فتحت شرطة سكوتلانديارد تحقيقا حول مقتل عميل بريطاني كان يعمل في مركز التنصت GCHQ التابع لجهاز الاستخبارات الخارجية. الشرطة التي عثرت على الجثة يوم الاثنين، في حمام شقة العميل، فضلت الانتظار حتى صباح يوم الاربعاء للاعلان عن الجريمة الأكبر على صعيد عالم التجسس منذ مقتل عميل روسي سابق عام 2006.

استيقظت بريطانيا الأربعاء على نبأ مثير يفيد أن الشرطة عثرت على جثة عميل لجهاز الاستخبارات الخارجية MI6 laquo;إم آي 6raquo; في شقته وسط لندن، وأنه قتل طعنا بالسكين.

وقالت وسائل الإعلام التي سلطت أضواء ساطعة على الخبر إن الجثة كانت موضوعة داخل حقيبة رياضية بلاستيكية في حمام الشقة الكائنة في منطقة بيمليكو، على بعد ثلاثة أرباع الكيلومتر عن القيادة العامة لجهاز الاستخبارات الشهير.

وقالت الشرطة إن التحقيقات الأولية تشير الى أن الرجل قتل قبل اسبوعين على الأرجح. ولم تكشف النقاب عن هويته بالكامل ولكن عُرف أنه رجل أبيض في الثلاثينات من عمره وكان يعمل في مركز التنصت GCHQ التابع لجهاز الاستخبارات الخارجية.

وأوردت وسائل الإعلام أن ثمة تقارير غير مؤكدة تقول إن الشرطة عثرت في شقة العميل القتيل على عدد من الهواتف النقالة وبطاقات تشفيرها مرصوصة بشكل laquo;طقوسيraquo; دل على أن الجريمة ارتكبت لأسباب معينة غير معروفة الآن. لكن الشرطة نفسها امتنعت عن التعليق على هذا النبأ.

ونقلت فضائيتا laquo;سكاي نيوزraquo; وlaquo;بي بي سي نيوزraquo;، على سبيل المثال، إن الشرطة تستبعد في الوقت الحالي أن يكون مقتل العميل - الذي كان يعمل ضابط اتصالات في مركز التنصت GCHQ - له علاقة بأي جماعة إرهابية. وأضافت أنها ترجح الآن أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إطار حياته الشخصية على الأرجح.

وعلم أيضا أن القتيل كان يعمل منتدباً من مركز التنصت إلى جهاز laquo;إم آي 6raquo;، وعُثر على جثته ظهر يوم الاثنين لكن الشرطة أعلنت الخبر صباح الأربعاء بعد إكمال التحقيقات الابتدائية. ونُقل عن جيرانه قولهم إن اسمه الأول هو غاريث وإنه كان يتحدث الانكليزية بلكنة ويلزية ويعتقد أنه يحمل دكتوراه في الرياضيات من جامعة كيمبريدج. وقالت إحدى جاراته، وتدعى لورا هوتون، إنه كان laquo;دمثا وطيب المعشر وودودا للغاية، وكان يستخدم الدراجة الهوائية في تنقلاتهraquo;.

وقالت الجارة لفضائية laquo;سكايraquo;: laquo;طرق بعض أفراد الشرطة باب شقتي يوم الاثنين وسألوني عما إن كانت أي أصوات قد تناهت إلى مسامعي من الشقة المجاورة، فأجبت بالنفيraquo;.وأضافت قولها إن جارها laquo;كان يحرص على إبقاء ستائر نوافذه مسدلة معظم الوقت، وعليه فلم يكن بوسعي القول في أي وقت ما إن كان موجودا داخل الشقة أو خارجهاraquo;.

وأعلنت شرطة سكوتلانديارد أنها بدأت تحقيقا تتصدره دائرة جرائم القتل والجرائم الخطرة. وقال ناطق باسمها إن هوّية القتيل لم يتم التعرف إليها رسميا بعد، وإن جثته ستخضع للتشريح في وقت لاحق. وأضاف أن سكوتلانديارد تنظر حاليا في سائر الاحتمالات التي يمكن أن تكون مرتبطة بمقتل الرجل. ويُعتقد أن شرطة العاصمة ستعمل بشكل لصيق مع MI6 وأيضا MI5 (جهاز لاستخبارات الداخلية) من أجل سبر أغوار الجريمة.

يذكر أن هذه الحادثة هي الأكبر على صعيد عالم التجسس منذ مقتل العميل الروسي السابق المنشق الى بريطانيا، الكسندر ليتفنينكو، في نوفمبر / تشرين الثاني 2006. وكان قد سقط مريضا بينما كان يبحث في حادثة اغتيال الصحافية الروسية المعارضة للكرملين، آنا بوليتكوفسكايا، في شقتها في موسكو. واتضح أنه مات مسموما بمادة البلونيوم 210 الإشعاعية.

وفورا أشارت أصابع الاتهام الى موسكو. وقال أصدقاؤه ومعارفه من اللاجئين الروس في بريطانيا إن الكرملين أمر بقتله بسبب انتقاداته العلنية للرئيس الروسي (وقتها) فلاديمير بوتين ونظامه وفضحه أسرارا خطرة في أروقة الاستخبارات الروسية منها تغلغلها في أوساط المؤسسة السياسية الإيطالية. لكن موسكو نفت أي صلة لها بالأمر ووصف المتحدث باسم الكرملين الاتهامات بأنها laquo;محض هراءraquo;.

وفي تطور مثير آخر في تلك القضية أعلن والد العميل الروسي السابق أن ابنه كشف له أنه اعتنق الإسلام قبل يومين من وفاته وأنه طلب أن يدفن حسب المراسم الإسلامية. فأقيمت له صلاة الغائب في جامع ريجنتس بارك الكبير (المسمى الآن laquo;المركز الثقافي الإسلاميraquo;)في وسط لندن.