شهدت الساعات الأولى من الخميس استمرار المصادمات بين رجال الشرطة والمتظاهرين في عشرات المناطق بالقاهرة، في الوقت الذي أعلن فيه عن عودة البرادعي الخميس.


القاهرة: استجابة للضغوط التي تمت ممارستها عليه من قبل النشطاء السياسيين وحالة الاستياء الشعبي منه قرر الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير قطع زيارته الي العاصمة النمساوية فيينا وذلك بعد ان كان مقررا عودته يوم 5 فبراير القادم.

وأعلن نشطاء سياسيين أن البرادعي سيقوم بقيادة التظاهرات في القاهرة يوم الجمعة المقبلة عقب الصلاة وهي التظاهرة التي تمت الدعوة إليها على موقع الفيسبوك حيث أعلن الالاف من أعضاء الموقع الاجتماعي الشهير المشاركة في التظاهرات التي من المتوقع ان تكون الأعنف في المواجهات بين رجال الشرطة والمحتجين لاسيما في ظل إعلانهم اعتزام التوجه الي مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة.

ومن المتوقع أن تنطلق التظاهرة من ميدان التحرير فيما تم الاتفاق على مشاركة جماعة الأخوان المسلمين في التظاهرة الي جانب كافة النشطاء من الحركات السياسية المختلفة.

وتعتبر هذه هي التظاهرة الأولى التي يقودها البرادعي في القاهرة إذ أنه لم يشارك في أي تظاهرة في القاهرة مطلقا منذ عودته في فبراير الماضي ودخوله معترك الحياة السياسية في مصر إلا أنه شارك في تظاهرة ضد الطوارئ في مدينة الإسكندرية للتنديد بمقتل الشاب السكندري خالد سعيد والمعروف إعلاميا بشهيد الطوارئ في شهر يونيو الماضي ، فيما يتوقع نشطاء أن يتعرض البرادعي للضرب على أيدي قوات الأمن للمرة الأولى إذا ما حاول السير تجاه مقر رئاسة الجمهورية.

وتشهد التظاهرات حالة من التعاطف الشعبي غير المسبوق فعلى الرغم من قيام قوات الأمن بتصوير المتظاهرين وانتشار المئات من عناصر الأمن السرية إلا ان عدد كبير من المواطنين حرصوا على المشاركة ولو لدقائق معدودة كما تظاهرت عدة أسر من مناطق مختلفة غالبيتها مناطق شعبية للتعبير عن حالة الغضب التي تسيطر عليهم.

الي ذلك ، انقطع الاتصال بين النشطاء في مدينة السويس وبين المتواجدين في القاهرة حيث عطلت كافة شبكات الاتصالات والتليفونات الأرضية وخدمات الانترنت في المحافظة وتم إغلاق مداخلها ومخارجها وسط أنباء عن تدخل قوات خاصة للسيطرة على الوضع المتدهور هناك بعدما قام المتظاهرون بحرق مقر الحزب الوطني في المحافظة بقنابل الملتوف المصنوعة يدويا.

وانقطع الاتصال في الساعة الواحدة من صباح اليوم وبحسب أخر الأخبار التي تم استقبها حتى هذا الوقت فإن القنابل المسيرة للدموع انتشرت بشكل كبير لدرجة وصولها الي المنازل فيما سيطر المحتجون على الطرق والشوارع الرئيسية في المدينة وفشلت قوات الأمن في احتوائهم.

واتهم شباب السويس في اخر تواصل معهم عبر المنظمات الحقوقية المتابعة للتظاهرات قيام قوات الامن بإقحام البلطجية في التظاهرات من أجل إظهار صورة غير حقيقة عن التظاهرات خاصة بعد قيامهم بإحراق مقر الحزب الوطني الحاكم.

وتشهد منطقة وسط القاهرة إجراءات أمنية مشددة خاصة حول الأماكن الحيوية في مقدمتها وزارة الخارجية وماسبيرو ونقابتي الصحافيين والمحاميين ، فيما يتواجد المتظاهرون في منطقة بولاق أبو العلا الشعبية المتاخمة لوزارة الخارجية إذ لا تبعد عنها سوى أمتار قليلة.

وينتشر الدخان الكثيف في منطقة بولاق أبو العلا نتيجة إطلاق العشرات من القنابل المسيرة للدموع على المتظاهرين فيما تم إطلاق أعيرة نارية من السيارات المصفحة التي لم تسطع الدخول الي واحدة من أكثر الاماكن العشوائية خطورة في القاهرة حيث يقوم المتظاهرين بالتجمع بين الحين والاخر بشكل مفاجئ لقوات الأمن التي لا تجيد التعامل مع مداخل ومخارج المنطقة بصورة محكمة.

وفي الاسكندرية قال الناشط أحمد ناصر أن المتظاهرين الذين بدأت النيابة في التحقيق معهم بتهم التظاهر تم حبسهم لمدة 15 يوم على ذمة التحقيقات في مفاجأة لم تكن متوقعة للقوى السياسية التي تعول كثيرا على الإفراج عن المعتقلين فور عرضهم على النيابة لاسيما وأن التظاهرات لم تشهد أي عمليات تخريبية يمكن على أساسها توجيه اتهامات بالتخريب وإثارة الشغب.

وبدأت نيابات القاهرة المختلفة في التحقيق مع المحتجزين على خلفية هذه الأحداث ويتواجد معهم عشرات المحاميين المتطوعين من المراكز الحقوقية للدفاع عنهم بينما قضى عدد من الصحافيين ليلتهم داخل النقابة من أجل الإفراج عن زملائهم الذين تم القبض عليهم من أمام مقر النقابة أمس الأربعاء.

كانت المظاهرات قد دفعت المحلات التجارية والمطاعم الكبرى بوسط القاهرة الي إغلاق أبوابها بعد المصادمات والملاحقات التي تمت بين الشرطة والمحتجين في مناطق متفرقة ما بين ميداني رمسيس والتحرير حيث نجح رجال الشرطة في منع المتظاهرين من التجمع في ميدان التحرير كما حدث أمس الأول.

رسميا ، علمت إيلاف من مصادر سياسية مطلعة ان اجتماعات مكثفة دارت في الحزب الوطني والحكومة لمناقشة هذه الاحتجاجات والطريقة الامثل للتعامل معها خاصة وأن الجميع لم يكن يتوقع أن تكون بهذه الصورة فيما صدرت تعليمات بتهدئة العمال وحثهم على عدم المشاركة في التظاهرات مع وضع حلول سريعة لمشكلاتهم تخوفا من انضامهم الي المواطنين الغاضبين.

وقرر الدكتور رشيد محمد رشيد العودة الي القاهرة والاعتذار عن المشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي فيما لم يذهب أي من قيادات الحزب الوطني أو مجلس الوزراء الي مقار عملهم في وسط القاهرة تخوفا من إثارة غضب المتظاهرين فيما يتم التحضير للإعلان عن زيادة الدعم ورفع الحد الأدنى من الأجور الذي تم إقراره قبل أكثر من 30 عام.