مانكوفيتز (اليسار) مع أحد أصدقائه في جامعة كيمبريدج خلال الأربعينات

أظهرت وثائق استخبارية أنوولف مانكوفيتز كان متّهمًا بالتجسس للسوفيات فيما مضى.

ابتدع الكاتب البريطاني إيان فليمينغ شخصيته الشهيرة جيمس بوند كرأس حربة في متاهات التجسس المتبادل بين الاتحاد السوفياتي من جهة والغرب عمومًا - وبريطانيا خصوصًا - من الجهة الأخرى. وكما هي الحال، في رويات فليمينغ، فقد كانت الغلبة quot;الطبيعيةquot; على الدوام للجاسوس البريطاني الذي فاقت شهرته الآفاق بفضل سلسلة الأفلام القائمة على تلك الروايات.

على أن وثائق استخبارية جديدة أفرجت عنها دار الأرشيف القومي الخميس تكشف أن كاتب السيناريو لأحد تلك الأفلام والكاتب المشارك في آخر كان هو نفسه متهمًا من قبل MI5 quot;إم آي 5quot; (جهاز الاستخبارات البريطانية الداخلية) بأنه عميل للاتحاد السوفياتي.

وتظهر الوثائق أن وولف مانكوفيتز، الذي كتب سيناريو الفيلم Casino Royale quot;كازينو رويالquot; في العام 1967 وشارك في كتابة سيناريو Dr No quot;الدكتور نوquot; في 1962 كان محط أنظار quot;إم آي 5quot; لأكثر من عشر سنوات باعتباره quot;ماركسيًّا ملتزمًاquot; ومرشحًا بالتالي لأن يكون جاسوسًا عاملاً للسوفيات.

ويعرف عن مانكوفيتز، الذي لمع نجمه كقلم فني متميز في الخمسينات وتوفي في العام 1998، أنه هو الذي عرّف المنتجين السينمائيين كوبي بروكولي وهاري سالتسمان ببعضهما بعضًا. وقد مضى هذان الاثنان لانتاج العديد من أفلام بوند الأولى بدءًا بأولها quot;الدكتور نوquot; الذي شارك مانكوفيتز نفسه في كتابة حواره.

ولفت مانكوفيتز، المولود في شرق لندن، أنظار quot;إم آي 5quot; بعد انخراطه في صفوف quot;الجمعية الاشتراكيةquot; بجامعة كيمبريدج، حيث تخصص في اللغة والأدب الروسيين، وزواجه في العام 1944 من امرأة تدعى آن كانت عضوا بالحزب الشيوعي البريطاني. وتزايدت الشكوك حوله بعدما انتقل الزوجان الى نيوكاسيل حيث قيل إنهما تفادا التجنيد الإجباري. وفي هذه المدينة صارا ميسوري الحال بفضل عملهما محاضرين في quot;رابطة التعليم العمّاليquot; اليسارية مقابل 6 جنيهات في الأسبوع لكل منهما.

وتظهر وثائق quot;إم آي 5quot; أنها كانت على قناعة بأن مانكوفيتز كان quot;ماركسيًّا حتى النخاعquot;. وكان أحد الدلائل التي استندت اليها في هذه القناعة الزعم خطاب اعترضته وكان مرسلاً من عضو الحزب الشيوعي ديفيد هولبروك الى صديق مشترك بينه وبين مانكوفيتز وجاءت فيه شكوى هولبروك من أن هذا الأخير يتهمه بأنه quot;ليس ماركسيًّا حقيقيًّاquot;.

وردًّا على طلب quot;إم آي 5quot; التحقيق في أمر مانكوفيتز، قالت الشرطة في نيوكاسيل إن المعروف عنه مناقشته النظرية الماركسية مع زملائه. وعلى الرغم من الشكوك العميقة في إنه كان عميلا - محتملا على الأقل - للسوفيات، فقد نجح في الانخراط بصفوف المجندين للدفاع عن الأراضي البريطانية. لكن يبدو أن هذا نفسه كان بمباركة quot;إم آي 5quot; التي رأت في الأمر احتواء مانكوفيتز ومراقبته عن كثب.

وفي العام 1951 كلفته quot;بي بي سيquot; بترجمة مسرحية تشيخوف quot;الدبquot;. وأصدرت quot;إم آي 5quot; تحذيرًا الى الهيئة الإذاعية من أن له quot;ماضٍ شيوعيّquot; لكنها قالت إن عمله على الترجمة quot;لا يشكل تهديدًا للأمن القوميquot;. واستمرت شكوك الاستخبارات الداخلية في هذا الكاتب حتى منتصف الخمسينات وخاصة بعد زيارته موسكو لعشرة أيام في العام 1956 ضيفًا على الدولة. لكن الاهتمام بنشاطه انحسر حتى تلاشى بعدما أعلن إلغاء زيارة أخرى لموسكو قائلا إنه يفضل زيارة الويست إنديز لحضور تصوير أول أفلام العميل جيمس بوند.