في وقت تناقش فيه فرنسا مشروع قرار يحظر النقاب تطرح سويسرا الموضوع نفسه للتصويت الشعبي.
جنيف: وافق برلمان كانتون quot;أرغاوquot; السويسري الناطق بالآلمانية على تشكيل هيئة لأعداد نص لمبادرة يتم طرحها للتصويت الشعبي العام تهدف إلى حظر ارتداء النقاب أو البرقع في الأماكن العامة في عموم المدن السويسرية وعلى غرار التصويت الذي جرى لحظر بناء المآذن.
وتقدم حزب اتحاد الوسط الديموقراطي صاحب مبادرة حظر بناء المآذن في سويسرا بهذه الخطوة الجديدة حيث لقي الحزب دعما من الحزب الراديكالي والحزب الديموقراطي المسيحي وعدد من الأحزاب الصغيرة في حين لقي معارضة من طرف الإشتراكيين والخضر مؤكدين على أن هذا الموقف لا يهدف إلا الى إثارة المخاوف الغير مبررة.
ويشير مؤيدو الحظر الى أن النقاب أو البرقع ليست له أية دلالة دينية بل هوعبارة عن مظهر خارجي للإهانة والتمييز وفقدان الهوية للأشخاص المعنيين.. واعتبر النص أيضا أن المرأة المتنقبة ليست لها ملامح وتعيش في سجن وأن ذلك يمثل شعارا لسيطرة الرجل ويعيق عملية الاندماج في المجتمع.
وعلى الرغم من أن الحكومة الفدرالية السويسرية قد عارضت فى شهر شباط/ فبراير الماضي فكرة حظر النقاب فى سويسرا نظرا لقلة عدد النساء المنقبات الذى لا يتعدى المئة فان محاولات الأحزاب اليمينية المتطرفة ما تزال مستمرة من اجل أقرار الحظر. وجدير الذكر ان موقف الحكومة السويسرية كان معارضا لمبادرة حظر بناء المآذن ومع ذلك تم التصويت عليها وأقرارها من قبل الشعب السويسري.
وأشارت وزيرة العدل السويسرية ايفلين شلومبف ان الحكومة السويسرية تبدي شكوكها وترددها حول حظر النقاب لأن سويسرا ليس لديها مشكلة حقيقية تتعلق بلبس النقاب.. ولكنها قالت انه من الضروري الأخذ على محمل الجد مسألة ما إذا كانت مسألة تغطية الوجه متوافقة مع القيم السويسرية ام لا حيث ان على سويسرا ان تفرض قيمها الخالصة.
وأوضحت الوزيرة ان القانون السويسري يعطي الحق للآشخاص برؤية بعضهم البعض وجها لوجه في الأماكن العامة ويحق للناس الذين يعيشون في سويسرا ممارسة شعائرهم الدينية بحرية ولكن في اطار النظام القانوني السويسري.
ومع رفض الحكومة السويسرية لموضوع حظر النقاب الا ان ايفلين شلومبف أكدت على ان موضوع النقاب يجب ان يناقش على نطاق واسع ومع جميع الكانتونات السويسرية حيث ان مثل هذه المبادرة موجودة في برلماني كانتوني برن وسولوتورن إلا انه تم تجميد اتخاذ قرار بشأنها.
وكرد فعل اولي من جانب الجالية المسلمة في سويسرا قال فرهاد أفشار رئيس الهيئة التنسيقية للمنظمات الإسلامية في سويسرا quot;إن ارتداء البرقع يمس أقلية صغيرة جدا من النساء المسلمات وإذا ما تم اللجوء الى الحظر عن طريق القانون فإن ذلك سيعمل على زيادة التوتر بين الجاليات المسلمة وباقي مكونات المجتمع السويسريquot;.
وأضاف انه ليس من صلاحيات الحكومة الفدرالية أن تتدخل في هذه الأمور.. فالدستور لا ينص على طريقة معينة للباس وعلى أتباع الديانة المعنية أن يحددوا طريقة لباسهم. وقد أعرب الفرع السويسري لمنظمة quot;امنستى إنترناشيونالquot;، عن قلقه من الموضوع واكد على أن مشروع حظر النقاب يقيد من حرية التعبير وممارسة الدين بالنسبة للنساء اللاتى يرتدين النقاب بإرادتهن الحرة وهو مشروع قرار يتصف بالتمييز.
وحول الآثار السلبية التي يمكن ان تنتج عن قرار من هذا النوع أشار السيد بيير فرانسوا وزير الاقتصاد والسياحة في مدينة جنيف الى ان النقاش حول حظر النقاب او منع السياح في سويسرا من أرتداء اي نوع من الملابس هو هذيان مطلق.
وأوضح ان كانتون جنيف سيكون المتضرر الاول اذا ما تم اصدار قرار بمنع ارتداء النقاب في الاماكن العامة في سويسرا لان هناك المئات من العوائل القادمة من منطقة الخليج العربي التي تزور شواطئ مدينة جنيف سنويا في فصل الصيف ومن بينهم العديد من النساء اللاتي يرتدين النقاب والبرقع وهم زبائن منتظمين للعديد من المحلات الفاخرة وغيابهم سيؤدي الى عواقب اقتصادية مباشرة للكانتون.
ومن جهته قال فيليب فينون مدير المكتب السياحي في مدينة جنيف إن من السخرية اصدار مثل هذا القرار الذي سيشوه صورة سويسرا ويؤثر على سمعتها في العالم الاسلامي وهو عكس الهدف الذي يعمل عليه الكانتون والذي يتمثل في تحسين صورة جنيف.. وعلى المستوى التجاري قال السيد فيليب ان هناك مخاوف من خسارة في الإيرادات تصل نسبتها الى 50 في المائة دون حساب زبائن دول الخليج العربي.
وقال فابين غوتييه رئيس فدرالية جنيف للتجار quot;اننا نستقبل العديد من الزبائن اللاتي يرتدين النقاب ولم يشكل هذا الامر اي مشكلة لدينا وعلينا احترام ثقافات الآخرينquot;. جدير الذكر ان البرلمان البلجيكي اصدر في 29 ابريل الماضي قررا بحظر ارتداء البرقع وهي اول دولة اوربية تحظر النقاب في جميع مرافق الخدمات العامة وفي الفضاء العام بأكمله.
ولا يذكر النص صراحة النقاب او البرقع لكنه ينص على أن الأشخاص الذين يتواجدون في الأماكن العامة ملثمين او وجوههم مخفية كليا أو جزئيا عن طريق لباس بحيث يصعب التعرف عليهم وتحديد شخصياتهم فانه سوف تتم معاقبتهم بغرامة أو بالسجن.
وعلى صعيد متصل، يناقش النواب الفرنسيون اليوم الثلاثاء مشروع قرار يعتبر النقاب مخالفا للقيم الجمهورية، في مرحلة أولى تشهد توافقاً كبيراً قبل النظر في تموز/يوليو في مشروع قانون موضع جدل يحظر النقاب والبرقع في الاماكن العامة. وسيشكل القرار المستند الى التعديل الدستوري عام 2008، خطوة رسمية ولكنها تبقى رمزية اذ انها غير الزامية وليس لها قوة القانون.
وستصوت الغالبية الحاكمة ونواب الحزب الاشتراكي والحزب الراديكالي اليساري على مشروع القرار الذي عرضه الاتحاد من اجل حركة شعبية والذي ينص على ان quot;الممارسات المتطرفة التي تسيء الى الكرامة والى المساواة بين الرجل والمرأة، ومنها وضع النقاب، مخالفة لقيم الجمهوريةquot;.
وفي ايطاليا فان الحكومة منقسمة حول الموضوع فقد قدم حزب رابطة الشمال مشروع قانون لحظر النقاب في شهر أكتوبر الماضي ولكن حتى الآن لم يتم النظر فيه من قبل البرلمان الأيطالي، وفي الرابع من شهر أيار/ مايو تم فرض أول غرامة مالية قدرها 500 يورو على سيدة مسلمة ترتدي النقاب في بلدة في شمال إيطاليا.
التعليقات