غادرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون صنعاء بعد ان اجرت خلال زيارة مفاجئة اجتماعات مع قادة الأحزاب السياسيّة المنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك المعارض وعدد من الأحزاب الأخرى، وذلك في مقر السفارة الأميركية بصنعاء عقب مباحثات مع الرئيس علي عبدالله صالح.


هيلاري كلينتون لدى وصولها الثلاثاء إلى مطار صنعاء

صنعاء: وسط تكتم إعلامي وإجراءات أمنية مشددة زارت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، لساعات فقط، العاصمة اليمنية صنعاء.

وقالت مصادر مطلعة لـ إيلاف إن كلينتون التقت قادة الأحزاب السياسية المنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك المعارض وعدد من الأحزاب الأخرى وذلك في مقر السفارة الأميركية بصنعاء عقب مباحثات مع الرئيس علي عبدالله صالح.

كذلك، استمعت كلينتون للموقف المشترك من الأزمة السياسية الحاصلة في اليمن واستعدادات المؤتمر الحاكم من خلال التحضير للانتخابات النيابية المقبلة منفردًا، وإجراء تعديلات تصب في مصلحة بقاء صالح في الحكم مدى الحياة.

زيارة كلينتون لليمن لم يعلن عنها رسميًّا إلا بعد وصولها وهي الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجية أميريكي.

وعلى الرغم من أن زيارة كلينتون قد طغى على ملفاتها ملف القاعدة إلا أن الوسط السياسي يبدي آمالاً لوضع مخرج للأزمة، في حين يقول الرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك محمد عبدالملك المتوكل إنه لا يعول على الزيارة كثيرا وأن الشارع أهم.

وشددت السلطات الأمنية اليمنية إجراءاتها منذ ثلاثة أيام وتم إحكام السيطرة الأمنية على المنافذ والفتحات والثغرات الموجودة في الحزام الأمني المحيط بالعاصمة.

ورفعت الوحدات الأمنية حالة التأهب وشددت حملات ضبط الأسلحة ومنع دخول الشاحنات وسيارات النقل الكبيرة بأنواعها إلى أمانة العاصمة ابتداء من صباح الاثنين وحتى إشعار آخر.

وأعلنت وزارة الداخلية عن إجراءاتها لكنها لم توضح أسبابها الطارئة.

وتأتي الزيارة الأميركية بالتزامن مع مساع دبلوماسية أوروبية لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة السياسية في اليمن، حيث سبقت زيارة كلينتون وصول وزير التنمية الألماني ديرك نيبل والذي التقى بعدد من قيادات أحزاب المعارضة والرئيس صالح.

وأكد المسؤول الألماني خلال اللقاء ضرورة الحوار بين السلطة والمعارضة وأن التنمية لا تستقيم إلا بالسلطة والمعارضة.

الأميركيون يدركون خطورة الوضع

وحول توقعات السياسيين عن ماذا ستسفر زيارة كلينتون، يقول الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء لـ إيلاف، إن الزيارة تأتي في ظل احتقان سياسي في اليمن بين الحاكم والمعارضة، فالحوار توقف بين المعارضة السلمية الممثلة باللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي الحاكم، ويبدو أن الأميركيين قد استشعروا بأن 27 إبريل/ نيسان القادم سيكون لقاء قتال اليمنيين وليس انتخابات.

وأضاف الظاهري: quot;أرى كمحلل وهذه ليست أمنياتي، إنه في إبريل/ نيسان إذا ذهب المؤتمر منفردًا للانتخابات سيتقاتل اليمنيون بسبب هذه التصرفات، ويبدو أن الأميركيين أدركوا أن اليمنيين على وشك دخول نفق لن يخرجوا منه، فرأوا أن تأتي السيدة هيلاري كلينتون لتضغط على الرئاسة والمعارضة كي يتحاورواquot;.

وأشار إلى أن هناك مبادرة من الحزب الحاكم طرحت عن طريق القيادي المؤتمري محمد أبو لحوم ترى أن يعود الجميع إلى حيث انتهى الحوار، وهذه مبادرة ليست شخصية كما أرى، وكنت أتمنى أن تكون هي المخرج لكن يبدو أننا كيمنيين نحتكم للآخر الأجنبي أكثر، ويبدو أن هيلاري كلينتون ستجد آذانًا مصغية لدى صانع القرار اليمني وأحزاب المعارضة وأتمنى أن تنجح في مهمتها، لأن الهم الأميركيّ هم أمني فالولايات المتحدة والمانحون يخشون أن يتحول اليمن إلى دولة فاشلة ومرتعًا للإرهاب.

ويعتقد الدكتور الظاهري أنّ المتغير الأهم أن تعود الحكمة لصانع القرار اليمني وأن نتخلى عن لغة quot;قلع عدادquot; الفترات الرئاسية، لأن quot;قلع العدادquot; أرى أنه قلع للاستقرار السياسي والمجتمعي في اليمن.

وتابع: quot;المهم أن ينجح الجميع بالعودة إلى الرشد لأن البديل كما قلت هو هدم السد فوق جميع اليمنيين، فالحاكم ركب رأسه ويصر على إلغاء عداد الفترات الرئاسية، والمعارضة قررت النزول إلى الشارع، أتمنى أن يعود الجميع للحكمة، فالحاكم لن يكسب كل النتائج الجيدة بهذا والمعارضة لن تخسر كل شيء بما سيفعله الحزب الحاكمquot;.

وقال إن quot;هيلاري تستطيع الضغط وإعادة الأمور إلى نصابها وهذا ليس سلبًا لسيادة الحاكم كما يرى بعضهم، فالقرار السياسي كما نعلم ليس مستقلاً كاملاً ودعك من التعبيرات السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والسيادة اليمنية ليست في أحسن حال، وأعتقد أن الضغوط الأميركية قد توصل المعارضة والسلطة إلى منطقة وسطquot;.

وحول ملف الإرهاب الذي يتوقع أن تكون غالبية الزيارة مكرسة من أجله، أشار الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء إلى أنه ملف مشترك بين الحكومة والأوروبيين، quot;لكنها ستسعى إلى الضغط على الحكومة اليمنية بهدف محاولة محاصرة ما يسمى بالإرهاب، لأنه إذا ذهب الاستقرار السياسي فإن اليمن ستكون بيئة خصبة لما يسمى بالإرهابيين، فالضغط ليس حبًّا لليمنيين ولكن كراهية في القاعدة، لأن الهم الأميركيّ هو همّ أمني بالأساس وبالتالي الضغوط ستكون في هذا الإطار، إلى أي مدى سيكون الحاكم قادرًا على تقديم تنازلات وإلى أي مدى ستكون المعارضة قادرة على أن تتخلى عن بعض مطالبهاquot;.

ويختم الظاهري حديثه بأن quot;التاريخ يخبرنا أنه قد يحدث نوع من التسوية وترحيل الأزمات، وهذا هو المشهد المتوقعquot;.