سألت quot;إيلافquot; خبيرين عسكريّين لبنانيّين حول رأيهما في طرح رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال سليمان فكرة فتح باب التبرعات لتسليح الجيش اللبناني إثر مطالبة نواب في الكونغرس الاميركي بوقف امداد هذا الجيش بالسلاح بعد المواجهة العسكريّة التي خاضها في منطقة العديسة فجاء جواباهمامتطابقين في كثير من النواحي.

ما ان طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان فكرة فتح باب التبرّعات لتسليح الجيش اللبناني اثر مطالبة نواب في الكونغرس الاميركي بوقف امداد هذا الجيش بالسلاح بعد المواجهة العسكرية التي خاضها في منطقة العديسة وأدّت الى مقتل ضابط اسرائيلي وجرح عدد من الجنود الاسرائيليين، حتى طلعت اصوات في الداخل اللبناني بين مرحّبة ومعترضة عليها أو مبدية ملاحظات حولها.

آخر المعترضين على الاقتراح، وليس أخيرهم، كان رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون الذي انتقد بعنف ما أعلنه وزير الدفاع الياس المر عن فتح باب التبرعات وفتح حساب لهذه الغاية قائلاً بعد اجتماع عقدته كتلته امس: quot;ان هذا الحساب يفتحه مجلس الوزراء. وحتى الوزير في وزارته لا يستطيع فتح حساب، وأيضاً التبرّعات لا تسلّح الجيش لذلك لا لزوم لهذه الخضة الطويلة، واذا دفعت الضرائب التي يجب ان تدفع يسلّح الجيش من الفارق الذي سيذهب الى الخزينة، واذا اضطرنا سنعطي الدلائل على ما نقوله لاحقاًquot;.

وفيما بحث مجلس الوزراء الذي انعقد اليوم برئاسة الرئيس سليمان في جلسة عادية هي الاولى له في المقرّ الرئاسي الصيفي في بيت الدين في موضوع تسليح الجيش، سألت quot;إيلافquot; خبيرين عسكريين لبنانيين العميد المتقاعد نزار عبد القادر (القائد السابق للمدرسة الحربية) والعميد المتقاعد أمين حطيط رأيهما في الموضوع فجاء جواباهمامتطابقين في كثير من النواحي وان كانا على خلاف في التوجّه السياسي حيث يبدو الاول اقرب الى فريق 14 آذار فيما يعتبرالثاني قطباً في المعارضة.

العميد نزار عبد القادر يستهل كلامه بوصف اعلان وزير الدفاع الياس المر عن فتح حساب لجمع التبرعات من اجل تسليح الجيش بـquot;الفذلكةquot; باعتبار ان الجيش وعملية تسليحه من مسؤولية الدولة ولا علاقة لعموم الناس بها اذ لا يجوز الطلب الى هؤلاء التبرع وجمع المال لهذه الغاية. ورأى العميد عبد القادر ان هذه القضية تتعلق اولاً بسياسة الدولة العليا التي عليها ان تعد الخطة اللازمة للتسليح وتأمين المال اللازم واتخاذ القرار السياسي الواضح الذي يحدّد الدول التي في إمكان لبنان شراء السلاح منها.

ولفت العميد نزار عبد القادر ان توافر السلاح للجيش لا يعني ان المهمة انتهت اذ هناك التدريب ونوعيته والاهتمام بزيادة عديد الجيش من رتب وافراد وضباط حيث يقترح هنا ان يصل عدد العسكريين الى 75 ألفاً إضافة الى 5 آلاف ضابط. كما يجب ان تلحظ خطة التسلح والتدريب كيفية مواجهة اسرائيل وتقدير حجم الخسائر التي ستلحق بقواتها في حال شنِّها عدواناً على لبنان، مع الأخذفي الاعتبار ضرورة تأمين منظومة صواريخ متطوّرة التركيز على اسلوب المواجهة ونوعها. وقدر العميد عبد القادر حجم المال المطلوب لتسليح الجيش بحوالى الأربعة مليارات دولار، لافتاً الى ان هناك ما يزيد على المئة مليار دولار في المصارف اللبنانية حيث في إمكان الدولة الاقتراض من هذه المصارف وتقسيط القرض على سنوات يمكن ألا تتجاوز العشر، مؤكداً أنّ في الإمكان تسديد المال من عدّةوسائل إحداها على سبيل المثال فرض ضريبة خاصة على التدخين في وقت أعلنت فيهعدّة دول محاربتها للتدخين. وفيما شدد العميد نزار عبد القادر على ضرورة وضع حد لمشكلة ثنائية السلاح بين الجيش والمقاومة لفت الى ان قبل هذا وذاك على الدولة ان تجيب عن السؤال المركزي: أي جيش نريد؟ وأي استراتيجية دفاعية ننشد؟

من جهته رأى الخبير العسكري الاستراتيجي العميد اول المتقاعد أمين حطيط الذي مثل الجانب اللبناني في عملية رسم الخط الازرق على الحدود التي قامت بها الامم المتحدة ان quot;أي خطة لتسليح الجيش يجب ان تبنى على عناصر ثلاثة أولها المال وثانيها السوق وثالثها القرار السياسي الذي يحدد طبيعة عمل الجيشquot;. وقال حطيط: quot;إن توفير المال وحده لا قيمة له إن لم يكن مسبوقاً بتحديد السلاح. فتوفير المال من غير تأمين مصدر السلاح وتحديد السلاح لا قيمة له، ولكن قبل الأمرين الأساس هو القرار السياسي الذي يجيب على سؤال واحد محدّد أي جيش نريد ولأيّ مهمّة؟quot;. واستطرد العميد حطيط قائلاً: quot;في واقعنا القائم نجد إنقساماً لبنانيًّا حول هذا الأمرحيث يظهر رأيان الأول يقول نريد جيشاً لقتال إسرائيل وحماية سيادة لبنان من عدوانيتها. هذه السيادة التي تخترق برًّا وبحراً وجوًّا، تستطيع إسرائيل في أي لحظة، لولا وجود المقاومة، ان تدخل الأرض اللبنانية وتحتلّ وتدمّر ما تشاء كما كانت تفعل سابقاً. أما الرأي الثاني فيؤكّد على ان السلاح لحماية quot;سيادة الدولةquot; من الانتهاكات الداخلية فيما مواجهة إسرائيل فإنها فأمر متعذّر مع فارق القوة واختلاف الموازين لأننا مهما جهدنا لامتلاك سلاح يردع العدو الاسرائيلي فإنّنا سنبقى مقصرين وسينفق المال سدىquot;.

وأوضح حطيط: quot;بين هذين الرأيين يجب ان يكون هناك القرار السياسي، فإذا حدّد القرار السياسي وجهة الجيش بأنّها للدّفاع في الجنوب فهذا يعني وجوب البحث في منظومة صواريخ ضد الطائرات ومنظومة صواريخ ضد البحرية اضافة الى منظومة نارية ضد الدروع ومدفعية صاروخية ضد الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
وهذا الأمر يؤدّي الى كلفة لا تقل عن 5 مليارات دولار وهنا السؤال الذي يطرح في المقابل وهو: هل ان السوق متوافرة؟quot;.

يجيب العميد حطيط ان quot;الاميركي والاوروبي لن يفتحا اسواقهما لشراء مثل هذا السلاح، الامر الذي سيدفع اللبنانيين، لو اتخذوا هذا القرار السياسي، للبحث عن مصادر أخرى، ويبدو في الافق انه لا يوجد غير روسيا وايران وكوريا الشمالية والصين كما يمكن ادخال الهند وبعض المصادر الاخرىquot;. ويضيف: quot;اما اذا اختار اللبنانيون الحل الثاني، أي جيش لحفظ الامن ولحراسة الحدود مع اسرائيل وترك مهمة الدفاع عن لبنان بوجه اسرائيل لقرارات مجلس الامن، فهذا الامر سيقود الى كلفة اقل ويؤدّي الى تجهيز جيش بقدرات محددة ومن مساعدات مالية قد تكون من دول، أو جباية عبر صناديق خاصة تنشأ من هنا وهناك. لذلك وقبل ان نحدد اي جيش نريد لا أرى أهمية كبرى للبحث في مصادر المال فهذا امر مسلم به خصوصًا أنّ الحكومة اللبنانية الحالية هي في الشكل ذات قرار واحد وتجتمع في مجلس وزراء واحد لكنّها في الحقيقة منقسمة على رأيين سياسيين متناقضين، منها ما يتبع القرار الاميركي الذي يريد جيشاً لحراسة الحدود ومنها ما يريد جيشاً للدفاع عن الوطنquot;.