عن quot;واشنطن بوستquot;

لمتابعة آخرأخبارتونسأنقر على الصورة
ظل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي،على دفة سفينة تعتبر الأشد إحكاما في العالم العربي، مما جعل تونس دولة بوليسية مثالية حيث المخبرون وصور الرئيس في كل مكان، مما منع أي من المحللين السياسيين من توقع غرق سفينة بن علي حسب وصف quot;واشنطن بوستquot;.

لكن الغرق وقع أمس بعد مرور 29 يوما على انطلاق انتفاضة شعبية ضد البطالة وبطش الشرطة وفساد الحكم على حد قول الصحيفة التي اعتبرت هذه الأضطرابات الأسوأ منذ تسلم بن علي مقاليد الحكم في تونس.

تقول كاتبة المقال منى الطحاوي إنها لم تكن لتتخيل طوال سنوات حياتها أنها سترى شعبا عربيا ينجح في الإطاحة بزعيمه من دون أن يكون للإسلامويين دور ومن دون غزو أجنبي يدعي بأنه يهدف إلى إقامة الديمقراطية.

وانتشرت هذه الانتفاضة خلال شهر بعد انتحار الشاب محمد بوعزيزي، 26 سنة، وجاء فعله ذلك تحت وطأة يأس عميق فجره قيام الشرطة بمصادرة البسطة غير المرخص بها لبيع سلعه. فكان إشعال نفسه في يوم 17 ديسمبر الماضي شرارة الانتفاضة. فبعد ذلك الحادث قام عدد من الشبان التونسيين بمحاولة الانتحار. وتتساءل الطحاوي إن كان هناك عرض أكبر عن الأمراض التي يعاني منها العالم العربي أكثر من صور أبنائه الشباب وهم يقتلون أنفسهم في الوقت الذي يتقدم زعماء بلدانهم في السن والثروة؟

تقول منظمات حقوق الإنسان إن أكثر من 60 شخصا قد قتلوا خلال المصادمات مع قوات الأمن التونسية منذ 17 ديسمبر الماضي لكن قتل بوعزيزي لنفسه جاء ليجسد ما سماه الكثيرون بـ quot;ثورة الياسمينquot;.

تعتبر تونس بلدا شرق أوسطي مثاليا، فأكثر من نصف سكانه هم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن الخامسة والعشرين وهم لم يعرفوا طوال حياتهم زعيما سوى بن علي وهو ثاني رئيس في تاريخ تونس منذ حصولها على الاستقلال من فرنسا عام 1956.

ولعل هذه الحالة متشابهة في العديد من البلدان العربية. المجاورة لتونس. وترى مقالة الرأي هذه أنه منذ قرون والحكام المستبدون العرب يبررون بقاءهم الأزلي في السلطة لإبقاء الإسلامويين بعيدا عن الحكم. ومن خلال تضخيم ذلك التهديد تمكن هؤلاء الحكام أن يكسبوا حلفاء غربيين بعد أن زرعوا الخوف في نفوسهم من الحركات الإسلاموية مما جعل هؤلاء الزعماء الغربيين يفضلون تحقق الاستقرار في العالم العربي على الديمقراطية. ففي الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2009، كسب بن علي نسبة 89.62% من الأصوات.
تقول الكاتبة الطحاوي أنه من غير شك ظل كل زعيم يراقب ما يحدث في تونس خوفا في حين ظل المواطنون على امتداد العالم العربي يراقبون بتعاطف وابتهاج لما يجري أمام أعينهم من ثورة مفتوحة.

كتبت المصرية جيجي إبراهيم على موقع تويتر: quot;لا أستطيع أن أصدق أنني عاصرت ثورة عربية!! شكرا، تونسquot;.

وإذا كان العرب في كل مكان يراقبون غير مصدقين آذانهم واعينهم على ما شاهدوه وسمعوه وقرأوه حول ثورة الياسمين في تونس فإن مسار الأحداث لم يحسم بعد. فالكثير من التونسيين يرون في رئيس الوزراء محمد الغنوشي الذي تسلم الرئاسة بالنيابة بأنه جزء من زمرة بن علي. بالتأكيد، يعي الغنوشي، حسبما تقول منى الطحاوي، أن التونسيين الذين هزموا الرصاص الحي ومنع التجول والدبابات في الشوارع خلال الشهر الماضي غير راغبين بالقبول ببقاء نفس الزعامة في الحكم.
ترى المقالة أن التونسيين لم يقرفوا فقط من ابن علي بل من الدائرة الشبيهة بالمافيا والتي ظلت تحيط به وهذه حسب الوصف الذي جاء على موقع ويكيليكس تضم أفرادا من أسرته ومقربين له وهي تتميز بـ quot;الفساد المنظمquot;.

من جانبه أصدر أوباما بيانا أمس دعما للشعب التونسي داعيا لإجراء انتخابات نزيهة وحرة.
وكان بن علي قد سجن بدائل ممكنة لحكمه أو دفعها للخروج إلى المنفى، لذلك فإن من غير الواضح ما سيحدث بعد هروب بن علي من تونس. لكن العالم يراقب هذه الدولة العربية الصغيرة ويتساءل في الوقت نفسه إن كان ما حدث هو الخطوة الأولى لتخليص منطقة الشرق الأوسط من زعمائها المستبدين الذين أصبحوا أجدادا وهم في الحكم.