quot;محمود أحمدي نجادquot;. ضمت الحلقة عددًا من الخبراء والمتخصصين منهم كينث كاتزمان المتخصص في شؤون منطقة الشرق الأوسط بخدمات أبحاث الكونغرس. ونائب الرئيس للسياسة بمجلس السياسة الخارجية الأميركية إلين بيرمان. وجيمس فيليبس الباحث في شؤون منطقة الشرق الأوسط بمؤسسة هيريتج.

خلصت المناقشات إلى أن إيران على عتبة امتلاك تكنولوجيا نووية عسكرية. فيرى فيليبس أنه في غضون عام ستمتلك طهران تكنولوجيا نووية عسكرية تهدد بها المصالح الأميركية وحلفاء واشنطن بالمنطقة. ولعل هذا ما يبرر طرح وزيرة الخارجية الأميركية quot;هيلاري كلينتونquot; من quot;بانكوكquot; المظلة الدفاعية الأميركية بمنطقة الشرق الأوسط تضم حلفاءها بالمنطقة ضد إيران. ودعا المشاركون إلى ضرورة بذل إدارة quot;أوباماquot; جهودًا لفرض مزيد من العقوبات على طهران لإثنائها عن امتلاك برنامج نووي عسكري.

تضخيم إعلامي لما حدث في إيران

بدأت الحلقة النقاشية بنقد تغطيات وسائل الإعلام الأميركية الرئيسة، مثل قناة سي إن إن الإخبارية، للحركة الإصلاحية في إيران. وعن تلك التغطيات للانقسامات الرئيسة داخل النظام الإيراني، والتي رأت فيها وسائل الإعلام الأميركية أنها جديدة، رأى كاتزمان ـ الذي يعبر عن رأيه الشخصي وليس عن أي لجنة من لجان الكونغرس الأميركي أو أعضائه ـ أنها غير صحيحة؛ لأن تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية شهد كثيرًا من تلك الانقسامات. وانتقد بصورة قوية التقارير الإعلامية عن الانقسامات داخل الحرس الثوري الإيراني أو داخل ميليشيا الباسيج. فهو يرى أن هذا لم يحدث داخلهما أو داخل القوى الأمنية الرئيسة، وإن كان يعترف بوجود مؤشرات كامنة لحدوث هذا.

وعلى عكس ما قرأه في الصحف، يرى كاتزمان أن المعارضة الإصلاحية الإيرانية التي نزلت الشارع عقب الانتخابات لم يتعاظم دورها ونشاطها، فهي لم تكن نقطة الانطلاق إلى معارضة إصلاحية في الخارج، وأنها لم تنتشر بحيث تنتقل إلى مدن أخرى كما جاء في كثير من التقارير الصحفية والإعلامية. ويقول: إنه لم يرَ قطاعًا جماهيريًّا جديدًا ينضم إلى المعارضة التي ثارت عقب إعلان فوز quot;أحمدي نجادquot; بفترة رئاسية جديدة. فيقول: quot;لم أرَ محلات تجارية تُغلق، أو إضرابًا قويًّا، ولم أسمع عن دعوة لإضراب عام، ولم أرَ أناسًا يأتون من قرى للانضمام إلى المتظاهرين، ولم أرَ أناسًا فقراءَ من حَضرِ طهران يشاركون في المظاهراتquot;.

وتتلخص رؤية كاتزمان في أنه كان يتوقع ألاَّ تستمر تلك المظاهرات وأن تخمد في أقرب وقت؛ لأنها لم تجذب قطاعات جديدة من الشعب الإيراني فتنضم إليها. ويرى أن طبيعة المتظاهرين والمتظاهرات، التي جذبت الإصلاحيين ومتعلمي الحضر ومثقفين شباب من طهران، لا تُشكل تحديًّا جديًّا لنظام الملالي في إيران.

وأظهرت المناقشات أن هناك تعارضًا بين رقم الإيرانيين الذين قتلوا في المظاهرات التي اجتاحت الشارع الإيراني وبين ما طرحته التقارير الإعلامية الأميركية. ففي مذكرة كتبها فيليبس ونشرت على الموقع الإلكتروني لمؤسسة هيريتج وصل إجمالي القتلى ـ رسميًّا ـ إلى سبعة عشر إيرانيًّا منذ بدأ المظاهرات، وهو رقم يتعارض مع ما جاء في تقرير ـ غير مؤكد ـ بقناة سي إن إن أن 150 متظاهرًا قتلوا في العشرين من يونيو الماضي فقط.

خوف من إيران نووية

وتركزت المناقشات أيضًا على المساعي الإيرانية لامتلاك برنامج نووي عسكري، والتي كانت محور تركيز مداخلة بيرمان، الذي أكد على المساعي الإيرانية لامتلاك تكنولوجيا نووية بكل جدية وسرعة. وحسب بيرمان أنه في غضون سنة أو أقل سنرى إيران تمتلك قدرات نووية، والتي ستتحول إلى إنتاج أسلحة نووية عسكرية إذا ما قرر النظام الإيراني القيام بذلك. وهو ما يُشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط. ويقول: إن هناك افتراضًا بأن إيران ذات قدرات نووية سواء أعلنت إيران هذا أم لم تعلن.

والسؤال المحوري الذي يُثيره بيرمان هو: ماذا ستفعل الولايات المتحدة لضمان تفردها في منطقة الشرق الأوسط في ظل المساعي الإيرانية لامتلاك تكنولوجيا نووية عسكرية؟. ويقول: إنه بدلاً من انتظار ما سيحدث فإن على الولايات المتحدة العمل لإثناء إيران عن السعي إلى امتلاك تكنولوجيا نووية قد تتحول إلى عسكرية. وتدعو مؤسسة هيريتج الأميركية بواشنطن إلى بذل مزيدٍ من الجهد لمنع حدوث أزمة نتيجة امتلاك إيران برنامج نووي عسكري. وسعي إيران لامتلاك برنامج نووي سيؤدي إلى سباق تسلح نووي بمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما أثار مخاوف المشاركين في الحلقة النقاشية.

توصيات لإدارة أوباما

لم تقتصر مناقشات الحلقة على ما يحدث في إيران حاليًّا، ولكنها قدمت توصياتٍ حول كيفية إثناء إيران عن امتلاك برنامج نووي عسكري، ومساعيها إلى الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط. وقد طرحت مؤسسة هيريتج الأميركية مجموعة من الخطوات لردع إيران ولتبني اقتراب quot;الحد من الخسائرquot; لاحتواء التهديد الناتج عن إيران النووية، وتلك التوصيات نُجملها في الآتي:

تبني استراتيجية quot;الحماية والدفاعquot; لتحييد التهديد النووي الإيراني.

اتخاذ خطوات قوية ومتماسكة تُؤكد على أن الولايات المتحدة سوف ترد بقوة مدمرة في حال شنت إيران هجمات نووية على الولايات المتحدة أو أحد حلفائها في منطقة الشرق الأوسط.

العمل على تعبئة المجتمع الدولي لردع إيران قبل أن تكون نووية.

إظهار جدية الرغبة الأميركية في وقف الصادرات الإيرانية النفطية.

عرض خطة الطوارئ لهجوم وقائي ـ ممكن ـ يستهدف القوة العسكرية الإيرانية.

قيادة التحالف الدولي لفرض عقوبات قوية على النظام الإيراني.

تعزيز جهود مبادرة الانتشار الأمني في مواجهة إيران.

تدشين حملة علاقات عامة تشرح للمواطنين الإيرانيين كيف أن مساعي نظامهم لامتلاك برنامج نووي عسكري وتبنيه سياسة عدوانية تَضر باقتصادهم ومصالحهم الوطنية.

عدم تشجيع دول أخرى على السعي لامتلاك أسلحة نووية.

رفض التخلي عن أي جهود لإقناع النظام الإيراني بالتخلي عن قدراته النووية.

وعلى الرغم من تغيير الرئيس الأميركي quot;باراك أوباماquot; من لهجته تجاه الموقف الإيراني بحيث أضحت أكثر خشونة، إلا أن المناقشين نصحوا إدارة أوباما إلى إظهار دعمها القوي إلى القوى الإصلاحية داخل إيران، وقيادة التحالف الدولي للضغط على النظام الإيراني. ويرى المناقشون أن مساعي أوباما إلى انتقاد الانتهاك الإيراني لحقوق الإنسان والتي ظهرت بصورة جلية عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وفي الوقت ذاته عدم التدخل في الشؤون الإيرانية الداخلية تُظهر تمني الرئيس لنجاح المفاوضات في إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي العسكري. ويرون أن خيار المفاوضات قد تراجع للسياسات والتعنت الإيراني، ولكنه قد يكون ممكنًا في حال تغيير النظام الإيراني أو من خلال استراتيجية لانخراط مع النظام الإيراني محددة بفترة زمنية صارمة. وحسب فيليبس Phillips إنه يجب على إدارة أوباما التخلي عن التمني والتعامل مع إيران كما هي وليس كما يريد الإيرانيون أن يكونوا.