تقول صحيفة هآرتس أن مصعب حسن يوسف كان أرفع عميل نجح الشاباك الإسرائيلي في زرعه في صفوف حماس.

ألقت عملية تصفية القائد العسكري في حماس، محمود المبحوح، في دبي وما تبعها من تقارير عن ضلوع اثنين من عناصر حمس في تقديم المعلومات والمساعدات للخلية التي نفذت الاغتيال، الضوء من جديد على اختراق أجهزة المخابرات الإسرائيلية لشتى الفصائل الفلسطينية، وقدرتها على زرع عملاء في الدرجات العليا.
وتنشر صحيفة هآرتس في عددها الصادر اليوم تقريرا موسعا، أفردت له صفحتها الأولى وعنوانها الرئيسي، قالت فيه إن نجل مؤسس حركة حماس في الضفة الغربية، مصعب حسن يوسف، كان على مدار عقد كامل أرفع عميل تمكن الشاباك الإسرائيلي من زرعه في صفوف قيادة حماس. وتلفت الصحيفة إلى أن الشاباك الإسرائيلي أطلق على عميله لقب quot;الأمير الأخضرquot; لكونه نجل أحد مؤسسي حماس، وهو ما يعطي لقب الإمارة، والأخضر لأن هذا اللون هو لون الحركة.

وجاء في تقرير هآرتس اليوم : quot;إن مصعب حسن يوسف كان أرفع عميل نجح الشاباك الإسرائيلي في زرعه في صفوف حركة حماس، وعمل مخبرا لإسرائيل على مدار عقد كامل. ووفقا لهآرتس فإن مصعب ( تنشر الصحيفة أيضا ثلاثة صور متتالية بصورة عمودية للأب، والابن ولرئيس الشاباك يوفال ديسكين) البالغ من العمر 32 عاما هو نجل الشيخ يوسف حسن ، أحد مؤسسي حركة حماس في الضفة الغربية، وقد نجح مصعب بتزويد الشاباك الإسرائيلي بمعلومات قادت الأخير إلى إحباط عشرات العمليات التفجيرية والانتحارية التي خططت لها حماس، كما كشف وسلم عشرات الخلايا ومنع تصفية عدد كبير من المسئولين الإسرائيليين رفيعي المستوى.

وبحسب هآرتس فقد ارتد مصعب حسن يوسف عن الإسلام واعتنق النصرانية وهو يعيش اليوم في الولايات المتحدة. وقد وضع مصعب كتابا في الإنجليزية، تعد الصحيفة بنشر أول فصوله في عدد الجمعة، تحت عنوان ابن حماس Son of Hamas.

سلم إسرائيل مروان البرغوثي وآخرين

وبموجب هآرتس فإن مصعب كان يعتبر عند مشغليه مصدرا موثوقا للمعلومات، كما أنه كان أرفع عميل تمكن الشاباك الإسرائيلي من زرعه في صفوف قيادة حماس. ونشط مصعب على نحو خاص في فترة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وساعد إسرائيل في اعتقال كبار المطاردين والمطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، الذين تتهم إسرائيل بالمسئولية عن العمليات التفجيرية التي أودت بحياة عشرات الإسرائيليين، مثل عبد الله البرغوثي، والنائب الأسير مروان البرغوثي وإبراهيم حماد وآخرين. بل إن quot;الأمير الأخضرquot; أدى إلى اعتقال والده وذلك لتجنيبه تصفيته من قبل إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مصعب حسن يوسف قوله : إنه يتمنى لو كان في غزة، للبس زي القوات الإسرائيلي الخاصة وساعد في تحرير الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط. لو كنت هناك لتمكنت من تقديم المساعدة. فقد بذلنا وقتا كبيرا وجهودا أكبر في اعتقال هؤلاء الإرهابيين الذين يريدون الآن الإفراج عنهم مقابل شاليطquot;.
ومضت الصحيفة تقول إنه سبق لها أن نشرت في أغسطس من العام 2008 عن قصة اقتراب مصعب من النصرانية وابتعاده عن الإسلام، لكن مصعب قرر الآن فقط الكشف عن السر الذي حفظه في داخله منذ العام 1996، عندما اعتقل للمرة الأولى، وعندما حاول رجال الشابك الإسرائيلي تجنيده للعمل عميلا داخل صفوف حماس.

ونقلت الصحيفة عن مجند مصعب، الذي أنهى في غضون ذلك خدمة في جهاز المخابرات الإسرائيلية، قوله إن مصعب قرر أن يتجند للعمل مع إسرائيل بسبب رغبته في إنقاذ حياة الناس. وقال مركز الشاباك الذي كان يكنى بالكابتن لوئي إن كثيرين جدت من الناس في إسرائيل يدينون بحياتهم لنجل مؤسس حماس، دون أن يعرفوا ذلك. بل إن أشخاصا قدموا أقل مما قدمه هو بكثير، حظوا بجوائز أمن إسرائيل وهو يستحق هذه الجائزة بجدارةquot;.
ويعجز الكابتن لوئي عن إخفاء إعجابه بمصدر معلوماته إذ يقول للصحيفة: لقد عرفته على مدار ستة سنوات، عندما كنت مركزا ومسئولا عن المنطقة وكان مصعب أفضل بكثير من أغلبنا، ففكرة واحدة منه كانت تساوي عندي أكثر من ألف ساعة من التفكير المضني لخيرة المختصينquot;.

ويستذكر الكابتن لوئي أن الشابك تلقى في إحدى المرات معلومات تفيد بأن شابا انتحاريا سيصل على مركز المنارة في رام الله، وهناك سيتم تسليحه بحزام ناسف، لم نكن نعلم هويته ولا مظهره، وفقط بفضل مصعب تمكنا من التعرف عليه ومن القبض أيضا على المسئولين عنه. فقد أظهر quot;الأميquot; شجاعة وحواس متطورة وقدرة على مواجهة الأخطارquot;.
ويدعي مصعب أنه يسعى من خلال كتابه المذكور إلى نقل رسالة سلمية للإسرائيليين، لكنه يعترف بأنه غير متفائل بشأن فرص تحقيق السلام بين قيادة إسرائيل وقيادة فتح فكم بالحري مع قيادة حماس.


يكشف طرق عمل الشاباك

تحت هذا العنوان كتب المحلل عاموس هرئيل في هآرتس يقول: quot;إن ما قد تفضحه كاميرات دبي بشأن طرق عمل الموساد، من شأن كتاب مصعب حسن يوسف أن يفعله لجهاز الشاباك أيضا. فهو على ما يبدو أرفع عميل تمكن الشاباك من تجنيده في صفوف الذراع العسكرية لحركة حماس في الضفة لغربية. وهو يكشف في مقابلة خاصة تنشرها معه هآرتس الجمعة الطرق التي ساعد بواسطتها الشاباك على تحطيم شبكة حماس التي قام أفرادها بقتل مئات الإسرائيليين من خلال العمليات التفجيرية التي قاموا بها بين السنوات 2000-2005.

وسواء سمع الشاباك عن هذا الكتاب، عند رفع هذا التقرير للرقابة العسكرية، أم سبق لهم أن عرفوا بأمره من مصادر أخرى_ فإنه في حال كان ما يرد في الكتاب صحيحا، فقد كان أمام الجهاز خيار من اثنين: وقف نشر الكتاب أو التسليم بما جاء فيه سعيا لكسب وتحقيق مكاسب أخرى من مجرد نشر الكتاب. من المعقول جدا أن يكون رئيس الشابك أدرك سابقة يوفال أستروفسكي، صاحب كتاب مشابه عن طرق عمل الموساد، والذي حاول رئيس الموساد آنذاك، شبتاي شبيط ورئيس الحكومة يتسحاق شامير منع نشر بالطرق القانونية وعبر اللجوء للقضاء وكانت النتيجة عكسية. ويبدو أن الشاباك قرر هذه المرة عدم التدخل.

ويلخص هرئيل إلى القول، إنه لو ثبت أن 50% فقط مما ينسب لأفراد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المختلفة ( الشاباك والموساد والاستخبارات العسكرية) هو صحيح فهذا يثبت أن العاملين في هذه الأجهزة ليسوا أغبياء، وذلك خلافا لما بثته مقالات النقد والتحليلات المختلفة التي أغرقت الصحافة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة. بل إن تصفية محمود المبحوح في دبي، واغتيال كل من عماد مغنية،ؤ والجنرال السوري محمد سليمان، وعالم الذرة الإيراني مسعود محمود في طهران، والمعلومات التي تم جمعها عن شبكات حماس المختلفة تؤكد الذكاء والمهارة العالية والكفاءة الكبيرة لهذه الأجهزة طبقا لما أدلى به أيضا رئيس هيئة الأركان العامة، السابق الجنرال دان حالوتس.