مباحثات الوفد الكردي مع قادة القائمة العراقية

بعدما عبّرت المراجع الشيعية العراقية عن امتعاضها من تصرفات المسؤولين، أعرب المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني عن الحاجة لمسؤولين لا يبررون فشلهم في معالجة الخروقات الأمنية بحجج واهية. وبحث وفد القوى الكردية مع الكتلة العراقية والتحالف الوطني الشيعي الملفات العالقة بين الحكومتين.


لندن: بعد أيام من الاعلان عن مقاطعة المراجع الشيعة الكبار في العراق للقادة والمسؤولين في البلاد تعبيرًا عن استيائها من أدائهم وعدم التزامهم بوعودهم، اكد المرجع الاعلى آية الله السيد علي السيستاني اليوم الحاجة إلى مسؤولين صادقين، لا يحاولون تبرير فشلهم بحجج واهية، ولا يغلفون الحقائق بأكاذيب تستهدف التغطية على عجزهم عن الاصلاح.

هذا وبحث وفد القوى الكردية مع قيادتي الكتلة العراقية والتحالف الوطني الشيعي في بغداد اليوم الملفات العالقة بين حكومتي بغداد واربيل وتنفيذ اتفاقات اربيل للشراكة الوطنية.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) ان المسؤولين، ومع استمرار التفجيرات الإرهابية التي يزداد معها سقوط الضحايا في محافظات العراق المختلفة، يخرجون على المواطنين بتبريرات لفشلهم في معالجة هذه الخروقات الامنية. واشار الى ان تصريحات المسؤولين في هذا التبرير متناقضة في ما بينها، مما يؤكد ان ما يطرحونه مجرد اباطيل وتخبطًا في تشخيص الأسباب الحقيقية المؤدية إلى هذه الأعمال الإرهابية.

وشدد ممثل السيستاني على حاجة العراق إلى quot;مسؤولين يكونون صريحين في تشخيصهم للأسباب الداعية إلى هذه الخروقات، لأن الوصول إلى هذه الأسباب هو الذي يحلّ هذه الأزمة بعد وضع العلاج الصحيح، اضافة الى الحاجة إلى مسؤولين يقولون الحقيقة ولو على أنفسهم، ويبيّنوا للناس الأسباب الفعلية والواقعية لمعاناة الشعب quot;لا أن يغلفوا هذه الحقيقة بحجج واهية تصرف الناس عن رؤية الحقيقة وذلك للتغطية على فشلهمquot;.

وقال ان دماء العراقيين اصبحت من ارخص الأشياء وبلا ثمن quot;ولم يعد المواطنون يصدّقون أي كلام يطلقه كبار المسؤولين الذين يعدون الشعب دائمًا باتخاذ اشد الإجراءات التي تلبّي احتياجاته والحزم في مواجهة الارهابيين.

واكد ان العراقيين يتطلعون الى مسؤولين يتحلون بالصدق في الكلام والتشخيص والوعود في معالجة أزمات البلاد ومعالجة مواطن الخلل. واكد الحاجة إلى منظومة استخبارية تمتلك فنون هذه المهنة، وقادرة على تشخيص التكتيكات الجديدة للمجاميع الإرهابية وتحليل المعلومة ودراسة الوضع السياسي و تأثيراته ونتائجه وأساليب عمل الجماعات المسلحة وطرق مواجهتها.

وقال الكربلائي ان السياسيين لم يلتزموا بالنصائح التي قدمتها لهم المرجعية وطالبهم بالكفّ عن التناحر السياسي. وقال في خطبة سابقة ان quot;المساحة الاوسع في هذا التناحر والاختلاف في الرؤى والافكار تتعلق بخلافات سياسية لا علاقة لها بمصالح البلادquot;.

واشار الى ان بعض السياسيين يقولون اننا نحتاج نصح المرجعية الدينية العليا المتمثلة في السيستاني، لكن النصح من شخصية حكيمة غير كاف اذا لا يتم الالتزام به. وقال quot;لو ان السياسيين التزموا بما قدمته المرجعية من نصح سابقًا لما كان وضع العراق على ماهو عليه اليومquot;.

واكد ان quot;هذا النصح يحتاج امورًا عدة،اولها الحاجة الى رجال دولة لديهم نكران للذات، فكل الطروحات التي تطرح اليوم من قبلهم هي فئوية وحزبيةquot;.

وتساءلعن الفائدة من تقديم نصح يواجه عدم التطبيق، معتبرًا ان quot;هذا ما يجعل بلداً قوياً بثرواته وعقوله مثل العراق ضعيفًا مستهانًا به من دول هي اقل قوة منه،ويرجعذلك إلىعدم توحد الموقف السياسي في العراق، فالنصح يحتاج من يطبقه وينفذه ويستمع اليهquot;.

على صعيد اخر، طالب الكربلائي الحكومة والبرلمان بالعمل على معالجة الوضع الاقتصادي والصناعي في البلاد من خلال رفد الموازنة العامة بموارد متعددة لتمويلها حتى لا تعتمد على رافد واحد، هو النفط، وحتى لا تكون أسيرة لبعض الدول التي تتحكم بهذا القطاع، وبالتالي زيادة الدخل العام.

وشدد على ضرورة العمل على امتصاص البطالة والإبقاء على رؤوس الأموال وتشغيلها داخل البلد بدلاً من هجرتها إلى دول أخرى، والحفاظ على استقلالية البلد وعدم رهنه بدول أخرى وتشغيل العقول والكفاءات العلمية والفنيين والحرفيين بدلاً من هربها إلى خارج العراق. ودعا الى وضع سياسة اقتصادية تقوم على منهج ورؤى علمية يضعها متخصصون اقتصاديون، كما نقل عنه موقع quot;نونquot; المقرب من المرجعية الشيعية من كربلاء.

تأتي مهاجمة ممثل السيستاني للمسؤولين هذه بعد ايام من قرار اعلنت عنه المراجع الشيعية في النجف بعدم استقبال السياسيين العراقيين تعبيرًا عن استيائها من ادائهم وعدم التزامهم بوعودهم التي قطعوها لتحسين الوضع المعاشي في البلاد.

وقال الشيخ علي النجفي نجل بشير النجفي أحد المراجع الكبار الاربعة في النجف quot;قررت المرجعيات الدينية عدم استقبال اي سياسيquot; في مكاتبها في النجف.

واوضح ان هذا الموقف جاء quot;بسبب عدم التزام السياسيين بالوعود التي قطعوها من اجل تحسين الواقع المعاشي في العراق وعدم التزامهم بتوصيات المرجعية الدينيةquot;. واضاف ان quot;المرجعيات الدينية عبّرت عن امتعاضها من تصرفات السياسيينquot;.

وأشار الى ان بعض المرجعيات لجأت الى quot;وسائل مختلفة للتعبير عن هذا الامتعاض. فمنهم من أصدر بيانًا في هذا الخصوص، ومنهم من صرح بذلك والنتيجة المحصلة لهذا الامر ان المرجعية الدينية في النجف ممتعضة من تصرفات السياسيين، لذلك قررت عدم استقبالهمquot;.

ويعاني العراق ازمات سياسية داخلية بسبب الصراعات الحزبية، واخرى خارجية سببها تدخلات دول الجوار، وبينها القصف الذي تتعرض له مناطق في شمال البلاد التي لا تستطيع القوى السياسية معالجتها.

وفد القوى الكردية يبحث الأزمة السياسية مع العراقية والوطني

في اليوم الاخير من زيارته الى بغداد، بحث وفد القوى الكردية مع قيادتي الكتلة العراقية والتحالف الوطني الشيعي الملفات العالقة بين حكومتي بغداد واربيل وتنفيذ اتفاقات اربيل للشراكة الوطنية.

فقد اجتمع وفد الكتل الكردية برئاسة فاضل ميراني مع وفد لقيادة الكتلة العراقية برئاسة نائب الرئيس طارق الهاشمي، حيث تم بحث اتفاقية اربيل، التي انبثقت منها الحكومة الحالية، وضرورة حل المشاكل العالقة بين بغداد واربيل، اضافةً الى العديد من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، وأكدا أن على الجميع الالتزام المطلق بالدستور العراقي الدائم.

وفي ختام الاجتماع، قال النائب عن العراقية سليم الجبوري إن الوفدين أكدا على ضرورة تقديم مصلحة العراق وترسيخ الديمقراطية واحترام جميع الأطراف، والحرص على سير العملية السياسية وتطبيق الدستور والالتزام بالاتفاقات السياسية المبرمة.

واشار الى ان وجهات النظر كانت متطابقة، وقد أكد الجميع على أهمية تحقيق الشراكة بمعناها الحقيقي، واعتبار ذلك أولوية وأساسًا للتعامل السياسي في المرحلة الحالية وفق توقيتات زمنية محددة.

واضاف ان هناك رغبة جادة لكل من كتلة العراقية وائتلاف القوى الكردستانية في حل المشاكل العالقة بقدر تعلق الأمر بالكتلتين، وبما يحقق الأمن والاستقرار والرفاه لعموم الشعب العراقي، واعتبار ذلك خارجًا عن إطار القضايا الجزئية.

وشدد على اهمية التوصل إلى رؤى مشتركة مع كل الأطراف الأخرى في القضايا السياسية الكلية، وضرورة تعميق الحوار واستمراره وايجاد آليات لمتابعة ما تم الاتفاق عليه ضمن اتفاقية إربيل وأهمية تشكيل لجان تنشط في إطار سقف زمني محدد.

على الصعيد نفسه، أجرى الوفد الكردستاني مباحثات مع قيادة التحالف الوطني العراقي برئاسة ابراهيم الجعفري، تناولت سبل تدعيم العملية السياسية، حيث أكد الجانبان على أهمية تعزيز أواصر العلاقة بين التحالفين، إضافة إلى التركيز على المشتركات التي تجمع بينهما.

وأشار المجتمعون إلى تشكيل لجان فنية، من شأنها أن تحلّ القضايا التي تختلف فيها وجهات نظر التحالفين، من خلال الاحتكام للدستور واللقاءات المباشرة بينهما بعيدًا عن التصعيد الإعلامي.

وفي ختام الاجتماع، قال القيادي في التحالف الوطني خالد العطية إن المجتمعين اكدوا على التزام كلا الطرفين بثوابت العملية السياسية، وفي مقدمتها الدستور،واعتماد الحوار والتفاهم للمضي قدمًا في العملية السياسية بالطريق الصحيح، الذي يؤدي إلى بناء دولة القانون والمؤسسات، ويحافظ على حقوق الشعب العراقي بجميع مكوناته وطوائفه وقومياته، إضافة إلى حل كل المشاكل التي تبرز بين الحين والآخر على صعيد إدارة الحكم.

واشار الى انه جرى التأكيد على هذه الثوابت وعلى بحث الأمور كافةبدرجة عالية من الشعور بالمسؤولية والصراحة، حيث ستتواصل هذه الاجتماعات وتنبثق منها في المستقبل لجان فنية متخصصة لإيجاد الحلول المناسبة لكل القضايا موضع البحث.

من جانبه قال القيادي في التحالف الكردستاني فؤاد معصوم ان الوفد الكردي يهدف من مباحثاته الحالية في بغداد إلى مناقشة الوضع العام العراقي من كل جوانبه... وقال quot;ونحن مع دعم الوضع وبشكل يكون فيه العراق قادرًا على مواجهة كل المشاكل التي تصادفه، وربما المؤامرات التي قد تحاك ضده، ولابد من تقوية جبهتنا الداخلية للوقوف ضد تلك المؤامرات وضد كل المحاولات التي تريد النيل من الوضع العراقيquot;.

واوضح ان البحث تناول ايضًا موضوعات كثيرة، مثل اتفاقيات اربيل والتفاهمات الأخرى التي يحتاج بعضها مراجعة أو وضع آليات لتنفيذها.

وكان الوفد الكردي بدأ مباحثاته في بغداد الاربعاء الماضي، حيث اكد خلال اجتماع مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي قلقه من عدم تنفيذ اتفاقات الشراكة المعقودة بين الكتل السياسية، مما وضع العملية السياسية في مسار لا يلبّي مطالب العراقيين، فيما رد النجيفي بأن الاكراد هم ثاني أكبر القوميات في العراق وشريك اساسي في اتخاذ كل القرارات التي تحدد مصير البلاد.

تهدف مباحثات الوفد الكردي الى بغداد الى التوصل إلى إنهاء الخلافات بين الحكومتين المركزية والكردستانية، تمهيداً إلى أخرى يجريها رئيس حكومة الاقليم برهم صالح، وسط دعوات إلى تشكيل لجنة سياسية لبحث العلاقة بين الطرفين وبؤر التوتر في المحافظات، في خضم مخاوف من الإخفاق في تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية، وتصاعد مظاهر العنف في البلاد.

وحول معالجة المشاكل بين الاقليم وبغداد، قال صالح quot;لا نريد ان تبقى المشاكل عالقة بين الاقليم وبغداد اكثر من ذلك، فالحل الأمثل لهذه المشاكل هو بالعودة الى الدستورquot;، مشيرًا الى ان أي حل بمعزل عن الدستور سيسبب مخاطر للعراق.

وكانت حدة الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل قد وصلت أخيرًا الى مرحلة بحث فيها بارزاني في الثالث عشر من الشهر الماضي مع النواب والوزراء الاكراد امكانية سحب الثقة عن حكومة المالكي.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، هددت الكتلة الكردستانية في مجلس النواب العراقي بنشر محاضر اجتماعات اربيل قبيل الوصول إلى اتفاق تشكيل الحكومة، في حال استمرت أطراف سياسية في تنصلها من تلك الاتفاقيات المبرمة.

وتشير مصادر سياسية إلى أن هذه المحاضر تتعلق بجلسة مغلقة حضرتها ثلاث شخصيات سياسية، هي بارزاني وعلاوي والمالكي، وتم على أثرها التوقيع على اتفاقيات عدة، لم يعلن عن محتواها رسميًا لغاية الآن.