الرياض: مفارقات مدهشة على المرأة السعودية أن تعيشها وتتقبلها كل صباح، فمثلما يتخاطفها تياران متناقضان من داخل النساء السعوديات نرى أن هناك تيارين متناقضين أيضا من خارج منظومتها هي، وليس المقصود هنا عموم الرجال فحسب, بل لدى رجال الدين في المملكة.

المفارقة هنا أن البون شاسع بين رأي وأخر، وبين موقف وأخر، حيث هناك من يرى أن المرأة السعودية قادرة على القيادة مثلها مثل الرجل وفي الوقت ذاته يخرج من يطالب بوضع آية quot;وليس الذكر كالأنثىquot; في صالات تحرير الصحف لتكريس التمييز بين الرجل والمرأة، وبقية الدلالات معروفة هنا بطبيعة الحال.

الرأي الأول هو ما جاء على لسان الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ورئيس اللجنة الرئيسة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وعضو هيئة كبار العلماء في خبر نشر في جريدة الجزيرة السعودية اليوم حيث قال بأن quot;المرأة قادرة على قيادة المناصب الإدارية وهي لا تختلف عن الرجل في ذلك..quot;.

و أضاف الحصين على ذلك قائلا: quot;لقد برعت المرأة منذ زمن في قيادة وإدارة المنزل وهي أصعب وأعقد قيادةquot;.

جاءت تصريحاته ذلك خلال حديثه بندوة (القيادة الإدارية آفاق وتطلعات) التي نظمتها طالبات الماجستير بقسم الإدارة التربوية بجامعة الملك سعود.

أما رجل الدين إبراهيم بن محمد الزبيدي الداعية المعروف وعضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية السعودية فقد دعا إلى كتابة الآية quot;وليس الذكر كالأنثىquot; بأحرف من النيون وتعليقها على مدخل صالات التحرير في كل صحيفة في العالم الإسلامي quot;تحاول خبثاً أن تجعل المرأة كالرجل في كل شيء وتبرزها على شاشات القنوات وصفحات المجلات ليراها أصحاب الشهواتquot;.

جاء تصريحات الثاني في محاضرة بعنوان quot;المرأة المسلمة والتحديات العالميةquot;، ألقاها بملتقى جامع الشيخ عبد العزيز بن باز .

وتابع قائلا في المحاضرة: quot;هذه الآية تؤكد أن من أراد أن يجعل الذكر كالأنثى بكل حال بدعوى المساواة إنما هم يصادمون الفطرة السليمة، ويحاولون إعطاء القُمري مخالب النسر، أو المها عيون الأسدquot;.

وأتى حديث الحصين رداً على تساؤل إحدى الطالبات عن سبب صعوبة التعامل مع القيادات النسائية مقارنة بالقيادات الرجالية مرجعة (الطالبة) سبب ذلك إلى أنه قد يكون السبب quot;في عدم قدرتهن على القيادةquot;.

لكن الحصين علل ذلك بقوله: quot;إن أفكارنا تتأثر بعواطفنا وآرائنا المسبقة وتوقعاتنا فدخول المرأة مجال الحياة العامة وتوليها مناصب قيادية شيء جديد لم نعرفه من قبل حيث لا يتوقع الكثير من الرجال والنساء نجاح المرأة بهذا المجال، وربما يكون هذا هو الخلل الذي نتج عنه صعوبة التعامل.

ولم يتوقف على ذلك الرد لكنه أشار إلى إعجابه بإنجازات المرأة السعودية وقدرتها على الوصول للحلول المناسبة.. وذلك من خلال صلته بها عن طريق الجمعيات الخيرية .

أما طلب الزبيدي في هذا السياق فيبدو نوعا من إثارة الصراع أكثر في داخل المؤسسات الصحفية وانتقاصا من الأدوار التي تقوم ذات المرأة، فالاقتراح الجديد الذي يمكن وصفه بالمثير واللافت أيضا لم يتوقف عنده بل أضاف: أن quot;الفطرة السليمة الخالية من المكائد الشهوانية توحي لصاحبها بأن الذكر خلاف الأنثى إن كانا مجتمعين في الآدمية والإنسانية والتكريم والتكليف، لكن وجيد الأنثى وهو يحن إلى العقود المتلألئة، وأصابعها التي تستعد للخواتم الذهبية، وكل ذلك يؤكد (ليس الذكر كالأنثى)quot;.

وفيما يبدو أن الشيخ لا يرى من المرأة إلا انوثتها حيث يتابع: أن quot;عواطف الأنثى الجياشة. أنوثتها السيالة. دموعها المنهمرة لأتفه الأسباب. قلبها المملوء بالحنان الذي يرفرف لأي حدث. عيناها اللتان لا تستريحان إلا لسواد الكحل. وبشرتها التي لا تتحمل تيار الهواءquot;.. وكل ذلك يؤكد مقولته السابقة. (ليس الذكر كالأنثى).

وتساءل مستهجنا: quot;فهل يستحي من مغالطة هذه الحقائق أقوام وهبوا أنفسهم للتغرير بالجوهرة المكنونة في محاولة لقذفها في أتون الخشونة ومضارب الرجال؟quot;.

ومع ذلك كله يشدد الزبيدي على أهمية دور المرأة quot;وهو دور هام وليس من حق أي شخص أن يقلل من شأنه فهو دور يتفق مع أنوثتها. إنها مخلوقة بوضع خاص يختلف عن وضع الرجلquot;.

لكنه قال: quot;المطالبون بأن تخرج المرأة لدائرة عمل الرجل، هم في الحقيقة يطالبون من حيث لا يشعرون بإجراء تعديل على تركيبها العضوي ، فليس من المعقول ولا من الإنصاف أن نقحم المرأة في دور يختلف عن طبيعتها الأنثويةquot;.

كما تضمنت محاضرة الزبيدي محورا بعنوان quot;خادمة في ثوب عروسquot; وقصد به عمل المرأة مضيفة طيران. وقال: quot;وضعوها مضيفة في الطائرة وظنوا أنهم أكرموها تهكماً وخديعة،لا تقل وقاحة عما سلف، إنها عملية خدمة لا تزيد في هيكلها العام عن وضعها في المطبخ لكن اللسان المعسولquot;.
وفي محاضرة الزبيدي بدا أنه لا يرى من المرأة السعودية إلا أن تجلس في البيت وتغلق عليها أبوابها، يأتي كل ذلك في ظل الأدوار التي تلعبها المرأة السعودية ذاتها في مجتمعها ووطنها وذلك ليس على لسان دعاة منحها حقوقها, بل على لسان الشيخ صالح الحصين. في مفارقة تثير العجب بمقدار ما تثير الجدل داخل الأوساط الدينية والدعوية أيضا.