تسلم الملك عبد الله بن عبد العزيز تقرير لجنة التحقيق في كارثة جدة افادت مصادر ايلاف انه يتضمن أسباب عديدة للكارثة التي هزت المدينة في تشرين الثاني- نوفمبر الماضي، منها ما يتعلق بشخصيات ومنها ما يتعلق باعتمادات لم تف بمتطلبات الأمانة.


الرياض:
بعد ثلاثة شهور من التحقيقات وتقصي المعلومات وسلسلة طويلة من قوائم المستدعين للمساءلة إثر ما عرف بكارثة جدة، تسلم العاهل السعودي الجمعة تقرير اللجنة التي من المنتظر أن تشهد مفاجآت في نتائجها فضلاً عن تلك المتوقعة في تسببها في ضخامة وكمية الخسائر البشرية والمادية.

وحضرت اللجنة كاملة إلى مقر الملك في مزرعة الجنادرية شمال غرب الرياض وهي تحمل إضافة إلى تقريرها السري، خرائط وصور وعرض مرئي يتضمن الكثير مما ألم بجدة، وحصرٌ للخسائر في الأرواح والممتلكات قبل أكثر من ثلاثة شهور، وعُرضت أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز وعدد كبير من المستشارين والوزراء والرسميين.

ويتكون أعضاء اللجنة من إمارة مكة والمباحث العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والدفاع المدني ووزارة العدل وديوان المراقبة العامة مع استبعاد أمانة جدة ومجلسها البلدي.

وبحسب مصادر إيلاف فإن تقرير اللجنة تضمن أسباب عديدة للكارثة منها ما يتعلق بشخصيات ومنها ما يتعلق باعتمادات لم تف بمتطلبات الأمانة.

وكانت اللجنة المشكلة في العاهل السعودي من عدة جهات حكومية وأعطيت صلاحيات واسعة، بدأت مهامها بعد يوم واحد منذ صدور الأمر الملكي الحاد اللهجة الذي ذكر في طياته إن كميات الأمطار التي هطلت على جدة يحدث مثلها في الكثير من مدن العالم وبكميات أكبر، ولم تتعرض لمثل ما تعرضت له أكبر مدن الغرب السعودي.

وفي أول اجتماعات اللجنة تم الإعلان عن عدة لجان منبثقة كانت أولى مهماتها حصر الأضرار وتعويض المتضررين في ما بدأت قيادات اللجنة في التحضير لاستدعاء المعنيين بالكارثة من مسؤولين ورجال أعمال.

وكان الأمر الملكي لقي ترحيباً واسعاً في الداخل السعودي مع إصرار على كشف كل الحقائق ومحاسبة المتسببين علناً، وأعلن مجلس الشورى السعودي عقب الأمر ترحيبه ودعمه الكامل لكل ما من شأنه إنجاح عمل اللجنة، وسط تحرك أول من الأخيرة حينما أنشأت موقعاً إليكترونياً وخطوطاً هاتفية وفتحت الباب على مصراعيه للمواطنين والمقيمين للمشاركة في التحقيقات عبر الإدلاء بمعلومات أو اقتراحات تسهم في سرعة ودقة عمل اللجنة.

ونص الأمر الملكي حينها على تعويض عائلة كل متوفي بمبلغ مليون ريال في ما بدأت شركات التأمين متناقضة بين أن تعوض المتضررين أو أن تنتظر ما تسفر عنه نتائج التحقيق.

سيول جدة التي كانت هي الأعنف في تاريخها الحديث سببت سجالاً كبيراً بين جهات حكومية حيث رمى بعضهم المسؤولية على الآخر مثلما قالت أمانة جدة إنها لا تتسلم اعتمادات كافية وترفض طلباتها كثيراً، بينما ردت وزارة المالية بأنها خصصت لأمانة جدة أكثر من أي مدينة أخرى في المملكة بما فيها العاصمة الرياض التي تفوق جدة مساحة وسكاناً وبنية تحتية.

وهو أمر حدث بين الأمانة والمجلس البلدي حينما اتهم بعضهما الآخر في عدم التجاوب خلال إجراءات التحقيق.

وتوالت أنباء اللجنة في استدعاء الكثير من المسؤولين ورجال الأعمال في جدة وبخاصة من أمانة جدة التي تعرضت لهجوم إعلامي غير مسبوق في الصحف السعودية ووصلت إلى ما يشبه الاتهام المباشر حول مسؤوليتها في الكارثة التي قتلت 123 و أكثر من 20 مفقوداً، في حين تضررت آلاف السيارات والبنايات والجسور وكل شيء طالته يد السيول، حيث شنت الصحف السعودية حملة واسعة وبخاصة عبر كتابها على الأمانة.

وقال الكاتب محمد المليفي لإيلاف quot;إن استقبال الملك عبد الله للجنة اليوم وتسلمه التقرير يؤكد السعي الجاد نحو كشف الحقائق ومحاسبة المتسببين في الكارثةquot; مضيفاً بأنه quot;لا يمكن الحديث عن نقص في الاعتمادات أو الميزانيات بقدر ما هو واضح حجم الفساد والتسيب والإهمال في مدينة بحجم جدةquot;.

وأكد المليفي أن quot;لجنة التحقيق في الكارثة تعاملت بواقعية مع المجريات والمعطيات لأنها كانت تبحث عن الحقيقة دون أن تفقد توازنها بالتعاطي الإعلامي القوي مع القضية وأعتقد أن الجميع سيرى النتائج في وقت قريبquot;.

واستقطبت جدة تلك الأيام اهتماماً إعلامياً دولياً بسبب ضخامة الخسائر رغم أنها ثاني أهم المدن السعودية اقتصادياً بعد العاصمة الرياض، وتناقلت وكالات الأنباء والصحف العالمية صور وبيانات الكارثة لأيام متتالية، فيما تسابقت الصحف السعودية على بث صور مفجعة وتقارير انسانية على هامش الكارثة وحشدت رأياً عاماً قوياً ضد متهمين مفترضين تسببوا في الكارثة.

ويقول الكاتب والناشط السعودي طراد الأسمري أن تظافر جهود الجهات المعنية بالتحقيق ستساهم بالتأكيد في إنجاز المهمة على نحو جيد، وقال quot; اللجنة المشكلة تحركت خلال زمن يعتبر إنجازاً بحد ذاته، فهي تولت ملفات متراكمة خلال سنوات طويلة وأظنها استطاعت أن تصل للكثير من المعلومات التي كانت طوال الأشهر الماضية تظهر خلال الإعلام ولكنها التزمت الصمتquot;.

وأضاف الأسمري quot;نسمع كثيراً عن مشاريع وانجازات من حيث أنها أكبر وأضخم وأطول ولم نر شيئاً، الناس لا يريدون أن يسمعوا بل يردون أن يروا ذلك على أرض الواقعquot;.

وختم الأسمري حديثه بأن quot;الإعلام السعودي لم يجد أمامه سوى الأمانة رغم أن المشاريع والمنشآت تتداخل فيها جهات عديدة, ولكن ذلك لا يعفيها من مسؤوليةquot;.

وكانت جدة (غرب السعودي) تعرضت نهاية تشرين الثاني- نوفمبر الماضي إلى موجة أمطار غزيرة تسببت في أضرار بالغة على كل المستويات وبلغ عدد القتلى 80 خلال يومين قبل أن يترفع العدد إلى 123 وأكثر من عشرين مفقوداً ، وتسببت الأمطار في إحداث سيول منقولة عبر الأودية داهمت الأحياء الشرقية والجنوب شرقية من محافظة جدة وأدى ذلك إلى انهيار بعض المنازل الضعيفة وقطع الطرق الرئيسة والفرعية وجرف عدد من السيارات وارتفاع منسوب المياه داخل الأحياء السكنية وأشارت محافظة جدة في أن الأضرار والوفيات كان جراء بعض السيول التي أتت من وادي قوس ووادي فاطمة إضافة إلى الأمطار التي بلغ معدلها 90ملم والذي لم يسبق أن هطل على محافظة جدة مثل هذا المعدل من الأمطار حيث تدفقت المياه بصورة كبيرة جراء السيول أدت إلى حدوث أضرار شرق مدينة جدة وجنوبها.

التسلسل الزمني لأبرز أحداث كارثة جدة :

الأربعاء 25-11-2009، أمطار غزيرة تهطل على مدينة جدة الساحلية وتستمر لعدة ساعات دون توقف وحصيلة اولية تفيد بوفاة 10 مواطنين وإنقاذ أكثر من 100 شخص.

* الخميس 26-11-2009، الدفاع المدني السعودي يعلن ارتفاع حصيلة الضحايا جراء الامطار الغزيرة والسيول الى 48 شخص، وإنقاذ 900 آخرين حاصرتهم الأمطار، وتعلن عن استخدامها القوارب المطاطية في عمليات الانقاذ.

* الجمعة 27-11-2009، مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة يدعو الأهالي للابتعاد عن تجمعات المياه والسيول خشية الأمراض التي قد تسببها، والإعلان عن ارتفاع حصيلة الضحايا الى 83 شخص، وسط مخاوف من تعرض المدينة لسيول جديدة، وطائرات الدفاع المدني تواصل محاولاتها لانقاذ المحاصرين وسط المياه.

* السبت 28-11-2009، الإعلان عن ارتفاع حصيلة الضحايا الى 106، والمحامي السعودي وليد أبو الخير يقول انه سيقاضي أمانة جدة مؤكدا أن عائلات ضحايا السيول تدعم مسعاه وأنه يعتزم التنديد بفشل نظام الصرف الصحي في المدينة.

* الأحد 29-11-2009، محاولات الانقاذ مستمرة في المدينة المنكوبة، واهتمام اعلامي غير مسبوق بالسيول وما خلفته من اعداد كبيرة من الضحايا، وكُتّاب سعوديون ينتقدون أمانة جدة ويتهموها بالتقصير وعدم تقدير الأمور على نحو جيد.

* الاثنين 30-11-2009، كارثة جدة تلقي بظلالها على سفر حركة سفر وعودة الحجاج الى بلدانهم نتيجة تأخر رحلاتهم بسبب تعطل النظام الآلي في مبنى الحجز، الأمر الذي يدفع المسؤولين الى انهاء اجراءات المسافر يدويا، فيما تستمر عمليات البحث عن مفقودين.

* الاثنين 30-11-2009، مساء يعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز تشكيل لجنة تحقيق في كارثة جدة ويمنحها صلاحية استدعاء أي مسؤول للتحقيق، ويترأس اللجنة الأمير خالد بن فيصل حاكم منطقة مكة، ويوعز للجهات المختصة بصرف تعويض يبلغ مليون ريال لكل عائلة ضحية، وتقديم مساعدات وإيواء جميع المتضررين جراء الفيضانات.

* الثلاثاء 1-12-2009، ترقب رسمي وشعبي لبدء لجنة التحقيق أعمالها، وإشادة واسعة باهتمام الملك وقراره تشكيل اللجنة وتقديم مساعدات عاجلة لذوي الضحايا، بينما تواصل السلطات جهودها وتنفيذ خططها الاحترازية بشكل واسع في المؤشرات عن استقرار وضع بحيرة quot;المسكquot;.

* الخميس 3-12-2009، عمليات البحث عن مفقودين مستمرة، والإعلان عن اسماء 108 متوفين جراء السيول، والدفاع المدني ينشأ مركز اسناد للطوارئ لمتابعة مستجدات السيول ومحاصرة بحيرة المسك.

* السبت 5-12-2009، اللجنة المشكّلة من قبل العاهل السعودي للتحقيق في كارثة جدة تعقد اول اجتماعاتها برئاسة الامير خالد الفيصل، وبحسب ما تمخض عن الإجتماع فإنه تقرر تشكيل عدة لجان منبثقة وتم تكليفها بمهام اولية ياتي في مقدمتها حصر الأضرار والبدء في ترتيب صرف الاعانة الحكومية لذوي الضحايا البالغة مليون ريال لكل أسرى متوفى.

* الأحد 6-12-2009، مجلس الشورى السعودي يؤكد دعمه لاعمال لجنة التحقيق في كارثة جدة، ويشيد بصدور الأمر الملكي بهذا الخصوص، ويشير الى انه سيعمل من جانبه على متابعة تداعيات فاجعة سيول جدة عبر ما يكفله له نظامه وصلاحياته الرقابية.

*الاثنين 7-12-2009، اللجنة المشكلة لتقصي الحقائق تطلق موقعاً إلكترونياً وتشرك المواطنين والمقيمين في الإدلاء بمعلومات تفيد التحقيق, وتبدأ باستدعاء شخصيات من داخل وخارج أمانة جدة وسط شائعات عن منع لبعض المتورطين من السفر.

*الأربعاء 9-12-2009, المتحدث الإعلامي لأمانة جدة أحمد الغامدي يتحدث لإيلاف quot;نحن متهمون...والتحقيق لن يتوقف عند الفقيهquot; ويروي لإيلاف التسلسل المتوقع للمتوقع مثولهم أمام لجنة التحقيق.

*الخميس 10-12-2009، ارتفاع عدد القتلى إلى 116 قتيل وتضاؤل فرص العثور على ناجين.

*السبت 12-12-2009، الدفاع المدني يعلن العثور على 5 ناجين من عائلة واحدة فيما يرتفع عدد القتلى إلى 120 قتيلاً فيما تقلص عدد المفقودين إلى 32.

*الخميس 17-12-2009، تضاؤل فرص العثور على ناجين بعد الكارثة وارتفاع عدد القتلى إلى 121 ولجنة التحقيق تواصل عملها دون إعلان مجريات التحقيق.

*الاثنين 21-12-2009، ارتفاع عدد القتلى إلى 122 بحسب بيان الدفاع المدني وجهود التطوع تستأثر بالمشهد في جدة.

*الاحد 10-1-2010 ، ارتفاع عدد القتلى إلى 123 بعد العثور على جثة في إحدى المستنقعات المائية.

*الجمعة 19-2-2010، بدء صرف الدفعة الأولى من تعويضات المتضررين.

*الجمعة 5-3 -2010، العاهل السعودي يتسلم تقرير لجنة التحقيق.