القدس: شغلت التسريبات التي بثتها قناة الجزيرة حول quot;تنازلاتquot; السلطة الفلسطينية بشان القدس في اطار المفاوضات مع اسرائيل سكان بلدتها القديمة الاثنين مع انها لم تفاجئ الكثير منهم. وكانت الجزيرة بدات مساء الاحد ببث مئات quot;الوثائق السريةquot; المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية تناولت الدفعة الاولى منها ما وصفته المحطة القطرية بquot;التنازلاتquot; التي قدمها المفاوض الفلسطيني في ما يتعلق بالقدس واللاجئين.
وشددت الجزيرة في عرضها للوثائق على quot;التنازلاتquot; التي ابدت القيادة الفلسطينية استعدادها لتقديمها فنقلت عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قوله خلال لقاء بوزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني quot;ليس سرا اننا عرضنا عليكم اكبر يورشاليم (القدس باللغة العبرية) في التاريخquot;.
كما اكدت الوثائق بحسب الجزيرة ان الجانب الفلسطيني quot;تنازل عن الحي اليهودي وعن جزء من الحي الارمنيquot; خلال المفاوضات حول مستقبل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة. واصبحت هذه التسريبات الاثنين حديث الساعة لسكان وتجار البلدة القديمة الا ان الكثير منهم قالوا انهم لم يفاجأوا بها.
وقال عبد دنديس (60 عاما) صاحب بقالة في سوق خان الزيت quot;ما عرض في الجزيرة ليس بجديد فنحن نعرفه منذ وقت طويلquot;. واضاف quot;انا اتفهم ان تقدم تنازلات معينة في المفاوضات لكن مقابل الحصول على شىء معين، ولكن نحن نقدم تنازلات دون الحصول على اي شىءquot;.
وتابع دنديس quot;لا استطيع ان افهم كيف ستكون حدودنا مع اسرائيل ملاصقة لجدار الحرم الشريفquot;.
اما روبين ابو رميلة (67 عاما) الذي يملك متجرا صغيرا للنثريات فاعتبر ان quot;الاسرائيلين يريدون اخذ كل شىء ولا يريدون ترك اي شىء لنا، حتى الحي اليهودي الذي تعتبر 90% من ملكيته وقف اسلامي يدعون هم ملكيته. فاذا كان كل شىء لهم فماذا تبقى لنا في القدسquot;.
بائع الهواتف النقالة رامي كوستيرو (33 عاما) قال بدوره quot;نحن نعرف منذ زمن طويل هذا الموضوع، لكن مع نشر هذه الوثائق اتضحت تفاصيل اكثرquot;. واضاف quot;اذا كان كبير المفاوضين صائب عريقات يقول انه على استعداد لنشر كل الوثائق الاصلية فلينشرها، لم يبق للسلطة اي شىء يغطيها، وليقطع الشك باليقينquot;.
اما مها شريف، وهي ربة منزل كانت تتسوق في البلدة القديمة فشككت في صدقية وثائق الجزيرة. وقالت quot;لدي شك بان هذه الوثائق مزورة، لانه لا يوجد شىء بعيد عن اعمال دولة اسرائيل، نحن لا نوافق على تبادل اراضquot;. واضافت بشيء من التفاؤل quot;انا اعتقد ان السلطة الفلسطينية ستنشر ما عندها من وثائق لتوضح للناس الحقيقةquot;. اما حي الارمن فبدا هادئا وبمنأى عن النقاشات التي سادت اسواق البلدة القديمة.
وعلى امتداد الشارع المؤدي الى الحي الارمني الملاصق للحي اليهودي، رفض معظم اصحاب المطاعم الارمنية ومحلات السيراميك التعليق على التسريبات حول ما نسب الى السلطة الفلسطينية من استعداد للتنازل عن جزء من الحي في اطار اتفاق سلام مع اسرائيل.
لكن احد اصحاب البقالات الذي رفض الكشف عن اسمه قال quot;ما طرح حول التنازل عن الحي الارمني ليس جديدا ولكني لا استطيع ان ارى تطبيقه على ارض الواقع ، ولا استطيع ان ارى كيف ستقسم المدينةquot;.
واضاف quot;انا ولدت في هذا الحي ومن الصعب علي ان اتخيل اننا سنكون مع الاسرائيلين، لكن معظم الارمن يعملون عند اليهود ولهم تامينات صحية وتامينات مسنين ولا اعرف كيف سيتخلون عنها بسهولة، وكيف سيكون حالنا بدونها مع الفلسطينينquot;.
وفي ساحة حي الارمن القديم قالت لوسي هانسونيان (70 عاما) بلهجة عربية عامية لوكالة فرانس برس quot;نحن مبسوطون في هذه البلد لا نريد ان نذهب للعيش مع دولة ثانية (اسرائيل)quot;. واضافت quot;انا ولدت هنا مع الفلسطينيين، واحب هذا البلد، فلتتركنا اسرائيل وشانناquot;. اما يفكينيه عنتبلي (57 عاما) وهي ام لثلاثة اولاد فقالت بلغة عربية ركيكة quot;انا ارمنية تركية تزوجت في هذا البلد. نحن كأرمن عشنا طوال عمرنا متعذبين، ونحن متعذبون من اليهود لانهم يعاملوننا على اننا عربquot;. واضافت quot;اما في السوق فيعاملونني على انني اجنبية وهذا ايضا مؤلم ،واذا طبقت اسرائيل ما يقال فساترك واذهب للعيش في تركياquot;.
اما المؤرخ الارمني البرت اغازريان فقال لفرانس برس ان التنازل عن الحي الارمني quot;كلام مرفوض لان الحي الارمني جزء لا يتجزا من الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعندما قال عرفات انا اسمي +عرفتيان+، فهذا يجسد فكرة عدم التنازل عن الحي الارمنيquot;. واضاف quot;اعتقد ان ما نشر هو بالونات اختبار، هدفها زرع البلبلة بين الناس ولكننا لن ننجراليهاquot;.
واعلن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الاثنين ان الوثائق التي سربتها قناة الجزيرة حول المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية تدل على ضرورة التوصل الى اتفاق مرحلي مع الفلسطينيين بدلا من اتفاق نهائي.
وصرح ليبرمان للاذاعة الاسرائيلية العامة quot;بما انه تبين ان حكومة ايهود اولمرت (السابقة) لم تتوصل الى اتفاق رغم التنازلات الضخمة التي قدمتها، الجميع يدرك انه لا بد من البحث عن اتفاق مرحلي على المدى الطويلquot;. وكانت حكومة اولمرت وافقت في 2008 على التخلي عن المستوطنات اليهودية المعزولة في الضفة الغربية مقابل ضم احياء عربية في القدس الشرقية التي تحتلها اسرائيل الى الفلسطينيين في اطار اتفاق سلام.
لكن المفاوضات لم تثمر حينها وشددت اسرائيل خصوصا على رغبتها في ضم كافة الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية والاحتفاظ بمجمل الاحياء الاستيطانية في القدس الشرقية. وبدات قناة الجزيرة القطرية مساء الاحد ببث مئات quot;الوثائق السريةquot; المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية تناولت الدفعة الاولى منها ما وصفته المحطة القطرية بquot;التنازلاتquot; التي قدمها المفاوض الفلسطيني في ما يتعلق بالقدس واللاجئين.
من جهة اخرى المح وزير الخارجية الاسرائيلي الى خطة نسبت اليه تقضي بان تقبل اسرائيل بقيام دولة فلسطينية في quot;حدود موقتةquot; في اطار اتفاق مرحلي. واكد ليبرمان quot;انها في الوقت الراهن وثائق عمل لا مبرر لنشرهاquot; موضحا ان الحكومة الاسرائيلية quot;ستحدد قبل ذلك الخطوط الحمرquot; التي لا يجب تجاوزها.
وافادت صحيفة هآرتس الاسرائيلية التي نقلت الخبر ان ليبرمان ينوي تشكيل دولة فلسطينية صغيرة على اقل من خمسين بالمئة من الضفة الغربية. ولا تقتضي تلك الدولة تفكيك اي مستوطنة يهودية ولا حتى تجميد الاستيطان. وتعارض السلطة الفلسطينية مشروع دولة في حدود موقتة خشية ان تتحول الى نهائية وتكرس الامر الواقع للاستيطان الاسرائيلي.