يواصل تونسيون الاحتجاج أمام الهيئة المستقلة للانتخابات حاملين شعارات رافضة لكل من quot;حزب النهضة quot; وquot;تيار العريضة الشعبيةquot;.


تونس: طرح عدد من التونسيين سيلا من الأسئلة هنا وهناك حول رئيس العريضة الشعبية التي فازت في الانتخابات ومن يكون ؟ وأين كان زمن ثورة 14 يناير التي أطاحت بنظام بن على وحزبه الحاكم ؟

وكيف يخول لنفسه الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي ولا احد يعرفه غير القلائل ممن يتابعون قناة المستقلة التي يمتلكها؟ وكيف وصل إلى المجلس وفاز بالمقاعد؟ وأي طرق سلكها زعماء حزب النهضة الذي حصد أغلبية الأصوات لتحقيق هذا الفوز الساحق ؟

أسئلة عديدة طرحها المحتجون في توتر كبير متهمين القيادات الحزبية بالتلاعب والانتخابات بعدم النزاهة والشفافية ملقين باللوم على الحكومة المؤقتة لأنها غضت الطرف على بعض التجاوزات التي صاحبت الحملة الانتخابية، مما سهل استغلال سذاجة أغلبية الشعب وإقناعهم بان النهضة وحدها الراعية للدين الإسلامي وان بقية الأحزاب تدعو إلى الكفر والفتنة ولا تحترم مبادئ الدين الحنيف وما نزل به القران الكريم.

القطع مع الديمقراطية

إيلاف تجوّلت بين المحتجين الذين أبدو رفضا قاطعا لحركة النهضة التي اعتبروها إذنا بالقطع مع الديمقراطية والحرية وطريق إلى تكميم الأفواه، بل هناك من اعتبر أن تونس تخلصت من دكتاتور يدعى بن على لتستقبل دكتاتورا جديدا يدعى حزب النهضة يخول لنفسه تكميم الأفواه والحريات ويتخفى وراء قناع الدين الإسلامي.

واتهم بعض المحتجين على غرار الشاب نبيل الصيادي حزب النهضة بخرق قانون الانتخابات واعتماد طرق ملتوية في التأثير على الناخبين وشراء أصواتهم أثناء الحملة الانتخابية مبينا أن الأغلبية من شباب تونس علماني حداثي متعلم على الطريقة الأوروبية ويعيش بطريقة متحضرة لا تتماشى بما سيفرضه حزب النهضة من قيود تكبل هذه الحرية.

وحول حركة العريضة الشعبية قال إنّ رئيس هذا الحزب لم يحترم قانون الانتخابات وواصل الدعاية لحزبه عبر قناته الخاصة التي تبث من لندن محاولا التأثير على عامة الشعب وموجها خطابه إليهم لينتخبوه وفعلا فقد مثل صعود العريضة الشعبية مفاجأة ألجمت الأفواه وأطلقت العنان للتساؤلات الملفوفة بالشك في نزاهة الانتخابات التي شهد جل المراقبين الدوليين بشفافيتها.

ورغم ما أبداه حزب النهضة من ديمقراطية وحوار ذكي حاول من خلاله تغيير الصورة النمطية والفكرة المغلوطة التي يروجها أعداء الديمقراطية والنجاح، إلا أن الفكر السائد لم يتغير والخوف المسيطر الذي يتعلق بالأساس بفرض اللباس الديني وتحوير ما جاء من قوانين في مجلة الأحوال الشخصية والمتعلقة بالأساس بحرية المرأة وخروجها إلى العمل وخاصة منع تعدد الزوجات، مثل رعبا أطاح بكل محاولات حزب النهضة في تلميع صورته خاصة لدى الشباب ممن وقفوا حاملين شعارات غاضبة ثائرة هاتفين بصوت واحد quot;راشد الغنوشي ارحل نحن لا نريدك ولا نريد لحزبك أن يتأصل في صفوفناquot;.

اللّعبة السياسية انطلقت

أمام رفض المحتجين لفوز حركة النهضة الساحق والذي كان مفاجأة أدهشت الجميع والمطالبة بإعادة النظر في مسار الانتخابات وفتح تحقيق ضد كل من حركة النهضة والعريضة الشعبية وقف البعض الأخر من الشباب مدافعين عن التيار الإسلامي الذي تتبناه النهضة في سياستها الشاملة رافضين هذه الاحتجاجات.

ونعتوا من قاموا بها بالتخلف والجهل واللاعقلانية صارخين بأعلى أصواتهم أن اللعبة السياسية الحقيقة انطلقت حامية الوطيس وان أطرافها مطالبون باحترام قواعدها ومن فشل في الفوز بمقاعد المجلس التأسيسي اليوم عليه أن يهيا نفسه لدور المعارضة ويعد البديل لينجح في انتخابات لاحقة .

وفي رفضه لهذه الاحتجاجات، قال الشاب بلال أن هذه النخبة من المحتجين لا تمثل تونس ولا التونسيين ولا تمثل أبطال الثورة ممن دفعوا بأرواحهم فداء لصوت الحرية ونفس الديمقراطية وان من يدفعهم إلى هذه الاحتجاجات هم زعماء بعض الأحزاب الفاشلة ممن خسروا الشعب وأصوات المقترعين أثناء العملية الانتخابية ولم يجدوا بدا من تعكير الفرحة بالفوز بدفع هذه الفئة إلى الاحتجاجات والمظاهرات التي لن تزيد الأمر إلا تعقيدا وتشويها لصورة تونس الجديدة التي قادت الربيع العربي.

وعلى خلفية هذه الاحتجاجات التي تزامنت مع الإعلان عن نتائج جزئية للانتخابات والتي فازت فيها حركة النهضة بالأغلبية، قال الأستاذ ماجد البرهومي جامعي ومحلل سياسي ومرشح عن الحزب الليبرالي المغاربي في تصريح لإيلاف أن نتائج الانتخابات هي خيار الشعب التونسي والتظاهر حق يكفله القانون وقال quot;أنا ليبرالي وانتمي إلى التيارات الديمقراطية الحداثية واتفق مع حركة النهضة في ترسيخ الهوية العربية الإسلامية للبلاد فقط أما باقي مشروعها فاختلف معهquot;.

ويضيف: quot;رغم ذلك اقبل بنتائج الانتخابات لأنها خيار الشعب التونسي. و بالتالي وإن كان ق التظاهر حقا لكل التونسيين مادام سلميا، فاني لا اتفق مع المعترضين على نتائج الانتخابات فالشعب قال كلمته و يجب أن تحترم إرادته.quot;

وقال البرهومي إنّ شفافية الانتخابات شهد بها القاصي و الداني من خصوم سياسيين تونسيين وملاحظين دوليين من كل أنحاء العالم وقالو كلمتهم التي شهدت بأنها من اقوى العمليات الانتخابية التي شهدها العالم إطلاقا وقال انه كان مرشحا لهذه الانتخابات ومارس حقه الانتخابي كمواطن تونسي ولم يلحظ بدائرته اية خروقات.

ولا يمكن حسب رأيه التشكيك في نزاهة هذه العملية أو في شفافيتها وصدق من حرصوا على انجازها في أحسن الأحوال وأفضلها، وليس أدل على ذلك من رأي ملاحظي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات المجلس التأسيسي الذين قيموا إيجابا عمليات الاقتراع بنسبة 97 بالمائة لألف وستة مائة وأربعين مكتب اقتراع باشروا فيها مهمة الملاحظة ومنحوا العملية الانتخابية ملاحظة حسن جدا وquot;حسنquot; وبالتالي فان العملية الانتخابية بعيدة عن أي اتهام ماعدا بعض الخروقات البسيطة التي تحدث في أي انتخابات في العالم.

وعن الاحتجاجات التي شهدها الشارع التونسي أفاد المحلل أن من حق الشعب التونسي أن يقول كلمته وفعلا قالها في الانتخابات ومن حق المعارضين الرفض ولكن في حدود ما يضمنه القانون ودون خرق لقواعد التظاهر بل مجرد التعبير عن الرأي فحسب.

وقال:quot;المجلس التأسيسي لم ينطلق بعد في أشغاله فلننتظر ما سيفرزه المستقبل من خيارات ثم نقرر ما سنقوم به لاحقا quot;.

وأفاد أن انتخابات المجلس التأسيسي كانت عرسا ديمقراطيا بكل ما للكلمة من معنى، نقل تونس من مرحلة إلى مرحلة لتصبح ثاني ديمقراطية في العالم العربي بعد لبنان و أول ديمقراطية غير طائفية في هذه المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج.

وقال إنّ حزبه انهزم في هذه الانتخابات لكن تونس انتصرت وهذا المهم و يتمنى كل التوفيق لحركة النهضة في إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة القادة لان أمامها تحديات عديدة وسيكون لها أيضا بالمرصاد عند الزلات و يلعب دوره كمعارض على أكمل وجه.