يرى المحلل السياسي الإسرائيلييوآف شطيرن، أن تصريحات ليبرمان خطرة وسلبية للغاية ومن شأنها أن تمس بالعلاقات بين اليهود والعرب، وأن تفتح ملفاً غاية في الحساسيّة يطرح على جدول أعمال المفاوضات من دون أن تكون إسرائيل معنية بطرحها.

فجر وزير خارجية إسرائيل ملفاً جديداً في العلاقة بين المؤسسة الرسمية الإسرائيلية وبين المواطنين العرب عندما دعا قبيل انعقاد جلسة الحكومة الإسرائيلية إلى ضرورة فتح ملف quot;عرب إسرائيلquot; وفق تعبيره في المفاوضات حول الحل الدائم في إسرائيل، قائلا إن هذا الملف تم تجاهله منذ قيام إسرائيل وآن الأوان لعدم التهرب منه، وخاصة على ضوء وجود أعضاء كنيست عرب مثل حنين زعبي يعلنون تعاطفهم مع الطرف الآخر.

وأعلن ليبرمان، وللمرة الأولى وهو في منصب وزير، عن موقفه الداعي للترانسفير، معتبرا أن مبادئ التسوية مع الفلسطينيين لا يجب أن تعتمد على مبادئ تبادل الأراضي وفق معادلة الأرض مقابل السلام وإنما على التبادل السكاني عبر عملية مبادلة بين المستوطنين في الضفة الغربية وبين العرب في إسرائيل. وبرر ليبرمان تصريحه هذا بالرفض الفلسطيني للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. وحمل ليبرمان على عضو الكنيست حنين زعبي ومواقفها السياسية ومواقف حزبها وخاصة بعد مشاركتها في أسطول الحرية على متن السفينة التركية مرمرة.

وقال ليبرمان: quot;إن كل مواطن إسرائيلي يتقبل المواطنة الإسرائيلية باعتزاز يستطيع أن يعمل في أي منصب، ولكن أناسا مثل حنين زعبي يجب أن يكونوا مواطنين فلسطينيين.. فليذهبوا ويترشحوا لدى حركة حماس في قطاع غزةquot;.

وقال المحلل السياسي يوآف شطيرن، الذي عمل مراسلا للشؤون العربية لسنوات طويلة في صحيفة هآرتس، في حديث خاص مع إيلاف إن تصريحات ليبرمان خطرة وسلبية للغاية ومن شأنها أن تمس بالعلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل من جهة، وأن تفتح على إسرائيل في المفاوضات ملفا غاية في الحساسية يطرح على جدول أعمال المفاوضات دون أن تكون إسرائيل معنية بطرحها في المفاوضات، إذا ما طالبت قيادة منظمة التحرير بالبحث في حقوق وأوضاع الفلسطينيين في إسرائيل وضمان الحماية لهم وكفالة حقوقهم السياسية والاجتماعية، وهو ما لا ترغب الحكومة الإسرائيلية بأي حال من الأحوال بالخوض فيه حاليا، فمنظمة التحرير الفلسطينية ستسر لفتح هذا الملف من quot;أجل الدفاع عن الأخوة في الداخلquot; ليس باتجاه ضمهم للدولة الفلسطينية وإنما كي يبقوا في إسرائيل في حدود العام 67quot;.

وأشار شطيرن إلى أن تصريحات ليبرمان تناقض عمليا الخط العام الذي سارت عليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عندما حاولت الفصل بين العرب في إسرائيل وبين الشعب الفلسطيني واعتبارهم جزءا من الأمة العربية وليس كفلسطينيين، ومن ثم تعاملت معهم كأبناء طوائف دينية وأقليات مختلفة. فكيفما نظرت إلى تصريحاته فإنها سلبية للغاية ، فهو يريد عمليا الوصول إلى دولة إسرائيلية يهودية مع أقلية عربية صغيرة تنفذ ما تطلبه منها الأغلبية اليهودية هذه تصريحات خطرة للغاية

وأثارت تصريحات ليبرمان ردود فعل غاضبة في أوساط العرب في إسرائيل ولكن أيضا في صفوف وزراء في حزب العمل واليسار الإسرائيلي. فقد أعلن وزير شؤون الأقليات البروفيسور أفيشاي برافرمان quot; حزب العملquot;: quot;ليبرمان يسبب ضرراً كبيراً لدولة إسرائيل، فتصريحاته العنصرية تضر بالنسيج الحساس في العلاقات بين اليهود والعرب. ستكون هناك مبادلة للأراضي وليس تبادلا سكانيا ومحاولات ليبرمان طرح الموضوع نابعة من حاجته لتبرير وجود حزبهquot;.

عضو الكنيست محمد بركة ينعت ليبرمان بـ quot;الحمارquot;

وفيما لم يصدر أي تعقيب من جانب نتنياهو على تصريحات ليبرمان فقد سارعت القيادات العربية في إسرائيل إلى الرد على تصريحات ليبرمان. وأصدر عضو الكنيست محمد بركة (الجبهة) بيانا صحافيا رد فيه على تصريحات ليبرمان واصفا إياه بـ quot;الحمارquot; الذي يجهل التاريخ.

وجاء في بيان عضو الكنيست بركة: quot;ليبرمان يثبت مجددا أنه حمار بالتاريخ ويتنكر للحقيقة، فنحن لم نبع البيت، الوطن، بل هو جاء من بعيد وسيطر عليه، إننا أصحاب الأرض والوطن، ولم نهاجر إليه من أي مكان في العالم، لا نحن ولا الآباء والأجداد. إن المستوطن الغازي ليبرمان وأشكاله من عصابات السلب والنهب في مستوطنات الضفة الغربية والقدس والجولان السوري، هم من يجب أن يكونوا على رأس جدول أعمال المفاوضات، لوضع آليات اقتلاعهم وتنظيف الأرض الفلسطينية والعربية من موبقاتهم، وجرائمهم التي ارتكبوها ضد الإنسانية على مر عشرات السنينquot;.

زعبي: إذا أردنا إعادة تقسيم الوطن فسيعود المثلث والجليل للدولة الفلسطينية

وردت عضو الكنيست حنين زعبي على تصريحات ليبرمان في حديث خاص لـ quot;إيلافquot;: quot;جيد أن يعترف ليبرمان بأنه لا مجال بعد الآن للقفز فوق واقع الفلسطينيين في البلاد، عند الحديث عن أي حل عادل في المنطقة، لكن ما لم يفهمه بعد ليبرمان هو أن حقوقنا في وطننا ليست متعلقة بآراء ليبرمان أو حتى في تعريف دولة إسرائيل، وإنما تشتق من كوننا أصحاب وطن موجودين هنا رغم أنفه وأنف أمثاله، وكل حلّ عليه أن يعترف وأن ينطلق من ذلك، بما فيهم ليبرمان نفسهquot;.

وأضافت زعبي quot;أنا فلسطينية في كل أنحاء وطني، في القدس ويافا والناصرة وغزة، وإن خطة ليبرمان التي تهدف إلى إضعاف الفلسطينيين في الداخل، وإلى وضع شروط على المواطنة لن تنجح، ليس من منطلق التمسك بالمواطنة الإسرائيلية بل من منطلق التمسك بالوطن، والاعتراض على سحب المواطنة هو من منطلق الاعتراض على الترانسفير الذي يريده ليبرمان، أما إذا أراد تقسيم الوطن من جديد فليطرح تقسيم الأمم المتحدة وعندها كل الجليل والمثلث سيكونان جزءا من الدولة الفلسطينيةquot;.

مسعود غنايم: تصريحات ليبرمان بالونات اختبار للضغط على المفاوض الفلسطيني

من جهته، اعتبر عضو الكنيست عن الحركة الإسلامية، مسعود غنايم أن تصريحات ليبرمان هذه تعبر باعتقاده عما يدور في خلد الإسرائيليين ككل بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، وخاصة في ظل تعاظم العنصرية والعداء للعرب في إسرائيل واعتبارهم أعداء لدولة إسرائيل، وبالتالي فإن تصريحات ليبرمان لم تأت من فراغ.

وقال عضو الكنيست مسعود غنايم لـ quot;إيلافquot; إنه لا يستبعد أن تكون تصريحات ليبرمان هذه عبارة عن بالون اختبار وأداة للضغط على المفاوض الفلسطيني ردا على رفض الأخير الاعتراف بيهودية الدولة وصموده في وجه المطالب الإسرائيلية بهذا الخصوص.

وقال غنايم من الواضح أن إسرائيل قد تلوح بورقة الترحيل والتبادل السكاني للضغط على القيادة الفلسطينية خصوصا وأنه سبق لوزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني أن أعلنت أكثر من مرة أن بمقدور العرب في إسرائيل ومن يريد منهم التعبير عن هويته الوطنية والقومية الانتقال للعيش في الدولة الفلسطينية.

وأشار غنايم إلى أنه ردا على تصريحات ليبرمان فإن بمقدور الجانب الفلسطيني أن يدرج على طاولة المفاوضات ملف الفلسطينيين في إسرائيل من المنظور الوطني والقومي الفلسطيني واشتراط الاعتراف بهم كأقلية قومية تتمتع بحقوق جماعية وكجزء أصيل من الشعب الفلسطيني.

وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أعلن قبل بدء المفاوضات المباشرة أن منظمة التحرير الفلسطينية لن تعترف بيهودية الدولة لأنها لا يمكن لها أن تفرط بمصير مليون ونصف المليون فلسطيني ممن يعيشون في الجليل والمثلث والنقب ويحملون الجنسية الإسرائيلية.