قهوة ام كلثوم حاضرة في غزة quot;إيلافquot;

جسد الشاب نضال الجرمي الكثير من معالم مصر البارزة على سطح منزله في قطاع غزة ليحوله إلى لوحة فنية باتت هدفا محببا للزوار، ومن لم يستطع مشاهدة معالم مصر على أرض الواقع يمكن أن يتطلع إلى تفاصيلها من خلال المجسمات التي صمّمها نضال.


quot;عمار يا مصر.. عمار يا قيادة مصر.. عمار يا شعب مصرquot; عفوية تلك الكلمات التي يرددها زائر المكان، ملوحا بيده على كل من جلسوا على سطح بيت لا يتجاوز الـ 130 مترا تعانقت فيه رموز مصر الفنية.
هنا القاهرة، الأهرامات، وقهوة أم كلثوم، ونهر النيل، ومبنى الإذاعة والتلفزيون وغيرها من المجسمات التي صممها شاب فلسطيني أراد من خلالها التعبير عن حبه لمصر بطريقته الخاصة، فصورة ومجسم وتمثال وأضواء تسطع لتدلل على أن مصر بفنهاما زالت حاضرة في قلوب الكثيرين في غزة.

كان علينا الذهاب إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة حيث البيت الذي لا يبعد عن الحدود المصرية الفلسطينية سوى بضعة كيلو مترات، لنزوره ونرى بأم العين ما صنعت يد نضال برفقة أحبائه على سطح منزله، فكان برج القاهرة قد تراءى لنا يدلنا على الطريق إلى شارع يزداد جماله بزينته وإضاءته التي تلونت بالأحمر والأخضر والأصفر.

تصعد والشوق فيك إلى السطح تاركا خلفك ترانيم الليل تصدح في الشارع فتثير شجون المارة، لتصل القمة، وتلامس روح مصر، فتطرب على أنغام صوت كوكبة الشرق أم كلثوم، وتشهد من الأعلى أنه لا فرق بين مخيم في رفح أو حي شعبي في القاهرة، وتسجل بقلمك ما يبدأ نضال وجيرانه بالحديث عنه ويعيدونك إلى الماضي القريب.

نضال الجرمي بجانب صورة للرئيس المصري حسني مبارك على سطح المنزل quot;عدسة إيلافquot;

نضال مصطفى الجرمي (39 عاما) يهوى الفن وهو صاحب الفكرة يقول: quot;ما دفعني للبدء بهذا العمل هو حبي للشعب والرئيس المصري ومصر، فهي القلب الحنون للشعب الفلسطيني، وهي غنية عن التعريف، فوالدي رحمه الله لم ينس شيئا إلا وحدثنا إياه عن مصرquot;.

وقد زار نضال مصر أكثر من مرة، ورغم ابتعاده عنها في الآونة الأخيرة بسبب الظروف إلا أنه لن ينساها أبدا كما يقول، ويوضح: quot;لقد زرت الأحياء الشعبية وكورنيش النيل واختلطت بالشعب المصري، وكان حبهم يظهر لنا من أول سؤال، فالشعب المصري قدم لنا الكثير وهذا واضح ولن يحتاج لبحثquot;.

ويشير نضال إلى المجسمات التي قام بتصميمها، فيذكر منها: quot;الأهرامات ونهر النيل، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، وبرج القاهرة، وأبو الهول ورمسيس، وصورة لأم كلثوم وهي هرم من أهرام مصر، وقهوة شعبية، بالإضافة إلى مسجد الحسين الذي يقوم بتجهيزيه الآنquot;.
وقد استغرق العمل بهذه الفكرة مدة 4 أشهر تقريبا، ووصلت تكلفة العمل إلى 2300 دولار كما يقول نضال، ويضيف: quot;كانت التكلفة كبيرة لأن كثيرًا من المجسمات كانت لا تعجبني ألوانها وشكلها فأعاود تصميمها ودهانها من جديد كي تبدو مشابهة لما هو موجود في مصرquot;.

ولاقت الفكرة إقبالا من قبل الجيران وأهالي مدينة رفح الذين قدموا الدعم النفسي والمعنوي لنضال طوال فترة عمله في المجسمات، حيث يبين: quot;المكان خاص بالعائلة والأصدقاء الذين يجلسون فيه دائما، وخلال جلوسنا نبدأ الحديث عن مصر وشعبها، فمجرد الجلوس في المكان فإن مخيلاتنا وتفكيرنا سيذهب إلى مصرquot;.

quot;عظيمة يا مصرquot; أحد شعارات نضال الجرمي على سطح منزله quot;عدسة إيلافquot;

ويخشى نضال من الفترة المقبلة نظرا لفصل الشتاء القادم، الذي سيكون عقبة أمام المجسمات لكونها في الطابق الأخير المكشوف للأمطار، فيقول: quot;إذا لم يكن هناك حماية للمجسمات لتعيش أكثر فستنهار، ولذلك أخطط لكسوتها بالنايلون كي لا تضيع هذه المعالم، وللمحافظة عليهاquot;.
ويتمنى أن تنتقل الأجواء المصرية إلى غزة، فيقول: quot;مصر تعيش أجواء كل المناسبات على أصولها، سواء كانت المناسبات إسلامية أو مسيحية، فكل موسم تطوره وتجدده، وتحتفل به وتعطيه حقه، فمنذ أن عرفنا مصر وحتى اليوم وهي في تطور مستمرquot;.

نعيش أجواء مصر الجميلة
محمد هارون 52 عاما وهو أحد جيران نضال الجربي يبدي استغرابه بما يفعله نضال الكادح كما يصفه، ويقول: quot;عندما اكتمل العمل بدأت تظهر مفاتنه، وبدأ كثير من الجيران بمتابعته والمشاركة فيه، وانتقل العمل من روح الفرد إلى الجماعةquot;.

ولا يخفي هارون قدرة نضال واستطاعته أن يغير أجواء مخيم الشابورة في مدينة رفح، وأن يُدخل أهلها في أجواء مصر التي ليس للحزن مكان فيها، ويضيف: quot;من ينظر إلى الشارع أو يدخله يستعجب ويشعر أن هناك شيئا مختلفا، فالإضاءة والأغاني القديمة تجعلنا نشعر بأجواء المناسبات السعيدة كما هي في مصر، وذلك ما يلمسه كثير من الزوار الذين يأتون إلى هنا لمشاهدة هذا الجمال والإبداع الفني من خارج المنزلquot;.
ويصف هارون إحساسه بالمكان فيقول: quot;حينما نحضر لزيارته وننظر إلى صورة القائد الفذ جمال عبد الناصر والسيد محمد حسني مبارك نتذكر وقفات مصر العظيمة معنا، فقد تربينا منذ نعومة أظافرنا على حب مصر والقيادة المصرية الوطنية وحب الشعب المصري الطيب الذي لم نجد منه سوى طيبة القلبquot;.

الأهرامات أحد معالم مصر البارزة حاضرة في غزة quot;عدسة إيلافquot;



لا ننكر المعروف، وهذه هديتنا لمصر
أحمد الجرمي 60 عاما وهو أحد أعمام نضال يحمل جهازه الخليوي الذي يعرض quot;لإيلافquot; صورا التقطها للمكان ويقول: quot;تفاجأت بهذا العمل من قبل أولاد أخي، وبصراحة أشعر أنني أجلس في قلب القاهرة لأنهم وضعوا مجسمات لأماكن معروفة هناك، فهي من تراث مصر ومن الأشياء المضاءة في كافة أنحاء العالم العربيquot;.
ويؤكد الجرمي أن ذلك كله ناتج من حب الشعب الفلسطيني لمصر من خلال كلمة أو منظر او قصيدة، وأن هذا أبسط شيء يمكن أن يقدموه، فهي كما يقول تستحق أكثر من ذلك، ويضيف: quot;حب هذه الدولة بمثابة تراث لدينا، ومصر لها فضل كبير على الشعب الفلسطيني منذ عهود طويلة، فقد تلقينا المساعدات من مصر، وأبناؤنا تعلموا في مصرquot;.

ويطالب الجرمي ابن أخيه بتوسيع المكان وإضافة مجسمات أكبر، وأن تكون الأشياء بارزة أكثر مما هي عليه، ويقول: quot;يجب أن تصل هذه الصورة لإخوتنا في مصر، كي يعلموا أننا نحفظ المعروف ولن ننساه، ونحفظ ما تقدمه مصر للشعب العربي كلهquot;.

ويقول الجرمي إن مصر يجب أن تعذر الشعب الفلسطيني إذا احتج على سياساتها لأنه يجهل ما تتصرف به أحيانا، ويضيف: quot;إذا فعلت مصر أي شيء، يجب علينا أن نصمت، وليس من حقنا أن نسألهم لماذا فعلتم كذا وكذا، فنحن لا نعرف ما في قلب وباطن مصر، وما نعرفه فقط هو الظاهرquot;.