الرياض: لا أدل على مكانة البحرين في نفس وزير الوزارات السعودية وشاعرها وأديبها العريق الدكتور غازي القصيبي من اختياره لها موطنًا للنقاهة بعد رحلة المرض الطويلة المتعبة، ولا أدل على مكانته هو في قلبها أكثر من استقباله الكبير من ممثلي ملك البحرين في مطار المنامة الدولي، كما بثت وكالة أنبائها الرسمية الخبر وكأنه عبارات كتبت في بطاقة تهنئة بالسلامة.

الشاعر السبعيني، الذي دشن جسر السعودية والبحرين في ثمانينات القرن الماضي شعرًا، عاد السبت إلى البحرين أيضًا، واستقبل بحفاوة كبيرة من الشيخين عبدالله وناصر إبني حمد آل خليفة قادمًا من مدينة سياتل الأميركية بعد فترة علاج امتدت لأكثر من عام ,تعرض فيها لكل التكهنات حول مضاعفات قرحته، لكن قريحته جادت كعادتها في عديد المناسبات وكان آخرها مرتبط أيضًا بالبحرين حينما قال قصيدته في quot;السيف الأجربquot; الذي عاد لعرينه في السعودية بعد عقود من تواجده في البحرين.

القصيبي حينما تعرض للشائعة الشهيرة التي طالته قبل شهور تحدث لـ إيلاف بمرارة في حينها، وقال إن مروّجيها أكثر مرضًا من مرضه، فعاد اليوم يسوق خيامه إلى المنامة مذكرًا بقصيدة الجسر الشهيرة حينما تم افتتاح الجسر البحري الرابط بين السعودية والبحرين و قال في مطلعها:

درب من العشق لا درب من الحجر هذا الذي طار بالواحات للجزر
سـاق الخـــيام إلى الشطآن فانزلقت عبر المياه شراعا ابيض الخفر
ماذا أرى؟ زورقًا في الموج مندفعا أم أنــه جمـل مـا مـل من سـفر

وكأنه يعود إلى مراتع صباه وسنين تعليمه الأولى في منامة البحرين التي ذهب إليها يتيمًا بعد أن فقد والدته ولم يكمل عامه الأول بعد، ومن هناك انطلق إلى الدنيا دارسًا ووزيرًا وسفيرًا ومع ذلك كله شاعرًا وأديبًا، في القاهرة وكاليفورنيا ولندن.

ومثلما لا يكاد يخلو كتاب أو ديوان للقصيبي من ذكر شاعر العربية المتنبي، لا تكاد تخلو سيرة القصيبي من سهر الخلق جراء كل همساته وسكناته، حتى نحلت قصائد وقيلت أحاديث على لسانه، ولم يكن يرد عليها أو على هجمات خصومه سوى بالمزيد سعيًا، والكثير من الصبر والأناة، متمثلاً ببيتين من قصيدة اشتهرت له قال فيها :

قــل للـوشـاة أتـيـت أرفــع رايـتــي البيضاء فاسعوا في أديمي واضربوا
هذي المعارك لست أحسن خوضهـامــن ذا يـحـارب والغـريـم الثـعـلـبُ

ويقول سعوديون كثيرون ممن تأسرهم سيرة وحكايات وزير الطبقة الوسطى الغالبة في السعودية، إنه كان وحيدًا في وجه طوفان التيارات الرجعية، على الرغم من انشغاله بالوزارات التي تعاقب عليها سواء الصحة أو الصناعة والكهرباء أو المياه، كان ملهمًا في عز الموجة بمبدأ وطني ثابت لا يتزحزح، حتى عاد الكثير منهم يتبنى ما قاله القصيبي في عز هجومهم عليه.

الأخبار الواردة من البحرين تقول إن وزير العمل الذي أخذ على عاتقه محاربة البطالة في السعودية سيطير للقاء العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز في الرياض للسلام عليه ثم يعود أدراجه مكملاً فترة النقاهة في المنامة.

وبحسب مقربين من الوزير السعودي الذي قال في تصريح سابق لصحيفة الحياة اللندنية إنه يرغب في أن يتلقى خبر تقاعده مبكرًا، فإنه لا يزال يتابع سير عمل الوزارة،علىالرغم منآلامه التي ما كانت لتتكالب عليه وتتضاعف لولا أهملها وسط غمرة إنشغالاته حينها بمشاريع quot;السعودةquot; وملفات الآلاف من الشباب والشابات طالبي الوظائف، ومشاريع صندوق الموارد البشرية.