عبد الجبار العتابي وسعاد رشد من بغداد
اعتبر صحافيون عراقيون أن طغيان الصحافة الإلكترونيّة وابتلاعها للورقيّة هو مسألة وقت وأشاروا إلى أن الصحيفة المطبوعة ما زالت لها نكهتها عند الكثير من القراء موضحين أنها تكافح الآن من أجل البقاء مستفيدة من ضعف خدمة الانترنت في بعض الدول العربيّة ومنها العراق.
ورأى الصحافيون الذين التقتهم quot;إيلافquot; ان الصحف الإلكترونية باتت مصدراً مهماً للورقية التي بدأت تدرك جدية تهديد الانترنت باعتباره الاقدر على توصيل المعلومة للباحثين عنها بشكل أسرع وأكثر إنتشاراً.. مؤكدين ان تجربة إيلاف في الاعلام الإلكتروني تعتبر رائدة ومثالا يحتذى به مشيرين إلى أنها تعتبر الان مصدراً للخبر العراقي الموثوق ومعتمدة بشكل مباشر من قبل الاوساط السياسية والثقافية كمصدر للمعلومة والرأي والتبادل ونشر الأفكار ومعرفة السياسات.
ان قراءة الاعلام الإلكتروني في العراق هي قراءة مختلفة عن باقي دول العالم لتأخر وصوله بالإضافة إلى أسباب أخرى. من هنا حاولنا التطلع إلى الفضاء وقراءة ما يمكن قراءته واستنتاجه من التجربة العراقية عبر عدد من المحاور:
لؤي البلداوي رئيس تحرير quot;المؤتمرquot;
وقفتنا الاولى كانت عند الدكتور لؤي البلداوي رئيس تحرير جريدة المؤتمر حيث أشار إلى انه على الرغم من وجود الاعلام الإلكتروني، إلا أن عدد توزيع الصحف الورقية لم يتراجع في العراق ولكن بالتأكيد ان قرار بعض الصحف العالميَّة وقف نسختها المطبوعة والاكتفاء بالإلكترونيَّة هو قرار إقتصادي لان هذه الاخيرة تتسع انتشارا. وبالتأكيد ان عدد زوار الموقع الإلكتروني لصحيفتنا مثلا اكثر بكثير من قرّاء الصحيفة الورقية التي تعاني في ذلك شأنها شأن الصحف الاخرى من مشاكل في التوزيع لا سيما خارج العراق. كما يجب الاعتراف ان الانترنت حقق قفزة كبيرة في مضمون صفحات وزوايا الصحف الورقية لاسيما في البلدان التي انفتحت حديثا على عالم الانترنت مثل العراق، لذلك بالنسبة لنا في العراق لا نشعر بتهديد من رواج الاعلام الإلكتروني لمحدوديته بالنسبة إلى عموم القراء.
واضاف ان الصحافة الإلكترونية تلعب دورا مكملا لنظيرتها المطبوعة ولا تلغيها بعد ان تأخذ المطبوعات منهجا جديدا في تقديمها للمواضيع وان كنا نؤكد اعتمادنا على وسائل الاعلام الإلكترونية كمصدر خبر ولكن هذا الاعتماد يكون بنسب مختلفة حسب تخصص صفحات الجريدة، وهو ما يجعلني اقول إن أخلاقيات الإعلام ومفاهيم ومواثيق المهنة تأثرت مع رواج الإعلام الإلكتروني بأن أصبحت اكثر عالمية بعد ان خرجت من نطاقها القطري الضيق وحفزت الاعلاميين على التمسك بها.
وأشار البلداوي إلى ان الصحافة الإلكترونية حققت طفرة نوعية كبيرة لكنها ما زالت بالنسبة إلى العراق محدودة التأثير بالنسبة إلى عموم القراء وربما مع تطورهاخلال السنوات اللاحقة ستكون اكثر تأثيرا.
وفي ختام حديثه قال الدكتور البلداوي: اما عن quot;إيلافquot; التي نبارك لها سنواتها التسع الماضية ودخولها العاشرة فما يمكن ان يؤشر لها انها تجربة ممتازة وتطورت كثيرا وأسست للكثير من المفاهيم التي على الجميع الالتزام بها لعل في مقدمتها الحيادية في نقل الاخبار.
سعيد عبد الهادي مدير الاخبار في قناة quot;بلاديquot;
اما الكاتب والاعلامي الدكتور سعيد عبد الهادي مدير الاخبار في قناة quot;بلاديquot; الفضائية سابقا وquot;اسياquot; حاليا فقد أكد بداية ان quot;إيلافquot; تعتبر واحدة من افضل مصادر الاخبار وتتسم بالحيادية في الطرح على الاغلب وهي تجربة لها تأثيرها على الساحة الاعلامية العراقية quot;وانا ارى انها في تطور متواصل مع التجديد الذي يحققه العاملون في ادارتهاquot;.
وقال quot;ان حال الصحافة العراقية مختلف عن غيره في بلدان العالم المستقرة وهذا الاختلاف ينسحب على جانبي الصحافة الورقية والأخرى الإلكترونية فما تعانيه الاولى من عدم استقرار في مستويات التوزيع وعدم تجاوز الاكثر انتشارا منها طوال السنوات التي تلت التغيير في العراق العشرين ألف نسخة، وهذا الرقم يدلّ على محدودية في بلد تخطى عددسكانه الثلاثين مليون نسمة والأمر ينسحب ايضا على الألكترونية التي لم تدخل إلى الكثير من بيوت العراقيين لمحدودية انتشار الانترنت بسبب ارتفاع كلفة الاشتراك بالنسبة إلى العموم ولذلك نجد ان الفضائيات هي الأكثر حضورا في مرحلتنا الحالية. ومع كل هذا لا نعدم التأثير الواسع للمواقع الإلكترونية على الشريحة الأكثر تطلعا للمعلومة والتي باتت تنظر إلى الصحيفة المحلية على أنها مجرد نسخ عن المواقع الإلكترونية ومن ثم تحول الموقع الخبري إلى أصل وهذا يشخص خللا بنيويا في الاعلام العراقي في هذه المرحلة لاتكائه الكامل على مصادر خبرية إلكترونية لما توفره من بساطة في الكلفة.
وأشار إلى ان الاعلام الإلكتروني بالنسبة إلى العراقيين يعتبر مدخلا رئيسا للوقوف عند الكثير من الصحف العربية والاجنبية التي لا تصل إلى العراق لذا كان من الطبيعي أن يكون عدد زوار المواقع الإلكترونية أكثر من مطالعي الصحف الورقية رغم أن ثقافتنا ما زالت ورقية.
عبد الستار جبر مدير تحرير مجلة quot;الاقلامquot;
ويشير الشاعر والاعلامي عبد الستار جبر مدير تحرير مجلة quot;الاقلامquot; الثقافية إلى ان الانترنت يؤثر في الصحافة المطبوعة، لانه يجعلها في تنافس محموم مع الصحف الاخرى في اطار السباق على الحصول على المعلومة والوصول إلى الخبر ويدفع إلى ضرورة ان يكون لها موقع إلكتروني لتحافظ على شعبيتها ومكانتها في سوق الصحافة ولكي لا تفقد قراءها ممن يفضلون متابعة الاخبار إلكترونيا. وأوضح ان اهم تهديد للانترنت على الصحافة المطبوعة هو انه يدفع كثيرين إلى الاستغناء عن اقتناء الصحف الورقية، وبهذا يؤثر في نسبة مبيعاتها وتدني توزيعها وقلة استهلاكها. وقال انه يكاد لا يكون هنالك حاليا تميز جوهري بين الصحيفة المطبوعة والاخرى الإلكترونية فالصور والمحتوى نفسه.
واضاف الانترنت يفرض يوما بعد آخر، مع تقدم انتشاره، نمطا من الاتصال والعادات الاتصالية لدى مستخدمي الشبكة العنكبوتية، وتتبلور تدريجيا ثقافة إلكترونية تكاد ترسم ملامح عولمة عالمية مشتركة، مشيرا إلى انه حتى الوقت الحاضر لا يبدو ان الصحافة الإلكترونية قادرة على القضاء على الصحافة الورقية، رغم انها اثرت فيها كثيرا، وبالنسبة إلى الدول العربية اعتقد ان مستقبل الصحافة الورقية مرهون بحجم انتشار التقنية الإلكترونية من جهة وبالمستوى الإقتصادي للطبقات الاجتماعية من جهة اخرى.
اما بخصوص جريدة إيلاف التي ستدخل عامها العاشر فقال عبد الستار جبر ان إيلاف حققت حضورا لافتا خلال ما يقرب العقد من عمرها، لكونها موقعا إلكترونيا اخباريا متنوعا، ويتيح التفاعل مع قرائه، ويفسح لهم فرصة الاطلاع على آراء واخبار من صحف اخرى.
محمد الشمري مدير تحرير quot;أمانquot;
من جهته قال
مدير تحرير مجلة quot;امانquot; ان العراق يمتاز بثلاث ظواهر تجعله خارج نطاق امكانية قياس مدى تأثر الاعلام التقليدي وخاصة الاعلام المطبوع بالاعلام الجديد وهي: اولا ان الاعلام المطبوع فقد سوقه في العراق بسبب الظروف القاهرة التي عاشها العراقيون خلال تسعينات القرن الماضي حيث سحق الحصار الإقتصادي الطويل الطبقة الوسطى في المجتمع العراقي وغيّر الكثير من عاداتهم الاستهلاكية وفي المقدمة من ذلك انهاء تقليد اقتناء ومطالعة الصحيفة اليومية حيث انخفض توزيع الصحف منتصف التسعينات من quot;250quot; الف نسخة نهاية الثمانينات - بالنسبة إلى صحيفة الجمهورية مثلا- إلى نحو الفي نسخة توزع معظمها مجانا. هذا الامر استمر بعد 2003 لذلك فان مجموع ما يوزع من الصحف والمجلات العراقية الكثيرة التي تصدر في بغداد حاليا 50 الف نسخة يوميا. وثانيا غياب الاعلام المستقل الذي يعتمد على آليات إقتصاد السوق في التمويل مثل الاعلان والتوزيع فمعظم الصحف الصادرة الآن في العراق ممولة من جهات رسمية او حزبية او غير واضحة. اما ثالثا فهي ان الاعلام الإلكتروني ورغم الانفتاح الكبير ما زال لايملك سوقا واضحة في العراق لاسباب تتعلق بقلة او انعدام مهارات تلقي هذا النمط من الاعلام. لذلك مثلا من النادر ان تجد اعلانا في صحيفة إلكترونية عراقية.
وأشار إلى ان الاعلاميين العراقيين يعتمدون بشكل واسع على الانترنت كمصدر للمعلومات quot;الخامquot; التي يعدون منها quot;الطبخةquot; التي يمكن ان تهضمها معدة مرجعية، فالاعلام العراقي ما زال حتى الان يمارس quot;الدعايةquot; اكثر مما يمارس الاعلام الملتزم بالتقاليد والسياقات المهنية. وأوضح ان الاعلام الإلكتروني اثر في أخلاقيات الإعلام ومفاهيم ومواثيق المهنة لانه اتاح للكثير من فاقدي الخبرة وناقصي التدريب والإعداد المهني الولوج إلى عالم الاعلام وهذا الامر ينطبق على الاعلام التقليدي الذي شهد طفرة كبيرة على مستوى الكم بعد 2003.
اما عن تجربة quot;إيلافquot; فقال: انها تجربة فريدة لاسباب كثيرة منها ريادتها على مستوى المنطقة حيث تجاوز ناشر إيلاف التقليد العربي الراسخ في التشكيك بكل جديد ثم الجري وراءه بعد ان يكون قد تجاوزنا بمسافات ضوئية. عثمان العمير ركض مع اول الراكضين في هذا الميدان لذلك تبدو المسافة بين إيلاف وغيرها من الصحف الالكترونية العربية شاسعة.
مدير مرصد الحريات الصحافية
المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحافية مدير تحرير جريدة quot;الدعوةquot; هادي جلو مرعي قال إننا quot;نشعر بتهديد حقيقي يواجه وسائل الاعلام التقليدية بسبب التطور الهائل في التقنيات الحديثة فالصحافة المطبوعة تحتضر بالفعل والانترنت سيحتل كامل مساحة الاهتمامquot;.
واضاف ان الصحافة الإلكترونية تتميز عن المطبوع الورقي بالكثافة في مادتها الخبرية ونوعية ما تنشر من قصص خبرية وتحقيقات واستطلاعات وقدرة تأثيرها العالي وعبورها الحدود ونقلها المعلومة دون مانع من جهة او دولة، مؤكدا ان الصحف الإلكترونية باتت مصدرا مهما للطبعات الورقية التي اخذت بدورها نشر مادتها على صفحات الانترنت وهي عادة درجت عليها الورقية منذ بدأ تهديد الانترنت يتنامى ومعه شعور القائمين على الصحافة الورقية بان الإلكترونية هي الاقدر على توصيل المعلومة للباحثين عنها.
ويرى مدير مركز الحريات الصحافية أن عادات الجمهور تتغير تبعا للظروف وتطور التقنيات موضحا انه منذ ان بدأ الانترنت والموبايل وطرق التوصيل الحديثة تغزو العالم صار الجمهور يتكيف مع كل هذا التأثير الذي سببه الانتقال السريع للمعلومات فتغيرت اساليب تعاطيه مع المعلومة واتسع مدى تأثره بها. وأضاف أن الدول العربية كانت تفتقد إلى مهارة التصنيع وصارت جهوزيتها عالية لاستعمال التقنية الحديثة في مجال العمل الاعلامي و تعتمد الصحافة الإلكترونية كمصدر مهم لتلقي الاخبار وبثها ومعرفة اخر المستجدات خاصة انها تتابع الحدث اولا باول.
ويتوقع جلو أن تلغي الصحافة الإلكترونية، المطبوعة خلال سنوات قليلة جدا وربما هي الان منافسة فقط لكنها ستحكم السوق الاعلامية بعد فترة وجيزة.
وحول تجربة quot;إيلافquot; كرائدة في الاعلام الإلكتروني أكد مدير مركز الحريات الصحافية ان quot;إيلافquot; ليست بحاجة لمن يشهد لها لانها معتمدة بشكل مباشر من قبل الاوساط السياسية والثقافية العراقية كمصدر للمعلومة والرأي والتبادل ونشر الافكار ومعرفة السياسات.
نائب رئيس تحرير quot;الاتحادquot;
من جانبه قال مصطفى صالح كريم نائب رئيس تحرير جريدة quot;الاتحادquot; الناطقة باسم الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني ان الواقع يؤكد الان ان عدد القراء في الصحف الإلكترونية اكثر بكثير من قراء الجرائد المطبوعة ما يدل على ان الصحف الإلكترونية قد أصبحت لها قاعدة واسعة من القراء والاسباب ترجع إلى سهولة العمل وسرعة الانتشار مقارنة مع الصحف المطبوعة.
وأوضح انه على سبيل المثال ان جريدة الاتحاد تصدر في بغداد ولكنها لا تصل بنسخها المطبوعة إلى الولايات المتحدة أو الارجنتين أو اوروبا أو غيرها من الدول الاوروبية ولكنها تصل عن طريق موقعها الإلكتروني وهذا جانب ايجابي مهم في زيادة انتشار الصحف المطبوعة عن طريق شقيقتها الإلكترونية.
ويقر كريم بان الصحيفة الإلكترونية باتت تشكل خطرا على الصحيفة المقروءة وهو امر سيزداد خطورة كلما زاد انتشار استخدام الانترنت وتطورت تقنياته وتوسعت مجالاته. وأشار إلى انه مع هذا التطور الكبير في التقنيات العالية للصحف الإلكترونية الا ان الصحف المقروءة تبقى لها عشاقها لان بعض القراء لا يشبعون رغباتهم الا بفتح الجريدة المطبوعة والشعور بنكهة القراءة وهو امر لايتوفر للإلكترونية التي لاتملك هذه الميزة.
ويرى كريم أن جريدة quot;إيلافquot; الإلكترونية هي تجربة رائعة ومتطورة ولها قراؤها ولكن في الفترة الاخيرة بات البعض لا يراعي اصول الكتابة من خلال بعض التجاوزات من بعض كتاب المقالات الذين تفتقر كتاباتهم إلى المصداقية بحيث بات قسم منهم يميلون إلى التشهير والانتقاص وكأن الصحيفة عندهم منبر للانتقاص من الاخرين.
رئيس قسم التحقيقات بمجلة شبكة الاعلام العراقية
لكن الصحافي كريم هاشم العبودي رئيس قسم التحقيقات قي مجلة شبكة الاعلام العراقية الرسمية يرى أنه لا أحد يستطيع ان يلغي نكهة الصحيفة المطبوعة فهي محط استقطاب الكثير من القراء وقالإن الكثيرين راهنوا على ان الصحف الإلكترونية سوف تبتلع الصحف المقروءة لكن هذا لم يحدث.
وأشار إلى انه حتى في الدول المتقدمة والتي اكتشفت الانترنت ووسائل الاتصال السريعة قبل عقود من الزمن ما زالت تصدر صحفا مقروءة وتوزع أعدادا خيالية منها مؤكدا ان الصحف الإلكترونية لاتعطي الميزة في الاسترخاء ولا تملك المصداقية في معظم الاحيان. وأشار إلى انه في المجتمع العربي فان الفئات التي لديها قدرة عالية على استخدام وسائل الاتصال السريعة فإن الصحيفة الإلكترونية مازالت تشكل عندهم ظاهرة سرعان ما تزول وتختفي.
ويتوقع العبودي ان تظهر اهمية الصحيفة الإلكترونية بعد ثلاثين سنة وليس الان معتبرا انها لاتشكل في الوقت الحاضر سوى 6% من الاستخدام كمصدر للمعلومة خاصة في ما يتعلق بالتحقيقات الميدانية. وأشار إلى ان المفاهيم الاخلاقية الاعلامية قد تغيرت كثيرا وأصبحت هناك شبكات بل مافيات تستخدم النت للبحث عن المعلومات الصحيحة والمفبركة معا.
التعليقات