حصد السؤال عن النقاب في إستفتاء quot;إيلافquot; الإسبوعي أعلى عدد من المشاركين على الإطلاق منذ عام، إذ بلغ عدد من أبدوا رأيًا سلبًا أو إيجابًا أو بين بين 27629 مشاركًا، معظمهم على التوالي من المملكة العربية السعوديّة تليها الولايات المتحدة الأميركية، أوستراليا، مصر، كندا، الأمارات العربية، السويد، ألمانيا، بريطانيا، الأردن، هولندا، الكويت، فرنسا، المغرب، قطر وغيرها من قائمة طويلة من الدول ضمنها اصوات من زمبابوي.
بيروت: جاءت النتائج في استفتاء ايلاف متقاربة إلى حد ما، ولا غالبية ساحقة بين من رأوا في ارتداء النقاب التزامًا دينيًا يجب الحفاظ عليه ومن رأوا أنه يندرج في إطار الحرية الشخصية التي يجب احترامها، إذ بلغ عدد من دعوا إلى احترام هذا الخيار الشخصي الحر 11018 مشاركًا أي 39.88 في المئة، ومن رأوا فيه التزامًا دينيًا يلزم المحافظة عليه 9872، بنسبة 35.73 في المئة، لكن هذه الأغلبية تصبح واضحة في تأييد ارتداء النقاب إذا جمعنا النتيجتين بصرف النظر عن خلفية كل من الفئتين.
وبذلك تقتصر الفئة القائلة بأن ارتداء النقاب مجرد عادة يجب منعها قانونيًا على 6739 مشاركًا من أصل 27629 أي أقل من الربع وتحديدًا 24.39 في المئة.
ولعل أكثر ما أعاد هذا الموضوع إلى الصدارة صدور قانون في فرنسا وُصف بأنه quot;متطرفquot; يعاقب من تتنقب بالحبس سنة ودفع غرامة 15 ألف أورو، وكان موضوع منع الحجاب في فرنسا أيام الرئيس السابق جاك شيراك أثار لغطا ًمماثلا بين رجال الدين والفقهاء المسلمين، فقال بعضهم بأن quot;لا أحاديث نبوية صحيحة تدعو إلى الحجاب إلا حديثًا واحدًا وحيدًا مما يدل على ضعفه، والدليل على أن الحجاب ليس فريضة إسلامية أنه لا توجد لا في القرآن ولا في السنة عقوبة لتاركاته من النساء، فلقد ذكر القرآن حدودًا كثيرة لم يكن بينها حدًا لترك الحجابquot;.
يجدر في هذا المجال التوقف عند ما أورده في quot;إيلافquot; الكاتب أشرف عبد القادر تحت عنوان quot; لا :الحجاب ليس فريضة إسلاميةquot; ( فكيف بالنقاب؟) وذلك نقلا عن الفقيه والمفكر الإسلامي الكبير المستشار محمد سعيد العشماوي الذي خلص في كتابه quot;حقيقة الحجاب وحجية الحديثquot; إلى أن quot;الحجابquot; شعار سياسي وليس فرضًا دينيًا لأنه لم يرد فرضه لا في القرآن ولا في السنة، بل فرضته جماعات الإسلام السياسي لتمييز بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم وجعلوه شعارًا لهم وأفرغوا عليه الصبغة الدينية.
أما شقيق مؤسس quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; المفكر الإسلامي جمال البنا فقال للكاتب نفسه في حديث نشر في quot;إيلافquot; أيضًا: quot;إن الحجاب لم يرد في القرآن إلا لزوجات الرسول دون غيرهم، إذ قال تعاليquot;يا نساء النبي لستن كأحد من النساءquot; في حين أنه قال عن رسولنا الكريم:quot; لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنةquot; إذن فهناك أحكام خاصة بزوجات النبي فقط دون غيرهن لأنهن لسن كأحد من النساء، أما أفعال الرسول وأقواله فهي سنة لأنه مثل أعلي نحتذي به، وكلمة quot;حجابquot; وردت بمعني quot;بابquot; أو quot;ساترquot; على زوجات الرسول، أما ما عدا ذلك فهو كلام فقهاء أو تقاليد قديمة من أقدم العصور.
ففي كتابي عنquot;الحجاب والنقابquot; أوضحت أن المقصود من الحجاب هو تحقير المرأة وعزلها عن المجتمع، فالحجاب كان موجودًا في أثينا وفي آشور وبيزنطه ماعدا الحضارة المصرية القديمة. وورث المجتمع الإسلامي هذا كله، ففرض الفقهاء الحجاب على الإسلام ولم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة. أما quot;النقابquot; فقطعه وارميه، وكل واحدة ترتديه فهي مسكينة، وهو جريمة لا تغتفر في حق المجتمع وفي حق المرأة، إنه رمز علي دونية المرأة وكل من ترتديه ترضي بانتقاصها واعتبارها عورة lsquo;تستر كما تستر العوراتquot;.
ويذكر المفكر الإسلامي جمال البنا في مقدمة كتابه عن quot;الحجاب والنقابquot; تشبيهًا للكاتب التونسي الطاهر الحداد للنقاب بأنه: كالكمامة التي توضع على فم الكلاب حتى لا تعض المارة، والذي جعل من المرأة شبحًا أسود مخيف.
أما الدكتور أحمد شوقي الفنجري فيقول في كتابه(قضايا إسلامية: النقاب في التاريخ _في الدين _ في علم الاجتماع) أن النقاب عادة قديمة جدًا تعود إلى ما قبل الديانات كلها: يهودية ومسيحية وإسلامية. عرفه الآشوريون والبابليون والفرس ولم يكن الدافع إلى النقاب في تلك العصور دينيًا، بل كان الهدف الرئيس منه، إما الوقاية من الظروف المناخية أو التخفي عن أعين الناس، وأن المسلمين لم يعرفوا الحجاب والنقاب إلا في عصور انحطاطهم.
أما الأستاذة فريدة النقاش فلقد ذكرت في حديثها معي الذي نشر أيضًا في quot;إيلافquot;:quot; أن الحجاب والنقاب رمزان سياسيان لحركات الإسلام السياسي ليبينوا سلطتهم الوهمية على المجتمع، لكنه ليس من الإسلام في شيء (...) وانهم يريدون لرمزهم السياسي أن يمشي في الشوارع، فليس هناك أقوى من أن تكون رايتك السياسية مشروعة في الشوارع وأمام الناس ليلاً ونهارًا كدعاية لمشروعهم الظلاميquot;.
وتكفي عودة إلى كتابات الدكتورة نوال السعداوي لتبيان موقف الفئة الرافضة للحجاب والنقاب، ولكن مهلا، فليس كل من أيد ارتداء الحجاب والنقاب يقرأ في موجبات التزام ديني، وليس كل الغرب ينظر إلى المسألة من زاوية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعلمانية الجمهورية الفرنسية التي قامت على مبدأ رئيس هو الحرية.
فها هي منظمة laquo;هيومن رايتس ووتش (HRW) المعنية بحقوق الإنسان، تؤكد إن حظر ارتداء النقاب في فرنسا، ينتهك حقوق الإنسان، ولا يساهم في تعزيز حرية المرأة. وتشدد في بيان، على أن quot;حظر ارتداء النقاب الذي يستهدف النساء المسلمات تحديدًا قد ينطوي على التمييز الديني والتمييز ضد المرأة. وإن أي حظر من هذا النوع، يقيد من حرية التعبير في ما يخص الهوية الدينية الإسلامية فقط، وهذا يُرسل رسالة جديدة إلى المسلمين الفرنسيين مفادها أنهم غير مرحّب بهم على أرض وطنهمquot;.
وكان الرئيس الفرنسي ساركوزي، دخل في نقاش خلافي بشأن حظر النقاب في فرنسا، وأخبر نواب البرلمان في كلمة ألقاها العام الماضي، بأن النقاب quot;غير مُرحّب به على أراضي الجمهورية الفرنسيةquot;
التعليقات