يحتفل العالم اليوم بالضحك الذي يعتبر quot;خير دواءquot;. لكن العراقيين رغم القمع المستمر الذي يعيشونه يضحكون كل يوم ولا بد ليومهم ان ينقضي وهو يحمل شيئا من المزاح. ويقول الشاعر ابراهيم الخياط ان العراقيين اكثر شعوب الارض تداولا للنكتة بسبب الحزن الشديد، فكانت النكتة متنفسا ولولاها لكان الانفجار.

بغداد: قرر العالم .. أن يحتفل بالضحك. ان يضحك ملء شدقيه وان يقهقه بكل ما ملكت نفسه من قدرة ، بأصوات تختلف نبراتها، وخصص لذلك ثلاث دقائق متتالية للترويح عن النفس ، تيمنا بالحكمة القائلة (الضحك هو خير دواء). نعم .. هي حكمة مميزة ، يمتلئ التاريخ العربي بأمثالها ، ومع التحضيرات العالمية للضحك ثلاث دقائق فقط ، من الممكن في هذه المناسبة ان ننظر الى وجوه العراقيين ونتعقب ما يصدر من افواههم من ضحك او قهقهات او كلام يقال من اجل الضحك، هم الذين نالوا من المرارات ما يقتل الضحك في أنفسهم ويجرد الابتسامة ، ومع ذلك فهم لا يفارقون الضحك ، ولا بد ليومهم ان ينقضي وهو يحمل شيئا منه عبر المزاح وإطلاق النكات التي ان بدأت في مجلس لا تنتهي الا بطلبات تؤكد ( كافي .. بطني قامت توجعني) ، ويبدو ان ما يعيشه العراقي في يومه وحالة الضحك تمثل مفارقة غير موجودة لدى اي شعب من شعوب الارض ، وهو الوحيد ربما الذي مع ممارسته للضحك الذي يردد مع نفسه او مع الاخرين (ضحكة خير ياربي) ، بل إن الضحك ذاته يخلق نوعا من الضحك في داخله حينما يعلق العراقي مع ضحكه بالاشارة الى آخرين لا يضحكون بالقول (ضحك خير والشر على بيت فلان) ، ولا بد للضحكة ان تمتد ، وهو أمر يمثل نموذجا انسانيا او اجتماعيا غريبا .

العراقيون .. كما كنت اظن ليس لديهم علم بشيء اسمه (يوم الضحك العالمي) ولكنني وجدت ان هناك من يعرفه ويضحك منه على ضحك العالم ، وكما قال احدهم ، ان العالم ليس لديه مجال للضحك على الرغم من رفاهيته فيختار يوما له، فيما نحن العراقيين رغم همومنا ومتاعبنا نضحك حتى لحظات الحزن والالم !!

كما ان احدهم ارسل لي بهذه المناسبة مجموعة من النكات، وقال لي انقلها الى العالم عسى ان يضحك ضحكا من الاعماق لاكثر من ثلاث دقائق ، والنكات سأسردها في نهاية الموضوع.

يقول الشاعر ابراهيم الخياط ان العراقيين اكثر شعوب الارض تداولا للنكتة بسبب الحزن الشديد والطويل والمآسي والقمع المستمر ، القمع الاسود الذي تواصل على مدى اربعين عاما ، فكانت النكتة متنفسا ولولاها لكان الانفجار هو المتسيد ، فكانت النكات لاسيما في السنوات العشر الاخيرة من عمر النظام السابق هي التي تعطي الاوكسجين لحياة العراقيين ، اذ لم يكن القمع وحده متمكنا منهم بل الحصار والفقر المدقع ، وايام الارهاب في السنوات الاخيرة ، فكانت النكتة تلعب دورها للخروج من تلك الايام التي انطبقت فيها السماء على الارض ، ولولا فرجة النكتة لماتوا .

واضاف : حتى التكنولوجيا اسهمت في النكتة من خلال انتشارها لديهم عبر الرسائل النصية في الموبايل ، ويعتقدون ان اهم انجازات التغيير هو دخول الموبايل ، كما ان العراقيين يقتنصون برامج الكاميرا الخفية من جميع القنوات الفضائية رغم انهم غير صالحين لها لان مزاجهم عصبي ، لكنه يتجاوب معها جدا ، وما زلت اذكر تلك النكتة السياسية التي برع فيها العراقيون بعد عام 1991 حينما اعطى صدام حسين رئاسة الوزراء الى اشخاص مثل محمد حمزة الزبيدي واحمد حسين وسعدون حمادي ومن ثم عاد واخذها منهم ونزلت بالمصادفة اسعار الفواكه والخضر والسلع ،فكانت النكتة هي اذا صدام نزل من رئيس جمهورية الى رئيس وزراء ورخصت السلع فكيف اذا صار وزيرا او مديرا عاما فأنها ستكون ارخص !!.

اما القاص والاعلامي فؤاد العبودي فقال : ارى ان فراش الضحكة ما زال ممدودا امام العراقي وهو الذي عرف بأنه سيد الضحكات في العالم كله ، هو يضحك .. نعم ، لكنه ضحك كالبكاء ، ربما يشبه بكاء الفرح لدى الامهات الطيبات ، والعجيب في أمر العراقي ndash; الاسطورة انه يصنع ضحكة في فرن الاحزان ويخلق النكتة كي ينجو من هجير العذاب.

واضاف : انه يضحك في كل العصور ليسمو على جراحاته ، في البيت يضحك على سيدة المطبخ العائلي لانها نسيت ان تذر الملح على المرق ، وفي السيارة يضحك لان مقاعدها قد مزقت بنطاله ، وفي مقر عمله يضحك لان الساعات تمر عليه كمقصلة فرنسية ، لكنه يضحك ، ولا ادري من اين جاء العراقي بهذا الجبروت لكي يضحك من كل شيء وعلى كل شيء ، ولولا ضحكه هذا .. لوجدته في لحظة من اللحظات قد نفض عنه ثيابه ومشى عاريا ، الا ان الضحكة هي التي كست عري ايامه وعري ثقته بأن الدنيا ربيع والجو بديع ، مع هذا يظل (لايقفل على كل المواضيع) .

بدوره قال الشاعر ابراهيم زيدان : quot; نحن العراقيين نضحك كثيرا من شدة الألم كالطير يرقص مذبوحا من شدة الالم ، ومن كثر ما نعانيه صرنا نخترع النكتة كي ننفس عن همومنا واوجاعنا فكل ما يحيطنا يبعث على السخرية فالواقع مرير جدا ، وكثيرا ما نبحث او نخترع كما قلت لك طرفة جميلة نعبر فيها عن رفضنا لواقعنا الأليم ، لقد منح الله تعالى الامم الاخرى قادة حكماء وليس كما نحن فقد سلط الله تعالى علينا حكاما ملعونين ليس في قاموسهم شيء عن الحق والباطل اذ لا فاصل بينهما كما يظهر ولذلك ساد الباطل وصار الحق شيئا غير مألوف ، ولك ان تجد ما يسرّ قلبك وسط هذا العالم الذي يسوده الباطل والعياذ بالله وكل ذلك من أجل سلطة زائلة لا اكثر quot;.

واضاف: الطرائف التي اخترعها العراقيون للتفريج عن همومهم كثيرة ، وهي الدواء الذي يجعلهم لايفكرون في الانتحار خلاصا من واقع فاسد صار فيه السياسي زعيما لعصابة ، ولكن ما أجمل الضحك الذي يطيل العمر ان العراقيين اليوم يضحكون من شدة المرارة في حلوقهم ومن شدة خيبتهم بهؤلاء اللاهثين خلف السلطة ، هل يمكن لهذا الشعب يوما ما ان يضحك ملء القلب ويتنفس الهواء النقي ؟ نعم هذا سيتحقق عندما يتحدون ضد كل اشكال الفساد ويهزمون الباطل بعون الله ، عند ذاك سيكون للضحك طعم الاشياء الجميلة الممتعة ، اننا نضحك اليوم بمرارة ستنتهي في يوم ما .

اما الدكتور هيثم احمد الزبيدي استاذ علم النفس في جامعة بغداد فقال : العراقيون لايضحكون الضحك المتعارف عليه ، انما ضحكهم للانتقاص من انفسهم بعد كل الذي عاشوه من قهر وحرمان وحزن ، الفرد العراقي عندما يضحك على الاحداث الجارية في بلده تجده يضحك من نفسه وسوء عمله انتقاصا من شخصيته واستهزاء بأدميته ، والنكت التي يطلقها ليست حقيقية ، انها مصطنعة ، من خلال فعل لاشعوري لتغيير الموقف الذي في طياته احزان ، انها نوع من المجاملة لا اكثر ولا اقل ، لان العمق محزون ، فهو يشعر ان وقت الضحك قد انتهى ، يضحك ويقهقه ليوحي لنفسه ان زمن الاحزان انتهى ، وفي الحقيقة هو يعرف انه غير ذلك ، لكنه تحد لا شعوري لما يعانيه ، وفي المفهوم الشعبي تراه يقول (كافي .. اريد افرح) .

واضاف : ظاهرة الضحك عند الفرد العراقي ذابت ، لكنه يفتقدها ، على عكس الفرد الغربي المستقر نفسيا والمرتاح ، نحن في الكثير من جلساتنا الاجتماعية نضحك ونقول (كافي حزن وخلي نضحك) وفي الحقيقة اننا نغير حالة الحزن بشكل وقتي ، وتراه يقول بعد ان يضحك (يا ربي تكون الضحكة .. ضحكة خير) او يقول (يا سبحان الله .. البارحة ضحكنا ، وما وقعت لنا الضحكة) ، او يقول ( خير اشسامع اليوم تضحك) ، وكأن الضحك لا يليق بنا ، فالشخصية العراقية من سماتها الحزن بدليل ان اكثر من جيل عاش الحروب الطاحنة، وهو لديه مجرد خلق احساس مغاير لما هو فيه !!.

نكات عراقية للعالم كي يضحك اكثر من ثلاث دقائق او لمزيد من الضحك:

* عراقي إشترى مرايه ويباوع لروحه بيهه ، قال ياسبحان الله هالوجه موغريب عليه ، وين شايفه؟؟ وره شويه أخذ له صفنه وقال:أها .. يم الحلاق !!

* عراقيان اثنان ديلعبان شطرنج .. كلما يموت جندي ينصباله فاتحة 3 أيام !!

* قالوا لعراقي :شنو رأيك بالموز؟ قال والله طيب لوما نوايته كبيرة !!

* عراقي اشترى تكسي.. بالشارع يصيحون عليه تكسي تكسي.. قال لهم عمي ادري والله ادري!!

* عربي وكردي يمشيان بالمزرعة..العربي سأله:جاي تشوف هذا ابو الزعر(نوع من الطيور) المصنگر مثل الصلّ فوق الشجرة؟.. الكردي قال متعجب: زين شنو معنى كلمة شجره؟

* عراقي طلع من السينما... قالوا له: شلونه الفلم؟ قال: ليش هوه آني لحگت أسلم على القاعدين حتى أشوف الفلم؟

* مرة عراقي سجل اخته ببرنامج (من سيربح المليون) ، حتى يشوفهه تتصل بيا صديق !!

**اللهم اجعل ضحكاتنا خيرا ولا تجعلها شرا على اميركا ولا على دول الجوار !!