مقتطفات من المؤتمر الصحافي لرئيس محكمة النقض المصرية، عادل عبد الحميد- خاص ايلاف

أودعت محكمة النقض المصرية اليوم السبت حيثيات نقض حكم الإعدام الصادر بحق رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، وضابط أمن الدولة السابق محسن السكري، المتهمين بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في شقتها في دبي في أواخر شهر يوليو/تموز عام 2008.

القاهرة: أكد المستشار عادل عبد الحميد، رئيس محكمة النقض خلال مؤتمر صحافي ان محكمة النقض أودعت حيثيات إلغاء حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجنائية، مشيرا إلى أن quot; الحيثيات سترسل الى محكمة الاستئناف يوم الثلاثاء القادم لتحديد الدائرة الجنائية التي ستتولى نظر القضية وتحديد موعد أول جلسةquot;.

وكانت محكمة النقض برئاسة المستشار عادل عبد الحميد ألغت في 4 مارس/أذار الماضي حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين، وأعلنت قبولها لطعن المحكوم عليهما شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية الى محكمة جنايات القاهرة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، لتعود القضية الى نقطة البداية من جديد، وتتاح فرصة أمامهما لتخفيف الحكم او الحصول على البراءة، حيث إن كل الاحتمالات باتت متاحة الآن فمن الممكن أن يحكم عليهما بالإعدام مرة أخرى أو المؤبد أو البراءة.

وأوضحت المحكمة فى الحيثيات - التي حصلت إيلاف على نسخة منها - ان الحكم المطعون فيه الذي أدان الطاعنين الأول بالقتل العمد مع سبق الإصرار وحيازة سلاح ناري quot;مسدسquot; والثاني بالاشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الجريمة الأولى قد quot; شابه البطلان والقصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال ومخالفته الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع quot;.

وقالت الحيثيات التي جاءت في 26 ورقة أنه بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا تبين أن الطعن المقدم من المحكوم عليهما قد استوفى الشكل المقرر في القانون وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض، طبقا لما هو مقرر بالمادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم في ما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.

دفوع الطاعنين

وبدأت الحيثيات بسرد دفوع الطاعنين ، مشيرة الى ان الطاعنين دفعا ببطلان جميع التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر لعدم تقديم الجانب الإماراتي طلبا بذلك، وفقا للمادة 14 من اتفاقية التعاون القضائي والقانوني الموقعة بين الحكومتين الإماراتية والمصرية. مشيرين الى quot;انه وفقا لهذه المادة التي أصبحت واجبة التطبيق بالتصديق عليها كان لا يجب ان يتم اتخاذ إجراءات التحقيق من قبل الجانب المصري الا بعد ان ترسل الإمارات الطلب المنوه عنه بالمادة.

وكانت النيابة العامة المصرية قد باشرت التحقيقات في الدعوى اعتبارا من 6 اب- أغسطس 2008 على الرغم من ان طلب الجانب الاماراتي لم يصل الى النائب العام إلا في 29 اب- أغسطس 2008 ،quot; ما يبطل التحقيقات كافة ويصبح اتصال المحكمة بالدعوى معدوما وتصبح الدعوى غير مقبولة بشقيها المدني والجنائيquot; وفقا لدفوع الطاعنان.

ودفع الطاعنان أيضا ببطلان الحكم نظرا لصدوره من محكمة غير مختصة ولائيا بنظر الدعوى بالنسبة إلى الطاعن الثاني، وفقا لنص الفقرة الثانية من قانون العقوبات المصري التي تشترط لعقاب الشريك ان تقع أفعال الجريمة كلها او بعضها داخل القطر المصري ، وبطلان جميع التحقيقات التي تمت في المكتب الفني للنائب العام لعدم صدور أمر صريح للتحقيق من قبل النائب العام حيث كانت تأشيرة النائب العام بالتحقيق كانت بشأن طلب التسليم الخاص بالمحكوم عليه الأول بناء على طلب الجانب الاماراتي وليس امرا صريحا بالتحقيق و التصرف.

ودفعا أيضا بعدم صلاحية القاضي رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم في الدعوى وفقا للفقرة الرابعة من المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، نظرا لبطلان التحقيقات وما أسفرت من دليل استند اليه الحكم في الإدانة في الفترة من 6 حتى 25 اب- أغسطس 2008. واكدا ان اذن النيابة للتحقيق مع المتهم الثاني بصفته عضوا في مجلس الشورى ولا سيما ان قرار منعه من السفر ووضعه على قائمة ترقب الوصول دون صدور أمر سائغ ويعد إجراءً مخالفا للقانون.

كما طرح الحكم دفاع الطاعنين ببطلان القبض على المتهم الأول لعدم قيام حالة من حالات التلبس، وبطلان استجوابه لعدم صدور إذن من السلطة المختصة وعدم حضور محام او تمكينه من ندب محام معه ما يخالف قانون الإجراءات الجنائية، وببطلان أعمال وتقارير الخبراء الذين انتدبتهم النيابة العامة في مصر وفي دبي، وبطلان الدليل المستمد من إعمال الخبرة لعدم حلف اليمين أمام جهة التحقيق قبل مباشرة إعمالهم، وببطلان التسجيلات التي أجراها المتهم الأول للثاني خلسة.

مصادر قضائية: أربعة أسباب وراء نقض حكم إعدام قتلة سوزان تميم

وأوضح الطاعنان وفق ما جاء فى الحيثيات ان الحكم خلا أيضا من بيان أقوال والد المجني عليها عبد الستار تميم ووالدتها وشقيقها بتحقيقات دبي والإنابة القضائية في بيروت رغم انها ضمن الأدلة التي استند اليها، كما لم يبين الضابط المختص في وزارة الداخلية في تقريره الفني quot;علاقة السببية بين ما أسنده للطاعن الثاني هشام طلعت من تحريض واتفاق ومساعدة وبين مقتل المطربة، وجاء الحديث عن نية القتل قاصرا على سرد الأفعال المادية التي أتاها المتهم الأول دون ان يدلل على سبق الإصرار والترصدquot;.

ولفت الطاعنان ايضا الى تعارض أقوال الشاهدة دماى دياز سويرانو البائعة في محل صن اند ساند للرياضة في مركز ميركانو في تحقيقات دبي بتعرفها إلى المتهم الأول، وعدم تعرف المحكمة إلى وجه المتهم الأول من الصور التي سجلتها الكاميرات يوم 28 اب- أغسطس في برج الرمال حتى بعد تكبيرها.

واستندت طعون المتهمين أيضا الى الوقت الذي استغرقه المتهم الأول في ارتكاب الجريمة ووجود خلاف في احتساب الزمن بين كاميرات المراقبة في برج الرمال وكاميرات المراقبة في فندق الواحة، بالإضافة الى شهادة اللواء احمد سالم الناغي بان المتهم الثاني حاول الزواج من المجني عليها إلا أنها رفضت بينما قررت التحقيقات انه تزوجها عرفيا.

واكد الطاعنان ايضا على تضارب أقوال احد الشهود، ويدعى سمير سعد محمد بالتحقيقات التي أجرتها المحكمة من أن المتهم الأول اعترف له بارتكاب الجريمة وروى ذلك الاعتراف حتى قوله quot; ففتحت له المجني عليها الباب ثم حاولت إغلاقه الا انه دفعها بقوة ودخل الشقة وكمم فاها وطرحها أرضا ونحرها quot; على خلاف ما ذكره في أقواله من ان المتهم وضع يده على فم المجني عليها ثم وجه إليها ضربة في رقبتها quot;ما ترتب على ذلك الخطأ في الإسناد خطأ أخر فى الرد على دفاع الطاعنين بشأن التناقض بين الدليلين القولي و الفنيquot;.

ردود وتبريرات

بيد ان محكمة النقض خلصت الى ان quot;ما يرمى به الطاعنان الحكم من بطلانه وبطلان التحقيقات التى سبقته وبطلان اتصال المحكمة بالدعوى وعدم اختصاصها وعدم صاحية القاضي يكون على غير سند او أساس quot;.

وأكدت ان الدول المطلوب منها التسليم وهي مصر باشرت حقها في إجراء التحقيق دون انتظار طلب الجانب الاماراتي لانه من البديهي ان طلب التسليم سابق على طلب إجراء التحقيق او المحاكمة. وأشارت الى ان التعهد بإجراء التحقيق بناء على طلب الدولة التي وقعت فيها الجريمة على أرضها من الدولة الأخرى المطلوب منها تسليم المتهم الذي يحمل جنيتها لم يتضمن أمرا بالوجوب بل هو إجراء تنظيمي لا يترتب عليه مخالفة البطلان .

واضافت ان كافة التحقيقات التي تمت بمعرفة المكتب الفني للنائب العام إجراءات صحيحة بمنأى عن البطلان بعد ان أرسل الجانب الاماراتي للجانب المصري كافة الأوراق و الإحراز و المستندات و التقارير الفنية التي اسفر عنها التحقيق الذى تم في دبي.

وأوضحت المحكمة ان المادة 40 من قانون العقوبات لا تشترط للشريك ان يكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الاصلي للجريمة، مشيرة الى ان الشريك في الجريمة ياخذ صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه ، ومن ثم من يقول لا عقاب على الشريك لوقوع الجريمة خارج الإقليم المصري يكون غير سليم .

وردت المحكمة على ما رمى اليه الطاعنين ببطلان التحقيقات لعدم وجود امر صريح بالندب للتحقيق بأنه quot;يكون على غير سندquot; ، مضيفة ان الإجراءات التي اتخذت مع المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى ومن بينها منعه من السفر إنما هي مجرد تدابير احترازية تتخذها النيابة العامة حفاظا على المصلحة العامة .

أسباب نقض الحكم

وحول الأسباب التي استندت اليها المحكمة في نقض الحكم ، وفق ما جاء بالحيثيات، قالت محكمة النقض ان ما أسنده حكم المحكمة الجنائية الى الشاهدة quot; دماى دياز سويرانو quot; من تعرفها على صورة المتهم الأول محسن السكري من واقع صورة جواز سفره ، لا أصل له في التحقيقات التي أجرتها نيابة دبي بل الثابت انها قررت انها لا تعرف صاحب الصورة حين عرضت عليها .

وأكدت المحكمة انه يتعين نقض الحكم من هذه الوجهة لأنه من المقرر ان quot; الأحكام تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى ولا يجوز لمحكمة ان تتدخل في رواية الشاهدة وتأخذها على وجه خاص يخالف عباراتها ولذلك الحكم المطعون فقد أقام قضاءه على ما لا أصل له في الأوراقquot;.

واستندت محكمة النقض الى شهادة عيسى سعيد بن سالس، الضابط بالإدارة العامة للتحريات بشرطة دبي، ونقلت عنه قوله إن quot;الشخص الذي تعقبته كاميرات المراقبة بفندق الواحة ومبنى الرمال 1، وتم عرضها على المحكمة هي لمحسن السكري الماثل بقفص الاتهامquot;، وذلك على خلاف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ في 17 كانون الثاني- يناير 2009، إذ أوضح الشاهد أن الشخص الموجود في الكاميرات quot;تقريباًquot; هو محسن السكري.

وأضافت ان محكمة الجنايات قطعت أن الشخص الذي تعقبته الكاميرات ببرج الرمال وفندق الواحة هو السكري من واقع التقرير المصور الذي أعده وعرضه المقدم محمد سامح سليم، ضابط المساعدات الفنية بوزارة الداخلية . بيد انه من الثابت من محضر جلسة المحاكمة انه أثناء عرض تلك الصور، حسب ترتيبها الزمني صباح يوم 28 تموز- يوليو 2008، يوم وقوع الجريمة، ظهرت إحدى الصور غير واضحة المعالم، فأمرت المحكمة بتكبيرها فلم تتضح معالمها. كما قطعت محكمة الجنايات، رغم عدم وضوح ملامح الشخص، وهي صورة في ترتيب الصور المستخرجة من الكاميرا الخاصة ببرج الرمال، بأوصاف ملابس السكري، والحقيبة البلاستيكية التي كان يحملها.

وبخصوص ما استخلصته محكمة النقض من شهادة عيسى سعيد أكدت أنهquot; ليس لمحكمة الجنايات الحق في أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها في التحقيقات، إلى جانب أن الدليل الذي يعول عليه يجب أن يكون مؤديا إلى ما رتبه الحكم عليه من نتائج، من غير تعسف في الاستنتاج، ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق quot;، مؤكدة على انquot;الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، وليس على الظن والاحتمال و الاعتبارات المجردة quot;.

وأشارت إلى أن quot;محكمة الجنايات حين عرضت لشهادة عيسى بن سالس، والمقدم محمد سامح سليم، كدليل ضد المتهمين، فإن المحكمة تكون قد تدخلت في هاتين الشهادتين بما يخرجهما عن مضمونهما، وتكون المحكمة قد قضت بما لا أصل له في الأوراق، مما يعيب الحكم ويبطله ويوجب نقضهquot;.

وأضافت محكمة النقض ان محكمة الجنايات جعلت أقوال المتهم الثاني محسن السكرى في شأن تبريره للصور التي التقطت له عبر كاميرات المراقبة وتبرير تواجده في مكان الجريمة بأنه كان عائدا من صالة رياضية دليل اتهام بدلا من ان أخذها على انها دفاع بعدم ارتكاب الجريمة ، مما أدى الى استناد محكمة الجنايات الى قرينة باطلة ضمن القرائن المتساندة .

وأكدت انه quot;لا يجوز في منطق العقل استخدام دفاع المتهم دليلا عليه، بل يجب على المحكمة أن تقيم الدليل على عوار هذا الدفاع من واقع الأوراق إذا استبعدته، ومن ثم يتعين نقض الحكم من هذه الوجهة.quot;

وتابعت محكمة النقض في معرض حيثياتها أن quot;محكمة الجنايات عولت على شهادة الضابط بالإدارة العامة للتحريات بدبي، وذلك في ضوء ما شهد به أمام المحكمة باختلاف المواقيت الزمنية التي تسجلها كاميرات المراقبة في برج الرمال 1 وفندق الواحة في ذات اللحظة الزمنية، وأن النظام السليم هو النظام الخاص ببرج الرمال، وأن الفارق الزمني بين النظامين في ذات اللحظة الزمنية من 3 إلى 4 دقائقquot; .

وأوضحت ان quot;دفاع المتهمين تمسك بالمنازعة في الزمن الذي استغرقه وقت ارتكاب الحادث، منذ لحظة خروجه من فندق الواحة، حتى دخوله برج الرمال، وارتكابه الجريمة، ثم خروجه من برج الرمال عائدا إلى فندق الواحة، وهي في حسابات الزمن بضع دقائق، حسبما اعتنق حكم الجنايات صورة الواقعة.quot;

وقالت محكمة النقض إن quot;الدفع المتعلق بحساب فروق توقيت تتبع حركة السكري، يوم ارتكاب الجريمة، يعد في خصوص الدعوى المطروحة، دفاعا جوهريا، لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى، ولو صح لتغير وجه الرأي فيها، ومن ثم كان ينبغي على محكمة الجنايات أن تتخذ ما تراه مناسبا من الوسائل بتحقيق هذا الدفاع الجوهري، عن طريق المختص فنيا بتشغيل تلك الكاميرات، ونظرا لأنها لم تفعل ذلك، فإن الحكم يكون معيبا بالقصور فضلا عن إخلاله بحق الدفاعquot;.