خلا التعديل الوزاري الذي كُشف النقاب عنه في الأردن اليوم من النكهة السياسية، إذ شمل وزارات خدمية أملت التغيير فيها ضرورات فنية، وإبعادا لأزمات وقعت وأخرى كانت وشيكة، حيث شمل التعديل حقائب التربية والتعليم، والزراعة، والعمل، والسياحة، وشؤون مجلس الوزراء والعدل.


عمان: وقع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل ظهر اليوم مرسوما ملكيا لإجراء أول تعديل وزاري على حكومة رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي، ، خلافا لتصريحات متكررة للرجل فهم منها أنه ماض نحو إجراء الإنتخابات التشريعية المقبلة في التاسع من شهر تشرين الثاني -نوفمبر المقبل، بطاقم حكومته الحالي، لأنه يتطلع بعد تلك المرحلة الى قرار ملكي بتكليفه إعادة تشكيل وزارة جديدة، يستطيع عبرها تأليف وزارة على أسس حددها مسبقا، مستفيدا من عظات وتجارب حكومته الحالية، التي يقال إن الرفاعي ليس على وفاق مع أكثر من عنصر فيها، من دون وجود أي رواية رسمية بهذا الخصوص.

وحتى انتصف ليل العاصمة الأردنية أمس فإن العاملين في مكتب رئيس الحكومة أنفسهم لم يكونوا قد إلتقطوا أي إشارات من أي نوع لقرب إجراء تعديل وزاري على حكومة الرفاعي التي كلف بتشكيلها في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول( ديسمبر) من العام الماضي ، إذ شهد التعديل الوزاري أيضا الذي غابت عنه النكهة السياسية، وفرضته ضرورات فنية لإراحة حكومة سمير الرفاعي حتى إجراء الإنتخابات، مفاجأة من العيار الثقيل شهدت تسمية رئيس الديوان الملكي السابق الدكتور خالد الكركي، والرئيس الحالي للجامعة الأردنية كبرى الجامعات الرسمية في الأردن، نائبا لرئيس الحكومة،وزيرا للتربية والتعليم، خلفا للأكاديمي المرموق الدكتور إبراهيم بدران الذي عابت عليه أطراف في الداخل الأردني تشنجه في أكثر من موقف ضد تجمعات لمعلمي الأردن الذين كانوا يطالبون بنقابة أسوة بباقي المهن الأردنية، وتحسينات لأوضاعهم، وهي مسائل جوبهت برفض حكومي تصدى له الوزير السابق بدران.

رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي

وعادت الى التعديل الوزاري الجديد الوزيرة السابقة سهير العلي كوزيرة دولة لشؤون مجلس الوزراء، إذ يتردد في هذا الإطار بأن الوزيرة العلي ستكلف لاحقا بإدارة الملف الإقتصادي بشكل كامل للحكومة، لتكون الوجه التفاوضي الجديد للحكومة مع الجهات المانحة الدولية، والممسكة بملف المساعدات الخارجية، في ظل عجز لافت في الميزانية الأردنية السنوية الذي بلغ أكثر من مليار دينار أردني، حيث كانت العلي مرشحة لأن تكون سفيرة للأردن في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن واشنطن رفضت الترشيح الأردني لتعارضه مع القوانين الأميركية، كون العلي تحمل الجنسية الأميركية.

ومن مفاجآت التعديل الوزاري في الأردن أيضا فقد لوحظ إسم الإعلامية سوزان عفانة كوزيرة للسياحة والآثار خلفا لمها الخطيب، علما أن الوزيرة الأردنية الجديدة قد عملت من قبل لسنوات طوال في الحقل الإعلامي كمذيعة للنشرات الإخبارية الرئيسة باللغة الإنكليزية، كما أنها أصبحت في مرحلة لاحقا مديرة للتلفزيون الأردني، قبل أن تلتحق بالقطاع الخاص، وتحديدا في شركة زين الأردن للإتصالات المتنقلة كمسؤولة لملف الإعلام والعلاقات العامة.

كما دخل الى التعديل الوزاري وزير العدل الأردني الأسبق هشام التل وزيرا للحقيبة نفسها، رغم أنه شغل هذه الحقيبة قبل أكثر من عقد ونصف العقد، إلا أن التل هو قاض ورجل قانون يحظى بالإحترام في الأوساط القانونية بسبب خبرته الطويلة في هذا الإطار، حيث عين قبل نحو عام رئيسا لديوان التشريع والرأي التابع للحكومة الأردني كهيئة إستشارية لها في صحة القرارات التي تقدم عليها، علما أن الوزير أيمن عودة الذي غادر الحكومة بعد شغله حقيبة العدل قبل أكثر من 3 سنوات، كان قد طلب الرحيل عن الفريق الحكومي أكثر من مرة في الأوان الأخير، بسبب رغبته في التفرغ لعمله الخاص في مجال المحاماة والإستشارات القانونية الدولية.

كما عين وفقا للتعديل الوزاري مازن الخصاونة وزيرا للزراعة خلفا للوزير سعيد المصري، وعين كذلك إبراهيم العموش وزير دولة للشؤون القانونية، إذ كان العموش قبل التعديل وزيرا للعمل، لكن خلفه في هذه الحقيبة الوزير الجديد سمير مراد.

وعلى رأس حقيبة وزارة الإتصال والإعلام حل السفير الأردني لدى إسرائيل علي العايد، بعد أن عين في عام 2005 سفيرا في تل أبيب، إذ تمثلت المفاجأة في أن عمان لم تسم أحدا خلفا للعايد في إسرائيل، الذي جاء شموله في الحكومة المعدلة بعد ساعات قليلة من لقاء جمع عاهل الأردن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس.

و الى جانب المواقع الوزارية فقد لوحظ أن الحكومة سمت المستشار الإقتصادي لرئيس الوزراء معن النسور مديرا عاما لمؤسسة الضمان الإجتماعي، كما طلب من مراقب عام الشركات في وزارة الصناعة والتجارة القاضي السابق صبر الرواشدة تقديم إستقالته، وسط معلومات بقرب تسميته رئيسا لديوان التشريع والرأي، للإستفادة من خبرته القانونية الطويلة.

ولوحظ أردنيا خلال الساعات الماضية أن أغلب التعديلات في المواقع الحكومية كان قاسمها المشترك وجود أزمات مسكوت عنها، وأخرى مرشحة للتصعيد، وذلك بغية تخفيف الضغط على وزارة الرفاعي المحظي برضى ملكي تام على أدائه على المستوى الشخصي، مع بعض الملاحظات الملكية المتكررة ضد بعض الوزارات الأردنية التي رحل أخيرا وزراؤها.