ما زالت قضية الشاب خالد سعيد الذي توفي في ظروف غامضة بعد اعتقاله من قبل مخبرينتثير الكثير من علامات الاستهجان في الشارع المصري، خصوصًا أن آخر وثيقة جنائية استخرجها الشاب تخلو من أي ماضٍ اجرامي، كما ان الاوراق الرسمية وجواز سفره تؤكد عدم تهربه من الخدمة العسكرية، وهو ما يناقض ما أعلنته الشرطة في وقت سابق.
القاهرة: بعد أن تحوّلت إلى قضية رأي عام، أمر النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود بإحالة ملف التحقيقات الخاص بالشاب خالد سعيد الملقب بـ quot;ضحية التعذيبquot; إلى نيابة استئناف الإسكندرية، لإستكمال التحقيقات، واستعجال التقرير التفصيلي لمصلحة الطب الشرعي الخاص بتشريح الجثة لكشف ملابسات وفاة الشاب، الذي يؤكد شهود عيان أنه توفي جراء التعذيب الوحشي من قبل اثنين من عناصر الشرطة، وهو ما نفته وزارة الداخلية في بيان رسمي.
وفي مقابلة مصورة نشرت على شبكة الانترنت، نفى صاحب quot;مقهى النتquot; الذي قبض على الشاب بداخله، صحة ما ورد في بيان الداخلية حول الوفاة التي أثارت غضبًا وإستياءً واسعين على صعيد العامة ونشطاء حقوق الانسان.
وأكد حسين مصباح في اعترافاته quot;أن المخبرين دخلا المقهى الذي يمتلكه في سيدي جابر بالاسكندرية، وقيدا الشاب من الخلف وعندما قاومهما، ضربوا رأسه في الرخام، واقتادوه خارج المحل إلى مدخل عمارة مجاورة وانهالا عليه بالضرب حتى لقي حتفهquot;.
وقال مصباح انه كان يعتقد أن الأمر لا يعدو مجرّد إستجواب لخالد وسؤاله بعض الأسئلة.
وأكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هذه الاعترافات، وقال رئيسها حافظ ابو سعده إن البيان الرسمي لوزارة الداخلية بشأن القضية إحتوى على الكثير من المغالطات، مشيرًا إلى ان مصلحة الطب الشرعي لم تصدر تقريرها بعد تشريح الجثة حتى الآن، وهو ما ينفي ما ذكرته وزارة الداخلية في بيانها بأن الكدمات الموجودة في وجه الشابتأتينتيجة تشريح الطب الشرعي.
واضاف ابو سعدة أن بعثة المنظمة أكدت أن المخبرين، التابعين لقسم سيدى جابر، اقتادوا الشاب إلى مبنى مجاور وضربوا رأسه في بوابة حديدية، ودرج السلالم وجدران المبنى، مشيرًا إلى انهم واصلوا ضربه حتى بعد وفاته، وحاول اثنان من الاطباء اسعافه دون جدوى. واوضح ان الشاب يتمتع بحسن السمعة بين الجيران.
وثبت من آخر صحيفة جنائية استخرجها الشاب خلوها من أي ماضي اجرامي، كما ان الاوراق الرسمية وجواز سفره تؤكد عدم تهربه من الخدمة العسكرية.
وكانت الشرطة قد قالت في بيان رسمي ان الشاب يتعاطى المخدرات، وانه توفي اثر اصابته بإختناق نتج عن بلعه لفافة تحتوى على مواد مخدرة، وأنه سبق ضبطه في قضايا سرقة وحيازة أسلحة وتعرض لأنثى، إضافة إلى تهربه من الخدمة العسكرية.
وأوضح البيان quot;أن الادعاءات التي أوردتها بعض الدوائر قد تجاهلت عمدًا كل الحقائق من أجل إظهار أن هناك انتهاكًا لحقوق الإنسان في البلادquot;.
ويرى نشطاء حقوق الانسان ان وفاة خالد سعيد 28 عامًا هي مثال على الإنتهاكات المتفشية في ظل قانون الطوارئ المطبق منذ ثلاثة عقود كأداة أساسية للقمع من قبل النظام. وتقول الجماعة الحقوقية إن التعذيب يحدث بشكل منهجي في السجون واقسام الشرطة، لكن الحكومة تنفي ذلك.
وقد نظم عدد من النشطاء السياسيين وقفة إحتجاجية أمس بميدان لاظوغلى على مقربة من وزارة الداخلية تضامنًا مع الضحية وطالبوا بإقالة وزير الداخلية مرددين quot;لا عادلي ولا حبيب ارحل يا وزير التعذيبquot;.
وشهدت التظاهرة احتكاكات بين المتظاهرين و قوات الامن، وإنتهت بإلقاء القبض على اكثر من 30 ناشطًا سياسيًا، وفق شهود عيان. وحمل النشطاء لوحات تحمل صورتين للضحية، احداها بحالته الطبيعية وهو على قيد الحياه، والأخرى صورة مروعة يتردّد انها أخذت بعد وفاته.