لا يزال التصعيد الذي شهدته العلاقات السورية - الإسرائيلية قبل أكثر من أسبوع، يثير كثيرا من التحليلات والحسابات المختلفة في أوساط سياسية داخلية في إسرائيل كما في الحلبة الإقليمية والدولية.

تل أبيب:مع أن مصدر التصعيد كان ما كشفته صحيفة الصندي تايمز البريطانية مطلع الأسبوع الماضي، وقالت فيه إن إسرائيل نقلت رسالة واضحة لسوريا مفادها أن إسرائيل لن تتورع عن ضرب سوريا إذا أطلق حزب الله صواريخه باتجاه إسرائيل، وبرغم مسارعة وزير الأمن الإسرائيلي ، إيهود براك إلى القول الأسبوع الماضي إنه لا يرى حربا جديدة في لأفق، إلا أن لجوء تل أبيب إلى تصعيد لهجتها ضد سوريا، وما تبع ذلك من فتح quot;ملف صواريخ سكودquot; واتهام إسرائيل لسوريا بنقل مثل هذه الصواريخ لحزب الله، إلا أن اغلب المتابعين للملف السوري الإسرائيلي، يرون هذه التصريحات وهذا التصعيد كجزء من لعبة شد الأعصاب بين الطرفين، ومحاولات كل منهما توسيع نطاق قوته الرادعة تجاه الآخر، بعيدا عن إشعال جبهة قتال حقيقية.

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شطيرن في حديث خاص مع إيلاف إن التلاسن الكلامي بين سوريا وإسرائيل هو ظاهرة بتنا نشهدها من حين لآخر، وهي بمثابة أداة تستخدمها إسرائيل للضغط على سوريا، دون أن يكون الهدف منها تصعيدا عسكريا حقيقيا.

ولفت شطيرن إلى أن إسرائيل تنقل الرسائل لسوريا بعدة طرق ومن خلال عدة قنوات، تركيا وفرنسا، وأطراف أخرى ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية لها إسقاطاتها وتأثيرها ووزنها مثل نقل صواريخ سكود من سوريا لحزب الله، تطفوا الأمور إلى السطح وتصدر التصريحات المحذرة. كما يتأثر ذلك بشك كبير بالموقف الأمريكي من سوريا. فمنذ فترة طويلة وإدارة أوباما لا تتعجل ترتيب علاقتها مع سوريا وإزالة الشوائب المعيقة لهذه العلاقة، إذ أن أوباما، على ما يبدو يعتقد أن سوريا لا تسير وفق ما كان يفضله هو على الرغم من أنه يمكن الافتراض بأن المطالب التي توجهها الإدارة الأمريكية لسوريا أقل مما يبدو إعلاميا.

وأضاف شطيرن، الذي يعمل أيضا في مركز بيرس للسلام إنه يعتقد بأن على سوريا أن تمتنع عن الخطوات التي تقوم بها مؤخرا لأن ذلك سيحسن مكانته الدبلوماسية ويظهر إسرائيل بمظهر الرافض للسلام.

وخلص شطيرن إلى القول إن هذه المناوشات الكلامية بين إسرائيل وسوريا مرشحة للتواصل لكنها لا تقترب إطلاقا من التصعيد العسكري الحقيقي.
ويتفق موقف شطيرن هذا مع موقف محرر شؤون الشرق الأوسط في الإذاعة الإسرائيلية ، يوسي نيشر، الذي كان اعتبر في حديث خاص مع إيلاف في الأسبوع الماضي أن هذا التصعيد هو تصعيد موسمي نشهده في كل صيف تقريبا، معتبرا أن هدفه الرئيس ، إسرائيليا، هو بالذات الامتناع من الوصول إلى حالة من الاشتباك العسكري أو التصعيد العسكري.

وأشار نيشر إلى أن كثيرا من هذه المناوشات، صدرت عن جهات يمينية في الحكومة، وأن نتنياهو مضطر بفعل تشكيلة حكومته اليمينية إلى غض الطرف تفاديا لشق الحكومة أو إسقاطها.
أما المستشرق الإسرائيلي ميخائيل كوميم فيرى أن كل هذا التصعيد مرتبط أساسا بالمصالح والاعتبارات التي توجه كل من هذه الدول، فسوريا معنية بالإبقاء على سيطرتها على لبنان، من جهة، والوصل إلى سلام مع إسرائيل يعيد لها أكبر ما يمكن من هضبة الجولان. في المقابل فإن إسرائيل تسعى إلى تحقيق الهدوء على الجبهة الشمالية وسلام مع سوريا دون إعادة الجولان.

وفي هذا السياق يرى كوميم أنه من السهل على إسرائيل مواصلة تصوير حزب الله والاحتفاظ به كعدو يهدد تقريبا كل العالم. ويرى كوميم أن حزب الله يسعى بدوره إلى التشييع في لبنان وباقي أقطار العالم كجزء من الدور الإيراني، وأنه يتغطى بعباءة الوطنية اللبنانية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ويستعين حزب الله لتحقيق هذا الهدف بسوريا للإبقاء الصراع الدائم مع إسرائيل على نار هادئة..

وبحسب كوميم فإن نصر صادق في حديثه عندما يقول إن إسرائيل ليست بحاجة لذريعة لإشعال الحرب، لكنه يكون مفضلا دائما أن يتوفر quot;سببquot; أو عامل يمكن أن تشرح به سبب خروجك للحرب سواء لمواطنيك أم للعالم.

ويلفت كوميم أيضا إلى أن هناك دوافع أخرى تفسر هذا التصعيد من جانب إسرائيل وفي مقدمتها محاولة حكومة نتنياهو لفت الأنظار عما يدور على الساحة الفلسطينية - الإسرائيلية وعن quot;التدخلquot; الأمريكي الفظ، وفق اعتقاد إسرائيل بما يحدث على المسار الإسرائيلي الفلسطيني.