بجرأة تُحسَد عليها، لم تكترث مارينا روزوموفسكايا، تلك المُدَرِّسَة الروسية التي تبلغ من العمر 45 عاماً، بنظرات رجال الشرطة الذين حاصروها خلال التظاهرة الاحتجاجية التي كانت تقوم بها يوم أمس في أحد شوارع العاصمة الروسية، موسكو، ولا شيء يشغل بالها سوى أن تحاول بكل السبل منع تحول بلدها إلى دولة استبدادية.

روزوموفسكايا، التي تحدت برودة الطقس، تحدت أيضاً الخطر الذي كان متمثلاً في احتمالية إقدام السلطات المحلية على قمع حريتها الخاصة بالتعبير. وعلى الرغم من حالة التربص التي كانت تكنها لها الشرطة، إلا أن السيدة كانت حريصة تماماً على أن تخرج بتظاهرتها إلى بر الأمان، من خلال التزامها التام بالقوانين، واكتفت في غضون ذلك بحمل قطعة صغيرة من الورق مكتوب عليها quot;الحرية للسجناء السياسيينquot;.

وقالت روزوموفسكايا في هذا الشأن إنها تواجدت هناك للمشاركة في واحدة من ثلاثة احتجاجات نُظِّمت في جميع أنحاء المدينة يوم أمس، بعد التحذيرين الذين أطلقتهما السلطات خلال الأسبوع الماضي، طبقاً لما أوردته عنها صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وكانت محكمة في موسكو قد أصدرت يوم الخميس الماضي حكماً بالسجن 14 عاماً على قطب النفط الروسي السابق، ميخائيل خودوركوفسكي، بعد أن وُجِّهت إليه اتهامات غير مثبتة بسرقة النفط من شركته الخاصة. وفي اليوم التالي، تم إلقاء القبض على زعيم للمعارضة كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في عهد الرئيس، بوريس يلتسين، أثناء مغادرته لتظاهرة سُمِحَ بها رسمياً لدعم الحق في التجمع.

وكان المعارض الروسي هذا، ويدعى بوريس نيمتسوف، قد انتقد الحُكم الذي صدر ضد خودوركوفسكي، ووجه انتقاداته كذلك لرئيس الوزراء الحالي، فلاديمير بوتين، خلال مشاركته في المسيرة. وقد صدر ضده يوم الأحد الماضي حكماً بالحبس لمدة 15 يوماً، بعد أن وُجِّهَت إليه تهمة عصيان الشرطة. كما ألقي القبض على معارض آخر أثناء مغادرته لمنزله، قبل أن يصل حتى إلى المسيرة الاحتجاجية.

وأوردت الصحيفة عن روزوموفسكايا، قولها: quot;نحن نعيش في بلد الإشارات. وأصبح من الواضح أننا نسير مرة أخرى إلى عقد الأربعينات من القرن الماضي، وأننا نسير أيضاً صوب دولة استبدادية. فكيف يمكن الجلوس ومشاهدة ما يحدث بهدوء؟ وإذا لم تقم بممارسة حقوقك كمواطن، فأنا لا أعتقد أن شيئاً سيتغير على الإطلاقquot;.

وبعد أن أكملت روزوموفسكايا احتجاجها، بعد شد وجذب مع رجال الشرطة، تم احتجاز 19 شخصاً من الاحتجاجات الثلاثة المختلفة، في وقت متأخر بعد ظهر يوم أمس الأربعاء، أمام مركز الاعتقال الذي يقضي فيه نيمتسوف عقوبته، وفي مبنى الإدارة الرئاسية، وفي قاعة المدينة. وفي الختام، نقلت الصحيفة عن روزوموفسكايا، قولها: quot;أنا لست سياسية، وإنما مجرد مُدرِّسة. وأنا أريد أن يعيش تلاميذي في بلد متحضر. ولا أريدهم أن يتحولوا إلى أناس بلا شرف وضميرquot;.