أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عقب اجتماعه في بغداد اليوم مع الرئيس جلال طالباني الاتفاق على عقد المجلس الاستراتيجي المشترك بين البلدين الشهر المقبل.. فيما ناشد طالباني من جانب اخر المواطنين والحكومة الى التضامن مع المسيحيين والدفاع عنهم واحترام حقوقهم بوصفهم مواطنين اصلاء.


خلال اجتماع مع الرئيس العراقي جلال طالباني بحضور نائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ووزير الخارجية هوشيار زيباري عبر وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو عن ارتياح بلاده لتطور الحياة السياسية في العراق والانتقال إلى مرحلة جديدة بعد تفاهم القوى السياسية، سلميا وديمقراطيا، لانجاز تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أنquot; مثل هذه التطورات كانت مصدر سعادة للشعب التركي، حيث إن قدر العراق هو نفس قدر تركياquot; وأوضح quot;إن الكثير من الأحداث تؤكد إن النجاح في تشكيل الحكومة هو مهم لعموم المنطقةquot;.

وأكد الوزير أهمية تفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي المشكل بين البلدين وضرورة السعي الى مواصلة اجتماعات هذا المجلس التي كانت قد بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2009 موضحا ان زيارته هذه الى بغداد التي وصلها اليوم تأتي في أطار العمل على تفعيل هذا المجلس الذي يشكل نموذجا ممتازا للتعاون والعمل المشترك.

وعبر عن الارتياح لان يكون أول اتفاق لمثل هذا التعاون الاستراتيجي هو بين العراق وتركيا موضحا ان بلاده سعت إلى الاتفاق على عقد مجالس تعاون مماثلة بعد هذا مع عدد من الدول الأخرى. وأعرب عن أمله في ان تعقد الدورة الثانية لمجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين في أواخر الشهرالمقبل.

وتمنى الوزير التركي ان تكون السنوات الأربع المقبلة من عمر الحكومة الجديدة سنوات عمل ايجابي بما ينعكس إيجابا على المنطقة كما أعرب عن أمله في ان لا تقتصر علاقات التعاون على البلدين الجارين العراق وتركيا، وإنما تشمل جميع دول المنطقة.

وفي حديثه عن أهمية العلاقات الاقتصادية العراقية التركية التي وصل التبادل التجاري فيها خلال العام الماضي الى 10 مليارات دولار أشار الوزير الى ان العراق وتركيا quot;كدولتين ديمقراطيتين وصاحبتي نمو اقتصادي كبير يجب أن تتعاونا بشكل وثيق.. وتركيا ستكون مع العراق دائماquot;. وأشار الوزير الى ان مباحثاته مع المسؤولين العراقيين تتركز على العمل على رفع تأشيرة الدخول بين البلدين وبما يخدم وينمي علاقات التعاون والعمل المشترك بين شعبي البلدين.

ومن جهته شدد طالباني على أهمية علاقة العراق مع تركيا مؤكدا إن العراق نفذ أول اتفاق استراتيجي مع تركيا ثم مع مصر العربية مشيرا إلى مواصلة العمل لتنفيذ اتفاق مماثل مع سورية. وقال ان العلاقات بين البلدين، العراق وتركيا، quot;قد تطورت كثيرا بعد الاتفاق وقد يكون من الصحيح أن الكثير من جوانب الاتفاقات لم تنفذ بعد لكن الصحيح أيضا أننا انتقلنا خطوات مهمة باتجاه تطوير العلاقات وتنميتها لصالح البلدين وشعبيهماquot;.

من جانبه تحدث عادل عبد المهدي عن أهمية العلاقات بين العراق وتركيا وأشار الى إن القيادات العراقية ومختلف القوى الممثلة بالعملية السياسية تؤكد الحرص على تمتين العلاقات مع تركيا وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين معربا عن أمله في أن تتوصل جهود الحكومتين الى اتفاقات من شأنها تعزيز العلاقات وتطويرها.

وعبر طارق الهاشمي عن الامتنان لدور تركيا وسعيها الى التقارب والتفاهم في وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية العراقية للوصول الى أتفاق سمح بتشكيل حكومة الشراكة الوطنية. وشدد على أن العراقيين مصرون على غلق الملف الأمني وإنهاء هذه الصفحة للتوجه الى الملف الاقتصادي والخدمي الذي ينتظره الشعب العراقي مؤكدا أ ن تركيا ستكون شريكا مهما في هذا الملف. ونقل اوغلو دعوة رسمية الى طالباني لزيارة تركيا حيث أعرب الرئيس عن قبوله الدعوة وتلبيتها في وقت مناسب.

طالباني يدعو المواطنين الى الدفاع عن المسيحيين

إلى ذلك، ناشد الرئيس العراقي من جانب اخر المواطنين والحكومة الى التضامن مع المسيحيين والدفاع عنهم واحترام حقوقهم بوصفهم مواطنين اصلاء. وقال الرئيس العراقي انه يتابع بمزيد من القلق والاستياء استمرار تعرض المواطنين المسيحيين ومحلات عملهم وتجمّعهم إلى اعتداءات أثيمة تشكل مخالفة صريحة للدستور والقوانين المرعية وانتهاكا للحريات الفردية المكفولة بنصوص دستورية واضحة ومنها ما ورد في المواد 2 و 14 و 15 و 17 و 22 و 37 هذا فضلا عن ان الدين الاسلامي الحنيف دين التسامح والمحبة يعارض العنف المنفلت ويتعارض مع اي اعتداء على ارواح الناس وممتلكاتهم.

وقال ان هذه الاعتداءات الأخيرة تأتي إثر سلسلة من التجاوازت على الحقوق والحريات في بغداد ومدن أخرى ما يثير قلقاً لدى أوساط الرأي العام. واضاف انه بحكم التزاماته الدستورية واحترامه لنصوص القانون الاساسي فأنه يدعو الحكومة العراقية، حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية، الى اصدار أوامرها الى الجهات المختصة بالشروع في التحقيق واتخاذ الاجراءات اللازمة لصون الحريات والحقوق وحماية ارواح وممتلكات المواطنين عامة و المسيحيين خاصة وحقهم في العمل وفق ما نص عليه الدستور والتشريعات وانزال العقاب بكل من ارتكب مخالفة او جرما في هذا السياق.

ودعا الرئيس العراقي المواطنين quot;الى التآزر والتضامن مع الاشقاء المسيحيين والدفاع عنهم واحترام حقوقهم بوصفهم مواطنين اصلاء واخوة لنا في الوطن، في العراق الجديد، عراق الديمقراطية والتعددية والحريات العامة و الخاصةquot;.

وتأتي هذه الدعوة في وقت تزايدت في الاونة الاخيرة الهجمات ضد المسيحيين في العراق وكان افظعها الهجوم الذي استهدف كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد حيث قتل مسلحون من القاعدة 46 مصليا بينهم كاهنان في 31 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

ودفع الاعتداء على الكنيسة وهو الاكثر دموية ضد المسيحيين العراقيين وما تلاه من هجمات بهؤلاء المسيحيين الى الهجرة اما باتجاه كردستان العراق او سوريا ولبنان والاردن كمحطات موقتة في انتظار انتقالهم الى اميركا الشمالية واستراليا. وتراجعت اعداد المسيحيين في العراق الى اقل من نصف مليون حاليا بعدما كانت بين 800 الف واكثر من مليون قبل الاجتياح الاميركي وفق تقديرات مصادر كنسية ومراكز ابحاث متعددة.