فضّت قوات الأمن المصرية بالقوة اعتصامًا نظّمه أقباط أمام مبنى الإذاعة والتفزيون، اعتراضاً على إضرام النار في كنيسة في قرية مارينات التابعة لمدينة أسوان في جنوب مصر، وأسفرت المواجهات بحسب رواية شهود عيان لـquot;إيلافquot; عن إصابة ما لا يقلّ عن خمسين قبطياً.


الأقباط وجهوا إلى المجلس العسكري الحاكم في مصر اتهامات بالتقاعس في حمايتهم

القاهرة: فضّت قوات الشرطة والجيش الاعتصام، الذي أقامه الأقباط مساء الثلاثاء أمام مبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري، اعتراضاً على ما وصفوه بقيام عدد من المسلمين بإضرام النار في كنيسة quot;ماريناتquot; في مدينة أسوان في جنوب مصر.

وفي جولة لـ quot;إيلافquot; بين جماهير الاقباط الثائرة، عكس الواقع الدراماتيكي تحول مبنى ماسبيرو الى ثكنة عسكرية، تحيطها قوات الامن quot;الجيش والشرطةquot; من كل جانب، تحسباً لهجوم مباغت على المبنى، خاصة بعد تأكيد مصادر أمنية خاصة لـquot;إيلافquot; تلقي إنذارات باعتزام تنظيمات اقتحام مبنى ماسبيرو ومباني وزارات سيادية أخرى، لاعلان مجلس رئاسي مدني والإطاحة بالمجلس العسكري.

حالة الطوارئ القصوى

تحسباً لأي تطور أعلن أمن اتحاد الاذاعة والتلفزيون حالة الطوارئ القصوى لتأمين المبنى، وخصص أبواباً معينة لدخول وخروج العاملين، تفادياً لأية احتكاكات، قد تزيد من تفاقم الوضع الامني.

في المقابل ردد المتظاهرون الأقباط هتافات مناوئة للمجلس العسكري، ونددوا بما وصفوه بتراخي قوات الأمن في التعامل بحسم مع مشكلة حريق كنيسة quot;ماريناتquot;، كما دعوا إلى إقالة محافظ أسوان، الذي لم يمنع الاهالي من إضرام النار في الكنيسة، وأكدوا أنهم لن يفضّوا اعتصامهم إلا بعد الاستجابة لمطالبهم وإعادة ترميم الكنيسة.

وفي سياق لقاء مع quot;إيلافquot;، قال الناشط القبطي عضو المكتب السياسي لاتحاد شباب ماسبيرو بيشوي تمري: quot;ان قوات الامن فضّت اعتصام الأقباط السلمي بالقوة، وتعمّد العسكر الاعتداء على الكهنة والآباء، الذين توافدوا على مبنى الاذاعة والتلفزيون، للتعبير عن سخطهم للاعتداءات التي تعرّض لها الأقباط وكنيسة quot;ماريناتquot;.

وأوضح تمري في حديثه لـquot;إيلافquot; أن الاعتصام بدأ في السابعة من مساء الثلاثاء، وكان المعتصمون يعتزمون البقاء أمام المبنى، انتظاراً لتدخل الجيش والجهات المعنية من اجل ايجاد حل للأزمة، كما حدث مع واقعة كنيسة quot;صولquot; في محافظة الجيزة.

وعلى خلفية هذا الهدف أقام المتظاهرون الأقباط خيمة اعتصام أمام المبنى، إلا أنهم فوجئوا بقوات الأمن تعتدي على المتظاهرين، ووصل الامر الى اطلاق الاعيرة النارية في الهواء، مما افضى الى اصابة ما لا يقلّ عن خمسين متظاهراً كحصيلة مبدئية، نتيجة للتدافع والهروب من قوات الامن.

مواجهات عنيفة مع الامن

المتظاهرون الاقباط لاذوا بالفرار من امام مبنى ماسبيرو، بحسب رواية بيشوي تمري لـquot;إيلافquot;، وتفرقت جموعهم بعد مواجهات عنيفة مع قوات الامن، ووصلت فلولهم الى منطقة وسط القاهرة، الامر الذي حال دون تجمعهم امام ماسبيرو او في اي منطقة أخرى مجدداً.

الا ان قوات الامن وسّعت دائرة حصار مبنى الاذاعة والتلفزيون، وسمحت للسيارات بعبور الشارع المقابل للمبنى، للحيلولة دون عودة المتظاهرين الاقباط مرة أخرى.

وكان اهالي قرية quot;ماريناتquot; التابعة لمدينة اسوان في جنوب مصر، حاصروا مداخل ومخارج القرية للحيلولة دون دخول او خروج الاقباط منها، بعد إضرام النار في كنيسة مارينات.

وفي حديث لـquot;إيلافquot; أكد أحد أهالي قرية مارينات في اتصال هاتفي، ان المشكلة بدأت عندما حاول أقباط قرية مارينات توسعة مبنى ملحق بالكنيسة وضمه اليها، الامر الذي رفضه المسلمين من اهالي القرية، واعتبروه غير قانوني، فأوعزوا الى القائمين على عملية التوسعة - وجميعهم من الاقباط - بالتوقف فوراً عن عمليات البناء.

الا ان العلاقة توترت بين الجانبين بعد رفض الفريق الثاني الاستجابة للإيعازات، وعلى خلفية هذ التطور احتدم الصراع بين الجانبين، وافضى في نهاية المطاف الى اللجوء للعنف، إذ قام الاهالي بحصار القرية، ومنعوا دخول الاقباط او الخروج منها، لمجرد شراء حاجياتهم الضرورية، كما قاموا بإضرام النار في الكنيسة على مرأى ومسمع من رجال الامن الذين تواجدوا في المكان.

توسيع دائرة الاحتقان

تؤكد الناشطة القبطية الصحافية نيرمين نبيل تلك المعلومات، مشيرة في حديث خاص لـquot;إيلافquot; الى ان الاجهزة الامنية تعاملت بتراخي مع الموقف، ولم تستخدم القوة التي استخدمتها مع المعتصمين امام اتحاد الاذاعة والتلفزيون مع الذين قاموا بإضرام النار في الكنيسة.

واضافت: quot;ازدواجية موقف الدوائر الامنية في التعامل مع الحالتين تؤكد أن هناك محاولات صارخة لتوسيع دائرة الاحتقان الطائفي، واتساع الفجوة في العلاقة بين المسلمين والمسيحيينquot;.

وأشارت نيرمين نبيل إلى انه: quot;كان من الضروري ان يحتوي المجلس العسكري وكل الاجهزة المعنية هذه الأزمة بلغة المنطق، لامتصاص ردود الافعال القبطية الغاضبة، الا انه يبدو ان العسكر لا يعوّلون كثيراً على هذا الاسلوب المتحضر، وتعمّدوا قمع حرية الاقباط في التعبير عن آرائهم الرافضة لتعرّض مقدساتهم للانتهاك من قبل اية جهةquot;.

وبالعودة الى الناشط القبطي عضو المكتب السياسي لاتحاد شباب ماسبيرو بيشوي تمري، فألمح في حديثه مع ايلاف الى ان تطوراً جديداً طرأ على التنسيق بين المتظاهرين الاقباط الذين تفرّقوا في شوارع في وسط القاهرة.

واوضح: quot;نجحنا في إعادة تنظيم صفوفنا مجدداً، وسوف نعاود الاعتصام مرة اخرى امام ماسبيرو، لأن القوة في فضّ الاعتصام تعبّر عن لغة الضعفاء، وكان من الأحرى التعاطي مع مطالبنا وتنفيذها، فنحن نرفض الاعتداء على المقدسات الدينية، سواء كانت قبطية او اسلاميةquot;.