ضمن برنامج مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، انطلقت صباح اليوم الخميس أولى جلسات وندوات البرنامج الثقافي تحت شعار (عالم واحد .. ثقافات متعددة ) والذي يهدف في دورته الخامسة والعشرين إلى الانفتاح على العالم وتقبل الآخر والإيمان بحقوق كل ثقافة، وتمت دعوة العديد من المفكرين والمثقفين والساسة مسيحيين ومسلمين، ويأتي أبرزهم رئيس وزراء روسيا سابقا يغيني بيرماكوف والمصري بطرس غالي والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية الجزائري أحمد بن حلي وغيرهم .

الملك السعودي آخر الكبار .. ورجل المفاجآت

وأتت أولى جلسات البرنامج الثقافي بعنوان (الملك عبدالله ورؤيته للحوار والسلام وتقبل الآخر) وقال رئيس وزراء روسيا الأسبق بيرماكوف إن الملك عبدالله هو أحد أعضاء الأساس للحل في الشرق الأوسط وأنه هو محط أنظار العديد من الشعوب التي ترى قدرته على تشكيل آفاق أوسع للسلام والحوار مع الآخر. واستشهد بذلك على دعوة الملك السعودي إلى حوار الأديان الذي يشكل نقطة العبور نحو السلام.

وهذا ما أكده وزير النقل اللبناني غازي العريضي أن دعوة الملك عبدالله للحوار بين الأديان هو ما جعله آخر الكبار في مواقع المسؤولية، واستشهد العريضي كذلك بافتتاح العاهل السعودي لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تركت الكل في صراع وجعلت من نفسها قناة حوار وانجازات تفخر بها كل الأجيال، ووصف العريضي الملك بأنه رجل مفاجآت لمبادراته التي غيرت مجريات كثير من الأمور على المستوى العربي كافة والشرق الأوسط خصوصا.

الحرس الوطني أزالالبداوة وفتح الحضارة..!

الكاتب والمفكر الفلسطيني بلال الحسن رأى أن الحرس الوطني الذي بدأ بفكرة الملك السعودي هو من أدى إلى صنع الحضارة وألغى البداوة التي كان يعيشها المجتمع قديما على حد تعبيره، وأضاف أن الحرس الوطني لم يقبل بفكرة إلغاء التراث كذلك عن التطور بل طوّرها وجعل هنالك مهرجانا فتح فيه الحرس الوطني الدعوة لكل ناقد ومهاجم على السعودية أن يزورها ليرى بعين الحقيقة ما تمثله المملكة العربية السعودية من تطور وانفتاح، ولم يخف الكاتب الفلسطيني من الأحداث التي كانت عليها ندوات الثقافة سابقا وبالتحديد خلال الدورات الأولى للمهرجان بأنه قد رأى الكثير من المثقفين السعوديين الذين يتخوفون من الحديث معهم خلال تلك الندوات، بل ويتعدى الأمر على حد تعبير الحسن أن البعض من المثقفين المنغلقين (كما وصفهم) كانوا يقومون بتوزيع الأوراق التي تدعوهم إلى عدم الاستماع أو المناقشة لعدد من المثقفين السعوديين الذين بدأوا بالتفاعل تدريجيا خلال الدورات المتتالية للجنادرية، وذكر الحسن بأن المجتمع السعودي مدين للحرس الوطني بهذا التطور الثقافي نتيجة فتحه موقع الحوار بين السعودي والآخر.

عبدالله بن عبدالعزيز سينهض بالأمة..

عن ذلك اوضح الدكتور محمد جابر الأنصاري المستشار الثقافي لملك البحرين والمفكر المعروف، أن الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز هو من سينهض بالأمة العربية ويوقضها من سباتها لأنه يرى واجباته أمامه ويعمل عليها، وقال إن المبادرة العربية التي اقترحها العاهل السعودي وأصبحت بعد ذلك مبادرة عربية أنها حل للأزمة في الموقف العربي الذي يعيشه الشرق الأوسط ، وأفاد بان العرب إذا لم يدافعوا عن كلمتهم وموقفهم فسيحزن كثيرا أبناؤهم وأحفادهم. ودافع الأنصاري عن حركة التيار الإسلامي النجدي (حسب تعبيره) الذي ارتأى أنها جاءت في ظروف محيطة بالدولة والمجتمع غير مستقرة وأنها هي من أسس الاستقرار لها، وقال إن على كل من يهاجمها أن يقرأ تاريخها ليعلم حلولها لزمن كانت البدع محيطة به. ودعا الدكتور محمد الدول العربية إلى استغلال البيئة العالمية الحالية التي تعرف بالعولمة لأنها هي بيئة الانفتاح ووحدة العرب وليست بيئة الانعزال الصحراوية والانغلاق التي يخشى فيها الآخر التعامل مع الآخرين.

واتفق الكاتب والأكاديمي المعروف تركي الحمد أن الشرق الجريح (كما وصفه) بدأ الخروج من شرنقته التي كانت شعارات أن إلهي أفضل من إلهك والتذبذب مابين شعار الحق تارة وشعار الدين تارة هي المسيطرة، بفضل خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإصلاحي الذي يعتبر هو الخطاب الجذري للتطور والانفتاح الذي يدعو الى التعدد وليس الى التوحد والتطرف .

المبادرة العربية صالحة للتنفيذ بأي وقت ..

بعد ثماني سنوات هلما زالت المبادرة العربية مطروحة أم لابد من إعادة النظر فيها ؟ سؤال سأله الدكتور أحمد بن حلي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في مستهل حديثه عن دور الملك عبدالله آل سعود في عملية السلام ودور المبادرة التي طرحها العاهل السعودي وأصبحت بعد ذلك هي أساس للمبادرة العربية مع اسرائيل.

فقال بن حلي إن المبادرة شكلت خطة استراتيجية بحيث إنها وضعت اسرائيل على المحك في تقبل عملية السلام الدولية وأن المبادرة هي من ضبطت الموقف العربي تجاه اسرائيل من خلال: عدم الاندفاع العربي الذي كان يحدث تجاه عملية التطبيع الجاري مع اسرائيل، وترسيخ مفهوم الموقف الاستراتيجي العربي وعدم ترك القضية الفلسطينية حتى في احلك الظروف الحالية التي تعيشها فلسطين في الانقسام ما بين فتح وحماس، وإقناع دول العالم بالنوايا الخالصة للدول العربية تجاه السلام.

وقال الأمين المساعد لأمين جامعة الدول العربية وقال بلغة حادة وواثقة أنه في حين أن إسرائيل لاتتجاوب مع هذه المبادرة فإنها ستبقى مع هذا الجيل وستترك الباب على مصراعيه لأجيال قادمة لها خياراتها وظروفها والتي من الممكن ان تكون أشد مما هي عليه الآن وحينها تكون اسرائيل قد فقدت هذا التوجه التاريخي من العرب.

وفي مداخلة من الدكتورة نورة اليوسف وسؤالها عن غياب روسيا اليوم من خارطة عملية السلام وهل تلاشى ذلك الدور ؟

أوضح رئيس وزراء روسيا الأسبق يغيني بيرماكوف أن روسيا استضافت العديد من اللجان العاملة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط ولعل أن زيارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اللبناني لروسيا والتشاور مع المسؤولين الروس لهو دليل على حاجة العالم لروسيا أبان بأن إيمانهم بأن عملية السلام لن تكون إيجابية الا بوجود روسيا والتاريخ شاهد على تحركات روسيا الصحيحة والحكيمة تجاه السلام في الشرق الأوسط والعالم.

يشار إلى أن مهرجان الجنادرية يستضيف سنويا العديد من المفكرين والمثقفين في أكبر تجمع لهم على مستوى العالم العربي، وقد خصصت ادارة مهرجان الجنادرية جائزتين أحدهما تعنى بالثقافة والأخرى بالتراث وستسلم خلال افتتاح المهرجان القادم 2011. يذكر أن الجنادرية تشهد للمرة الأولى إقامة ندوات ومحاضرات خارج الرياض ضمن أنشطتها الثقافية في كل من الخبر ومكة المكرمة.