للدكتور مأمون فندي مدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن أفكاره الخاصة وطروحاته حول العديد من القضايا التي تخص الواقع العربي والاسلامي، وخلال زيارته الاخيرة للرياض انتهزت quot;إيلافquot; الفرصة وأجرت معه مقابلة موسعة تحدث فيها عن حركة الإخوان المسلمين بمصر في ضوء التطورات الأخيرة داخل الحركة، وكذلك عن مشروع القانون الأميركي الجديد الخاص بمعاقبة وسائل الاعلام العربية التي تنتقد السياسات الأميركية وغير ذلك من الملفات:

حاوره في الرياض محمد سعود
قراءتك في ما يحصل الآن في انتخابات الإخوان المسلمين في مصر، فمن هذا الجانب نحن نرى الآن شبه ما يسمى انقلاب داخل حركة الإخوان المسلمين حيث أن احد الذين يستلمون هذا المنصب ينتمي إلى التيار القطبي، كيف تنظر إلى هذا الجانب؟ وهل هي ثورة داخل حركة الإخوان المسلمين في مصر؟

يمكن قراءة الأمر من زاويتين: الأولى انها ردة داخل الحركة بمعنى أن التيار المتشدد سيطر على الحركة وبالتالي ظهور المرشد الجديد بديع شخص إلى حدٍ ما محافظ جداً مقابل الدكتور محمد حبيب أو عبدالمنعم أبو الفتوح أو غيرهم أودى إلى حاله من الردة داخل الحركة قد يقرأ بهذا الشكل أو يقرا من زاوية أخرى في إطار السياق المصري بمعنى أن النظام لديه القدرة على تفجير الحركات المناوئة له من الداخل وحدث ذلك في حزب العمل وحزب الغد وربما أيضًا هناك حالة تفكيك لجماعة الاخوان المسلمين من داخل المؤسسة وحدث حالة انقسام بين التيار المتشدد والتيار المعتدل قد ينذر بنهاية الشكل التنظيمي للحركة (الأول انتصار التيار المحافظ على التيار التقليدي التيار المنفتح وايضا يمكن ان يكون للنظام المصري يد في تفكيك الحركة ).

هل تشير الى ان النظام المصري له يد في تفكيك هذه الحركة او سيطرة التيار المتشدد ؟
لا, هي ليست سيطرة التيار المتشدد هو مسألة قسم الحركة الى تيارين ربما قد تصل الى ثلاث تيارات في المستقبل واربعة ويحدث في حركة الاخوان المسلمين كما حدث في حزب الغد وحزب العمل .

يقرأ بعضهم ان هناك ثقافة جديدة في فكر حركة الاخوان المسلمين ثقافة التسليم والاستلام ودائماً مانعرف ان المرشد يكون في منصبه حتى وفاته الان هناك تسليم للدكتور بديع، هل هي ثقافة جديدة في فكر حركة الاخوان المسلمين.؟

اعتقد متوائم مع الوضع المصري الداخلي بشكل عام محاولة لتهيئة الاخوان كحركة داخل النظام السياسي المصري تحاول بقدر الامكان ان ترتب اوضاعها لكي يكون لها دور في الانتخابات القادمة سواء كانت انتخابات تشريعية في 2010 او الانتخابات الرئاسية في 2011. فمسألة تهيئة اجواء داخل الحركة قد لا يكون فيها عنصر مهادنة مع النظام، وانما نوع من المواجهة أن تأتي بأحد قادة التشدد داخل الحركة ليصبح مرشدًا عامًّا لها. هذا ينذر بنوع من المواجهة بين الحركة والنظام في الانتخابات المقبلة .

مواجهة من اي نوع تقصد؟
نوع من التحدي وربما من اعادة هيكلة الحركة ربما بشكل أيضاً في جانب مسلح , هذه الحركة كان لديها التنظيم السري الخاص المسلح والذي كانت له مواجهات مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وكانت لهم مواجهات أيضا مع الرئيس الراحل أنور السادات ربما هي مسألة احساس بانهم قادرين على المواجهة وان هذا الرجل هو القائد المناسب لمرحلة المواجهة .

هل تقول انه ربما في فكر الاخوان المسلمين اصبح هناك نوع من الثورة او التسلح مستقبلاً وهل اثر ذلك على مصر ام الدول العربية بشكل عام ؟
اعتقد ان الاخوان المسلمين انجذبوا الى وهج التلفزيونات التي اعطت زخماً لفكرة المقاومة المتمثلة في حسن نصر الله وفي خالد مشعل واسماعيل هنية وبالتالي رأوا أن الأضواء قد خفتت عنهم فربما الوصول الى عدسات التلفزيون هو عن طريق شكل جهادي للحركة الاخوانية وليست مجرد شكل سلمي اجتماعي كما كانت في السابق وربما قد تتجه حركة الاخوان المسلمين حالة من شكل مقاوم او شكل عنيف بقيادة بديع .

هل تشير ان مراهنة الاخوان المسلمين على مثل كما ذكرت حماس او خالد مشعل او غيره هي مراهنة خاسرة ؟
ليست خاسرة, اعتقد انهم انجذبوا الى هذا الوهج من الضوء وربما يحاولون ان ياخذوا منظمة او التنظيم في اتجاه حركات المقاومة او اتجاه حركات التشدد لتعطيهم نوع من المصداقية في الشارع ونوع من الزخم في الشارع كما حدث في حزب الله وحركة حماس وهم حركتين استطاعوا ان يجذبوا عدداً كبيراً من الشارع العربي ليس في لبنان وفلسطين وانما خارج حدودهم فربما نوع من اعادة الزخم لحركة الاخوان المسلمين هو تبني خطاب جهادي وتبني عمل جهادي في المستقبل .

هل ترى ان هذا الخطاب من حركة الاخوان المسلمين مقبول من الشارع العربي مثلاً يتقبل هذا الخطاب ؟
اعتقد الشارع العربي بشكل عام الان مع فكرة المقاومة وفكرة الشعارات وليس في الافكار العملية او على الاقل فربما الاخوان قرروا ان هذه هي استراتيجيتهم الجديدة لذلك اعطونا قيادة متشددة .

بعضهم يشير الى انشقاق داخل حركة الاخوان المسلمين بخروج الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح وقال انه نادم على طوال الفترة التي قضاها داخل الحركة , كيف تقرأ هذا الرأي ؟
طبيعي لأنه عبدالمنعم ابو الفتوح جاء من الحركة الطلابية في السبعينات وطبيعي انه ليس له ارث المجموعة التي بدأت مع حركة الاخوان منذ الصغر ولهم تاريخ جهادي , عبدالمنعم ابو الفتوح جاء من توجه اسلامي لم يتبنَّ ربما شكل تنظيمي الا في الثمانينات ورؤيته كطبيب ورؤية الدكتور محمد سيد حبيب لهم افكار الى حد ما تختلف عن الافكار التقليدية لقيادات الاخوان ففكرة الانشقاق داخل الاخوان واردة لانه حصل ذلك من قبل من خلال مجموعة من شباب الاخوان الذين انقسموا وخرجوا من عباءة الإخوان وسموا نفسهم حزب الوسط وحاولوا ان يدرجوا معهم مجموعات من المصريين حتى من الملل الاخرى من خلال وجود اقباط داخل حزب الوسط وغير ذلك، فمسألة الانشقاق واردة واعتقد هذا نوع من الانشقاقات قد نرى منها الكثير في المرحلة المقبلة .

دكتور مأمون موضوع اخر ومحور اخر تحدث الكثيرون ان هناك في اميركا يحاول مجلس الكونغرس الاميركي استصدار قانون يعاقب الاعلام العربي الذي ينتقد السياسات الاعلامية الاميركية في الاعلام العربي كيف تنظر الى هذا الامر خصوصًا ان الاعلام الغربي او المنظومة الغربية تطالب بحرية الرأي؟
اعتقد سيكون هناك خطأ كبير ان يستصدر قانون بهذا الشكل واعتقد لن يكون مقبولاً في المجتمع الاميركي باستصدار قانون بهذا الشكل , لكن في إطار ما يسمى بالمصلحة الوطنية قد تتخذ الحكومة نوعًا من الاجراءات العقابية ضد الحكومات التي تتبنى قنوات تروج لكراهية الاميركيين في منطقة الشرق الاوسط واعتقد ان المقصود في هذا، حكومة قطر وقناة الجزيرة تحديدًا.

لماذا برأيك ؟
اعتقد ان العلاقة توترت بين الدولتين ولم يكن هناك نوع من التواصل إلا من خلال الزيارة الاخيرة لحمد بن جاسم واعتقد ان المعلومات تقول ان وزير خارجية قطر قيل له اذا اردت ان تزور البيت الابيض مرة اخرى لابد من تغيير هذا النوع من السلوك العدائي للولايات المتحدة الاميركية من خلال قناة الجزيرة .

وأنت ترى ان هناك سلوك عدائي من خلال قناة الجزيرة لأميركا مثلاً ؟
اعتقد أنه نوع من تقاسم الأدوار معنى انه من ناحية تقبل قطر بالحماية الاميركية، ومن ناحية اخرى تدغدغ مشاعر الشارع بخطاب كاره للولايات المتحدة الأميركية من خلال قناة الجزيرة، لكن في السياسة نحكم على الافعال وليس الأقوال, الأفعال على الأرض هي الأساس والأساس ان هناك تحالفًا استراتيجيًّا بين أميركا وقطر ووجود قواعد أميركية في قطر وغير ذلك وما تقوله الجزيرة ليس بالكثير، ولكن اعتقد أن نوعاً من المفاوضات بين أميركا وقطر لمحاولة الحصول على مزيد من الصلاحيات داخل قطر ومن خلال بناء قواعد اخرى او تسهيلات أخرى.

هذا ما تريده قطر تقصد ؟
اعتقد هذه هي المعادلة, اللعبة التي تقوم بها،ربما هي الضغط من خلال ان الجزيرة كارهة للغرب وقد تعطيهم فرصة أخرى توسعية.

دكتور مأمون محاضرتك الأخيرة في الرياض تتحدث عن الصورة النمطية للإعلام الغربي لدى العرب والعكس، كيف ترى ذلك ؟
اعتقد الى حدٍ كبير هناك نوع من سوء الفهم بين الجانبين مبني على عدم العمل الصحافي الجاد، وربما بالنسبة إلى الصحافة الغربية بقدر الإمكان يقدمون تقارير ميدانية عن العالم العربي لكن التقارير العربية ربما قليلة جدًا من ناحية وجود مراسلين عرب داخل الولايات المتحدة الأميركية وداخل الغرب يعملون بدأب وبالطريقة نفسها التي تعمل بها نيو يورك تايمز والواشنطن بوست في العواصم العربية , فكل ما أطالب به هو نوع من المهنية في العالم العربي ونوع من التركيز على المعايير الحاكمة لمصداقية المعلومة , لأنه لدينا أيضاً أفكار تروج عن الغرب هي أفكار إلى حدٍ كبير ساذجة كما ان في الغرب نوع من السطحية في تناول الإعلام الغربي . فمطلوب كمية من العمل الجاد بالنسبة إلى الدول العربية مجتمعة ومطلوب نوع من التنسيق وألا تلغي الدول العربية مجهودات بعضها البعض فلدينا محاولات في دول عربية تحاول أن تخترق الإعلام الأميركي في واشنطن ونيو يورك وغير ذلك تجد أن هناك دولاً أخرى أيضًا عربية تحاول ان تخرب هذا المشروع. فالتناقض العربي وعدم وجود تنسيق بين الدول العربية المختلفة يجعل الرسالة الإعلامية العربية ضعيفة جدًّا ومتناقضة احيانًا، مما يفقدها المصداقية لدى المتلقي الأميركي سواء كان مشاهدًا أو قارئًا.

دكتور مأمون ماذا تحب أن تقول لإيلاف في ختام هذا الحوار؟
إريد أن أحيي إيلاف كمساحة للحرية ومساحة للإبداع في الإعلام العربي وإعطاء فرص للشباب من الكتاب المختلفين وإعطاء فرص للرؤى المختلفة واللغة المختلفة والعبارة المختلفة , إيلاف اعتقد أنها مشروع جديد ورائد في الإعلام الإلكتروني، واتمنى لها كل التوفيق واتمنى مزيدًا مما يشبه إيلاف في الإعلام العربي .