بتوجه زعيم الائتلاف العراقي عمار الحكيم اليوم الى الرياض يعقبه نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي يتوج المسؤولان الكبيران سلسلة مباحثات اجراها قادة عراقيون مع العاهل السعودي الملك عبد الله خلال زيارات متعاقبة الى الرياض من اجل اعادة التوازن لعلاقات بلادهم مع محيطها الاقليمي. واستهدفت تأكيد حرص العراقيين على علاقات متوازنة مع دول المنطقة وعدم انفراد واشنطن وطهران بها حيث شددت الرياض خلالها على موقفها المحايد من جميع القوى العراقية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية.. بينما يقوم الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى خلال ايام بزيارة الى بغداد للبحث مع مسؤوليها التحركات السياسية في البلاد الهادفة الى تشكيل حكومتها الجديدة.

لندن: توجه إلى الرياض اليوم زعيم الائتلاف الوطني العراقي رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم في زيارة رسمية الى الرياض هي الاولى من نوعها منذ توليه رئاسة المجلس اثر رحيل والده عبد العزيز الحكيم العام الماضي. وسيبحث الحكيم خلال الزيارة التي تأتي تلبية لدعوة من الملك عبد الله نقلها اليه في اتصال هاتفي الاسبوع الماضي وزير الخارجية الامير سعود الفيصل مع كبار المسؤولين السعوديين يتقدمهم الملك عبد الله بن عبد العزيز اخر التطورات على الساحة السياسية العراقية والحوارات الجارية بين القوى العراقية لتشكيل الحكومة الجديدة. وقال مصدر في المجلس الاعلى الاسلامي ان الحكيم سيبحث في الرياض ايضا العلاقات بين البلدين ومتطلبات تطويرها وتوسيع مدياتها في المجالات كافة الى جانب الاوضاع الامنية في العراق ودور بلدان المنطقة في تعزيزها وتامين النظام الامني الاقليمي.

وأشار إلى أن زيارة الحكيم هذه وتزامنها مع زيارتي طالباني وبارزاني ستفتح افاقا واسعة للتفاهم وتنقية اجواء العلاقات بين البلدين التي سادها التعثر خلال حكومة المالكي الحالية. واليوم قال علي الاديب القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ان الائتلاف لم يتلق اي دعوة من السعودية لزيارتها وكذلك لم يتلق رئيس الوزراء دعوة مماثلة لها. واضاف ان المالكي وبصفته رئيسًا للوزراء كان قد رغب بزيارة المملكة العربية السعودية في وقت سابق ولكن لم يتلق اي رد ايجابي. واشار في تصريح نقلته وكالة الانباء الوطنية العراقية الى انه في حالة تلقي ائتلاف دولة القانون دعوة من السعودية فانه سوف يدرسها.

الهاشمي في الكويت اليوم وفي الرياض غدا
وفيما يصل الحكيم الى الرياض يستعد نائب الرئيس العراقي القيادي في الكتلة العراقية طارق الهاشمي التوجه الى هناك غدا حيث بدأ اليوم جولة عربية بدأها بالكويت على رأس وفد في زيارة رسمية بدعوة من امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح. وقال المكتب الاعلامي لنائب رئيس الجمهورية في بيان ان الهاشمي سيبحث خلال الزيارة مع المسؤولين الكويتيين سبل تدعيم العلاقات الثنائية وافاق تطويرها والقضايا العالقة بين العراق والكويت. واشار الى ان الهاشمي سيغادر الكويت غدا الاربعاء متوجها الى المملكة العربية السعودية بناء على دعوة رسمية سابقة يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وعددًا من المسؤولين فيها. واضاف ان جولة الهاشمي تاتي من اجل التشاور وتبادل وجهات النظر في عدد من القضايا التي تهم العراق وسبل تعزيز علاقاته مع اصدقائه واشقائه.

وبزيارة الحكيم والهاشمي الى السعودية يكون كبار القادة العراقيين قد التقوا المسؤولين السعوديين وعلى راسهم الملك عبد الله حيث بحثوا الشان العراقي وعلاقات العراق مع محيطه العربي. فقد زار السعودية واجتمع مع عاهلها الملك عبد الله قبيل اجراء الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في السابع من الشهر الحالي زعيم القائمة العراقية رئيس الوزراء السابق اياد علاوي الذي فاز فيها... ثم اعقبه وفد من التيار الصدري حيث اجرى مباحثات مع وزير الخارجية سعود الفيصل تناولت علاقات البلدين وتطورات الاوضاع على الساحة العراقية.

وخلال الايام الثلاثة الماضية زار السعودية بالتتابع كلا من الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني. وخلال اجتماعه مع طالباني الاحد فقد اكد الملك عبد الله quot;إنّ المملكة العربية السعودية تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين وتعمل على دعم العراق دون التدخل في شؤونه الداخليةquot;.

وشدد على حرص المملكة على أن يكون العراق آمنًا ومستقرًّا معتبرًا بلوغ هذا الهدف نجاحًا وانتصارًا للعرب كلهم واضاف ان المملكة تتطلع الى بقاء كلمة العراقيين موحدة وأن يشارك جميع العراقيين في ادارة شؤون بلادهم وان المملكة لن تألو جهدًا في سبيل ذلكquot;. واضاف quot;ان هذه هي تطلعات العرب جميعًا، مبديًا الاستعداد للتعاون مع سائر الاشقاء لدعم العراق ومسيرتهquot;. وشدد على ان quot; المملكة العربية السعودية لا تفرق بين عراقي واخر وتنظر اليهم جميعًا أيًّا كانت انتماءاتهم، نظرة واحدةquot;.

وكان الأمير سعود الفيصل قال الجمعة إن الاستقرار في العراق لن يأتي من خارجه بل من الإرادة العراقية وإن السعودية لا علاقة لها بالشؤون الداخلية لهذا البلد. وردّ الفيصل على تفسير زيارة علاوي الأخيرة للمملكة قائلاً quot;نحن نقف مع كل عراقي مع وحدة العراق واستقلاله وسيادته على أراضيه ونقف على مسافة واحدة من جميع السياسيين العراقيينquot;. وأعرب الفيصل في تصريحات متلفزة عن أمل المملكة في استقرار العراق وضمان سيادة كاملة لأراضيه ومساواة في التعامل أمام القانون لكل فرد من الشعب العراقي مهما كانت هويته أو ديانته ومهما كان شكل الحكومة الجديدة.

البحث عن توازن لعلاقات العراق مع دول المنطقة

ويرى مراقبون ان مباحثات الكتل العراقية وتوجهها نحو الأطراف العربية يأتي بحثا عن توازن داخل المشهد السياسي الداخلي للعراق والخروج من الهيمنة الايرانية والاميركية على شؤون العراق والبحث عن توازن عربي بوجه تلك الهيمنة تمثلها السعودية بثقلها السياسي وجيرتها للعراق. واكد هذا التوجه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي اكد ان بلاده تقف مع كل عراقي ومع وحدة العراق واستقلاله وسيادته كما تقف على مسافة واحدة من جميع السياسيين العراقيين.

وأضاف خلال زيارة وفد التيار الصدري للرياض مؤخرا quot;أن الاخوان في العراق مرحب بهم في المملكة بطبيعة الحال بكل طوائفهم وبكل أعراقهم والتيار الصدري معروف في العراق وحصلت لقاءات مثمرة معهمquot;.

ومن جانبه اعتبر عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان أن زيارات الكتل العراقية للمملكة السعودية تأتي على خلفية تشجيع الولايات المتحدة دولاً عربية على التدخل في العراق لمواجهة التدخل الإيراني الكبير فيه. واكد عثمان أن quot;أميركا شجعت بعض الدول العربية ومن بينها السعودية والأردن على التدخل في الشأن العراقي في محاولة منها للجم التدخل الإيراني الكبير داخل البلادquot; منتقدًا في الوقت نفسه quot;الساسة العراقيين الذين يلجأون إلى دول إقليمية لحل مشكلة تشكيل حكومتهم بدلا من حلها داخليًاquot;.

وضمن هذا التحرك العراقي فقد زار الرئيس جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي طهران مؤخرا كما زار عدد كبير من السياسيين العراقيين دولة الإمارات العربية المتحدة الاسبوع الماضي للتعزية بوفاة احمد بن زايد آل نهيان شقيق رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان من بينهم الهاشمي وعلاوي ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي اضافة الى عادل عبد المهدي.
وعقدت القيادات العراقية هذه أيضا مفاوضات مع عدد من المسؤولين الإماراتيين بشأن تشكيل الحكومة العراقية. كما زار وفد من التيار الصدري يرأسه رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري كرار الخفاجي دمشق وبعدها الرياض.

وأمس رفض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التدخل العربي والاقليمي في الشؤون الداخلية العراقية وممارسة الوصاية على السياسيين العراقيين. وأضاف المالكي خلال مؤتمر للهيئة العليا للمصالحة الوطنية اقامته لرجال الصحوات في بغداد اليوم ان دولا في المنطقة تحاول التدخل في الشؤون الداخلية العراقية بدءا من احتضان الارهاب ومؤتمراته والتدخل في قضية تشكيل الحكومة العراقية.

وقال إن الآخرين يحاولوا أن يتدخلوا في تفاصيل الحياة العراقية في ممارسات خطيرة يريدون من خلالها ان يقولوا ان رجال العراق بحاجة الى وصاية quot;لكن هؤلاء الرجال اكبر من ان تفرض عليهم وصايةquot; كما قال. واشار الى ان بعض الاطراف الخارجية بدأت تتدخل حتى في نتائج الانتخابات الاخيرة والطعون التي قدمتها الكيانات السياسية ضدها رافضا هذه الممارسة قائلاquot;دعوا العراقيين هم الذين يعترضون وهناك قضاة ومحاكم يبتون في هذه الاعتراضاتquot;. وخاطب دول المنطقة والجوار قائلا quot;لاتتدخلوا في شؤوننا.. ودعونا نؤسس لمستقبلنا ونسير شؤننا بانفسناquot;.

وتزامنًا مع هذا الحراك السياسي العراقي نحو دول المنطقة ينتظر ان يقوم الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بزيارة الى بغداد الاسبوع الحالي لاجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين حول تطورات الاوضاع السياسية في بلادهم عقب الانتخابات التشريعية الاخيرة. ومن المقرر ان يجتمع موسى مع الرئيس جلال طالباني ورئيس الحكومة نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري وفعاليات عراقية اخرى لبحث دور الجامعة في دعم العملية السياسية في العراق وما يمكن ان تقدمه من اجل تسهيل تشكيل حكومته الجديدة.