جنيف: إحتفل السويسريّون هذا الأسبوع بمراكبهم الشراعية التاريخية في مهرجان ميناء (مورج) على ضفاف بحيرة جنيف وسط اقبال ملحوظ من مختلف الأعمار للتعرف إلى هذا الإرث التاريخي الذي يواصل حضوره منذ قرون.
وقدم المهرجان ست سفن شراعية تاريخية هي (فودواز) و(نبتون) و(اورور) و(دوموازيل) و(ليبرتيه) و(سافوي) اقدمها يعود الى عام 1828 واحدثها الى عام 1931 بعضها لا يزال محافظًا على رونقه التاريخي وأخرى أعيد بناؤها من جديد لتواصل حضورها مع المهتمين بها والقاسم المشترك بينها هو شراعها الذي يأخذ شكل المثلث.

وتراصت السفن في مرفأ مدينة (مورج) القديمة في مواجهة قلعتها التاريخية التي تعود الى القرن الثالث عشر فأعادت الى الاذهان على الفور أجواء القرن التاسع عشر وكأنك تغوص في كتاب تاريخ وترى البحارة منهمكين في صيانة السفن أو تفريغ حمولتها واغانيهم التقليدية القديمة تملأ المكان من حولك ومئات الزوار يتدفقون عليها يحاولون شم عبق التاريخ من خلالها.

ويعود الاهتمام بتلك السفن الشراعية الى مكانتها التاريخية حيثأدّت دورًا كبيرًا في تنشيط الحركة التجارية ومكّنت السويسريين من اثبات حضورهم البحري والاقتصادي في منطقة (ليمان) التي تتقاسمها مع فرنسا ثم انتقل الاهتمام بها كهواية لعشاق هذا النوع من السفن الى جانب الاهتمام بالرياضات البحرية الأخرى.

وكشف المهرجان عن اهتمام واسع بالسفن الشراعية التاريخية حيث لوحظ الاقبال على شراء مجسماتها أو لوحات فنية تعيد الى الأذهان ماضيًا جميلاً تستعيد به ذكريات ولت وتحيي في الوقت نفسه جزءًا مهمًّا من تراث منطقة بحيرة جنيف والأنشطة المرتبطة بها.

ومن جانبه يقول الرسام المتخصص في السفن اولي كولومبي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان عشق الكثيرين للسفن يعود لأسباب مختلفة تناقلتها كتب التاريخ فهي تحمل الامل بلقاء الاحبة والألم لفراقهم وارتبطت في الروايات القديمة باقتحام المجهول والشجاعة والمثابرة.

ويؤكد كولومبي وهو ايضًا مؤلف لكتاب حول فن رسم السفن ان ركوب البحر كان جزءًا من جميع الحضارات تقريبًا تجسدت في انواع مختلفة من السفن وحب مشترك لها مهما اختلفت الثقافات.

ويستدل على ذلك بانتشار الفنون المتعلقة بالسفن مثل طوابع البريد والصور والبطاقات البريدية المصورة والكتب ونماذج موضوعة داخل قوارير زجاجية وقصص وروايات مختلفة بل أيضا كانت مصدر إلهام للموسيقيين والشعراء.

ويحرص البحارة القائمون على تلك السفن التاريخية على نقل خبراتهم الى الاجيال الشابة في مجالات صناعة السفن الشراعية الخشبية وصيانتها من خلال جمعية ترعى تلك السفن الى جانب الاندية التي تشرف على انشطتها حيث يمكناسئجارها في المناسبات والمشاركة في المهرجانات والاحتفالات القومية.

وكانت ذروة المهرجان في جولة بحرية فردت فيها السفن اشرعتها بأشكالها الهندسية المختلفة وتحرّكت بتناغم جميل أشبه برقصة على سطح بحيرة جنيف لترفع اليخوت الحديثة أعلامها مرحّبة بها وبعضها يطلق صفارات تحية تكريم واحترام لجيل سابق لكنه باق وكأنه حوار بين أجيال السفن الشراعية على صفحات بحيرة جنيف.