مع تواصل التّظاهرات الاحتجاجيّة في مصر مطالبة بإسقاط الرئيس حسني مبارك، كثرت التكهّنات حول دور الجيش في التّغيير المرتقب، مع الغموض الذي يحيط بتحركاته. وتكرس هذا الغموض بزيارة مبارك لمقر قيادة القوات المسلّحة للوقوف على الوضع الأمني في البلد.


لمتابعة أخبار ثورة مصر: انقر على الصورة

القاهرة: نزلت قوات الجيش المصري للمرة الأولىالى الشارع بالدبّابات، بينما أجرى سلاحه الجوي استعراض عضلات بتحليق طائرتين من طراز أف ـ 16 ومروحيات على إرتفاع منخفض فوق المتظاهرين في ميدان التحرير.

وتزايد موقف الجيش تعقيدًا خلال الساعات الماضية بعدما كان في البداية موضع ترحيب من الحشود عندما ظهرت عرباته المصفحة للمرة الأولىفي الشوارع ليل الجمعة.

وأخذت الظنون تساور الكثير من المصريين بشأن موقف الجيش.

وتكرس هذا الغموض بزيارة الرئيس حسني مبارك لمقر قيادة القوات المسلحة من أجل quot;الوقوفquot; على الوضع الأمني في البلد، كما يُفترض بعدما هاجم محتجون مبنى وزارة الداخلية.

وتوقع مراقبون ان يكون تحرك الجيش في الشارع تمهيدًا لأخذ مقاليد السّلطة بيده.ونقلت صحيفة الغارديان عن المواطن محمد علي الذي كان يقف أمام الدبابات أن المتظاهرين في البداية أولوا الجيش ثقتهم، لكنهم لا يثقون به الآن.

واتفق معه شرف جابر الذي يملك شركة مقاولات قائلا ان الجيش يحاول تخويف الشعب وهو الذي يُفترض ان يكون منقذه. وأكد الطبيب الشاب اشرف سبيع ان استعراض عضلات الجيش لن يرهب المتظاهرين quot;وسنبقى هنا حتى لو كلفنا ذلك حياتناquot;.

كما اختلطت الشكوك في دوافع الجيش بمشاهد عناق وتضامن بين الجنود والمتظاهرين الذين أعاروا الجنود هواتفهم الجوالة للإتصال بعائلاتهم وقدموا لهم السجائر. وقال نقيب في سلاح الجو يرتدي ملابسه العسكرية لمراسل الغارديان quot;أنا سعيد بإستمرارهم في الإحتجاج وإن شاء الله سيرحلquot; في إشارة الى مبارك.

وجسدت لافتة حملها المتظاهرون حيرة الجيش بعبارة quot;على الجيش أن يختار بين مصر ومباركquot;.

من جهته، تحدث المعارض محمد البرادعي (68 عامًا) الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي تطالب حركات معارضة بتوليه رئاسة حكومة انتقالية، مخاطبًا المحتشدين بمكبر للصوت، متعهدًا بأن التغيير قادم في غضون أيام ومطالبًا بنهاية النظام. وأكد البرادعي ان لا رجعة عمّا تحقق وأن حقبة جديدة بدأت في تاريخ مصر.

ولاقى حضور البرادعي في ميدان التحرير تأييدًا من المتظاهرين الذين تدافعوا الى الأمام لسماع كلماته. لكن بعض المحتشدين أبدوا امتعاضهم منادين البرادعي: quot;هذه ثورتنا نحن وليست ثورتكquot;، لكن اصواتًا أخرى علت على أصواتهم.

وقال نور نجل المعارض المصري أيمن نور ان المواطنين quot;يصعِّدون مطالبهم داعين الى تقديم مبارك للمحاكمةquot;.

وأضاف ان quot;هناك مشكلة مع بعض الشخصيات والقوى السياسية التي جاءت متأخرة الى هذه التظاهرات محاولة ان تركب الموجة. لكننا متفائلون على الرغم من ذلك، مشيرًا الى مظاهر التضامن الإجتماعي حيث يقوم المواطنون بتنظيف الشوارع وإطعام بعضهم البعض وحماية الغرباء. وقال نور ان هذه ظاهرة فريدة ليس في مصر فحسب بل في بقية العالم أيضًا.

وكانت أحداث ميدان التحرير يوم الأحد سبقتها مواجهات أمام مبنى وزارة الداخلية بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب وأفراد مباحث أمن الدولة الذين رموا قنابل حارقة من الأسطح، في حين ردت الشرطة على المتظاهرين بالذخيرة الحية.

وأسفرت الاشتباكات عن وقوع قتلى. لكن الجيش بسط سيطرته صباح اليوم التالي في هذا الموقع أيضًا. وشوهد 20 ضابطًا من الوزارة يغادرون المبنى فجرًا ويحرقون ملابسهم الرسمية فيما هربت 20 سيارة شرطة في موكب بعد نحو ساعتين.وكانت نتائج المواجهات ظاهرة بشكل مأسوي في مسجد صغير على مقربة من الوزارة تحول إلى مركز إسعاف موقت لاستقبال القتلى والجرحى.

في غضون ذلك نظر بعض المراقبين الى ظهور العديد من المصريين الذين عبروا بوضوح عن توجههم الإسلامي في ميدان التحرير على أنه مؤشر الى حضور جماعة الاخوان المسلمين المحظورة. وتبدى هذا التوجه حين أدى مئات منهم صلاة العشاء، كما أدتها نساء منقبات في مكان منفصل.

وقال القيادي في الجماعة عصام العريان لوكالة اسوشيتد برس انه متوجه الى ميدان التحرير للقاء قادة المعارضة الآخرين. وصرح عريان لمحطة تلفزيونية مصرية ان جماعة الأخوان مستعدة للإتصال بالجيش والتحاور معه واصفًا القوات المسلحة بأنها حامية الأمة.

في هذه الأثناء أفادت تقارير ان قوات الشرطة بدأت تفرض حضورها من جديدة عائدة الى بعض احياء القاهرة. وعلى النقيض من اشتباكات الاسبوع الماضي فإن عودتها تُقابل هذه المرة بصيحات الإستهجان وصفير الإحتجاج بدلاً من المواجهات الجسدية.