تباينت القراءات والتحليلات لما ستتمخض عنه قمة الأمن النووي التي ستعقد في واشنطن، فبينما يرى بعضهم أنها ستمثل إختبارًا لدبلوماسية باراك اوباما، يعتقد آخرون انها لن تحقق اختراقات في المواضيع الحساسة التي تشغل العالم.
القاهرة: في وقت يُنظَر فيه إلى قمة الأمن النووي التي ستنعقد اليوم وغدًا في واشنطن، على أنها أول جهد دولي غير مسبوق لمناقشة تخفيف الخطر العالمي من الأسلحة النووية ومنع انتشارها وحيازاتها من قبل حركات إرهابية. وبينما تسعى القمة للحصول على تعهدات من جميع الدول لاتخاذ خطوات لوقف انتشار النووي وتأمين المواد النووية الضعيفة وتحصينها، تنوعت اليوم تحليلات الصحف الأميركية بأبعاد القمة وما يدور في كواليسها.
فمن جانبها، قالت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية في عددها الصادر اليوم إنه وفي الوقت الذي التقى فيه الرئيس أوباما يوم أمس بسلسلة من زعماء العالم لمناقشة وضع نظام أفضل لمراقبة المواد النووية، قامت إدارته بتسليط الضوء على رسالة مختلفة في ما يبدو وهي: أن الترسانة النووية الأميركية لا تزال قوية كما كانت دائمًا. وتلفت في هذا السياق إلى تلك المقابلات التلفزيونية التي أجراها كل من وزير الدفاع، روبيرت غيتس، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، والتي سعيا من خلالها إلى التأكيد على قوة البلاد العسكرية. حيث أشارا إلى أن الولايات المتحدة ستقوم بإنفاق 5 مليارات دولار هذا العام لتحديث ما تمتلكه حاليًا من أسلحة نووية، قالا إنها قد تُستخدم إذا ما أحدق الخطر بأمن البلاد أو في حالة التعرض لهجوم بيولوجي.
ثم تمضي الصحيفة لتقول إن القمة ستمثل اختبارًا لدبلوماسية أوباما وقدرته على إحداث توازن دقيق. وتشير إلى أن إحراز تقدم في تأمين المواد النووية سَيُمَكِّنه من الحصول على زخم دولي في ما يتعلق بخفض الأسلحة النووية، كما يسعى لذلك، وإن كان مطالب في الوقت نفسه بأن يُطمئِن صقور الدفاع بأن أمن الولايات المتحدة لن يتم المساس به.
في ما تؤكد صحيفة quot;لوس أنجليس تايمزquot; على أنه من المتوقع ألا تهتم القمة بالمواضيع الحساسة. وتنقل في هذا الجانب عن دبلوماسي قريب من المحادثات، لم تحدد هويته، قوله: quot;سوف يعطي الاجتماع رؤية جديدة لموضوع لم يحظَ بالقدر الكافي من الاهتمام. وسوف يدفع الناس لبذل مزيد من الجهد. وفي محاولة من جانبها لإقناع الدول باتخاذ خطوات جديدة، مثل وضع معايير لتحقيق الأمن المادي، تجنبت الإدارة الأميركية الخوض في قضايا حساسة كثيرةquot;.
وتكشف في ذات الوقت عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتنياهو، ألغى خططًا لحضور القمة لتخوفه من أن تقوم مصر وتركيا بإحراج بلاده، بشكاوى متعلقة ببرنامجها النووي غير المعترف به وتدعي امتلاكه. وفي بداية حديثها، تقول المجلة إنه وفي الوقت الذي تسير فيه التحضيرات الخاصة بالقمة على قدم وساق، عَمِل مسؤولو الإدارة الأميركية بصورة هادئة على صياغة موقف مشترك للقوى العالمية التي لا تزال منقسمة بشدة بشأن الطريقة المثلى التي يمكن انتهاجها لحماية المواد التي تستخدم في تصنيع القنابل.
وترى الصحيفة في شأن آخر أن القمة التي ستنعقد على مدار يومين هي مسألة هيبة شخصية للرئيس أوباما، الذي بني حملته الانتخابية للبيت الأبيض على وعد بتأمين quot;الأسلحة النووية الطليقةquot; في غضون أربع سنوات. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أجانب شاركوا في المناقشات التي أجراها أوباما يوم أمس مع عدد من قادة العالم، تأكيدهم على أن المسؤولين الأميركيين ركزوا على مجالات ذات نطاق مشترك، وتجنبوا الاختلافات، أثناء قيامهم بكتابة بيان مشترك تم إنجاز معظمه تقريباً قبل أيام من بدء القمة.
فيما قالت شارون سكواسوني، المسؤولة الأميركية السابقة بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية :quot; يشعر بعض الزعماء الأوروبيين بالقلق إزاء ما يُطلق عليها المواد الإشعاعية التي تستخدم في تصنيع القنبلة الذرية. كما ترى كثير من الدول غير النووية الأجندة الخاصة بـ ( الأسلحة النووية الطليقة ) من منظور أن الأميركان يطلبون منهم بذل مزيدًا من الجهد، والإنفاق بشكل أكبر، لجعل الأميركيين يشعرون بالأمانquot;.
بينما تشير صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في تقرير لها حول نفس الموضوع إلى أن القمة ترمي إلى تأمين الأسلحة النووية والمواد التي تدخل في تصنيعها، للحيلولة دون وقوعها في أيدي الإرهابيين. وتلفت إلى أن الرئيس أوباما يود أن يتوصل مع حلول مساء يوم غدٍ الثلاثاء إلى خطة لتأمين مخزون العالم من البلوتونيوم واليورانيوم عالي التخصيب ndash; تلك المكونات الأساسية التي تدخل في تطوير الأسلحة النووية ndash; وذلك بحلول العام 2013. وهو المعنى نفسهالذي أكده بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض للاتصال الاستراتيجي.
وتمضي الصحيفة لتنقل في هذا السياق عن تشارلز فيرغسون، رئيس اتحاد علماء الطاقة الذرية في واشنطن، قوله :quot; إن كان لي أن أسدي بالنصيحة للرئيس أوباما، فسأقول له عليك أن تكون مستعدًّا لإجراء بعض المقايضات أو الصفقات مع الدول التي لا تنظر إلى الأمن النووي بالأولوية نفسها التي تبديها واشنطن تجاه المسألةquot;. وتنقل كذلك عن منسق الرئاسة الأميركية لمراقبة الأسلحة، غاري ساموري، قوله :quot; إن كان بوسعنا أن نؤمِّن المواد النووية، لكنا قد تمكنا من إيجاد حل لخطر الإرهاب النوويquot;.
التعليقات