دعت الإعلامية والمحللة السياسية كارولين فورست حكومة الغنوشي الى تفكيك المافيات داخل البوليس التونسي ومقاومة محاولة هز الاستقرار في البلاد. وفيما دعت فورست خلال حديث مع ايلاف الى تنظيم انتخابات نزيهة باشراف الأمم المتحدة اكدت انها تؤمن بمستقبل ديمقراطي في تونس التي، وبحسب تعبيرها، يمكن ان تصبح quot;علامة فارقة في العالم العربيquot;.


كارولين فورست

عبرت الإعلامية والمحللة السياسية كارولين فورست، في حوار خاص مع إيلاف، عن حذرها من أن تسرق الثورة من أيدي الشعب التونسي، باستحضارها لتهديدات معينة، إلا أنها اكدت ثقتها بتونس وبالشعب التونسي بأن يكون علامة فارقة في الديمقراطية في العالم العربي. في ما يلي نص الحوار:

ما هي القراءة التي ترينها مناسبة لفهم مسببات الثورة الشعبية التونسية؟

تشبه كثيرا الثورة الفرنسية. شعب جائع لم يعد يقبل أن يرى مستبدا يغتني على ظهره. لكنه شعب حسن التربية، بطبقة متوسطة لا تهزها استفزازت القوة، تطمح للتغيير لامتلاكها لنوع من النضج السياسي. و هذا راجع إلى ما قامت به تونس في العلمنة والتربية الوطنية. ونجاح الشعب التونسي حيث فشلت شعوب أخرى، قيدها حكامها في الجهل و التعصب.

برأيك، هل هذا التغيير في دول الجوار و ي البلدان العربية لا يمكن أن يتحقق إلا بفضل الشعوب؟

بطبيعة الحال. يجب أن يعبر الشعب عن رفضه للوضع وأن يتحلى بالشجاعة لتحريك الأمور. لكن يجب أن تسجل أن بن علي قد لا يوجد في حالة فرار، إن كان مسؤولون كبار، خصوصا الجيش تركوا له الاختيار. من وجهة نظري هذه، لا نعرف ما الذي رتب داخل الحكم. أظن أن الثورة صنعت في جانب منها من طرف الجيش والمدافعين عن انتقال ديمقراطي من الداخل، والذين لم يكونوا ينتظرون إلا إشارة شعبية وحيدة للتخلص من بن علي.

وما هو موقع النخب المغاربية والعربية في كل ذلك؟

النخب العربية هي جد ضرورية لتأخد المشعل وتهيكل الغضب بمجرد ما تنطلق الانتفاضة. المعارضة التونسية، على سبيل المثال، هي أمام مسؤولية تاريخية. بعض المعارضين في المنفى أظهروا تعاطفا خاصا تجاه المتطرفين تضامنا معهم بسبب التعذيب الذي تعرضوا إليه. أتمنى أن لا يقعون اليوم في خطأ التحالف معهم في الوقت الذي انتهت فيه الديكتاتورية. لأن هذا قد يتخد كذريعة من طرف الذين سيعملون ما في وسعهم لإظهار quot;مزايا تغيير محدودquot; في تونس.

ما رأيك في الوجه الذي ظهرت به باريس تجاه هذه الأحداث؟

انتقدنا كثيرا في فرنسا الوجه الذي ظهرت به حكومتنا، باعتبار أنها كانت متساهلة لمدة طويلة تجاه خروقات حقوق الإنسان في تونس. لكن في نفس الوقت، الأمر معقد بالنسبة لقوة استعمارية سابقة أن تتكلم و تتحرك. التضامن لا يمكن أن يبدأ إلا عندما ينتفض الشعب، و هذا ما حصل من طرف النخبة الفرنسية، وأخيرا الحكومة.

لكن علينا أن نعترف أن فرنسا قدمت دعما لا لبس فيه عندما رفضت استقبال بن علي.

أجد أن هذا الأمر جيد جدا، لم نستقبل بن علي في فرنسا وحساباته البنكية جمدت. و إن حاول مستقبلا أن يهز الاستقرار التونسي أو يسطو على الثورة التونسية من الخارج، يمكن أن يصنع ذلك بأموال أصدقائه الديكتاتوريين.

هل بإمكان حكومة الغنوشي المُشكّلة أخيرا أن تضمن الانتقال الديمقراطي الذي يطمح له التونسيون؟

هو الشيء الوحيد الذي كان يجب القيام به، والمعارضون طلبوا مدة ستة أشهر كي ينتظموا. نتمنى أنه خلال هذه المدة، تقوم الحكومة الانتقالية والجيش بتفكيك quot;المافياquot; داخل البوليس، وأن تقاوم محاولة هز الاستقرار. الضمانات التي أعطيت في الوقت الحالي هي في المستوى المطلوب.

هل تؤمنين في مستقبل ديمقراطي لتونس؟

نعم، وأظن أن تونس بإمكانها أن تصبح علامة فارقة في العالم العربي، و تظهر أنه يوجد شيئا آخر غير الديكتاتورية أو التيوقراطية، بين السلطوية و التعصب الديني. لكن يجب أن نحذر كثيرا. لأن الديكتاتوريات ترتجف في الوقت الراهن، و سيقومون، برأيي، بأي شيء ليزرعوا الخوف عن طريق ميليشيات وسيارات مفخخة،ب اختراق لجان الأحياء كملتحين أو بصفة أخرى.

ما هو الدعم الذي على فرنسا أن تقدمه اليوم لتونس التي توجد في مرحلة جد حساسة من تاريخها؟

على فرنسا أن تدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة، وليس منظمة المؤتمر الإسلامي أو الاتحاد الإفريقي، ونفس الشيء في الجزائر، حيث تم تزوير الانتخابات، و دعت المعارضة الديمقراطية العلمانية، الذي يمثلها سعيد سعدي، إلى التظاهر السبت.