تحول المعارض التونسي راشد الغنوشيالذي عاش في المنفى 20 عاماً إلى quot;صانع الملوكquot; بعد فوز حزب النهضة.


راشد الغنوشي

تونس:طمأن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشى الشعب التونسي والمستثمرين بالداخل والخارج بتثبيت انتمائها إلى محيطها المغاربي والعربي والإسلامي وتعزيز روابطها مع الاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي ومع الولايات المتحدة الامريكية الى جانب احترام تعهداتها والالتزام بالاتفاقيات الدولية والعمل من اجل دعم الامن والسلم العالميين.

وقال في مؤتمر صحفي بعد أن حققت الحركة الأغلبية فى انتخابات المجلس التأسيسي التى جرت الأحد الماضي بنسبة 41.47 بالمائة وحصلت على 90 مقعدا وتتجه الى تشكيل حكومة ائتلافية quot; إن برنامج حركة النهضة وحلفائها لحكم البلاد لا يحمل مشروع اكراه أو قسر أو بطش بل يقوم على مبدأ الحرية وتحفيز أصحاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية على الاستثمار في تونس ، مؤكدا أن تونس ستكون حسب وصفه خلال سنوات قليلة بلدا مستقطبا لمزيد من الاستثمارات .

وبين أن الحركة تجرى مشاورات من اجل تشكيل حكومة ائتلافية مع احزاب أخرى من بينها على وجه الخصوص حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي.

واصبح راشد الغنوشي الزعيم التاريخي للحركة الاسلامية التونسية الذي عاش حياة المنفى في بريطانيا 20 عاما، في موقع quot;صانع الملوكquot;، وذلك بعد الفوز الكبير الذي حققه حزبه النهضة، في اول انتخابات حرة تشهدها تونس في تاريخها بعد تسعة اشهر من الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي.

والغنوشي الذي اعتبر لفترة طويلة متشددا مقربا من جماعة الاخوان المسلمين المصرية، اصبح يقدم نفسه بعد عودته الى تونس في كانون الثاني/يناير على انه معتدل يقود حزبا شبيها بحزب العدالة والتنمية في تركيا.

وفاز حزبه في انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر التاريخية في تونس وسيكون له 90 عضوا في المجلس التاسيسي (217 عضوا) الذي انبثق عنها، لتكون له بذلك اليد الطولى في تحديد سياسة البلاد.

ومن بين اعضائه ال 90 في المجلس هناك 42 امراة.

وكرر الغنوشي مرارا منذ عودته الى تونس امام الصحافيين القول quot;لست مثل الخميني، لدينا حزب اسلامي ديموقراطيquot;.

وبعد ان حرمه المنفى من القيام بدور فاعل في الثورة الشعبية التي شهدتها تونس، بقي الزعيم الاسلامي بعيدا عن الاضواء وعمل على محو كل اثر للتطرف الاسلامي في خطابه.

واكد الغنوشي مرارا آخرها الجمعة ان حزبه لن يمس بمكتسبات المراة التونسية ووضعها الاكثر تقدما في العالم العربي منذ اقرار مجلة الاحول الشخصية قبل 55 عاما التي منحت المساواة للمراة في الحقوق والواجبات.

ويصعب تخيل ان الغنوشي البالغ من العمر 70 عاما النحيل البنية بملامح المثقف المسالم، اثار خوف النظام التونسي الى درجة ان الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) رغب في رؤية quot;حبل المشنقة يلتف حول رقبتهquot;، ثم ارغمه بن علي (1987-2011) على المنفى منذ عشرين عاما.

ولد راشد الغنوشي في مدينة الحامة بولاية قابس (جنوب شرق) في 22 حزيران/يونيو 1941 في اسرة متواضعة. واتجه نحو الدراسات الدينية. وبعد حصوله على اجازة في الفقه الاسلامي في تونس سنة 1962، عمل مدرسا في مدينة قابس.

ويقول مقربون منه انه كان quot;متعطشا للمعرفة ومتاثرا جداquot; بالافكار القومية العربية.

غادر البلاد لمتابعة تحصيله العلمي في القاهرة ثم في دمشق حيث نال شهادة في الفلسفة.

وبعد فترة قصيرة امضاها في فرنسا عاد الى تونس نهاية الستينات ليكتشف مجتمعا منطلقا على درب تشكل خليطا من الحداثة والعلمانية.

وعبر عن مواقفه الرافضة لهذا التوجه بخطب شديدة اللهجة في بداية السبعينات دعا فيها الى تطبيق الشريعة الاسلامية وفرض الاخلاق في مجتمع كان يراه فاسدا.

ثم اسس مع بعض رفاقه مطلع 1981 حركة quot;الاتجاه الاسلاميquot; التي تحولت لاحقا الى حركة النهضة.

وبدأ الغنوشي يثير قلق السلطة واتهم بتاجيج اضطرابات فحكم عليه بالسجن اول مرة 11 عاما في نهاية 1981 ثم بالاشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.

ومن المفارقات ان تولي بن علي السلطة في 1987 انقذه فقد عفا عنه في 1988 في اجواء من الانفراج السياسي اعقبت التغيير الذي حصل في راس النظام. واصبح للحركة صحيفة quot;الفجرquot; التي كان يراس تحريرها حمادي الجبالي الامين العام الحالي لحزب النهضة.

لكن شهر العسل لم يدم طويلا فبعد حصول النهضة على نحو 17 بالمئة من الاصوات في الانتخابات التشريعية لسنة 1989، بدات رحلتها الطويلة مع قمع النظام.

وفي نهاية 1989 غادر راشد الغنوشي تونس الى الجزائر ثم الى لندن في 1991. وحكمت عليه المحكمة العسكرية بتونس مع قيادات اخرى بالسجن المؤبد بتهمة quot;التآمرquot; ضد رئيس الدولة.

وعاد الغنوشي الى تونس في 30 كانون الثاني/يناير 2011.

ولم يترشح الغنوشي في انتخابات المجلس التاسيسي، كما اعلن انه بانه لن يترشح للانتخابات الرئاسية.

وردا على سؤال حول ما ينوي فعله في المستقبل وهل ينوي تولي اي منصب اجاب مازحا quot;لن اعاني من البطالةquot;.

ويعقد حزب النهضة مؤتمره في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.