البلوي الى اليمين كما ظهر في الشريط

فوجئ الأردن بشدة ببث مقتطفات جديدة من شريط قديم سجله الأردني همام البلوي الذي قتل قبل نحو شهرين خلال تفجير إنتحاري نفذه في معسكر للمخابرات الأميركية، راح ضحيته أيضًا ضابط إستخبارات أردني رفيع، إذ كان البلوي قد عمل عميلاً مزدوجًا على الأرجح، إلا أنّ عمان تساءلت أمس في كواليس رسمية عن أسباب ودوافع بث المقتطفات الجديدة للبلوي، خصوصًا أنها تضمنت إتهامات مباشرة للمخابرات الأردنية بتنفيذ عمليات تصفية في الخارج، علمًا أن صحيفة مرموقة في عمان قد إتهمت الجزيرة القطرية بالتصيد للأردن وإحراجه.

الأردن: عبثًا حاولت مرجعيات عليا في الأردن فك طلاسم الإستعداء الجديد الذي مارسته محطة الجزيرة القطرية ضد الأردن، حين فتحت الفضاء أمام مقتطفات جديدة من شريط قديم كان الأردني همام البلوي قد سجله قبل مقتله في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل، حين نفذ هجومًا إنتحاريًّا ضد ضابط إٍستخبارات أردني، وسبعة ضباط آخرين من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أيه) قتلوا فورًا، إذ بثت فضائية الجزيرة القطرية أمس الأول مقتطفات جديدة للبلوي يكيل فيها إتهامات مباشرة لجهاز الإستخبارات الأردني، ويحمله دون مواربة مسؤولية إغتيال المسؤول العسكري الرفيع في حزب الله اللبناني عماد مغنية، وكذلك الطريد الأردني أبومصعب الزرقاوي، وكذلك الأردني عبدالله عزام.

إلا أن عمان الرسمية التي فوجئت بشدة بالمقتطفات الجديدة للبلوي، قد أعلنت على لسان الناطق الرسمي بإسم حكومتها أن عمان لامصلحة لها في إغتيال مغنية، ولا بتنفيذ أي عمليات مهما كانت الحاجة إليها خارج الحدود الأردنية دون تنسيق مباشر مع دول الجوار، إلا أن رئيس الوزراء الأردني حين سئل مباشرة عن الأمر من قبل مسؤولين سابقين يمثلون عضوية مجلس الأعيان الأردني، الذي يعقد جلسات تشاورية غير رسمية منذ حل مجلس النواب الأردني أن الجهود الأردنية في مكافحة الإرهاب واضحة وضوح الشمس، وأن الأردن لا يخفيها، بل إنها جهود تطلب بشكل رسمي من الأردن لخبرته الطويلة في مقارعة حركات إرهابية مثل تنظيم القاعدة، إلا أن الأردن ليس قاتلاً مأجورًا ولن يكون، في إشارة الى إتهامات البلوي بأن أجهزة أردنية كانت وراء مقتل مغنية والزرقاوي وعزام، علمًا أن نجل الأخير كان قد ظهر في وسائل إعلام أردنية ليعلن أن المخابرات الأردنية بريئة تمامًا من مقتل والده.

وحتى اللحظة لا تعرف عمان سر إحياء الفضائية القطرية لملف مقتل البلوي والشريط الذ صوره قبل مقتله، وهي الحادثة التي أثارت جدلاً سياسيًّا وإعلاميًّا واسعًا في الأردن، وسط إتهامات محدودة للفضائية القطرية، بأنها تقصدت إحياء الملف، وإحراج الأردن من خلاله، خصوصًا أنَّ الفضائية القطرية قد أتبعت المقتطفات الجديدة ببرنامج خاص ألزمت ضيوفه بإيجاد نقاشات وتفسيرات للتعاطي مع ما أورده البلوي من معلومات وإتهامات خلال المقتطفات الجديدة، إذ لا تهضم عمان فكرة أن القضية لا تتعدى كونها تغطية إخبارية تبدو الجزيرة ملزمة بتناولها، إلا أن المذيعة كانت تصر على مسألة مسؤولية المخابرات الأردنية في تصفيات وإغتيالات خارجية وهي تستنطق ضيوفها.

هذا وشنّت صحيفة أردنية مرموقة هي quot;الغدquot; هجومًا ضد الفضائية القطرية، وإتهمتها بأنها تتعمد إحراج الأردن وإيذاءه، متسائلة عما إذا كانت إثارة هذه المقتطفات تأتي كتمويه من القناة على إتهامات وجهت إليها مؤخرًا بالمسؤولية عن تصفية وأسر ضيوف ظهروا على شاشاتها، وتعرضوا لأزمات فورية بعد الإتفاق على التصريح للجزيرة، أو إعطائها مقابلات، لافتة الى أن دور الجزيرة في قضية البلوي منذ الإعلان عنها كان مشبوهًا، وفاقدًا للمصداقية المهنية، معتبرة أن الفضائية القطرية تتعمد التصيّد للأردن، وبث مضمون مسيء للدور الأردني، والسعي الى تشويهه في كل مناسبة.

يشار الى أن العلاقات منذ سنوات وهي غير مستقرة البتة بين الأردن وفضائية الجزيرة، على الرغم من أن مديرها العام وهو وضاح خنفر يحمل الجنسية الأردنية، وبلغ سوء العلاقات بين الجانبين مبلغه حين اضطرت السلطات الأردنية الى إغلاق مكتب فضائية الجزيرة في عمان أكثر من مرة خلال السنوات السابقة، إذ كانت الأزمات بين الأردن والجزيرة تأتي ضمن إطار من التدهور الأكبر للعلاقات الأردنية القطرية، التي بلغت مرحلة القطيعة السياسية أكثر من مرة على وقع خلافات سياسية ودبلوماسية كانت تشهد سريعًا تنافرًا حادًّا بين عمان والدوحة، لكن الضربة الأكبر التي وجهتها عمان للجزيرة ومن خلفها قطر كانت قيام سلطات الأمن الأردنية بمصادرة أشرطة لقاء أجرته الفضائية القطرية مع ولي العهد الأردني الأسبق الأمير حسن بن طلال الذي أدلى بدلوه وقتذاك في سياق كان من الممكن أن تستغله الجزيرة ومن خلفها الدوحة في تسجيل أهداف في المعركة الإعلامية التي كانت دائرة وقتذاك بين السعودية وقطر. إلا أن علاقات الأخيرة سرعان ما تعافت مع أطراف عربية عدة من بينها السعودية والأردن، إذ شهدت المرحلة الماضية توقفًا لافتًا من الجزيرة في الإساءة إلى الرياض وعمان، لكن الأيام الأخيرة شهدت هجومًا من الفضائية ضد عمان، خصوصًا مع واقعة شريط البلوي.