تأتي زيارةرئيس الوزراء القطريإلى عمان في مهمة وصفت أردنيا وقطريا بأنها لا تعدو كونها لياقة سياسية ودبلوماسية قطرية لإصلاح باقي الأعطاب التي تعطل علاقة أردنية قطرية سليمة، إلا أن المآخذ الأردنية عديدة ومتشعبة، وقد لا تكفي زيارة واحدة لتنفيس احتقانات شديدة.

وصل رئيس الوزراء ndash; وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الى عمان قبل ظهر اليوم في زيارة رسمية قصيرة يلتقي خلالها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء سمير الرفاعي، وسط أجواء أزمة مكتومة في العلاقات بين البلدين تضاف الى سلسلة طويلة من الأزمات السياسية التي اندلعت بين الدوحة وعمان خلال العقد الأخير، رغم أن العام الماضي قد شهد مصالحة سياسية على مستوى عال بين الأردن وقطر، التي زار أميرها عمان للقاء العاهل الأردني، وقيل وقتها إن الدوحة استمعت بإنصات لافت الى مبررات ودوافع الحرد السياسي الأردني من قطر، إذ أرسلت عمان بعد زيارة الأمير القطري سفيرا لها الى الدوحة بعد تردد طويل في هذه المسألة، كمؤشر يمكّن الآخرين من فهم مستوى الغضب الأردني من الدور القطري، وتحرّكات الدوحة، وتحرشات فضائية quot;الجزيرةquot; التي تتبرّأ الدوحة الرسمية من أي صلة تنظيمية بها، إلا أن سفر رئيس مجلس إدارتها الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني ضمن عداد الوفود الرسمية القطرية، يفنّد ضمنا المزاعم القطرية بأن الدوحة لا تستطيع توجيه عمل الجزيرة سلبا أو إيجابا، بيد أن زيارة المسؤول القطري اليوم الى عمان التي تتلو ملاحظات نقدية غاضبة للأردن من تحرش السلطات القطرية بعمالتها هناك، إلا أن مصادر أردنية وقطرية أبلغت quot;إيلافquot; اليوم بأن الدوحة ستنقل موقفها الرسمي الى المسؤولين الأردنيين مباشرة، في مسعى للقيام بتبييض إضافي للصفحة الجديدة التي فتحت العام الماضي بين البلدين في أعقاب قطيعة سياسية إستمرت تعلو وتنخفض سنوات طويلة.

وبحسب مصادر ومعلومات quot;إيلافquot; فإن رئيس الوزراء القطري كان قد مهّد لدى عمان لزيارته، حينما علق أمام وفد استثماري أردني زائر للدوحة على المستوى الممتاز للعلاقات بين عمان والدوحة، قبل أن يحرجه هناك بأن هذا المستوى يفرض على القطريين أن يهتموا أكثر بالجالية الأردنية في قطر، وتخفيض أحكام ضد مساجين أردنيين في السجون القطرية، يرى أهاليهم أن الأحكام القاسية بحقهم لا تبدو مبررة، خصوصا وأن هنالك معتقلا أردنيا هو حاتم الرحاحلة محتجز بلا أسباب مقنعة أو محاكمة عادلة في سجن قطري، دون أي تدخل حازم أو مباشر من المسؤولين القطريين، إلا أن رئيس الوزراء القطري أجاب المستثمر الأردني بأن للدوحة سيادتها وقوانينها، وأن هناك بالنهاية مصلحة عامة وطنية، وأن تخلي مؤسسات قطرية حكومية وخاصة عن بضع مئات من العمالة الأردنية لا يعني إساءة للعلاقات الأردنية القطرية، ولا تدهورا للعلاقة مع الأردن، مؤكدا أن ما حدث مع العمالة الأردنية حدث مع عمالة تتبع دولا أخرى تقيم معها قطر أمتن العلاقات.

وبخصوص السجناء ndash; والكلام كما نقل عن المسؤول القطري- فإنه ملف أمام القضاء القطري الذي لا سلطان عليه، وإذا كان هناك أي تظلم ليقدم الى القضاء القطري أيضا بمختلف درجاته، ولن يضيع حق احد في قطر، إلا أنه لم يتطرق إلى قصة المعتقل الأردني هناك بلا أسباب أو محاكمة، مؤكدا أنه سيقوم بزيارة قريبة لعمان للتباحث مع المسؤولين الأردنيين.

وينتظر بحسب مصادر أردنية أن تنتزع عمان وعودا من المسؤول القطري الزائر بأن تراعي الدوحة العمالة الأردنية، وأن يعاد النظر بأحكام قضائية صدرت بحق أردنيين لا تختلف عمان والدوحة على مضمون الإدانة، بل على قسوة الأحكام لمخالفات من النوع العادي جدا، كما أن عمان ستثير على الأغلب ملف فضائية الجزيرة القطرية، وتجدد إساءاتها بلا مقدمات للأردن، فالفضائية القطرية سرعان ما إستغلت الوجود الأردني غير المعلن في أفغانستان، ونتائج العملية الإنتحارية الأخيرة لتنظيم القاعدة في مدينة خوست الأفغانية التي راح ضحيتها ضابط إستخبارات أردني، ونظراء أميركيون له نفذها الإنتحاري الأردني همام خليل البلوي، لتشكل مادة ضغط على الأردن، إذ أبرزت مرارا مضمون شريط فيديو كان البلوي قد سجله قبل تنفيذ العملية ووجه فيها إساءات وإتهامات للأردن ndash; كما رأتها عمان-، إلا أن الجزيرة قامت أمس الأول وخلافا لتهدئتها السابقة ضد الأردن ببث مقتطفات جديدة من شريط البلوي ذاته، لكن مع مضمون إتهامات أخطر هذه المرة، من خلال إتهامات مباشرة لجهاز الإستخبارات الأردني بأنه يقف خلف إغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني في العاصمة السورية قبل نحو عامين، وكذلك القيادي في تنظيم القاعدة أبي مصعب الزرقاوي في بغداد عام 2006، وكذلك قيادي كبير في تنظيم القاعدة هو عبدالله عزام، إلا أننجل الأخير نفى في تصريحات صحافية أي صلة للمخابرات الأردنية بمقتل والده.

وخلال قمة الدوحة العام الماضي التي نشط بها الأردن سياسيًا ودبلوماسيًا كان واضحًا حجم الجفاء والتباعد بين ساسة عمان والدوحة، رغم أن العاهل الأردني كان قد بادر أواخر العام قبل الماضي الى كسر الجليد مع الدوحة عبر زيارة قام بها الى الدوحة، إلا أنها لم تعط مفعولاً لدى القيادة القطرية التي واصلت ndash;بحسب أنباء صحافية في عمان- الإيعاز للمؤسسات الرسمية بالإستغناء عن العمالة الأردنية في الدوحة وإعادتها الى الأردن، كنوع من تصفية الحسابات على خلفية ملفات وأزمات قديمة، وهو الأمر الذي استمر حتى بعد تمثيل الأردن بقمة الدوحة على أعلى مستوى، إلا أن قطر كانت ترد على الإستفسارات الأردنية المتكررة بشأن أوضاع عمالتها أن غالبية العمالة الأردنية هي في القطاع التعليمي الذي شهد مع بداية العام الحالي مبادرة تتضمن رفع يد الحكومة عن المدارس التابعة لها وجعلها مدارس خاصة كلّ على حدة ذات قرار مستقل ماليًا وإداريًا، وهو ما يعني رجوع الأمر إليها في مسألة تجديد عقود الأردنيين من عدمه، وهي التبريرات التي كانت عمان تعتقد معها أن لها خلفيات سياسية تضمرها الدوحة.

ولوحظ أن الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر للإعلام الشيخ جبر بن يوسف آل ثاني قد رافق المسؤول القطري في عمان، في حين تشير مصادر المعلومات الى أن الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس مجلس إدارة فضائية الجزيرة القطرية، قد وصل هو الآخر الى العاصمة الأردنية أمس الأول، دون أن تتأكد هذه المعلومة من أي مصدر مستقل، إذ رفضت السفارة القطرية في العاصمة الأردنية الإجابة على أي أسئلة، أو إعطاء أي معلومات.