فاق العراقيّون في مثل هذا اليوم في العام 2003 على مشهد الدبابات الأميركيّة، وهي تتواجد في قلب العاصمة العراقية بغداد، وبدأت تظاهرة مليونية صباح اليوم في هذه الذكرى للتنديدباستمرار تواجد القوات الأجنبية في العراق.

لندن:سبع سنوات مرت على دخول القوات الاميركية في مثل هذا اليوم من العام 2003 الى قلب العراق وعاصمته بغداد في عملية عسكرية فريدة شاركت فيها جيوش 31 دولة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا لتسقط نظامًا حكم العراقيين 35 عامًا .. لكن الامال التي وضعها العراقيون على عملية التغيير تلك في تحقيق امن البلاد واستقرارها وازدهارها ما زالت برسم الانتظار نتيجة اخطاء الدول التي قادت الحرب وقراراتها واجندات الحكام الجدد الذين تولوا زمام الامور بعد ذلك وحيث خرج العراقيون في مسيرة مليونية اليوم نظمها التيار الصدري بمدينة النجف استنكارًا لـ quot;الاحتلالquot; ودعوة إلى التحرر من آثاره بشكل كامل .

وفي مشهد تناقلته شاشات التلفزيون عبر العالم لا يمكن أن ينساه العراقيون حين صحوا في مثل هذا اليوم من العام 2003 على منظر الدبابات الاميركية وهي تتمركز على جسور بغداد فوق دجلتها وفي شوارع العاصمة وساحاتها الرئيسة معلنة بدء مرحلة جديدة من تاريخ هذا البلد الذي ظل لأكثر من 20 عامًا قبل ذلك محط اهتمام العالم منذ أن بدأت حربه الدموية مع ايران التي استمرت 8 أعوام، ولتكون نهايتها بداية حرب جديدة على ضفاف الخليج اثر احتلال قوات النظام العراقي السابق للجار الجنوبي الكويت لتبدأ تداعيات حصار سياسي واقتصادي وعسكري على شعب انهكته الحروب واتعبته العقوبات الاقتصادية التي فرضها النظام الدولي بسبب مغامرات حكامه غير المحسوبة العواقب .

ومنذ ذلك اليوم 9 نيسان (ابريل) العام 2003 والعراق يدور في فلك صراعات سياسيّة وامنيّة عطلت تقدمه وعرقلت وضعه على الطريق الصحيح الموصل الى بر الامان والاستقرار، وذلك نتيجة تداعيات خارجية وداخلية معقدة على العكس مما كان يأمل منه العراقيون في ولوج مرحلة من الحرية والديمقراطية تنسيهم الام وعذابات العقود الثلاثة الماضية، لكن واقع الامر فرض عليهم عذابات من نوع اخر خسروا خلالها الكثير من امالهم وطموحاتهم واستقرارهم وامنهم، وكانوا قد فقدوها نتيجة تدهوراته المستمرة ملايين الضحايا والمهجرين والارامل والايتام .

فقد بدأت عمليات تدهور الاوضاع العراقية بقرارات الحاكم الاميركي المدني السابق للعراق بول بريمر بحل مؤسسات الدولة وركائزها الاساسية وخاصة قوات الامن والجيش، مما احدث انفلاتًا امنيًّا خطرًا فتح حدود العراق مشرعة شرقًا وغربًا وجنوبًا لكل متسلل سنحت له الفرصة للعبث بمصائر العراقيين الذين دخلوا نفقًا مظلمًا جديدًا .

وتوّج بريمر قرارتهبإجراءات لقيت تأييدًا وحماسًا من حكام العراق بتشكيل مجلس الحكم والجمعية الوطنية على اسس من المحاصصة الطائفية والعرقية التي شوهت صورة ما اطلق عليه quot;العراق الجديدquot; الذي يجهد حكامه الان وبعد سبع سنوات من ممارسة السلطة من اجل quot;الخروج من الشرك الذي اوقعوا انفسهم فيهquot; من خلال تداعيات هذه المحاصصة التي بنت حاجزًا وسورًا عاليين بينهم وبين مواطنيهم .. وحيث جرت هذه المحاصصة معها جميع الاخفاقات التي يعاني منها العراقيون الآن فسادًا ماليًا وبطالة وانهيارات امنية خطرة .

وبينما كان التطلع لأن تمر هذه السنوات السبع وقد وصل بعدها العراق الى بر الامان، إلاأنّالعراقيين يعيشون الان وضعًا امنيًا متدهورًا حيث يضرب الارهاب بكل العنف الذي يمتلكه من وسائل الحقد والانتقام بارواح العراقيين الذين يتساقطون في كل يوم بالمئات بين صريع وجريح في عمليات لا يعرف العراقيون متى يتخلصون منها وسط اتهامات متبادلة بين قادتهم عن القصور والاختراقات الامنية .
وتحل الذكرى السابعة للحرب وما زال العراقيون يبحثون عن الامن والاستقرار المفقودين وحيث الارهاب بدأ يستخدم اساليب مدمرة باستهداف عمارات سكنية بساكنيها وتلغيمها لتسقط على رؤوسهم ولا امل في انتهاء عذابات العراقي وسط هذا الفراغ الرسمي الذي يلف البلاد بانتهاء ولاية السلطتين التشريعية والتنفيذية وتنامي صراع السياسيين الاضداد .

ومما يزيد من مخاوف العراقيين هو الوضع الضعيف لقواتهم المسلحة عدة وتسليحًا وتدريبًا وخبرة مع اقتراب رحيل القسم الاكبر من القوات الاميركية المقاتلة من البلاد بحلول اب (اغسطس) المقبل ومغادرتها بالكامل مع نهاية العام المقبل. ويعتقد خبراء عسكريون ان القوات الامنية العراقية ستمر باول اختبار حقيقي لها مع اكتمال انسحاب القوات الاميركية الا ان المشكلة الاكبر التي ستعاني منها القوات العراقية هي السيطرة على اي اضطرابات في الشارع قد تحدث بعد الانسحاب واستيقاظ الخلايا النائمة للمجموعات المسلحة لتؤجج معها العنف الطائفي الذي يبدو خامدًا حتى الان ما لم توقظه التناحرات السياسية والتسابق على المناصب بين السياسيين.

وفي الذكرى السابعة للتغيير يتقاتل السياسيون لكي يحوز كلا منهم على حصة في الحكومة الجديدة المنتظرة، على الرغم من أنّ المواطنين العراقيين قد حسموا خياراتهم وصوتوا للكتلة التي يرون في مشروعها السياسي ما يمكن ان يحقق لهم بعض طموحاتهم ويخفف من الامهم ليعيشوا في بلد امن وخدمات عامة متوفرة واحتياجات حياتية ملحة ملباة .. لكنها المحاصصة التي يحن اليها بعضهم من هؤلاء السياسيين الذين لا يحملون من الكفاءة والاخلاص والتمييز ما يمكن أن يكونوا معه اهلا للثقة وتحمل المسؤولية .

بدء مسيرة مليونية في النجف بذكرى الحرب
وبدأ صباح اليوم الاف العراقيين الذين قدموا الى مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) من مختلف انحاء البلاد مسرة مليونية ينظمها التيار الصدري في الذكرى السنوية السابعة للحرب الاميركية على العراق . حيث انطلقت التظاهرة في الساعة التاسعة من صباح اليوم بالتوقيت المحلي (6 غ) من امام مسجد الكوفة وحتى ساحة الصدرين وسط المدينة حيث يتلى بيان لمقتدى الصدر امام حشود المتظاهرين حول الموقف من الاحتلال وظروف الساحة السياسية . ويشارك في التظاهرة مختلف الاطياف الشعبية والسياسية وخاصة من محافظات الوسط والجنوب حيث يرفع المتظاهرون فيها العلم العراقي. كما شارك في التظاهرة عدد من النواب الفائزين في الانتخابات التشريعية الاخيرة وسط تنسيق بين التيار الصدري والاجهزة الامنية لحماية المتظاهرين .

ومنذ ثلاثة ايام توافد مئات الالاف من العراقيين على مدينة النجف للمشاركة في التظاهرة حيث اشار القيادي في التيار الصدري حازم الاعرجي انها تاتي في وقت عبر فيه العراقيون عن تمسكهم بوحدتهم واستقلالية بلدهم ورفضهم محاولات تقسيم العراق او استمرار احتلاله. واوضح ان المشاركين بهذه المسيرة يمثلون مختلف شرائح المجتمع العراقي وليسوا من فئة واحدة او تيار معين اذ ان كل العراقيين يرفضون اليوم استمرار احتلال بلدهم وهذه المسيرة هي للتعبير الحي عن رفض الوجود الامريكي على الاراضي العراقية . واضاف ان الشعارات المرفوعة موحدة ولا يوجد شبينها غير المنادية بخروج الاحتلال من العراق او هتافات باسم شخص او فئة او طائفة، حيث اكد الصدر على ان تكون الهدافات للعراق فقط والمطالبة بخروج المحتل.

وقد اتخذت الاجهزة الامنية اجراءات احترازية للحفاظ على ارواح المتظاهرين كما اتخذت الاجهزة الصحية والخدمية كافة الاجراءات المتعلقة بتقديم الخدمات الصحية والخدمات الاخرى للمشاركين في التظاهرة. يذكر ان التيار الصدري دأب على تنظيم تظاهرة في كل عام رافعًا الاعلام العراقية، منددًا بالاحتلال رافضًا وجوده ومطالبًا باستقلال العراق .

وخلال التظاهرة تلى القيادي في التيار الصدري حازم الاعرجي بيانا صادرا عن الصدر بهذه المناسبة هاجم فيه الاحتلال والحكومة والبعثيين والارهابيين وقال quot;ارجو من الله ان يحفظ العراق في مرحلة ما بعد الانتخابات من المحتلين والظالمين والمتسلطين والراغبين في السلطة تلذذا وارهابا للمواطنين. ودعا السياسيين الى النظر الى الشعب العراقي quot;بعين ابويةquot; بعد ان اعطاهم صوته quot;رغم الارهاب والمفخخات من اجل ان يوصل المخلصين العاملين لشعبهم الى السلطة وحتى لايرجع البعث ولا الارهاب ولا الاعتقالات التعسفية والقمع والحروب الاهلية والحكومات العميلة للغرب التي تعمل على فساد وافساد الشعبquot;.

وشدد الصدر بالقول quot;نريد دولة كريمة يعز فيها الاسلام ويذل فيها النفاق خاصة ونحن مقبلون على مرحلة لامكان فيها للمحتلين ولا للظالمين ولا للمخربين والطائفيين ولا الذين ملآوا السجون والمعتقلات بالمقاومين وملآوا العراق بالعاطلين وابعدوا الجيران عن العراق.. وعلينا المطالبة بالجلاء ورحيل المحتلquot;. ومن جهتهم قام المتظاهرون بحرق الأعلام الأميركية والإسرائيلية وسحقها بأقدامهم وأطلقوا الشعارات المنددة بالوجود الأميركي في العراق.