ينذر استدعاء القاضي الاسباني للجرائم ضد المجتمع الدولي الثلاثاء ضابطا عراقيا رفيعا لاستجوابه حول التهم الموجهة له بقيادة هجوم مسلح ضد مخيم أشرف التابع لمجاهدي خلق الايرانية شمال بغداد وأسفر عن مقتل 11 من عناصرها وإصابة آخرين، بتوتر العلاقات العراقية الإسبانية.


بغداد: في قرار لها اليوم استدعت محكمة التحقيق المركزية التابعة لوزارة العدل الاسبانية المقدم في الجيش العراقي عبد الحسين الشمري قائد الهجوم ضد مخيم أشرف حيث يقيم 3400 من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وذلك في تموز (يوليو) عام 2009. وينص قرار الاستدعاء بانه على المقدم عبدالحسين الشمري الذي كان يقود الهجوم على أشرف بإشراف لجنة إغلاق المخيم في مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي أن يمثل أمام القاضي في اسبانيا في الثامن من اذار (مارس) المقبل كخطوة أولى لهذه التحقيقات في الهجوم .

وأشارت المحكمة في قرارها الى انها quot;اذ تؤكد المركز القانوني لسكان أشرف باعتبارهم اشخاصا محميين وفقًا لمعاهدة جنيف الرابعة فإنها قد فتحت مراحل المرافعة حول quot;جريمة حربquot; وquot;جريمة بحق البشريةquot; كي تنظر في 11 جريمة قتل و 480 جريمة ايقاع جراحات خطرة و36 جريمة احتجاز غير شرعي وممارسة التعذيب وكذلك الجرائم التي تعود إلى الأضرار التي لحقت بسكان أشرف وهم جميعا اشخاص محميون بمعاهدة جنيف الرابعةquot;.

وقالت ان الانتهاكات الصارخة لمعاهدة جنيف تعد من حالات quot;جريمة حربquot; طبقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تموز عام 1998. واضافت انه quot;في إطار هذا النظام القانوني يجب علينا ان نستخلص أن إسبانيا تعتمد في إختصاصها لقمع جرائم مثل الإبادة الجماعية والجريمة ضد الإنسانية والإرهاب او الجرائم ضد الاشخاص المحميين في اطار قانون المنازعات المسلحة سواء التي تحدث داخل ترابها او خارج هذا التراب ( القضايا الاقليمية أو وراء الاقليم) على واقع ان الملاحقة الجنائية مناسبة في اطار احكام القانون الاساسي للقضاءquot;. وعلى هذا الأساس، اكدت المحكمة ضرورة اتخاذ اجراء تشريعي يلزم فرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية المبينة في المادة التالية: quot;يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها وبتقديمهم إلى محاكمة أياً كانت جنسيتهمquot;.

رفض رد عراقي
وفي قرارها هذا فقد رفضت المحكمة الاسبانية الرد العراقي إلى السلطات القضائية الاسبانية وقالت إن الاجابة التي قدمتها وزارة الشؤون الخارجية العراقية وهي quot;ان العراق سبق أن أجرى تحقيقاً قانونياً بالموضوع وانه ملتزم من جانبه بإيجاد حلّ لسكان مخيم أشرف وبما ينسجم والقانون الدوليquot; .. مضيفة quot;ان استفسار القاضي فرناندو أندريو مريلس المستشار في محكمة التحقيق المركزية التابعة للمحكمة الوطنية الاسبانية يعتبر توسيعاً لولاية المحاكم الاسبانية وتدخلاً في عمل الأجهزة العراقية المختصةquot; غير كافية تماما ولا تثبت وجود تحقيق فاعل وملاحقة كما يتطلبه قانون النظام الاساسي للقضاء. واشارت الى انه على العكس من ذلك، فان المشتكين من سكان اشرف قدموا تقارير صادرة عن مقررين للامم المتحدة مؤرخة في 9 ايار (مايو) و26 أيار و1 حزيران (يونيو) عام 2010 وهي تشير إلى أنه ليس هناك أي تحقيق فعلي ومقاضاة للحقائق في متناول اليد. وأوضحت انه على الرغم من الطلبات المقدمة من قبل هؤلاء المقررين الى السلطات العراقية للحصول على معلومات عن الحقائق الكامنة وراء هذا الإجراء فلم تكن هناك اجابات او كانت غير مرضية في رأي المقررين .

ومن جهته، أشار المحامي الاسباني للمشتكين quot;خوان غارسهquot; في تصريح خاص بالقضية تلقته quot;ايلافquot; الى ان قرار المحكمة حول عدم اجراء تحقيقات من قبل السلطات العراقية حول الأعمال المرتكبة في تموز 2009 بالإضافة الى المسؤولية التي يتحملها الذين اتخذوا القرار باصدار أوامر الهجوم يؤكد أكثر من ذي قبل انه في الظرف الراهن وإلى ان تتم مراعاة حقوق سكان أشرف وفقًا للقانون الدولي فان المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة مطالبين باتخاذ إجراءات ضرورية لضمان أمن سكان أشرف للحيلولة دون وقع كارثة انسانية.

تفاصيل واقعة الهجوم
واشارت المحكمة التابعة لوزارة العدل الاسبانية الى ان الشكوى المقدمة اليها في السابع من ايلول (سبتمبر) عام 2009 من عدد من سكان مخيم اشرف تشير الى انه quot;في 28 تموزعام 2009 ابتداءً من الساعة الثالثة من بعد الظهر وخلال يوم 29 تموز التالي شن حوالى الفي جندي ينتمون إلى لواء بدر وإلى قوات العقرب الخاصة في لواء بغداد وإلى الكتيبتين الثانية والثالثة من الشرطة وشرطة مكافحة الشغب وفي عملية مدروسة ومخطط لها تحت قيادة المشتكى عليه اللفتنانت جنرال عبدالحسين الشمّري ومجهزّة بسيارات هامفي ومعاول آلية وأسلحة نارية وفؤوس وقضبان حديدية وخشبية وسلاسل ورذاذ الفلفل والغاز المسيّل للدموع وقنابل صوتية وخراطيم المياه وعجلات اخرى .. شنوا هجوماً على المدنيين العزّل المقيمين في مخيم أشرف وأطلقوا النار عشوائياً على الأشخاص المحميين بموجب معاهدة جنيف الرابعة ما أدى إلى مقتل 11شخصاً واحتجاز 36 آخرينquot;. واكدت المحكمة ان هذا الهجوم شكل انتهاكا لمعاهدة جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب (اغسطس) عام 1949 المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب والتي صادقت عليها إسبانيا والعراق وبروتوكولها الإضافي الاول المؤرخ في 8 حزيران عام 1977.

واوضحت المحكمة ان قرار استدعائها الضابط العراقي الشمري تستند الى احكام المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على quot;تتعهد الاطراف السامية المتعاقدة بان تتخذ أي اجراء تشريعي يلزم فرض عقوبات جزائية فعالة على الاشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية المبنية في المادة التالية : يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها وبتقديمهم إلى المحاكمة أياً كانت جنسيتهمquot;.

استدعاء عن طريق الانتربول
وقالت المحكمة انه ستصدر انابة قضائية دولية عن طريق الشرطة الدولية quot;الانتربولquot; للسلطات المختصة في العراق من اجل تبليغ المشتكى عليه واستدعائه من اجل التعبير عن تصريحاته حول الوقائع المزعومة كما سيتم ابلاغ هذا القرار الى اطراف القضية والسماح لهم ان يعرفوا أن بامكانهم تحدي هذا القرار من خلال تقديم طلب استئناف لاعادة النظر او طلب الاستئناف من جديد خلال ثلاثة او خمسة ايام على التوالي .

وكانت قوات عراقية هاجمت مخيم اشرف يومي 28 و29 تموز عام 2009 ما ادى مقتل 11 شخصا واصابة حوالى 500 جريح بينهم نساء ما ادى الى اعاقة بعضهم . واثار الهجوم غضبا دوليا حيث ادانته شخصيات بارزة مثل رئيس أساقفة كانتربري والقس ديزموند توتو فضلا عن آلاف البرلمانيين من جميع أنحاء العالم كما صادقت اغلبية أعضاء الكونغرس الاميركي على قرار يدعو الرئيس باراك أوباما إلى اتخاذ التدابير اللازمة لسلامة سكان أشرف. كما رفع محامو وحقوقيو سكان أشرف دعوى قضائية ضد مدبري الهجوم وقادته لدى محكمة التحقيق المركزية في إسبانيا باعتبارها حالة واضحة من جريمة ضد الإنسانية.

وخلال العامين الماضيين، منعت السلطات العراقية عوائل سكان أشرف ومحاميهم من الذهاب إلى المخيم وزيارتهم. كما لم يسمح للبرلمانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان من كثير من البلدان زيارة أشرف .. وأيضا تم خلال الاسابيع الاخيرة تشديد القيود الطبية المفروضة على السكان مما ادى الى منع علاج عشرات المرضى وبينهم مصابون بالسرطان حيث يواجهون حاليا الموت بسبب عدم امكانية الحصول على العلاج الطبي الكافي ما ادى الى وفاة اثنين منهم الشهر الماضي.

والمحكمة الاسبانية التي اصدرت قرار استدعاء الضابط العراقي الشمري هي نفسها التي كانت قد أصدرت مذكرة دولية بإلقاء القبض على أوغوستو بينوشيه ديكتاتور تشيلي السابق عام 1998. ومن غير المألوف ان تقبل المحكمة البت في الحالات التي ليست لها علاقة باسبانيا الا في القضايا التي لها علاقة بانتهاك واضح للقانون الدولي حيث انها تقبل البت في مثل هذه الحالات على أساس الولاية القضائية العالمية.